المقدمــــــــة العــــــامـــة [305819]

المقدمــــــــة العــــــامـــة

تمـــهيد:

مثلت العلاقات بين الريف والمدينة اشكالية بحث هامة للعديد من الدارسين في اختصاصات متعددة. وهذا المبحث وان بدا في تناوله قديما فإنّه حديث نظ ار للتحولات الطارئة على طبيعة العلاقة بين المجالين. الجدير بالذكر في خصوص الأبحاث التي أجريت حول هاذين المجالين أن أغلبها دأبت على تقديم العلاقة بينهما – أي بين المجال الريفي والحضري-على أنها تكتسي طابع الهيمنة لصالح المجال الحضري. بمعنى أن طبيعة العلاقة اختزلت في جانب واحد وهو هيمنة المدينة على الريف. وبذلك برزت المدينة بماهي "العنصر المحرك للحضارة")1988 Charrier.J.B.( وفي المقابل مثل الريف المجال المتقبل للحضارة مما يعني أن الآليات المحركة للعلاقة بين المجالين تتحكم فيها المدينة دون سواها. ومرد ذلك أن هذه الد ارسات دأبت على تناول موضوع العلاقة بين الأرياف والمدن من وجهة نظر حضرية بحتة. أي أن انطلاق البحث يكون "المدينة"، والحال أن طبيعة هذه العلاقة -حسب وجهة نظ رنا- تقوم على التأثير والتأثر، فهي تحتكم إلى منطق الفعل ورد الفعل من ذلك أن التوسع المجالي للمجالات الحضرية على نظيرتها الريفية في مناطق "التماس" يبدو في ظاهره أحد أوجه الهيمنة التي تمارسها المدينة على الريف ولكن السؤال الذي يطرح هنا من المسؤول عن خروج المدينة عن أسوارها؟ أليس النزوح الريفي الذي أفضى إلى ضغط سكاني أوجب البحث عن حلول، فمثل الامتداد المجالي على الأ ارضي الفلاحية المتاخمة أبرز جوانبها ثم أليس النزوح الريفي يعتبر إجابة عن اختلال التوازن الاقتصادي بين طرفي العلاقة من هنا نتبين أن العلاقة بين المجالين معقدة ولا يمكن د ارستها من وجهة نظر حضرية أو ريفية بحيث يقع تقديم طرف على أنه "المركز" وهو المدينة عادة وطرف تابع وهو الريف وانما يتم تحليلها بطريقة جدلية أي من ازوية تأخذ بعين الاعتبار تأثير المجالين في بعضهما البعض في إطار حلقات من الأفعال وردود الفعل. وهو ما يجعل من د ارسة العلاقات الريفية والحضرية "صعبة من ناحية تعدد العلاقات وضبط حدودها المجالية ومن جهة اختلافها في الزمن")-Beaujeu

Garnier.J.1997(. إذا فالمسالة تحتكم -كما سبق وأشرنا- إلى منطق الفعل ورد الفعل الذي يتجسد في شكل شبكة من العلاقات المجالية المتعددة الأبعاد: مادية مثل أدفاق السلع والبضائع، أدفاق المكالمات الهاتفية… ولا مادية مثل أدفاق المهاجرين، الأفكار، العادات، السلوكيات اليومية للأف ارد… كل هذه المبادلات وغيرها تؤسس للعلاقة التفاعلية بين المجالات الجغ ارفية بشكل عام والمجال الريفي ونظيره الحضري بشكل خاص. ومن ثمة فإنها تؤسس لمجالات بخصائص جديدة وبمشاهد مختلفة عن سابقاتها. وهو ما يبرر الحديث عن تشكل المجال تحت تأثير هذه الشبكة من العلاقات الاجتماعية. اذ لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يرتسم مجالا جغ ارفيا في غياب شبكة من العلاقات متعددة الأبعاد )الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية…( مهما كانت كثافتها محدودة أو متوسطة أو قوية . وقبل الخوض في هذه المسألة علينا أن نحدد بعض المفاهيم الجوهرية أولها التفاعل المجالي وثانيها تشكل المجال:

التفاعل المجالي:

تنبني المقاربة المنظوميّة على أربعة مصطلحات رئيسية وهي التعقد" Complixité" والشمولية "Globalité"و المنظومة"Système" والتفاعل المجالي "L’interaction spatiale" الذي يقوم بدور أساسي في "اشتغال المنظومات ونموها التي تدرسها الجغارفيا" (Pumain.D. [anonimizat].Th.2001.) . ويُعرّف " التفاعل في المجال الجغارفي على أنه ظاهرة اجتماعية تتأثر بأدوار ومكانة الفاعلين ]…[ وتخفي كلمة التفاعل الفعل المتبادل- فعل وردة فعل – على عدة مقاييس بين الفاعلين في الأماكن والوحدات الجغ رافية التي تحتويها. )المصدر السابق( فالتفاعل المجالي هو " التأثير المتبادل بين مكانين أو فاعلين")Belhedi.A.1998( أو أكثر من ذلك. وعموما فان التفاعل المجالي هو" انعكاس لمجموع العلاقات القائمة بين الوحدات الجغارفية التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الأفارد")-Pumain.D. et Saint

.Julien.Th.2001(. وتجسد أدفاق المبادلات )المادية كالسلع وغير المادية كالأشخاص والمعلومات( والتحركات السكانية أبرز الياته لذلك فان " أهمية الأدفاق تعكس كثافة التفاعل المجالي". )المصدر السابق( كما أن التفاعل المجالي هو تعبير عن" الهيمنة الإجتماعية

)Ciattoni.A.et Veyret.Y. 2003( ".على المجال

وانطلاقا مما سبق نتبين أن الأماكن لا يمكن أن تتفاعل بمعزل عن الفاعلين الاجتماعيين، كما أن هؤلاء – الفاعلين – لا يمكن لهم التفاعل خارج المجال. لذلك يصبح من الأسلم الحديث عن مصطلح التفاعل الاجتماعي داخل المجال الذي يمثل" المحرك الحتمي لتأسس أي شكل من أشكال المجال" )Hagerstrand.1993. in Levy.J.et Lussault.M.2006.(. تفضي مختلف هذه العلاقات التفاعلية الى بروز ملامح جديدة للمجالات الجغ ارفية المعنية مما يحيلنا للحديث عن مصطلح تشكل المجال.

" Compostion spatiale ":تشكل المجال

تجدر الاشارة الى أنه بالرغم من أهمية مصطلح التشكل المجالي في علم الجغ ارفيا فإنّه

ظل غائبا في أغلب المعاجم الجغ ارفية من ذلك معجم " Dictionnaire de la géographie" ل (.George.P et Verger.F ) في طبعته الثامنة لسنة 4002 والعاشرة لسنة 4002 كذلك الشأن

(Levy. ل " Dictionnaire de la géographie et l’espace des sociétés " بالنسبة لمعجم والذي .)Brunet.R.et al.1992.( ل "Les mots de la géographie" باستثناء معجم J.2003)

بين أن " التشكل كلمة تحيل على التفاعلات، وعلى تغيير العناصر والتحول في نوعيتها فالكلمة تشير الى الدينامية".

وانطلاقا من هذا التعريف الذي أكد على الدينامية نتبين أن تشكل المجال يخضع الى

القوى الفاعلة فيه والى العلاقات ال اربطة بينهم باعتبار أن " الأماكن التي تنتظم فيها الحياة في شكل مجتمعي ومن خلالها تمر مختلف أنواع الأدفاق المادية واللامادية يفترض أن تتشكل عبر العلاقات الاربطة بين الفاعلين الاجتماعيين." ) Lamine.R. 2010(

1. دواعي اختيار موضوع البحث

يستند البحث في موضوع علاقة الأرياف بالمدن وتشكل المجال الى مجموعة من المبرارت يمكن صياغتها في النقاط التالية:

شهدت العلاقة بين الأرياف والمدن تحولات عميقة مردها الدينامية التي عرفها المجالين. وهي تحولات تقتضي -حسب وجهة نظ رنا- إعادة النظر في طبيعة هذه العلاقة، بحيث أصبح من الممكن توسيع ازوية النظر في هذه العلاقة بتجاوز النظرة الأحادية والمتمثلة في هيمنة المدينة على الريف.

قدمت الجغ ارفيا في احدى تع ريفاتها على أساس أنها" دارسة التفاعل المجالي") Pumain.D. et .Saint-Julien.Th.2001(، وهي بذلك د ارسة للعلاقات الاجتماعية-المجالية. وهو ما سنعمل على د ارسته من خلال شبكة العلاقات )والياتها( القائمة بين المجال الريفي ونظيره الحضري وما يترتب عن هذه العلاقات من تشكل للمجال بملامح مغايرة عن سابقتها.

أهمية العلاقات التي عقدها اقليم الشمال الغربي بشكل عام والتل العالي بشكل خاص مع مجالات أخرى في تشكيل المجال بملامح مختلفة عن بقية الأقاليم التونسية.

من هذا المنطلق جاء اختيارنا لهذا الموضوع وللتل العالي اطا ار جغ ارفيا عاما في محاولة لإعطاء البحث بعدا عمليا.

4. ميدان البحث و مبرارت اختياره

* تقديم ميدان البحث

قسمت البحوث الأكاديمية الجغ ارفية الكلاسيكية الت ارب التونسي الى ثلاثة أقاليم رئيسية مستندة في ذلك الى المعطى الطبيعي )التضاريس والمناخ(. فميزت بين تونس التلية الرطبة والوسطى السباسبية وتونس الجنوبية الصح اروية. غير أن التحولات الاقتصادية الاجتماعية والمجالية التي شهدها الت ارب التونسي حتمت ضرورة الاعتماد على معطيات أخرى الى جانب المعطى الطبيعي بحيث لم يعد من الممكن تقسيم البلاد الى شمال/جنوب. وفي هذا الصدد قسم الأستاذ "حافظ ستهم" الت ارب التونسي الى تونس الداخلية وتونس الساحلية الشرقية. و داخل هذا التقسيم العام نجد تصنيفا داخليا للأقاليم. فتونس الداخلية تنقسم الى ثلاثة أقاليم: الجنوب الغربي، الوسط الغربي والشمال الغربي والذي يُعرف أيضا بفريڤا أو "فريڤيا ومعناها بالنسبة للمجتمعات الرعوية التي كانت تعيش في السباسب والصحارء المنطقة الرطبة الخضارء الغنية بالمياه والمارعي والحبوب والغابات، وكانت في الماضي مقصد القبائل الرعوية القادمة من وسط وجنوب البلاد في فصل الصيف للرعي والمساهمة في جمع المحاصيل".)حافظ ستهم، 9222(. وينقسم اقليم الشمال الغربي بدوره الى قسمين التل الشمالي والتل العالي أين ينتمي مجال د ارستنا.

يشكل هذا الأخير أعلى اقليم بالبلاد بمعدل قدر ب000م لذلك فهو يعرف بسقف البلاد التونسية. كما يعرف بارتفاع المدى الحارري السنوي بسبب انخفاض الشديد لدرجات الح اررة في الشتاء وارتفاعها في الصيف "مما يجعل هذا الاقليم أقرب الى المجالات الصحاروية في هذه الخصائص الحاررية.")الصديق الفازعي، 4002(. في هذا الاطار الجغ ارفي العام يتنزل مجال الد ارسة والمتمثل في أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف )خريطة عدد9(.

وانطلاقا من د ارسة مونشيكور" Monchicourt "للتل العالي سنة9292 )خريطة عدد4( يمكن أن نميز داخل مجال الد ارسة بين جزئين مختلفين: جزء ينتمي الى منطقة "فريڤيا" ويمثل حسب التقسيم الاداري الحالي كل من معتمدية الكاف الغربية والشرقية، الدهماني، السرس والڤصور. وجزء خارج عن فريڤيا والذي يتمثل في كل من معتمدية تاجروين والجريصة والقلعة الخصبة وقلعة سنان.

*مبررات اختيار ميدان البحث

تقف وارء اختيارنا لهذا المجال دون سواه من اقليم التل العالي )خريطة عدد9( عدة أسباب موضوعية وذاتية:

تتمثل الأسباب الموضوعية في امتلاك مجال الد ارسة لإمكانيات مائية هامة الى جانب عدة مقومات طبيعية الاخرى كنوعية التربة والتساقطات … مكن من احداث دينامية بالقطاع الفلاحي سيما السقوي منه خاصة بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة – أي كل من معتمدية الكاف الغربية والشرقية والدهماني والسرس والڤصور- كانت من أهم نتائجها بروز مسالك فلاحية جديدة أَث رَت علاقة هذا المجال بمجالات أخرى بعيدة وقريبة. كما أن أزمة القطاع الفلاحي بالمنطقة الجنوبية – الغربية لمجال الد ارسة كانت لها هي الأخرى انعكاسات على طبيعة العلاقة التي يعقدها المجال الريفي مع نظيره الحضري القريب والبعيد، وذلك سواء من خلال أدفاق النزوح ال ريفي الى المدن القريبة – وفي هذا السياق تتصدر مدينة تاجروين والكاف المكانة الاولى في استقطاب النازحين مما أثر على المشهد الحضري لكلا المدينتين- والبعيدة أو من خلال الاست ارتيجيات المتبعة من قبل الفلاحين للـتأقلم معها من ذلك بروز التجارة الحدودية أو ما يعرف بتجارة التهريب وتدعمها من حيث حجم المنخرطين فيها أولا ومن حيث اتساع مجالات توزيع السلع المهربة ثانيا. بالاضافة الى التحولات الهيكلية التي شهدتها هذه الأخيرة بعد 92جانفي 4099.

من منطلق أن المدن تمثل "عنصار رئيسيا في عملية التنمية وفي الحرص على إحكام السيطرة على المجال")حسن الطياشي ،9222( ومن ثمة تنظيمه فنحن نسعى من وارء هذا البحث الى إثارة مجموعة من الاشكاليات من ضمنها عدم قدرة مدن مجال الد ارسة والمتكونة أساسا من مدن متوسطة وصغرى على تأطير مجالاتها الريفية خاصة وأنها تُعرف بقاعدة اقتصادية هشة يغلب عليها الأنشطة التجارية البسيطة.

تأكيد الد ارسات الجغ ارفية الحديثة التي أنجزت حول هذا المجال على أزمة متعددة الأبعاد يمر بها اقليم التل العالي بشكل عام من ذلك د ارسة الأستاذ "الصديق الفازعي" حول "مدينة الكاف في التل العالي التونسي: تحضرها ومكانتها الإقليمية." ورسالة الد ارسات المعمقة للأستاذ "وليد المحمدي" " أزمة الاقتصاد الزارعي بمعتمدية تاجروين". فسعينا من خلال البحث في العلاقة القائمة بين الأرياف والمدن الى التوقف عند تأثير هذه الأزمة على شبكة العلاقات فيما بين المجالين وطبيعة الاليات المتحكمة فيها الى جانب تأثير هذه الأزمة في العلاقات التي يربطها مجال الد ارسة بالمجالات البعيدة.

وأما الأسباب الذاتية فيمكن حصرها في انتمائي الى هذا المجال وهو ما يعني اكتساب معرفة بميدان الد ارسة مما يسهم في تذليل – ولو نسبيا- صعوبات العمل الميداني خاصة وأن الاستمارة أجريت في فترة غير مستق رة أمنيا.

2. إشكالية البحث و فرضياته:

 اشكالية البحث

يبحث موضوع: الأرياف والمدن وتشكل المجال بالتل العالي: أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف نموذجا في الإشكالية التالية: العلاقات بين أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف وانعكاساتها على المجال والمجتمع.

تتفرع هذه الإشكالية الرئيسية إلى عدة إشكاليات فرعية نذكر منها:

تاريخية العلاقات التي جمعت أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف بمجالات جغ ارفية اخرى قبل تدعم الظاهرة الحضرية وتحول المدن الى الية لتنظيم المجال والتحكم فيه. ويعتبر البحث في هذه الاشكالية الفرعية ذا أهمية بالغة باعتباره يمكننا من التوقف عند التحولات في طبيعة العلاقات والاليات التي كانت تتحكم فيها.

تحول في طبيعة العلاقة التي تعقدها منطقة الد ارسة مع المجالات الأخرى من ذلك أن سهول منطقة الد ارسة ظلت ولفت ارت طويلة مقتصرة على كونها موطنا للانتجاع بالنسبة "لع ازبة"/"العشابة"إقليم السباسب وللعمل في موسم الحصاد. لكن هذه العلاقة اكتست طابعا حديثا أفرزته الفلاحة المروية من خلال توجه "الخضّارة" والتجار لهذه السهول للتزود بالمنتوجات الفلاحية السقوية. بالاضافة الى أن منطقة التل العالي بصفة عامة تعد احدى أهم المناطق التي يتزود منها الفلاحين وتجار الاعلاف من مناطق الوسط والجنوب بالأعلاف الطبيعية.

تحولات المجال الريفي: رغم أن التحولات التي يشهدها المجال الريفي بمجال الد ارسة لا تتسم بنسق سريع ولا تتم بشكل جذري إلا أنها متعددة الجوانب. وهي تحولات تتم وفق آليات مختلفة منها الداخلية أي النابعة من المجال الريفي من خلال تفاعل مختلف الأط ارف الفاعلة الريفية وأخرى خارجية ناتجة عن تدخل أط ارف خارجية حضرية و⁄ أو ريفية. فعلى مستوى المشهد الريفي: أفرزت التحولات التي عرفتها الفلاحة بصنفيها البعلي والسقوي تحولات ضمن المشهد الريفي. ومن بين هذه التحولات ت ارجع هام للكثافة السكانية الريفية .

وهي ظاهرة ناتجة خاصة عن مكننة العمل الفلاحي التي شهدتها مختلف أرياف البلاد التونسية منذ الفترة الاستعمارية لتتدعم مع الاستقلال نتيجة لتوجهات الدولة التنموية "

كالإعفاءات من الضارئب عند استيارد الآلات الفلاحية" )عبد الجليل البدوي ،9220(. في المقابل أفضت الفلاحة المروية إلى تغي ارت في المشهد الريفي على مستوى عدة مقاييس )السكن، قطعة الأرض، شبكة الطرقات واستعمالات الأرض الزارعية…( لكن تحولات المشهد الريفي ليست ناتجة عن التحول الذي تشهده الفلاحة فقط وانما عن عدة آليات أخرى ،فالتحول الذي يعرفه السكن الريفي مرتبط كذلك بالتعدد النشاطي لسكان الأرياف )تجارة التهريب والعمل في الخارج…( بالاضافة الى ذلك التحولات الثقافية والفكرية التي شهدها المجتمع التونسي بشكل عام.

-على مستوى علاقات المجال الريفي بالحضري: تبرز هذه العلاقة على المستوى الاقتصادي من خلال تمفصل الفلاحة مع بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى ومن أوجه هذه

العلاقة نذكر علاقة الفلاحة بالتجارة: تتجلى هذه العلاقة من خلال مسالك الإنتاج والتوزيع الجديدة التي أفرزتها الفلاحة المروية فأصبحت هناك العديد من المسالك التجارية المرتبطة بالفلاحة المروية. بالاضافة الى بروز مسالك تجارية مرتبطة بالفلاحة البعلية مثل التوجه نحو تسمين الخرفان وبيعها في المناسبات )عيد الاضحى( حيث نسجل مسالك تجارية قصيرة )البيع على عين المكان أو في الأسواق الأسبوعية بالجهة( ومسالك طويلة مما يسمح بتعدد المتدخلين في سافلة المسلك – على عكس المسلك الأول الذي عادة ما يتكون من الفلاح والمستهلك – من ذلك الوسطاء. وتعمل هذه المسالك على ربط علاقات مجالية مع مجالات أخرى مثل تونس العاصمة التي تصبح لبعض التجار والفلاحين وجهة لترويج منتوجهم أو بالعكس تصبح أرياف مجال الد ارسة وجهة لتجار من أقاليم مختلفة كالشمال الشرقي والوسط الغربي في مواسم بيع الخرفان والضأن.

علاقة المجال الريفي بالحضري عبر التجارة غير المهيكلة والمتمثلة في التجارة الحدودية

)البنزين والصوف والجلد والمواد الغذائية…( والتي لا يمثل فيها الساكن الريفي ومن وارءه

المجال الريفي سوى عون "Agent" ضمن شبكة من الفاعلين الريفيين والحضريين في هيمنة واضحة للفاعل الحضري.

على مستوى التحركات السكانية بين المجال الريفي والحضري: وهي تحركات تختلف من حيث أسبابها )الحاجيات الغذائية والادارية والصحة…( وكذلك من حيث درجة تواترها )اليومية والأسبوعية والشهرية(.

على مستوى تشكل التارب: من أوجه تشكل ت ارب ريفي بمعالم جديدة تحت تأثير الفلاحة نذكر "الهج ارت الموسمية " التي كانت تقوم بها قبائل السباسب باتجاه التل العالي بشكل عام. فقد أسهمت في تشكل ت ارب ريفي بملامح جديدة. فبالنسبة لمجال الد ارسة فقد أسهمت هذه الأخيرة في تنويع المجتمع بهذه المجالات من ذلك أن سهل "أولاد بوغانم" والذي يظم نظريا "أولاد بوغانم" فقط فان استق ارر بعض العائلات من"الع ازبة" "العشابة" بهذه السهول بشكل دائم – والدليل على ذلك التسميات التي تطلق على هؤلاء والدالة على أنهم ليسوا أصيلي المنطقة مثل "الف ارشيش" أو"دوار الف ارشيش"أو"بيت بالقاسم الفرشيشي ""الهمامة" – قد أدخل أصول قبلية جديدة على المجتمع.

تداخل بين آليات التحول الريفي إذ من الممكن أن تتحول آلية إلى نتيجة لآلية أخرى وبالتالي فإنها تعد من تجليات تحول المجال الريفي واليّة لتحوله في نفس الوقت. من ذلك تمثل الهجرة ال يّة ونتيجة تحول المجال الريفي في نفس الوقت. فمن ناحية طبعت الهجرة المشهد الريفي بملامح خاصة. اذ أدى النزوح الريفي المكثف الى ضعف الكثافة السكانية بالأرياف كما أنها تعد من نتائج التحولات التي عرفتها الفلاحة والمتمثلة خاصة في مكننة العمل الفلاحي، الى جانب الأزمة التي تشهدها الفلاحة البعلية بصفة عامة.

إن التوصل الى اجابة عن هذه الاشكالية بمختلف تفرعاتها يتطلب الانطلاق من مجموعة من الفرضيات التي يمكن صياغتها في النقاط التالية:

 فرضيات البحث

ان العلاقات التي عقدتها أرياف التل العالي مع بقية المجالات الجغ ارفية سواء أكانت ريفية و/أو حضرية ليست وليدة الفترة ال ارهنة فحسب وانما هي تواصل عبر الزمن. كما أن

11

التحولات التي عرفتها ليست جذرية مرتبطة بانقلاب عميق في أدوار الفاعلين الاجتماعيين.

من أجل ذلك ارتأينا الانطلاق من الفرضيات الثلاث التالية:

تتجسد التحولات التي تشهدها العلاقات التي تربط التل العالي بصفة عامة ووسط وجنوب ولاية الكاف بصفة خاصة ببقية المجالات الجغ ارفية الأخرى في تغيي ارت أنظمة الانتاج الفلاحي والأنشطة الاقتصادية الأخرى.

ان التحولات التي عرفتها طبيعة العلاقات التي عقدتها أرياف ومدن وسط ولاية الكاف وجنوبها فيما بينها ومع مجالات جغ ارفية أخرى هي عوامل لبروز مسالك فلاحية جديدة وتدعم مكانة المدن ضمن العلاقات القائمة بين الطرفين.

يُعد التشكل الت اربي نتيجة للعلاقات الحديثة وال ارهنة التي نسجتها أرياف ومدن وسط ولاية الكاف وجنوبها مع مجالات جغ ارفية أخرى.

لمحاولة فهم مختلف تفرعات الاشكالية واختبار الفرضيات المعتمدة عملنا على اتباع المنهجية والمقاربات التالية:

4. المنهجية والمقاربات المتبعة في الأطروحة

 المقاربات المعتمدة:

سعيا منا للتوصل الى نتائج أقرب الى الموض وعية في د ارسة الأبعاد الاقتصادية والمجالية والاجتماعية للعلاقات الريفية والحضرية بالتل العالي عموما ووسط وجنوب ولاية الكاف خاصة اعتمدنا المقاربة المنظومية باعتبارها " تركز على العلاقات القائمة بين العناصر أكثر من دارسة العناصر في حد ذاتها." )Dauphiné.A.2003(. وتكمن أهمية هذه المقاربة في تمكيننا من د ارسة العلاقات ال ريفية الحضرية لا بارتباطها بالمجال الريفي أو الحضري فحسب وانما من خلال تمفصلها مع المجالين في ان واحد. بالاضافة الى الاستناد الى المقاربة التاريخية باعتبار أن تشكل المجال ليس وليد الفترة ال ارهنة وانما يخضع لسيرورة الزمن.

 المنهجية

نظ ار لكون " الملاحظة والتنظير يشتغلان بالتوازي وفي تفاعل مثمر وتأقلم جدلي

متطور]…[ كما أن الجغارفيا لا بد أن تجمع على الدوام بين المحسوس والملموس، الخاص والعام، التجريبي والنظري")Bavaux.J.J.2003( ارتأينا الجمع بين المنهجية الكيفية والكمية:

 تقنيات المنهجية الكيفية: اعتمدنا في د ارسة العلاقات بين الأرياف والمدن بوسط ولاية الكاف وجنوبها على وسائل عديدة. شكلت الم ارجع المكتبية المرحلة أولى حتى نتمكن من مختلف المفاهيم المرتبطة باشكالية البحث أولا. وجمع المعلومات المتعلقة بالإشكالية وبمجال الد ارسة ثانيا. أما المرحلة الثانية فتمثلت في محاولة التوصل الى جل الوثائق والإحصائيات الادارية سواء أكان ذلك بالاتصال المباشر بالادا ارت المعنية أو زيارة مواقعها عبر الانترنت. بالاضافة الى استغلال الخ ارئط الطبوغ ارفية والصور الجوية التي أتيحت لنا. وفي ما يلي نستعرض مختلف م ارحل هذا البحث.

المؤلفات

استندنا في د ارستنا لهذا الاشكالية على مجموعة من المؤلفات المتعلقة بمضمون البحث ومجاله سواء كانت البحوث الأكاديمية داخل الاختصاص أو خارجه ) علم اجتماع وتاريخ…(

الإحصائيات

اعتمدنا على مجموعة من المعطيات الاحصائية من المعهد القومي للإحصاء )وهي أساسا المتعلقة بالديمغ ارفيا والاحصائيات الاقتصادية والاجتماعية( ومن وازرة الفلاحة بمختلف فروعها )المندوبية الجهوية للفلاحة وخلايا الارشاد الفلاحي( بمختلف أرجاء مجال الد ارسة. ورغم التضارب الذي وجدناه في عدة مواضع فانها وفرت لنا معلومات قيمة كانت الأساس الاحصائي لعدة رس وم بيانية وخ ارئط.

الخرائط الط وبغرافية والصور الجوية

استندنا إلى جانب الخريطة الطبوغ ارفية لمجال الد ارسة إلى الخ ريطة الفلاحية بالإضافة إلى الصور الجوية التي تعتبر في هذا الصدد ضرورية لأنها تمكننا من التوقف عند التحولات المجالية لمدينتي الكاف وتاجروين. لذلك فإننا عملنا قدر الامكان أن تكون هذه الصور موزعة على فت ارت تاريخية مختلفة. وتجدر الاشارة الى أن أقدم صورة جوية بالنسبة لمدينة تاجروين تعود لسنة 9292 لذلك فقد ارتأينا اعتماد هذه السنة بالاضافة الى 9221 و4092. أما مدينة الكاف فقد اعتمدنا الصور الجوية التالية للسنوات: 9292 و9212 و4092.

ورغم أن المعلومات المتحصل عليها من الم ارجع والمصادر كانت قيمة وارتبطت بعناصر متعددة من البحث، فانها لم تمس كامل الاشكالية لذلك كان العمل الميداني مرحلتنا ال اربعة والأخيرة عن طريق المنهجية الكمية من خلال اج ارء مجموعة من الاستما ارت.

 تقنيات المنهجية الكمية:

شكل العمل الميداني العمود الفقري في بحثنا باعتبار أننا ندرس شبكة العلاقات التي ينسجها المجال الريفي بنظيره الحضري خاصة بعد أن اتضح لنا من خلال زيا ارتنا للإدا ارت المعنية محدودية المعلومات المتوفرة. وهو ما يبرر اج ارئنا لعدد هام من الاستما ارت اذ بلغ عددها ثمانية موزعة بين الأرياف والمدن كما يلي:

الاستمارة الأولى والمتعلقة بالفلاحة البعلية والسقوية: والتي مثلت أكثف استمارة مقارنة ببقية الاستما ارت اذ احتوت على عشرة أج ازء. بالنسبة للجزء الأول منها حاولنا الحصول على معلومات عامة ح ول المستجوب من قبيل الاسم ومقر السكن الى جانب معلومات تتعلق بتعدد النشاط العائلي. في حين خصصنا الجزء الثاني للتوقف عند خصائص رحلات الانتجاع وتحولاتها. أما الأج ازء الثلاثة التالية: الثالث وال اربع والسادس منها فقد سعينا من خلالها الى التوقف عند خصائص أنظمة الانتاج )نظام الزارعات الكبرى ونظام تربية الماشية ونظام الغ ارسات( وتحولاتها من جهة والبحث في مسالك الانتاج والتوزيع من جهة ثانية وما مدى قدرتها على نسج علاقات بين المجالين؟. أما الجزئين الخامس والسابع فخصصناهما لد ارسة مدى تمفصل الفلاحة مع أنشطة اقتصادية أخ رى وأساسا التجارة لما لذلك من دور في اث ارء العلاقات الاجتماعية- المجالية ومن ثمة فتح أرياف مجال الد ارسة على فاعلين جدد. في حين خصصنا الجزئين الثامن والتاسع من هذه الاستمارة لتتبع مسا ارت مسالك الإنتاج والتوزيع المتصلة بالفلاحة السقوية. وهو ما أتاح لنا المقا رنة بين ما يمكن أن تحدثه الفلاحة السقوية من تكثيف للعلاقات عبر مسالك الانتاج في المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة )معتمدية الدهماني والسرس والكاف والڤصور( مقابل محدودية علاقات المنطقة الغربية لمجال الد ارسة )معتمدية قلعة سنان والجريصة وتاجروين والقلعة الخصبة والجريصة( باعتبار محدودية المناطق السقوية في هذه المنطقة. أما بالنسبة للجزء العاشر من الاستمارة فخصصناه للتعرف على استثما ارت العائدات الفلاحية.

وأمام كثافة هذه الاستمارة ولتفادي صعوبات العمل الميداني خاصة بالنسبة لأج ازء من

مجال الد ارسة التي تبقى معرفتنا بها محدودة فقد قسمنا انجاز هذه الاستمارة بين ثلاثة أف ارد )أساتذة اختصاص جغ ارفيا( لمساعدتنا في انجاز هذا العمل كل حسب انتمائه الجغ ارفي كالتالي:

اضطلعت "الأستاذة هاجر العيساوي" بانجاز الجزء المتعلق بمعتمدية الدهماني والسرس وذلك ابان ثلاثة شهور أفريل، ماي وجوان من سنة 4092 بالتوازي مع ذلك قامت الاستاذة "سهام الڤصوري" بانجاز الجزء المتعلق بمعتمدية الڤصور. أما بقية أج ازء مجال الد ارسة )تاجروين، الجريصة، الكاف الغربية والشرقية، القلعة الخصبة وقلعة سنان( فقد أنجزته شخصيا. ومن الأهمية أن نشير الى أننا قد اعتمدنا التقسيم الإداري لتحديد العينة بالنسبة لكل معتمدية وهو ما أثر على انجاز الخ ارئط في متن النص اذ جاءت تستجيب لهذا التقسيم. وفي هذا الصدد نذكر استحالة الحصول على معلومات حول عدد المستغلين في القطاع السقوي والبعلي حسب حجم المستغلة داخل كل معتمدية رغم محاولاتنا المتكررة لمختلف الادا ارت المعنية )المندوبية الجهوية للفلاحة بالكاف، وخلايا الارشاد الفلاحي بم اركز المعتمديات(، اذ لا يتوفر لدى هذه المصالح – حسب تصريحات الاعوان العاملين بها- الا معطى عدد المستغلين بكامل الولاية. من هذا المنطلق وجدنا أنفسنا مضطرين الى الاستناد في تحديد العينة إلى عدد الأسر الريفية. وقد شملت 001 بمعدل سبر9/20. وقد تم اختيار العينة بطريقة صدفوية علما وأننا استندنا الى احصائيات عدد الأسر الريفية التي وفرها المعهد الوطني للاحصاء سنة 4002 )أنظر الجدول عدد9 والخريطة عدد9(. وبما أن كل ساكن ريفي ليس بالضرورة فلاحا فقد أخذنا هذا المعطى بعين الاعتبار أثناء انجاز الاستمارة وذلك بطرح السؤال التالي: هل تمارس نشاطا فلاحيا أم لا؟ على المستجوب قبل الاجابة على أسئلة الاستمارة.

الاستمارة الثانية والخامسة: سعينا من خلالهما الى التوقف عند مدى امكانية تشكل حوض لبني بمنطقة الزوارين والكاف الشرقية والسرس. في ما يخص الاستمارة الثانية فقد تم توجيهها الى 24 فلاحا بمعدل سبر 9/220. في المقابل وجهت الاستمارة الخامسة الى م اركز تجميع الحليب البالغ عددهم 9 لكن نشير الى أن ثلاثة منهم أغلقوا بعد "ثورة 92 جانفي4099" وتعرض البعض الاخر لنهب معداته خاصة مركز الحليب بقلعة سنان. لذلك فقد اقتصرت الاستمارة على الم اركز الثلاثة المتبقية. ولسد النقص الحاصل في المعلومات استعنا بالاحصائيات التي وفرتها المندوبية الجهوية للفلاحة سنة 4090.

جدول عدد9:عملية السبر حسب المناطق الريفية

بلغ عدد الفلاحين المالكين للأبقار الحلوب بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة في الموسم الفلاحي 4099-

4094 حسب المندوبية الجهوية للفلاحة 203 فلاحا.

بالنسبة لمعتمدية الكاف الغربية والشرقية، نشير الى أننا اعتمدنا التقسيم الاداري لتحديد العينة ولتسهيل العمل الميداني،ثم في مرحلة استغلال المعطيات و تحليلها أدمجنا الاحصائيات المتحصل عليها من العمل الميداني والمتعلقة بالمعتمديتين معا باعتبار انتمائهما الى مدينة واحد-الكاف-.

المجموع 1000 22

الاستمارة الثالثة والرابعة: خصصناهما لد ارسة تشكل المجتمع والمجال الريفيين. اهتمت الثالثة في جزئها الأول بالعلاقات الاجتماعية في محاولة منا التوصل الى خصائص هذه العلاقات وتحولاتها. في حين خصصنا الجزء الثاني منها الى د ارسة خصائص البنى الاجتماعية وتحولاتها. أما بالنسبة للاستمارة ال اربعة فقد اهتمت بمجموعة من المحاور الرئيسية من قبيل: خصائص المسكن الريفي وتجهي ازته، البناء الموجه الى الحيوانات بما أن السكن يشكل احدى عناصر المشهد الريفي … سعينا بالاضافة الى ذلك الى د ارسة نفوذ المدينة من خلال الجزء الأخير منها وتحديد أسباب التحركات المجالية لسكان الأرياف. وقد أجريت هاتين الاستمارتين مع تلاميذ السنة التاسعة من التعليم الأساسي بعد أن تم أخذ عينات من المدارس الاعدادية )أنظر الجدول عدد4( معتمدين في ذلك على نفس العينة التي تم العمل عليها بالنسبة للاستمارة الاولى.

جدول عدد4: د ارسة تشكل المجتمع و المجال الريفيين بالاعتماد على المدارس الاعدادية

الاستمارة السادسة والسابعة والثامنة: بما أن الاشكالية في احدى جوانبها تُعنى بانعكاسات العلاقة القائمة بين المجال الريفي والحضري على تشكل المجال الحضري فقد وجهت هذه الاستما ارت الثلاثة الى المناطق الحضرية. وقد اعتمدنا على عدد الأسر بالوسط الحضري لتحديد العينة حيث شملت العينة 122 أسرة وذلك بمعدل سبر 9/20 )أنظر الجدول عدد2(. وقد تم تقسيمها على كافة المعاهد الثانوية- على افت ارض أن لكل أسرة ابن واحد على الأقل يدرس بالمعاهد الثانوية-. وأنجزت عملية انتقاء العينات بطريقة صدفوية. وقد اهتمت الاستمارة السادسة والسابعة بمحاولة رصد مظاهر تشكل المجتمع والمجال الحضريين تحت تأثير العلاقة القائمة بين المجالين الريفي والحضري. أما الاستمارة الثامنة والأخيرة فقد أردنا من خلالها التعرف على خصائص الهجرة بمجال الد ارسة وذلك محاولة لتجاوز النقص الحاصل في الاحصائيات التي يصدرها المعهد الوطني للاحصاء.

وللاستفادة من الاحصائيات التي تحصلنا عليها من العمل الميداني والعمل المكتبي عن طريق تحويلها الى جداول احصائية ، ورسوم بيانية وخ ارئط استعنا ببعض الب ارمج الإحصائية،

Philcarto "و ،"ArcView GIS 3.2 ":والخ ارئطية، مثل ،"SPSS 91"و ،"Excel 4090":مثل

."Adobe Illustrator CS5.1"و ،"5.66

5. التخـطـيـط:

قسمنا العمل الى سبعة فصول موزعة على ثلاثة أبواب. خصصنا الباب الأول لد ارسة العلاقات الريفية – الحضرية من خلال الأدفاق البشرية. تضمن هذا الباب ثلاثة فصول.

اهتم الفصل الأول بمظاهر هذه العلاقات وتحولاتها الحديثة محاولين بذلك تنزيل الموضوع ضمن اطاره الزماني والمكاني قصد استجلاء الجذور التاريخية للعلاقات المجالية للبلاد التونسية بصفة عامة والشمال الغربي وولاية الكاف بصفة خاصة بهدف رصد تحولاتها. أما الفصل الثاني والثالث فقد تطرقنا من خلالهما الى العوامل المفسرة لهذه العلاقات وتحولاتها.

وقد أكدنا على أهمية عوامل الطرد المتعلقة بمجال الد ارسة سواء المرتبطة بالقطاع الفلاحي وما يشهده من تأزم أو تلك المتعلقة بهشاشة الأنشطة الاقتصادية بمدن مجال الد ارسة بالاضافة الى عوامل الجذب بمدن الاستقبال.

الباب الثاني: اهتم بالعلاقات الاقتصادية ال ارهنة بين المجالين الحضري والريفي. وقد تضمن فصلين:

تعلق الفصل الأول بد ارسة أوجه العلاقة من خلال القطاع الفلاحي بالبحث في خصائص مسالك الانتاج والتوزيع وتتبع مختلف مسا ارتها. الى جانب ذلك سعينا الى الالمام بمختلف المسالك التجارية من قبيل تجارة الخرفان والعلف فتطرقنا الى شبكات التزود وشبكات الترويج ومدى ارتباطها بمدن وأرياف مجال الد ارسة. ومن ثمة البحث في طبيعة العلاقات المجالية التي ينسجها هذا المجال مع بقية الت ارب الوطني.

تناولنا في الفصل الثاني أوجه العلاقة من خلال الأنشطة الحضرية فارتأينا في البداية التعريف بمدن مجال الد ارسة. وقد تبينا أن الخدمات والأسواق الأسبوعية هي المحددات الرئيسية لإشعاع هذه المدن على أريافها. كما سعينا من خلال هذا الفصل الى التوقف عند أهمية شبكة الاتصال والمواصلات ضمن هذه العلاقة باعتبار أنها العمود الفقري لمختلف العلاقات المجالية.

الباب الثالث: يشكل هذا الباب نتيجة للبابين السابقين باعتبار أن تشكل المجالين الريفي والحضري هو نتيجة منطقية لطبيعة العلاقات المجالية. لذلك فقد جاء تحت عنوان تعدد الفاعلون في تشكل المجال والمجتمع بأرياف ومدن وسط ولاية الكاف وجنوبها. وتم تقسيمه الى فصلين:

الفصل الأول: حاولنا عن طريقه د ارسة تأثير العلاقات في المجالين الريفي والحضري.

وقسمنا هذا الفصل الى عنصرين. اهتم الأول بتأثير حركات الانتجاع في التركيبة القبلية لمجتمع الأرياف. وخصصنا الثاني. للتعرف على التأثي ارت المجالية والاجتماعية للنزوح الريفي في المجالين الريفي والحضري على حد السواء.

الفصل الثاني: جاء هذا الفصل بعنوان التحولات المجالية والاجتماعية بأرياف ومدن وسط ولاية الكاف وجنوبها والأط ارف الفاعلة فيها يناقش في عنصره الأول دور التهيئة المائية والشبكات في تحولات التي يشهدها المشهد الريفي. تعرضنا في العنصر الثاني الى د ارسة دور تنوع الانشطة الفلاحية والتعدد النشاطي في تحولات المشهد الريفي. في حين خصصنا العنصر الثالث لدور التعدد النشاطي والعائدات الفلاحية في تحولات المجال الحضري لنختم هذا الفصل بمحاولة التعرف ضمن العنصر ال اربع عن تأثير العلاقات الريفية الحضرية في خصائص البنى الاجتماعية بكلا المجالين، من أجل الوقوف عند نقاط التشابه والاختلاف بين المجتمعين.

21

المقـدمـــــة:

تُعتبر التحركات المجالية من بين أخصب المواضيع وأث ارها في الكتابات الأكاديمية إذ جذبت اهتمام الباحثين من مختلف العلوم الانسانية والاجتماعية: الجغ ارفيين، المؤرخين وعلماء الاجتماع… وفي هذا الصدد صيغت العديد من المقاربات التي اهتمت بالهجرة فبحثت في الآليات التي أفرزت هذه الظاهرة بالاضافة إلى البحث في تأثي ارتها الاجتماعية والاقتصادية والمجالية. من ذلك المقاربة المجالية- الجغ ارفية التي اهتمت بد ارسة " الأدفاق التي ينتج عنها التفاعل بين الأماكن " باعتبار " أن المبادلات بين الأماكن تعطي شكل المجال الجغارفي" )Segaud.M. Brun.J. et Driant .J-C. 2003(. فمن الانعكاسات المجالية للهجرة الداخلية )النزوح الريفي والهجرة بين المدن( إعادة هيكلة المجالين الريفي والحضري على حد السواء من خلال تو زيع واعادة تو زيع السكان داخل مجال الانطلاق والوصول. أما على المستوى الاجتماعي فهي تعمل على تغير التركيبة الاجتماعية وتخلق تنوع في السلوك الاجتماعي للأف ارد باعتبار أن الفرد في تنقله يأخذ معه أفكاره وعاداته التي تترجم عبر سلوكه اليومي. كما أن تعامله مع المحيط الجديد يفضي إلى تبنيه لأفكار وممارسات جديدة والتي من شأنها أن تؤثر في موطنه الأصلي )منطقة الانطلاق( أثناء الزيا ارت التي غالبا ما تتم في فصل الصيف- بالنسبة لمجال الد ارسة-. ومن هنا يستمد الحديث عن تشكل ت ارب ريفي وحضري بملامح جديدة مبرارته ضمن هذا التفاعل الاجتماعي المرتبط بالهجرة. في هذا الإطار تتنزل المقاربة الاجتماعية – الديمغ ارفية التي اهتمت بالجانب الاجتماعي – الديمغ ارفي للمهاجرين وبسلوكياتهم. أما على المستوى الاقتصادي فان المجالات المُ ستق ط بة تصبح مطالبة اقتصاديا بتوفير مواطن شغل جديدة في الوقت الذي تخسر فيه مجالات الطرد قوى عاملة عادة ما تكون شابة. لذلك فان "المقاربة الاقتصادية ترى بأن الهجرة تعتبر قبل كل شيء نتيجة للسلوك الاقتصادي العقلاني للأفارد أو الأسر"( المصدر السابق).

لذلك يمكن القول بان الهجرة الداخلية تحمل في معناها الاقتصادي تحرك ل أرس المال والبضائع واليد العاملة أما على المستوى الاجتماعي فهي تحرك للأفكار والعادات والتقاليد والممارسات اليومية للسكان. وتنعكس كل هذه التحركات وجوبا على المجال الذي يمثل الحامل " Support" لكل هذه الأفعال. ومن ثمة تفضي الى تشكل واعادة تشكل للمجال بفعل الهجرة من حيث هي آلية تفاعل اجتماعي داخل المجال"dans l'espace

."L'interaction sociale

ولقد عرف الشمال الغربي بشكل عام ومجال الد ارسة بشكل خاص بداية من ثلاثينيات

القرن العشرين نقلة نوعية في تاريخه من حيث تحوله من منطقة مستقبلة لأعداد هامة من المهاجرين سواء من خارج الت ارب التونسي ابان القرنين التاسع عشر والعشرين )من المغرب العربي( أو الهج ارت الموسمية- التي كان يقوم بها سكان الوسط والجنوب في الصيف من أجل المشاركة في جمع محاصيل الحبوب واستغلال بقايا الحصاد كم ارعي لقطعانهم – الى إقليم طارد لسكانه خاصة بعد الاستقلال حيث عرف نزيفا بشريا باتجاه المدن الشرقية للبلاد. ولقد كان لهذه الهج ارت وتحولاتها عبر الزمن تأثي ارت على المجال والمجتمع وعلى العلاقات التي يعقدها هذا الإقليم مع مجالات أخرى باعتبار أن هذه الهج ارت تعد أهم وأقدم وجه من أوجه العلاقات التي ظلت تربط اقليم الشمال الغربي ببقية المجالات الأخرى إذ أن حركات الانتجاع الصيفي التي كان يستقبلها تمثل" ظاهرة هامة من مظاهر التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين شمال البلاد وجنوبها.") حافظ ستهم.9219(. من هذا المنطلق خصصنا الجزء الأول من هذا البحث لد ارسة الأدفاق البشرية وقد قسمناه الى فصلين. وللوقوف عند التحولات التي شهدتها ظاهرة الهجرة ومدى ارتباط ذلك بالتحولات السكانية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المجال المدروس، والتي تتنزل ضمن اطار زماني ومكاني أشمل، ارتأينا اتباع منهجية ت اركب المقاييس. وتبعا لذلك جاء الجزء الأول من الفصل الأول بمثابة المرحلة التمهيدية- التأطيرية بحثنا من خلاله في الجذور التاريخية لهذه الظاهرة بتنزيلها ضمن اطارها العام – المجال الوطني- ثم حاولنا التعرض الى مكانة الشمال الغربي ضمن هذه الادفاق الهجرية لنتوصل في مرحلة ثانية من هذا الفصل إلى البحث في خصوصيات الهجرة منذ الاستقلال وتحولاتها بالشمال الغربي بشكل عام ومجال الد ارسة بشكل خاص. وفي فصل ثان حاولنا البحث في العوامل المفسرة لهذه التحركات.

المقدمة

من منطلق أن " المجال هو وليد التحركات والمبادلات") Ciattoni. A. et Veyret Y.

2003(، تأخذ د ارسة الهجرة كظاهرة جغ ارفية أهميتها. ذلك أن التحركات السكانية من شأنها أن تحدث تحولات جذرية تكون متعددة الجوانب: مجالية واقتصادية واجتماعية في مجالات الانطلاق وكذلك الشأن بالنسبة لمجالات الاستقبال. غير أنه لا يمكن فهم واد ارك كثير من الأبعاد المتعلقة بالهجرة في خصائصها وفي تحولاتها بمجال الد ارسة- أرياف ومدن وسط ولاية الكاف وجنوبها – ما لم يتم ربط هذه التحركات بإطارها التاريخي أولا والذي يُمكننا من تتبع التحولات التي عرفتها هذه الظاهرة، وتنزيلها ضمن اطار جغ ارفي أشمل ثانيا باعتبار أن" ما يتم في مكان ما ليس بمعزل عن ما يتم بأماكن أخرى.")المصدر السابق(. وفي هذا الإطار تندرج التحولات التي عرفها مجال الد ارسة من مجال مُستقطب للمهاجرين "من البلدان المجاورة من طاربلس و الجازئر…") حافظ ستهم، 9219( بالإضافة الى حركات الانتجاع الصيفي التي كان يستقبلها من وسط البلاد وجنوبها الى مجال منفر لسكانه ضمن اطار أشمل اذ ينتمي الى اقليم الشمال الغربي الذي أطلقت عليه عديد الد ارسات الجغ ارفية صفة "خازن للمهاجرين نحو العاصمة." لذلك سنركز اهتمامنا في هذا الفصل على البحث في التحولات الحديثة للتحركات المجالية في اطارها ال وطني محاولين استجلاء مكانة اقليم الشمال الغربي بشكل عام والمجال المدروس بشكل خاص.

I. التحركات السكانية الحديثة بالبلاد التونسية وتحولاتها.

لم يكن المجتمع التونسي يعرف حركية مجاليه هامة باستثناء التنقلات التي كانت تقوم بها قبائل الوسط والجنوب باتجاه تونس الت لية في الصيف ورحلة الشتاء نحو الساحل لجني الزيتون ورحلة الخريف باتجاه بلاد نف ازوة )ولايتي قبلي، توزر حاليا( للمشاركة في جمع التمور. وقد كانت هذه الهج ارت مؤقتة ولا تأخذ صبغة الديمومة الا في حالة استم ارر فترة الجفاف بالوسط والجنوب و" لكن الاستقارر النهائي كان لا يهم الا نسبة محدودة من الوافدين في سنوات الجفاف يستقرون في الأرياف أساسا لا في المدن") المصدر السابق(.

في مقابل هذا الاستق ارر السكاني بالبلاد التونسية فقد كانت البلدان المغاربية تعرف حركية هجرية هامة باتجاه البلاد التونسية. وقد شهد عدد هؤلاء الوافدين ارتفاعا ملحوظا ابان القرنين التاسع عشر والعشرين اذ تضافرت عدة عوامل: طبيعية واجتماعية وسياسية لتدفع بأفواج هامة من المهاجرين المغاربة باتجاه تونس. فماهي اذا خصائص هذه الأعداد المهاجرة الى البلاد التونسية؟ وماهي مناطق استق اررهم؟ وأي مكانة للشمال الغربي بصفة عامة ومجال الد ارسة بصفة خاصة في استقطاب الأفواج المهاجرة؟

9. البلاد التونسية منطقة استقطاب للمهاجرين من المغرب العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

شكلت البلاد التونسية منطقة استقطاب لشعوب المغرب العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين غير أن درجات الاستقطاب تختلف من بلد الى آخر. وتُعتبر كل من الج ازئر وليبيا خاصة بعد 9299 – تاريخ دخول الاستعمار الايطالي- أهم البلدان المصدرة للمهاجرين باتجاه البلاد التونسية.

الأهمية العددية للمهاجرين الجازئريين مقارنة ببقية المهاجرين

بلغ عدد الوافدين 92230 فردا في أواخر القرن التاسع عشر موزعين بين ج ازئريين ب233 فردا و94304 فردا من البلاد الليبية. وقد مثل الاستعمار واستحواذه على الا ارضي الفلاحية أهم عامل لهجرة الج ازئريين في القرن التاسع عشر" فالى حدود 9123 فقد الجازئريون أكثر من خمسة ملايين هكتار" )عبد الكريم الماجري ،4090( في المقابل مثلت الاضط اربات السياسية التي عاشها القطر الليبي )الايالة الط اربلسية ان ذاك( يضاف الى ذلك سنوات الجفاف الطويلة والمتكررة الدافع الرئيسي لهجرة الليبيين والمغاربة الى تونس. أما في القرن العشرين فقد أصبحت سياسة الاحتلال الايطالي للقطر الليبي في 9299 السبب الرئيسي لهجرة الليبيين اذ سعت الى تهجير السكان الأصليين حيث اتبع الاحتلال " سياسة العقاب الجماعي وذلك بمصادرة أملاك وأارضي المواطنين وفتح المعتقلات، وتهجير السكان." )اب ارهيم أحمد أبو القاسم ،9224( وقد تدعمت هذه السياسة القمعية بعد الحرب العالمية الثانية " اذ بدأت منذ سنة 9244 تسلب الأارضي والعقاارت من الأهالي بالقوة." )المصدر السابق(. ويعتبر اكتشاف الفسفاط بالبلاد التونسية من أهم العوامل التي شجعت على توافد المهاجرين من بلدان المغرب العربي الى تونس مع بداية القرن العشرين ذلك أن شركة فسفاط قفصة " آثرت منذ البداية عدم الاعتماد على الاهالي وجلب أيادي عاملة من الجازئر ومن ايالة طاربلس والمغرب الأقصى")عبد الكريم الماجري، 4090( وهو ما سيؤثر على التوزع الجغ ارفي للمهاجرين داخل البلاد التونسية )سيتم التعرض الى ذلك في العنصر الموالي(. وما فتئ عدد المهاجرين من هذه البلدان يرتفع الى ان بلغ أوجه سنة 9249 90133 فردا )الرسم البياني عدد9(.

ورغم الت ارجع الذي سجله العدد الجملي للوافدين حسب احصاء 9229) الرسم البياني عدد9(، الا أن هذا الت ارجع لم يمس جميع الجاليات بل تواصل عدد الوافدين من القطر الج ازئري في الارتفاع )الرسم البياني عدد 4( اذ بلغ حسب تعداد 9229 29999 فردا بعد أن كان سنة 9249 24314. كذلك الشأن بالنسبة للجالية الليبية التي بلغ عددها سنة 9229 42140 بعد أن كان 40929. وبذلك فان عدد المهاجرين الج ازئريين والليبيين سجل نسبة زيادة جملية تُقارب 9% )0.12% بالنسبة للج ازئريين و0.03 % بالنسبة لليبيين( خلال الفترة الممتدة بين 9249-9229. وهو ما يؤكد أن الت ارجع في العدد الجملي للمهاجرين مرده ت ارجع الوافدين من المغرب الأقصى اذ وصل عددهم حسب احصاء 9229 4132 فردا بعد أن كان 2010 فردا سنة 9249 أي بنسبة ت ارجع قدرت ب- 2%. لكن بعد احصاء 9229 نلاحظ أن نسق النمو أخذ في الارتفاع اذ قدر عدد المهاجرين ب2092 فردا سنة 9229 أي بنسبة زيادة سنوية قدرت ب 1.20%.

نلاحظ الأهمية العددية للوافدين من القطر الج ازئري )الرسم البياني عدد4( مقارنة ببقية أقطار المغرب العربي بنسبة تجاوزت ال30% من مجموع الوافدين على البلاد التونسية في مختلف الاحصائيات الأربعة )9249 30.23%،9249 31.12%،9229 32% و9229 39.10%(. تليها في ذلك نسبة المهاجرين من القطر الليبي بنسب لم تت ارجع دون22% من المجموع العام للوافدين على القطر التونسي حسب نفس الاحصائيات اذ بلغت أعلى نسبة في احصاء 9229 ب24.00% وأدناها حسب احصاء9249 اذ ناهزت ال 23%. في المقابل يعتبر المهاج ر ون من المغرب الأقصى أقلية مقارنة بالج ازئريين والليبيين اذ لم تتجاوز النسبة في أقصى حالاتها ال1% من المجموع العام للمهاجرين في مختلف الاحصائيات. ومرد ذلك في جانب منه الى بعد المسافة الفاصلة بين القطرين التونسي والمغربي. كل هذا يجعلنا نتساءل عن التوزع الجغ ارفي لهؤلاء الوافدين داخل البلاد التونسية. فماهي المناطق التي مثلت منطقة استقطاب لهذه الأعداد المهاجرة دون سواها؟ وماهي محددات تركز هؤلاء الوافدين داخل البلاد التونسية؟ وهل تركز الوافد ون على البلاد التونسية في نفس المناطق أم أن لكل جالية منطقة خاصة بها؟ وماهي مكانة الشمال الغربي في ذلك؟

التوزع الجغارفي للوافدين على البلاد التونسية

مثلت المنطقة الشمالية التلية الرطبة الواقعة شمال السلسلة الظهرية بشكل عام منطقة استقطاب للجاليات القادمة من المغرب العربي في القرن التاسع عشر. غير أن هذه الجاليات قد اختلفت في تركزها داخل المنطقة الشمالية. فلئن استأثر الشريط الحدودي الغربي بالنسبة الأهم من المهاجرين الج ازئريين، من ذلك أن سهول الكاف احتلت المرتبة الأولى باستقطابها ل400 مهاجر من مجوع 233 مهاجر ج ازئري وافد على البلاد التونسية خلال القرن التاسع عشر، وهو ما يمثل 42% من المجموع الوافدين الج ازئريين، فان ضواحي تونس استأثرت بنسبة 20.02% من مجموع الليبيين والمقدر عددهم آن ذاك ب94304 مهاجر. كما مثل الوطن القبلي وجهة هؤلاء المهاجرين وفي المقابل لم يستقطب الشمال الغربي الا حوالي 1% أي 222 مهاج ار من الليبيين القادمين الى البلاد التونسية موزعين بين مشيختين )حسب التقسيم الإداري آن ذاك( مجاز الباب ب 034 وتستور 420 مهاج ار. أما بالنسبة للمهاجرين القادمين من المغرب الأقصى فقد تمركزوا "بالشمال الشرقي بماطر وبنزرت والوطن القبلي وهي تقريبا المناطق التي استقر بها الأندلسيون منذ بداية القرن السابع عشر والطاربلسية خلال القرن التاسع عشر." )عبد الكريم الماجري، 4090(.

وبذلك فان مناطق استق ارر المهاجرين الليبيين تتماهى تقريبا مع المناطق التي استقر بها المهاج ر ون من المغرب الأقصى. وبالنظر الى عوامل هجرة الوافدين الى البلاد التونسية التي ذكرناها آنفا يصبح من البديهي أن تمثل تونس التلية منطقة استقطاب لهذه الأعداد المهاجرة لاحتوائها على الأ ارضي الخصبة. ومن الأهمية بمكان أن نشير الى أن تخصص كل منطقة من تونس التلية في استقطاب مهاجرين من بلد معين يبقى نسبيا فرغم الأهمية العددية للمهاجرين الج ازئريين بالشمال الغربي الا أن ذلك لا ينفي تركز المهاجرين من المغرب الأقصى ومن ليبيا بهذا الاقليم. بالاضافة الى ذلك فإن الج ازئريين قد توطنوا بمناطق أخرى من البلاد التونسية من ذلك تركزهم ب" القيروان وزغوان]…[ وماطر وبنزرت" )المصدر السابق(. لكن هل تواصل تركز المهاجرين بتونس التلية خلال القرن العشرين أم شهدت خارطة التوزع الجغ ارفي للمهاجرين تحولات؟ وان كانت عرفت تحولات فماهي محددات ذلك؟ وهل أن هذه العوامل مرتبطة بمنطقة الاستقطاب أم خارجة عنها؟

مثل كل من اكتشاف الفسفاط بالبلاد التونسية وما تبعه من تركيز لشركة فسفاط ڤفصة بالجنوب الغربي للبلاد من ناحية واستحواذ المستعمر على الأ ارضي الزارعية بالشمال من ناحية ثانية عاملين أساسيين لإدخال تحوي ارت على خارطة التوزع الجغ ارفي للمهاجرين الى البلاد التونسية. فبر زت مناطق استقطاب جديدة حيث مثلت هذه الجاليات النواة الأولى لتكون أول مدينة بالجنوب الغربي اذ" لأول مرة في تاريخ تونس المعاصرة تتحول أعداد غفيرة من الطاربلسية الى هذه المنطقة وهذا التوجه مخالف لما عهدناه خلال القرون السابقة حيث ألفنا استقاررهم بأحواز مدينة تونس وبالمنطقة الشمالية للبلاد أو ما يعرف بافريڤية حيث وفرة المياه والأارضي الصالحة للزارعة والمرعى )المصدر السابق(. فمع حلول 9229 بلغت نسبة ال ليبيين في قفصة 99.90% من جملة الوافدين و0.02% من جملة الوافدين من المغرب الأقصى وحوالي 9% بالنسبة للج ازئريين بالم ارقبة المدنية بتوزر من مجموع الوافدين الج ازئريين. وما يؤكد أهمية العمل في المناجم في جذب المهاجرين أن بلغت "نسبة العمال الليبين الذين يشتغلون في المناجم بمنطقة الجنوب 30% بينما الجازئريون 90% و20% من التونسيين." )اب ارهيم أحمد أبو القاسم ،9224(. وقد انعكس

هذا التنوع في الأصول الجغ ارفية للوافدين الى المناطق المنجمية على المجال " فلكل

مجموعة من العمال حيز تسكنه، فهذا تجمع الطاربلسيين وذاك تجمع الجازئريين، ثم تجمعات التونسيين." )المصدر السابق(. وقد عرفت منطقة المتلوي بقفصة تكون أحياء في شكل "مخيمات وأكواخ" )مياسة معط الله ، 4002-4090( وهي أحياء تعكس أسماءها – نسبيا- الأصل الجغ ارفي لساكنيها وتتمثل في:

-"حي المارركة: يتكون من قسمين، الأول خاص بالمارركة )نسبة الى المغرب( والثاني خاص بالجازئريين" )المصدر السابق(

" – حي الطاربلسية: وقد أطلقت عليه هذه التسمية لكثرة الوافدين اللبيين عليه في مرحلة أولى")المصدر السابق، بتصرف(

كل هذا يجعلنا نتساءل عن نصيب الشمال الغربي من أعداد الوافدين على البلاد التونسية خلال القرن العشرين؟

ج. الشمال الغربي: منطقة استقطاب هامة

من خلال معاينة الجدول عدد2 تبينا مكانة الشمال الغربي كمنطقة استقطاب مهمة ضمن مناطق الاستقطاب اذ استحوذ على ما يفوق ربع المهاجرين طيلة الاحصائيات الأربعة )جدول عدد2(. ورغم الت ارجع الذي سجل في احصاء 9229 إلا أن ذلك يندرج في إطار ت ارجع عام للوافدين على البلاد التونسية. وتبقى أعلى نسبة استقطاب سجلها الإقليم تلك الواردة باحصاء9229 اذ بلغت 20.49%. فهل مثل اقليم الشمال الغربي منطقة استقطاب لكل المهاجرين على اختلاف أصولهم الجغ ارفية أم أنه اختص في استقطاب مهاجرين من بلد دون آخر؟

انطلاقا من جدول عدد3 نلاحظ أن أعلى نسبة يستقطبها الشمال الغربي هي القادمة من القطر الج ازئري اذ تجاوزت النصف سنة 9229)39.04%( من مجموع المهاجرين الج ازئريين بينما لم تتجاوز نسبة الليبيين الذين استقروا بالشمال الغربي ال3% من النسبة الجمليّة لليبيين وحوالي 49% بالنسبة للمهاجرين القادمين من المغرب الأقصى. ولم تت ارجع نسبة الذين استقروا من الج ازئريين بالشمال الغربي الى أقل من 20% خلال الإحصائيات الأربعة )الجدول عدد3(. ويحتل المهاجرون من المغرب الأقصى المرتبة الثانية بعد الج ازئريين من حيث استق اررهم بالشمال الغربي. وفي هذا الصدد نشير الى الموقع الجغ ارفي الحدودي لإقليم الشمال الغربي الذي لعب دوار هاما في خلق علاقات بين القطرين سبقت الاستعمار من ذلك" انتداب الايالة الحسينية للجنود من قبائل ج زائرية تعيش متاخمة للحدود التونسية وذلك لحارسة المدن وقصور البايات.")الصدّيق الفازعي، 4094(. وهو ما يفسر تفرد الإقليم بأعلى نسبة من المهاجرين الج ازئريين. وفي هذا الإطار حظيت المشايخ التابعة

31

بالنظر الى الم ارقبة المدنية بالكاف – تمثل ولاية الكاف حاليا تقريبا- ب 9290 فردا وهو ما يمثل 23.22% من المهاجرين الج ازئريين المستق رين بالشمال الغربي.

ومرد هذا الاستق ارر الكبير للمهاجرين الج ازئريين بولاية الكاف- باعتبار التقسيم الإداري الحديث – اكتشاف الخامات المنجمية والدليل على ذلك ان اهم النسب المسجلة لتركز الج ازئريين كانت بالمشايخ- جمع مشيخة- التي بها مناجم.

انطلاقا من الرسم البياني عدد 2 نلاحظ تباينا في توزع الجالية الج ازئرية بين مختلف المشايخ ال ارجعة بالنظر الى الم ارقبة المدنية بالكاف حيث حظيت المناطق المنجمية والحدودية باستقطاب النسب الأهم. تصدرت ساقية سيدي يوسف المرتبة الأولى بنسبة 91% من مجموع المستقرين بولاية الكاف- حسب التقسيم الاداري الحديث- تليها في ذلك منطقة قلعة سنان ب99% ثم سيدي عمر بن سالم )منزل سالم حاليا( بنسبة 94%. لكن الملاحظة الجديرة بالذكر أن هناك مناطق شكلت مواطن تركز هامة بالرغم من كونها لا تحتوي على منجم على غ ارر الفالتة – منطقة حدودية تابعة لمعتمدية قلعة سنان- اذ استأثرت ب493 وافد من المجموع الجملي للج ازئريين وهي بذلك تتقارب مع القلعة الجرداء- القلعة الخصبة حاليا- حيث قدر عدد الج ازئريين المستقرين بها 229 فردا من المجموع الجملي للمستقرين بكامل المشايخ ال ارجعة بالنظر الى الم ارقبة المدنية بالكاف وذلك لاحتوائها على منجم. ويفسر العدد المرتفع – نسبيا- الذي سجلته مشيخة الفالتة بسببين رئيسيين الأول أن الفالتة منطقة فلاحية خصبة ولم تشهد الاستعمار الزارعي ثانيا أنها منطقة متاخمة للت ارب الج ازئري وهو ما يعني سهولة العودة بالنسبة للمهاجرين الج ازئريين إذا تحسنت الوضعية الأمنية. الى جانب ذلك مثل" الشريط الحدودي التونسي مع الجازئر ملجأ لكل الجازئريين الفارين من بطش الاستعمار الفرنسي ولكل المقاومين له"

)المصدر السابق(.

اذا ومن خلال ما سبق بدا اقليم الشمال الغربي من أهم المناطق من حيث استقبال المهاجرين القادمين من المغرب العربي وذلك لعدة أسباب من ضمنها الخصائص الطبيعية التي تميزه. كما لعبت هذه الأخيرة دوار في جذب قبائل الوسط والجنوب اليه في اطار رحلات الانتجاع الصيفي التي كانوا يقومون بها والتي تفضي أحيانا الى استق ارر البعض منهم في هذا الاقليم مما ساهم في ادخال تحولات على مستوى التركيبة الاجتماعية به. وهي اشكالية نحاول فك عناصرها ضمن الباب الثالث من هذا البحث.

2.الشمال الغربي مجال استقطاب للهجرات الموسمية

شكل الشمال الغربي على غ ارر باقي أقاليم تونس الشمالية وجهة للرحلات الصيفية التي

كان يقوم بها قبائل الوسط " لجمع محاصيل الحبوب واستغلال الحصيدة كمرعى للأغنام والماعز والابل طيلة فترة الصيف") حافظ ستهم ،9222( . وقد كان الشمال الغربي منطقة استقطاب لمختلف أنماط تحركات المجتمع الرعوي من "هطاية"، "عشابة"،"صيافة" و"ع ازبة" القادمة خاصة من الوسط الغربي. وتخضع كثافة هذه التحركات الى المعطى الطبيعي " فكلما كانت فترة الجفاف طويلة الا وشهدت منطقة السباسب فارغا من قطيع

الاغنام ومن جزء هام من سكانها تصل أحيانا الى حد مشاركة كبار السن في هذه الرحلة.")Attia.H.1977( في المقابل تشهد المناطق المستقطبة لهذه الرحلات سواء أكان الشمال الغربي أو غيره من الأقاليم الشمالية زيادة عددية لسكانها وان كانت موسمية. كما تنتشر أنماط مختلفة من علاقات الانتاج تجسدها كل من حركات " الهطاية" و"الصيافة". ولم يشذ مجال الد ارسة عن هذا السياق اذ شهد هو الآخر عبر السنين توافد أصناف مختلفة من الرحلات الانتجاعية للقبائل القادمة من الوسط الغربي للبلاد )خريطة عدد2( حيث عبرت نسبة 92.40% )رسم بياني عدد 2 والجدول عدد 3 الموجود في ملاحق الباب الأول( من المستجوبين أن مناطقهم مثلت في ما مضى منطقة انتجاع. غير أنه يمكن أن نميز داخل مجال الد ارسة بين منطقتين الأولى تؤمها القبائل بشكل مكثف وتتمثل في كل من الدهماني، الڤصور،السرس والكاف حيث قدر عدد الاجابات الايجابية للمستجوبين ب19.12% من مجموع الإجابات الايجابية وفي المقابل تعتبر المنطقة الغربية لمجال الد ارسة والمتمثلة في قلعة سنان، تاجروين، الجريصة والقلعة الخصبة منطقة محدودة الاستقطاب بالنسبة لهذه الرحلات اذ بلغت الإجابات الايجابية للمستجوبين91.99%من مجموع الإجابات الإيجابية. ويفسر ذلك بالخصائص الطبيعية التي تميز المنطقة الأولى عن الثانية اذ تعتبر أارضي المنطقة الأولى أكثر خصبا بالإضافة الى أنها محاذية لمنطقة مكثر، برويس، الكريب… وهي مناطق جذب هامة كما أنها تشكل

منطقة"ينقسم فيها الرحل الى مجموعات تتكون كل واحدة منها من مجموعة خيام حسب أهمية القطيع ومن ثمة تنطلق في البحث عن المرعى")المصدر السابق(. والملاحظة الجديرة بالذكر أن هناك شبه تخصص لدى كل من المنطقة الشرقية لمجال الد ارسة والمنطقة الغربية من حيث الأصول الجغ ارفية للرحلات التي تستقطبها. فلئن مثلت الأولى مجال ممارسة بالنسبة للحركات الانتجاعية القادمة أساسا من القيروان وسيدي بوزيد فان المنطقة الثانية تشكل مجال استقطاب لل رحلات القادمة من ولاية القصرين )أنظر خريطة عدد2(. هذا التخصص يجد مبرارته في عامل المسافة حيث تفضل قبائل الف ارشيش وماجر التوجه الى المناطق الجنوبية الغربية في حين تفضل قبائل الجلاص وجنوب القيروان التوجه الى المنطقة الشرقية أما الرحلات القادمة من سيدي بوزيد فانها وباعتبار بعد المسافة للمنطقتين تفضل التوجه الى المنطقة الشرقية لأنها، كما سبق وأشرنا، منفتحة على مجالات أخرى )أ ارضي سليانة خاصة( في مقابل قلة الم ارعي في الجهة الغربية. بالاضافة الى أنها منطقة حدودية.

وهو ما يعني أنّ في حالة ف ارغ المرعى يضطر هؤلاء للبحث من جديد عن م ارعي تكون عادة في جهة سليانة أو باجة. عرفت هذه الرحلات الانتجاعية، والتي شكلت است ارتيجية اتبعها أصحابها لضمان البقاء من خلال مواجهة" الجفاف المزمن ….يأتي من حين لأخر

على الزرع والضرع في هذه المناطق فيهرع سكانها الى الشمال الحبوبي بحثا عن القوت لأنفسهم )الهطاية( والعشب لحيواناتهم )العشابة(")الهادي التيمومي،4009(، تحولات جذرية بفعل عدة أط ارف عملت في البداية على الحد منها ثم على اجتثاثها في مرحلة أخيرة خدمة لمصالحها. غير أن هذه العلاقات الاجتماعية- المجالية التي كانت تجسدها القبائل من خلال تحركاتها لا يمكن أن تمر دون أن تطبع مجالات الاستقبال بخصائص مغايرة. وهي تأثي ارت سنعمل على د ارستها -ضمن الباب الثالث – من منطلق أن" المجال الجغارفي هو في نفس الوقت تعبير حاضر لتاركم أحداث ماضية وبناء حيّ لتهيئة مستقبلية")Bavoux.J.J.2003( لكن قبل ذلك نتساءل عن العوامل والأط ارف التي عملت على القضاء على هذه التنقلات التي سادت لعقود طويلة وميزت مجال البلاد التونسية؟

3. عوامل اندثار الهجرات الموسمية

سبق وأشرنا الى أن المجتمع القبلي بمنطقة السباسب والقيروان للبلاد التونسية كان مجتمعا رعويا يرتكز على تربية الماشية. لذلك فقد مثلت التنقلات الدورية عبر فصول السنة است ارتيجية لضمان البقاء والاستم ارر وقد كان الشمال الغربي وجهة هذه القبائل في رحلة الصيف. ولئن استمرت طريقة العيش هذه طويلا فان احتلال البلاد التونسية مثل نقطة فارقة في تاريخ هذه التنقلات اذ أخذت في الت ارجع تحت وطأة عدة عوامل كان الاستعمار أولها.

الاستعمار والهيمنة على الأارضي الخصبة للشمال الغربي

مثل الشمال الغربي، مثل بقية الأقاليم الشمالية للبلاد، منطقة استعمار زارعي اذ استحوذ المستعمر على أخصب الأ ارضي واضطر الفلاحون الى استغلال السفوح الجبلية التي أصبحت خلال الفترة الفاصلة بين9223-9220 تعاني من "ثقل بشري"

)Kassab.A.1980( أو الى العمل لدى المعمرين وكبار الفلاحين التونسيين ك"خماسة"،"أو بالشركة …. ومما دعم عملية تثبيت القبائل انتشار ظاهرة مكننة العمل الفلاحي بشمال البلاد اذ "استوردت البلاد بين 9222-9232 9293 الة حاصدة")الهادي التيمومي، 4009( وبالتالي تخلت هذه المناطق عن قوى العمل المحلية. وكان من نتائج ذلك ت ارجع لأنماط من علاقات الانتاج أبرزها "الخماسة". بالاضافة الى التخلي عن قوة العمل القادمة من الوسط والجنوب التي كانت تسهم في جمع المحاصيل من خلال نمط "الهطاية" و"الصيّافة". كما لم تعد هذه المناطق تمثل مجالات "للتعشّيب" باعتبار أن أصحابها تخلوا عن دورة البور التي كانوا يمارسونها قبل ذلك ومن ثمة انتفاء نمط اخر من أنماط التنقلات وهي "العشابة".

كل هذه العوامل لم تشكل نقطة تحول في تاريخ المجتمعات الرعوية باخضاعها الى الاستق ارر فحسب وانما أفرزت كذلك نوعا من الاختلال في علاقة التكامل الاقتصادي بين الجهات والتي كانت تؤمنها هذه التنقلات باعتبار ان هذه الأخيرة هي كذلك شكل من اشكال " المبادلات الاقتصادية بين الأقاليم ")Attia.H.1977( من ناحية. ومثلت من ناحية أخرى إيذانا بدخول الشمال الغربي مرحلة جديدة اذ تحول من منطقة جاذبة الى منطقة طاردة لأنّه لم يعد قاد ار على شد سكانه فأخذ عددهم في الت ارجع وذلك تحت تأثير عدة عوامل نرجئ الخوض فيها الى الفصل الثاني من هذا الباب.

الاستعمار وتثبيت القبائل

بدأ قطيع الماشية يت ارجع بمنطقة الوسط الغربي منذ أن هيمنت السلطات الاستعمارية على أخصب الأارضي اذ قدرت ب90000 هكتار )حافظ ستهم ،9222( بسيدي بوزيد، الڤصرين وسبيطلة وشرعت في غ ارستها أشجا ار مثمرة. يضاف الى ذلك استحواذها على

" زملة الحلفاء" التي كانت تمثل أهم مرعى للماشية.

كما مثلت عملية م ارقبة قبائل الوسط الغربي والسيطرة عليها مهمة صعبة بالنسبة

للاستعمار باعتبار الطابع الترحالي المميز لها. لذلك فقد عمد المُستعمر الى تثبيتها من خلال "خلق مناطق لإقارر البدو الرحل على اارضي صالحة للزارعة وتشجيعهم على غارسة الزيتون وأشجار مثمرة أخرى والاستقارر النهائي والتحول الى النشاط الفلاحي" )المصدر السابق(. فبرزت تبعا لذلك أولى بوادر اندثار المجتمع البدوي القائم على الترحال وبالتالي اندثار علاقاته الاقتصادية والاجتماعية مع مجالات أخرى- الشمال الغربي خاصة- والتي كانت قائمة بالأساس على ما تملكه أرياف اقليم الشمال الغربي من امكانيات طبيعة هامة جعلت منه قبلة لهؤلاء البدو.

ج. الاستقلال واعادة بناء المجتمع والمجال التونسي

عملت الدولة الحديثة بعد الاستقلال على إضعاف التقسيم القبلي الذي على أساسه انتظم المجال لقرون خلت بهدف إحكام السيطرة على المجال والتمكن من م ارقبته و من نشر قيم التحديث وتحويل الولاء الدولة عوضا عن القبيلة. من أجل ذلك استبدلت التقسيم القبلي للمجال بتقسيم اداري لا يمثل فيه الت ارب القبلي حدا للوحدة الادارية المزمع احداثها، وتعويض الرموز القديمة المتنفذة في المجال مثل شيخ القبيلة برموز جديدة مثل العمدة وهو ما يمكنها من بسط نفوذها وتمرير جل مخططاتها من جهة و م ارقبة السكان في مختلف تحركاتهم لضمان ولائهم من جهة ثانية. ولأن ذلك لا يمكن أن يتم الا في مجتمع مستقر غير مرتحل فقد شجعت الدولة على تعاطي الفلاحة السقوية فحفرت الابار واسترجعت الا ارضي التي كانت تحت سيطرة الاستعمار من ذلك "استرجاع حوالي 30000هك سنة9293 في بلاد القيروان") شكري سباعي ،4099( وبيعها للخواص وحل الأحباس.

فتوسعت بذلك زارعة الحبوب والأشجار المثمرة. بالاضافة الى ذلك قامت الدولة بخلق م ارعي محمية بنشر الغ ارسات العلفية من قبيل " الهندي الاملس والسنط والسرمق وكذلك زارعة الفصة في المناطق الممطرة بما فيه الكفاية أو في الأارضي المسقية اعتمادا على الابار العميقة التي حفرتها … وبدئ في نشر فنيات جديدة لخزن العلف وفي ادخال الطب البيطري") حافظ ستهم ،9222(. كان من نتائج ذلك استق ارر السكان بشكل شبه نهائي ودخول اقليم الوسط الغربي مرحلة جديدة انتفت فيها تقريبا علاقاته التقليدية التي كانت تجمعه ببقية الاقاليم سواء الشمالية منها أو الجنوبية والتي كانت قائمة بالأساس على ما توفره من مقومات طبيعية تجذب هؤلاء الرحل . وهي مرحلة عبر عنها أحد فلاحي مجال الد ارسة ابان زيا ارتنا الميدانية من خلال المقابلات التي أجريناها مع المستجوبين في خصوص مكانة مجال الد ارسة ضمن هذه الرحلات الانتجاعية بقوله "انتهى زمن تمطر بلاد تسعد بلاد" وهو مثل شعبي يصف بدقة هذه العلاقات الاقتصادية- الاجتماعية التي كانت سائدة ومفاده أن نزول الأمطار بمنطقة معينة يعود بالنفع على المناطق الجافة اذ تكون الأولى منطقة استقبال للرحلات الانتجاعية التي يقوم بها أهالي المنطقة الثانية.

لئن أدت مختلف العوامل الآنفة الذكر الى ت ارجع شبه تام للهج ارت الموسمية لرُحل الوسط الغربي باتجاه مختلف الاقاليم الشمالية ومن ضمنها أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف فإنّها لم تفضي الى اندثار كلي لهذه الرحلات حيث تبينا من خلال العمل الميداني أنها ما ازلت متواصلة وان كانت بصفة محدودة جدا حيث قدرت نسبة المستجوبين الذين أكدوا على أن منطقتهم ما ازلت تستقطب مثل هذه الحركات ب 4% )مشهد عدد9( . وما يلفت الانتباه أن هذه النسبة مسجلة فقط بالأرياف الشرقية من مجال الد ارسة. وفي المقابل انتفت تماما بالأرياف الجنوبية الغربية لولاية الكاف.

وفي هذا السياق نؤكد على أن العوامل التي أفضت الى شبه اندثار حركات الانتجاع ارتبطت منذ البداية بمناطق الانطلاق والاستقبال على حد السواء. وفي هذا الصدد سجلنا – انطلاقا تقريبا من فترة ما بين الحربين- بوادر أزمة أرياف الشمال الغربي التي آلت الى انقلاب وضعيته من اقليم مستقبل لهذه الهج ارت الموسمية الى اقليم طارد لسكانه باتجاه المدن لا سيما منها تونس العاصمة. وهو ما يجعلنا نتساءل عن ملامح هذه الظاهرة؟ وعن أسبابها؟

II. الشمال الغربي: اقليم منفر لسكانه

يُعرّف المجال الجغ ارفي على أنه "مجموعة الأماكن والعلاقات القائمة في ما بينها"

)Ciattoni.A. et Veyret.Y.2003( وبما أن الجغ ارفيا في إحدى تعريفاتها تقدم على أساس أنها " إدارك للمجال")Brunet et al. 1992( فإنها بذلك تعني إد ارك لهذه العلاقات بمختلف مظاهرها والأط ارف الفاعلة في إنتاجها والآليات التي تتحكم فيها "ولقد برهنت المقارنات بين تعدادات السكان لسنوات 9229، 9229 و9239 ظهور هجرة جديدة دون جذور تاريخية وهي هجرة سكان الشمال الغربي نحو المدن الشرقية")حافظ ستهم ،9219(.

فماهي الخصائص العامة للهجرة بإقليم الشمال الغربي بصفة عامة وولاية الكاف بصفة

خاصة؟ وكيف ساهمت التحولات التي عرفتها الهجرة في بلورة علاقات جديدة بين كل من اقليم الشمال الغربي ومجال الد ارسة من ناحية وبقية أقاليم البلاد من ناحية ثانية؟

1. الشمال الغربي: أهم خزان للمهاجرين

مثل إقليم الشمال الغربي وجهة التنقلات الموسمية القادمة من وسط البلاد وجنوبها لتميزه بمقومات طبيعية ملائمة لتعاطي الفلاحة وتوفير مواطن انتجاع للقادمين من مناطق أخرى )السباسب، الجنوب…(. وهو ما يحيل على أن المقومات الطبيعية التي ميزت الشمال الغربي كانت أساس علاقاته مع بقية الأقاليم. لكن مع 9220 بدأ هذا الإقليم يعرف الهجرة والتي بلغت أوجها بعد 9239 "وهكذا فان سكان الشمال الغربي المستقرين الذين كانوا

يتميزون بحركية محدودة في الماضي تحولوا فجأة الى مهاجرين واتخذت هجرتهم صبغة الهجرة النهائية")المصدر السابق(. وقد تواصلت هذه الهجرة في العشريات الموالية للاستقلال الى اليوم. ومن ثمة تحول اقليم الشمال الغربي الى أول اقليم على الصعيد الوطني في تصدير أفواج المهاجرين ب 109594 مهاج ار حسب تعداد 9299. فماهي خصائص التيا ارت الهجرية بالشمال الغربي؟ وهل شهدت تحولات عبر الزمن؟

أ. الشمال الغربي: المزود الرئيسي للعاصمة بالمهاجرين الى منتصف السبعينيات

شهد المجال الهجري للبلاد التونسية تحولات عميقة انطلاقا من 9239. فبعد أن كان وسط البلاد وجنوبها يشكلان مناطق انطلاق المهاجرين خلال الفترة الفاصلة بين 9229

-9239 "اذ خسرت هذه المناطق بين 4‰ الى أكثر من 90‰ من سكانها سنويا")المصدر السابق( لصالح الاقاليم الشمالية لاسيما منها تونس العاصمة. أصبح اقليم الشمال الغربي خ ازنا للمهاجرين باتجاه العاصمة. اذ بلغ عدد المهاجرين الى تونس العاصمة سنة 9299 89646 مهاج ار من مجموع 109594 مهاج ار من اقليم الشمال الغربي. وهو ما يمثل 14% من النسبة الجملية لهاجري الإقليم )خريطة عدد2(. بينما لم تستقطب بقية أقاليم البلاد إلا نسب محدودة من المهاجرين اذ قدر عددهم باتجاه الشمال الشرقي 90320 مهاج ار وهو ما يمثل 90% من النسبة الجملية لمهاجري الشمال الغربي. يليه في ذلك اقليم الوسط الغربي بنسبة 2% في المقابل لم تستقطب بقية الاقاليم سوى 2% من مهاجري الشمال الغربي موزعة بين اقليم الوسط الشرقي ب4% و9% لكل من اقليم الجنوب الشرقي والجنوب الغربي. وفي الواقع فان هذا الاستقطاب الكلي لمهاجري الشمال الغربي من طرف العاصمة يندرج في اطار عام اتسم ب" امتداد المجال الهجري للعاصمة على كامل الشمال )باستثناء أقصى الشمال والمنطقة الحدودية( وعلى الجنوب الشرقي وأيضا القيروان، صفاقس، القصرين، سوسة، نابل والواجهة الشمالية الغربية للوطن القبلي حيث تجذب أكثر من 23% من المهاجرين أصيلي هذه المناطق. في حين تنخفض نسبة الاستقطاب الى أقل من 40%من مجموع المهاجرين انطلاقا من المناطق المنجمية، سباسب قفصة، مارث، بن ڤردان ظهير صفاقس، بلاد ڤمودة وجنوب ولاية القيروان"

)1992Belhedi.A.(. ولقد سجل اقليم الشمال الغربي خلال هذه الفترة حاصلا هجريا سلبيا قدر ب- 19242. بداية من الستينيات ومع التحولات الاقتصادية التي عرفتها البلاد – سنتعرض الى ذلك في الفصل الموالي- عرف المجال الهجري الوطني بشكل عام تحولات

41

وشهدت معه الأدفاق الهجرية الصادرة من الشمال الغربي تحولات في وجهتها وفي أنساقها معلنة بذلك عن توسع مجال استقطاب المهاجرين من الشمال الغربي ببروز مناطق جديدة الى جانب العاصمة.

ب. بروز مناطق استقطاب جديدة خلال منتصف السبعينيات

سجل الشمال الغربي حسب تعداد 9203 ت ارجعا واضحا في العدد الجملي لمهاجريه حيث بلغ20230 مهاج ار وهو ما يعني نسبة ت ارجع -3.90%. كما ت ارجعت جاذبية اقليم تونس الى 92% من مجموع مهاجري الشمال الغربي. وبالتوازي مع ذلك برزت مناطق استقطاب جديدة لهؤلاء المهاجرين تمثلت بالأساس في إقليم الوسط الشرقي الذي استقطب 2000 مهاج ار وهو ما يمثل 90% من النسبة الجملية للمهاجرين من الشمال الغ ربي ) خريطة عدد3(. ويفسر ذلك ب"التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي حظي بها الساحل انطلاقا من الستينيات")8991. Lamine. R( التي مكنته من شد سكانه. بالإضافة الى جذب مهاجرين من أقاليم أخرى من ذلك الشمال الغربي الذي قدرت نسبة مهاجريه من مجموع المهاجرين الى اقليم الساحل 92.3% حسب احصاء 9203 بعد أن كانت لا تتجاوز 90% من مجموع المهاجرين الى اقليم الساحل سنة 9299. وما يلفت الانتباه هو ارتفاع نصيب اقليم الوسط الغربي من مهاجري الشمال الغربي اذ تضاعف بين احصاء9299 و9203 حيث مر من 2% الى ما يناهز1% في الوقت ذاته سجلت التيا ارت الهجرية الوافدة على اقليم الشمال الغربي من الوسط الغربي ت ارجعا اذ بلغت نسبة الوافدين من هذا الأخير 92.42% من النسبة الجمليّة للوافدين على الشمال الغربي بعد أن كانت 42%حسب احصاء 9299.

مع 9212 نلاحظ عودة ارتفاع مهاجري اقليم الشمال الغربي اذ قدر عددهم ب 48340 .

وفي المقابل لم يسجل الإقليم سوى 99000 وافد. وهو ما يعني وجود حاصل هجري سلبي قدر ب-29920. ت ازمنا مع ذلك نسجل ارتفاعا لنصيب اقليم تونس الكبرى من مهاجري الشمال الغربي اذ قارب ال02% مع ت ارجع طفيف لنسبة الشمال الشرقي والوسط الشرقي من الأعداد المهاجرة من اقليم الشمال الغربي.

نستخلص اذا من خلال ما سبق أن الشريط الساحلي انطلاقا من بنزرت الى صفاقس مثل منطقة جذب للمهاجرين من الشمال الغربي مع تصدر اقليم تونس للمرتبة الاولى بنسبة لم تت ارجع دون 92% خلال التعدادات الثلاثة 9299 و9203 و9212. ت ازمنا مع ذلك تنامت مكانة اقليميّ الشمال الشرقي وخاصة الوسط الشرقي الى أن بلغتا خلال احصاء 9212 حوالي 92%. في المقابل نسجل محدودية الأقاليم الداخلية في جذب مهاجري الشمال الغربي اذ سجلت أعلى نسبة خلال احصاء 9203 بالنسبة للوسط الغربي قد رت بحوالي 1%. لكنها سرعان ما ت ارجعت خلال الاحصاء الموالي9212. كل هذه التحولات التي شهدتها أدفاق الهجرة من الشمال الغربي تندرج في اطار التحولات العامة للحقل الهجري بالبلاد التونسية الذي يتجه نحو تأكيد دور اقليم تونس بصفة خاصة والشريط الساحلي بصفة عامة في جذب الأدفاق الهجرية من كامل الت ارب الوطني.

ج. منتصف التسعينيّات وبداية الالفية الثانية: تأكد دور الواجهة الساحلية في استقطاب المهاجرين

مع احصاء 9222 تأكد تواصل ارتفاع عدد المهاجرين من الشمال الغربي اذ قدر ب94993 بعد أن كان 21220 حسب احصاء 9212 مسجلا بذلك نسبة زيادة سنوية قدرت ب 4.23%. توجهت نسبة09% من هذه الأعداد المهاجرة نحو إقليم تونس الكبرى.

لذلك فقد حافظ هذا الأخير على المرتبة الأولى في استقطاب الأعداد المهاجرة من الشمال الغربي رغم التدعم المتواصل للأقاليم الساحلية في جذب نسبة هامة من مهاجري الشمال الغربي قدرت حسب احصاء 4002 ب 42% موزعة بين اقليم الشمال الشرقي ب92% والوسط الشرقي ب93% بعد أن كانت 42.3% من النسبة الجملية لمهاجري الشمال الغربي حسب احصاء 9222. هذا الاستقطاب لمهاجري الشمال الغربي من قبل الأقاليم الساحلية لا سيما الوسط الشرقي )خريطة عدد9+0( ينضوي في إطار توسع مجال استقطاب هذا الأخير للمهاجرين من كامل الت ارب الوطني. فالى جانب تأكد مكانته في بسط نفوذه على الوسط الغربي بنسبة قدرت ب22.1% )المصدر السابق( من النسبة الجملية للمهاجرين إليه بلغت نسبة المهاجرين من الشمال الغربي 92.1% )المصدر السابق( من النسبة الجملية للوافدين على إقليم الوسط الشرقي.

إذا من خلال ما سبق تبينا أن العلاقات التي ينسجها إقليم الشمال الغربي مع بقية المجالات يتم بشكل متباين بين الأقاليم الداخلية ونظيرتها الساحلية. إذ تعتبر هذه الأخيرة الأكثر استقطابا للمغادرين من إقليم الشمال الغربي حيث قدرت بنسبة 03% سنة 9222. في المقابل لا تستقطب الأقاليم الداخلية إلا 43 %. تفسر هذه العلاقات غير المتكافئة بأهمية البنية التحتية الاقتصادية للأقاليم الساحلية مقارنة بنظيرتها الداخلية خاصة وأن الدافع الرئيسي للهجرة هو البحث عن عمل إذ قدر عدد المغادرين بحثا عن عمل من إقليم الشمال الغربي حسب تعداد 4002 44449 شخصا وهو ما يعادل32% من مجموع

المهاجرين لأسباب أخرى مثل م ارفقة العائلة. وبذلك فإن هذه التيا ارت الهجرية تتجه نحو المناطق التي تتوفر بها مناطق شغل. إنّ البحث في أسباب غياب التكافؤ بين الأقاليم من حيث العلاقات التي ينسجها اقليم الشمال الغ ربي من خلال الهجرة يتوافق، في حقيقة الأمر، تماما مع البحث في العوامل المفسرة للهجرة. ولتفادي التك ارر فإننا سنعمل على تحليله ضمن الفصل الموالي.

وتجدر الملاحظة أن ولاية الكاف تمثل أول مصدر للمهاجرين مقارنة ببقية ولايات الشمال الغربي. فمن خلال د ارسة حاصلها الهجري نتبين أنها لا تشذ عن القاعدة العامة لمختلف ولايات الشمال الغربي. فالحاصل الهجري سلبي ويعرّف بالتذبذب اذ قدر في الفترة الفاصلة بين 9292 – 9203 حوالي – 0000 ليت ارجع إلى ما يناهز – 9000 بين9212 – 9212 ليرتفع من جديد خلال الفترة 9212 – 9222. وقد بلغ الحاصل الهجري حسب آخر إحصاء94923- وبذلك تحتل ولاية الكاف المرتبة الأولى مقارنة باقي ولايات الشمال الغربي إذ قدرت نسبة مساهمتها في الحاصل الهجري السلبي لكامل الإقليم ب40% بين الفترة الممتدة من9222 – 4002 )جدول عدد9( فأي المجالات التي استقطبت هذه الأعداد المهاج رة؟ وهل عرفت التيا ارت الهجرية تحولات في وجهتها عبر الزمن؟

بينت مختلف التعدادات التي أج ارها المعهد الوطني للإحصاء أن إقليم تونس الكبرى يمثل الواجهة الرئيسية للتيا ارت الهجرية المغادرة من ولاية الكاف )رسم بياني عدد3(. فعلى 23903 مغاد ار سنة 9299 يتوجه 33352 منهم باتجاه إقليم تونس أي ما يعادل 02% من مجموع المغادرين يليه في ذلك بقية ولايات إقليم الشمال الغربي بنسبة 1% فالوسط الغربي بنسبة 0% من مجموع المغادرين من ولاية الكاف لسنة 9299. ورغم الت ارجع المسجل في عدد الأفواج المتجهة إلى إقليم تونس إلا انه يبقى في صدارة الأقاليم المستقبلة للمهاجرين من ولاية الكاف حيث قدر عدد المهاجرين سنة 9222

92323 من مجموع 92229 مغادر وهو ما يمثل 91% ليصل العدد حسب إحصاء

4002 90393 من مجموع 90291 أي 90%. هذا الت ارجع المحدود كان لصالح الشريط الساحلي حيث ارتفع عدد المغادرين باتجاهه إلى 2102 شخصا أي ما يعادل 44% سنة 4002 من النسبة الجملية موزعة بين الشمال الشرقي بنسبة 2% والوسط الشرقي بنسبة 92% بعد أن كانتا لا تمثلان إلا1% و2.3% على التوالي سنة 9222 و9% و4% سنة

9299 . فماهي إذا خصائص هذه الأفواج المهاجرة ؟ للاجابة على هذا السؤال ارتأينا تسليط الضوء على مهاجري مجال د ارستنا باعتبار أن هذا الأخير يمثل 09.2% من المساحة الجملية لولاية الكاف ثم أنه يضم أهم المدن بولاية الكاف والمتمثلة في مدينتي الكاف وتاجروين .

2. خصائص الهجرة بأرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف أ. عجز متواصل للحاصل الهجري بكامل مجال الدارسة

كانت فترة الستينيات بمثابة النزيف البشري بالنسبة لمجال الد ارسة حيث بلغ الحاصل الهجري – 44914 مقابل – 29423 لكامل الولاية )حسب التقسيم الإداري آن ذاك والذي كان يضم أج ازء هامة من ولاية سليانة حاليا(. ورغم أن التعدادات اللاحقة )9203 و9212 و9222 و4002( قد برهنت على ت واصل أهمية ظاهرة الهجرة بمجال الد ارسة الا أن مقارنة الاحصائيات الواردة بمختلف هذه التعدادات تؤكد على حدة هذه الظاهرة خلال الفترة الممتدة بين 9239 و9299. ذلك أن معاينة المي ازن الهجري لمختلف التعدادات بلغ حدته في فترة الستينيات مقارنة ببقية الفت ارت اذ قدر ب– 39.2% )جدول عدد0( ليت ارجع في مختلف التعدادات اللاحقة الى دون -20% باستثناء في آخر تعداد )4002( حيث بلغ المي ازن الهجري لكامل مجال الد ارسة- 29.2%. وقد بين هذا التعداد أن ظاهرة الهجرة في مجال الد ارسة بدأت تعود لحدتها في الفترة الأخيرة بعد أن شهدت في الم ارحل السابقة ت ارجعا نسبيا )خريطة عدد1+2+90(. ومن الأهمية بمكان الإشارة الى أنه بالإضافة الى ما أفرزته د ارسة المي ازن والحاصل الهجريين من تباين زمني لظاهرة الهجرة فان هناك تباين مجالي يبرز من خلال مقارنة مؤشر المي ازن الهجري لمعتمديات مجال الد ارسة حيث تنشط ظاهرة الهجرة في مجالات أكثر من الأخرى.

بالاعتماد على الجدول عدد0 والخ ارئط عدد2+90+99 يمكن تقسيم معتمديات مجال الد ارسة إلى قسمين:

القسم الأول: يظم المعتمديات التي سجلت حاصلا هجريا سلبيا منذ إحصاء 9299الى حدود إحصاء 4002. والدارس لمختلف الرسوم البيانية يتبين أيضا اختلاف في حجم الحاصل الهجري لكل

معتمدية إذ تحتل معتمدية الكاف – الكاف الشرقية بالنسبة لإحصاء 4002 – المرتبة الأولى إذ قدر ب- 14051 حسب إحصاء 9299 ورغم ت ارجعه في التعدادات الموالية إذ قدر ب- 3340 حسب تعداد 9212 و حوالي – 1000 حسب تعداد 9222 إلا انه يظل العدد الأرفع بين مختلف معتمديات مجال الد ارسة.

القسم الثاني: ويظم كل من معتمدية الجريصة والكاف الشرقية اللتين سجلتا حاصلا هجريا ايجابيا. بالنسبة لمعتمدية الجريصة كان ذلك سنة 9212 إذ قدر الحاصل الهجري ب 990 أما الكاف الغربية فكان ذلك سنة 4002 بحاصل هجري9032. ويعزى الحاصل الهجري الايجابي المسجل في كلتا المعتمديتين إلى ارتقائهما الإداري إذ ارتقت الجريصة إلى بلدية منذ 9210 وارتقاء الكاف الغربية إلى معتمدية سنة 9222 وهو ما جعلهما تضمان العديد من المناطق السكانية التي لم تكن تابعة لهما. وبذلك يتضح أن الحاصل الهجري الايجابي لا يرتبط بقدرة هاتين المعتمديتين على الاستقطاب بفعل بنية

51

اقتصادية تجعلهما قادرتين على شد سكانهما من ناحية وجلب الأدفاق من ناحية ثانية، وانما مرتبط بق ارر سياسي يقضي بارتقاء منطقة معينة من صنف إلى آخر اذ سرعان ما انقلب هذا الحاصل الايجابي إلى سلبي مع الإحصاء الموالي بالنسبة لمعتمدية الجريصة

اذ قدر ب – 209 أما معتمدية الكاف الغربية فقد سجلت الحاصل الهجري الايجابي حسب آخر تعداد للمعهد الوطني للإحصاء. لذلك لا يمكننا معرفة ما إذا تواصل نسق الحاصل الهجري بشكل ايجابي أم ت ارجع إلى السلبي مثل نظيره بمعتمدية الجريصة.

ب. الهجرة حسب الوسط: أهمية النزوح الريفي ومحدودية الهجرة الحضرية

تفرض د ارسة الهجرة حسب الوسط مشكلا رئيسيا لاننا سنعتمد المعطيات التي يوفرها المعهد الوطني للاحصاء والحال أن هذا الأخير لا يقدم معلومات تتعلق بالهجرة حسب الوسط على مستوى مقياس المعتمديات وانما على مستوى مقياس أشمل والمتمثل في الولاية، باستثناء تعداد 9212، الذي قدم د ارسة مفصلة عن هجرة الريفيين والحضر كل على حده. ولسد هذه الثغرة استندنا للعمل الميداني فخصصنا استمارة للبحث في خصائص الهجرة ومدى اختلافها بين المجالين الحضري والريفي من جهة، سنستند في د ارسة هذا العنصر الى الإحصائيات التي يقدمها تعداد 9212 لانه يمكننا من الوقوف عند مدى تحول خصائص الهجرة عبر الزمن. وقد مكنتنا الاحصائيات سواء المتحصل عنها بعد معاينة احصاء 9212 أو التي وفرتها الاستمارة الميدانية من التوصل الى أن المجال الريفي لمنطقة الد ارسة شهد نزوحا ريفيا هاما وهي ظاهرة في تواصل مثل ما برهنت على ذلك الاستمارة الميدانية.

عرفت أرياف مجال الد ارسة على غ ارر أرياف الشمال الغربي نزوحا ريفيا مكثفا كانت بدايته في ثلاثينيات القرن العشرين وتأكدت في العشريات التي تلت الاستقلال. وقد بلغ عدد مغادري أرياف مجال الد ارسة 1200 مهاج ار حسب احصاء 9212 )أنظر خريطة عدد99(. وهي ظاهرة في تأكد متواصل )رسم بياني عدد9(، فعلى 001 مستجوب من أرياف مجال الد ارسة أكدت نسبة 91% منهم أن لهم اما جي ارن أو أقارب نزحوا الى المدن سواء أكانت مدن ولاية الكاف أومدن الواجهة الساحلية الشرقية خلال الفترة الممتدة من 4000-4094 )أنظر جدول عدد 9 في ملاحق الباب الأول(.

وبالنظر الى الرسم البياني عدد9 يمكن أن نتبين أن ظاهرة الهجرة ولئن بلغت حدتها في مختلف أرياف مجال الد ارسة حيث تجاوزت نسبة الإجابات الايجابية المقدمة من قبل المستجوبين عن السؤال الوارد في الاستمارة 30% فان النسب تبقى أرفع في الأرياف الجنوبية الغربية مقارنة بالأرياف الشرقية من ذلك أنها بلغت في أرياف قلعة سنان 12% و12.9% في أرياف معتمدية الڤصور. وقد اتجهت نسب هامة من هذه الأفواج النازحة الى مدن مجال الد ارسة وهو ما يفسر في جانب كبير منه" نمو للماركز الحضرية الاقليمية

بالعاطلين في انتظار الهجرة نحو الواجهة الساحلية الشرقية. وهذا يعني أن المدن الاقليمية تمثل مدنا مارحلا في طريق المهاجرين نحو مدن الساحل الشرقي أو نحو الخارج. ولكن أكبر الماركز هي ماركز منجمية أو ادارية تدعمت نسبيا بعد الاستقلال مثل تاجروين والجريصة والدهماني وخاصة الكاف") حافظ ستهم،9222(. يدفعنا مثل هذا المعطى للتساؤل عن مدى تواصل اضطلاع هذه المدن بوظيفة مدن م ارحل في ظل التحولات التي

تشهدها الهجرة أولا وفي ظل تأزم القطاع المنجمي بالنسبة للمدن المنجمية ثانيا وخاصة في ظل تطور وسائل النقل.

رغم هشاشة البنية الاقتصادية لهذه الم اركز الحضرية اذ تستند بالأساس الى قطاع الخدمات العمومية وهو غير قادر على الاستجابة الى مختلف طالبي الشغل فانها ما ازلت تستقبل نسب من الأفواج النازحة من أريافها قدرت حسب الاستمارة الميدانية بحوالي 22%.

لكن الملاحظة الجديرة بالذكر هي أهمية مدينتي الكاف وتاجروين في استقطاب

الافواج المهاجرة )جدول عدد1( حيث جذبت مدينة الكاف 20.22% من النسبة الجملية لهذه الأفواج المهاجرة من مختلف أرياف مجال الد ارسة باستثناء أرياف الجريصة والقلعة الخصبة فانهما يخضعان كليا الى نفوذ مدينة تاجروين. ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن أرياف تاجروين مُستقطبة بنسبة20.39% من النسبة الجملية للأفواج التي تجذبها مدينة الكاف. في المقابل استأثرت مدينة تاجروين بنسبة 20.22% من النسبة الجملية للأفواج النازحة. وهي أفواج قادمة بدرجة أولى من أريافها بحوالي 20.20% وبدرجة ثانية من أرياف قلعة سنان ثم من أرياف الجريصة والقلعة الخصبة )جدول عدد1(. ويفسر تفوق مدينة تاجروين على مدينة الكاف في استقطاب النازحين بعمق أزمة أرياف المجالات المستقطبة من طرف هذه المدينة وبقرب المسافة الفاصلة بين مناطق انطلاق النازحين ومدينة تاجروين. وفي المقابل فان أرياف مدينة الدهماني والسرس والڤصور ما ازلت قادرة –نسبيا- على شد السكان لانتشار المناطق السقوية بها. على ضوء هذه المعطيات نتساءل هل أن استقطاب هذه المدن للنازحين يعني أنها تحقق حاصلا هجريا ايجابيا؟ بالرغم من استقطاب مدن مجال الد ارسة لنسبة هامة من النازحين من أريافها الا ان الحاصل الهجري ظل سلبيا اذ قدر ب-4940 حسب احصاء 9212. ويعود ذلك الى أهمية عدد المغادرين باعتبار أن هذه المدن تمثل مجالات عبور. ويعود ذلك الى محدودية بنيتها الاقتصادية. وتمكننا د ارسة المي ازن الهجري لمختلف مدن مجال الد ارسة )خريطة عدد94( من التوقف عند مجموعة من الاستنتاجات أولها أهمية أعداد المهاجرين والذي يعكسه الحاصل الهجري السلبي. وثانيها تباين المي زان الهجري بين مدن مجال الد ارسة اذ يمكن أن نميز بين صنفين:

الصنف الأول: يظم المدن ذات المي ازن الهجري الايجابي وهي مدينة الڤصور)94.94%( والجريصة )2.04%( ومرد ذلك تمتعهما بمجموعة من التجهي ازت والخدمات بسبب ارتقاءهما الى م اركز معتمديات.

أما الصنف الثاني فيشمل المدن ذات المي ازن الهجري السلبي. وقد أثبتت الاستمارة الميدانية تعمق ظاهرة الهجرة الحضرية اذ فاقت أعداد المغادرين لهذه المدن الأعداد الوافدة اليها بكثير وهو ما عمق عجز المي ازن الهجري لهذه المدن حيث لم نسجل الى حدود 4094 أي مدينة ذات مي ازن هجري اجابي )أنظر خريطة عدد92(. وبالاضافة الى النزوح الريفي والهجرة الحضرية أثبتت الاستمارة الميدانية أن مجال الد ارسة يشهد أيضا الهجرة بين المدن لكن بأقل كثافة خاصة مقارنة بالنزوح الريفي. وقد بلغ عدد المهاجرين 21 مهاج ار خلال الفترة الممتدة بين 4000-4094 )جدول عدد2(. وتصب مجمل هذه الأدفاق في مدينتي الكاف التي استقبلت 44 مهاج ار وتاجروين ب90 مهاجرين. وهي هج ارت تخضع

الى عوامل سيسيومهنية حيث أثبتت الاستمارة أن 93.01% من النسبة الجملية للمهاجرين قد انتقلوا من مدينة الى أخرى بسبب تغيّر مكان العمل.

الهجرة حسب الجنس

لا بد في البداية ان نشير الى غياب المعلومات المرتبطة بالهجرة حسب الجنس على مستوى المعتمديات. فالمعهد الوطني للاحصاء والذي يمثل مصدر معلومتنا في هذا الصدد لا يوفر الا إحصائيات على مستوى الولاية باستثناء احصاء لسنة 4002. وعلى هذا الأساس فان تحليلنا سيقتصر فقط على خصائص الهجرة انطلاقا من هذا الأخير. وفي المقابل تضل اشكالية التحولات التي شهدتها الهجرة حسب الجنس على مستوى المعتمديات غير ممكنة. بالاعتماد على الرسم البياني عدد 0 و1 نتبين أن معتمديات مجال الد ارسة لا تشذ عن القاعدة العامة التي تميز كامل ولاية الكاف بالنسبة لمدى تباين أعداد المهاجرين حسب الجنس إذ يتساوى كلا الجنسين في مختلف معتمديات مجال الد ارسة بل إن صافي الهجرة السلبي للإناث يفوق ما هو عليه بالنسبة للذكور في معتمدية الكاف الشرقية إذ بلغ الأول ب 2020 أما الثاني فقدر ب2091. ويفسر هذا التساوي بين الجنسين على مستوى صافي الهجرة بدخول الم أرة بكثافة الى سوق الشغل اذ لم تعد مهمتها تقتصر فقط على العمل في المنزل وفي القطاع الفلاحي وانما انخرطت بحكم ارتقاءها المعرفي وحصولها

على الشهائد العلمية في العمل في القطاعات الاقتصادية الأخرى كالخدمات والصناعة الامر الذي مكنها من حرية التنقل. ويندرج ذلك في اطار التحول الفكري الذي يشهده المجتمع التونسي بصفة عامة

تصنيف المهاجرين حسب أسباب الهجرة

يعتبر البحث عن العمل من الأسباب الرئيسية للهجرة بالشمال الغربي بشكل العام وولاية الكاف بشكل خاص اذ سجلت هجرة العاطلين عن العمل99% حسب احصاء 9203 وهي بذلك تتجاوز النسبة الوطنية التي قدرت ب0%. وبالتوازي مع الركود الاقتصادي الذي تشهده الولاية فقد ارتفع عدد المهاج رين بحثا عن عمل لتبلغ النسبة 92.3% حسب احصاء 4002 من النسبة الجملية للمهاجرين مقابل 92.2% على المستوى الوطني. وبمعاينة الرسم البياني عدد2 نتبين أن الهجرة بحثا عن عمل تحتل المرتبة الثانية بالنسبة لمجال الد ارسة بعد مصاحبة العائلة التي تبقى الأرفع داخل مختلف معتمديات الد ارسة اذ تتجاوز 90% باستثناء في معتمدية الكاف الشرقية أين قدرت ب32.0%. وتتجاوز الهجرة بحثا عن عمل في كافة مجال الد ارسة 92% باستثناء معتمديتي الكاف الغربية والتي قدرت ب90.3% ومعتمدية الجريصة أين بلغت99%. ومقارنة ببعض معتمديات التل العالي فان مجال الدارسة لا يمثل حالة استثنائية اذ نلاحظ أن البحث عن عمل يعتبر السبب الرئيسي بعد مصاحبة العائلة في كل من الكريب ومكثر )ب42.9% و41.% بالنسبة للبحث عن عمل و90.1% و32.9%بالنسبة لمصاحبة العائلة( بل ان سبب البحث عن عمل يحتل المرتبة الأولى ضمن أسباب الهجرة في معتمدية كسرى من ولاية سليانة29.9% مقابل 29.9% بالنسبة لمصاحبة العائلة. في المقابل تظل الأسباب الاخرى مثل الد ارسة وش ارء مسكن ثانوية ولم تتجاوز في أحسن حالاتها ال93%.

61

خاتمة الفصل الأول

لقد تبين من العرض السابق أن الهجرة مثلت أقدم وجه من أوجه العلاقات التي جمعت الشمال الغربي بشكل عام ومجال الد ارسة بشكل خاص بمجالات بعيدة من خارج الت ارب الوطني- بما أنه مثل مجال استقطاب للمهاجرين من بلدان المغرب العربي ابان القرن ال92 وال40 – أوقريبة من وسط وجنوب البلاد التونسية باعتبار استقباله لرحلات الانتجاع. ومن الاستنتاجات التي أمكن التوصل اليها ضمن هذا الفصل هي أن العلاقات التي عقدها مجال الد ارسة والشمال الغربي بشكل عام كانت تتم عبر أريافه لا مدنه مستندا في ذلك الى المقومات الطبيعية التي تميزه. لكن مع ثلاثينيات القرن العشرين بدأت تبرز ملامح تحول داخل اقليم الشمال الغربي ومن ضمنه وسط وجنوب ولاية الكاف أفضت الى نقلة جذرية في تاريخ هذا الاقليم. اذ لم يعد قاد ار لا على استقطاب المهاجرين فحسب وانما أصبح أيضا غير قادر على شد سكانه. وسرعان ما تحولت بوادر الازمة التي عرفتها أرياف الشمال الغربي في ثلاثينيات القرن العشرين الى أزمة عميقة جعلت منه خ ازنا للمهاجرين باتجاه العاصمة. كان من نتائجها شبه اف ارغ الاقليم من سكانه اذ سجلنا ت ارجعا حادا في الكثافة السكانية خاصة في الارياف )انظر الباب الثالث( تحت تأثير الهجرة باعتبارها آلية من اليات إعادة تو زيع السكان داخل المجال. وفي حقيقة الامر فان هذه التحولات تندرج في اطار أشمل يتمثل في التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد.

لئن مثلت الهجرة الداخلية إحدى أهم الآليات للتحولات الاجتماعية والمجالية والاقتصادية للمجالات الجغ ارفية فان هذه الظاهرة )الهجرة الداخلية( تخضع بدورها لتفاعل مجموعة من الآليات التي تتحكم فيها. من أجل ذلك سنسعى في الفصل الموالي الى الكشف عن مختلف العوامل الكامنة وارء بروز وتنشيط ظاهرة الهجرة بمجال الد ارسة بصفة خاصة والشمال الغربي بصفة عامة .

المقدمة

لابد من التذكير في البداية بأن الهجرة بالبلاد التونسية بصفة عامة مرتبطة بعوامل الطرد المتعلقة بالمجالات المنفرة أكثر منها بعوامل الجذب بالمناطق المستقبلة. ذلك أن البنية الاقتصادية بمناطق الاستقبال لم تكن قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين، سواء بالنسبة لمدن الأقاليم الداخلية التي يؤكد حاصلها الهجري السلبي أنها لا تمثل إلا مدن عبور أو بالنسبة للعاصمة والشريط الساحلي وهو ما يتجلى من خلال بروز وتدعم القطاع غير المهيكل. بالاضافة إلى ذلك البناء الفوضوي الذي يشكل أبرز مظهر من مظاهر تحول المجالات الحضرية بفعل الهجرة.

من منطلق الارتباط الوثيق بين المعطيات المناخية والحياة الاقتصادية لسكان مجال الد ارسة القائمة بالأساس على الفلاحة ومن وارئها مختلف العلاقات التي ينسجها هذا المجال مع بقية المجالات سواء الناجمة عن ازدهار – نسبي – أو عن تأزم هذا القطاع نتساءل في البداية عن أي دور للمعطيات الطبيعية في اف ارز ظاهرة الهجرة بمجال الد ارسة بما أنها – المعطيات الطبيعية- مثلت في ما مضى السبب الرئيسي لجذب المهاجرين لإقليم الشمال الغ ربي ومن ضمنه مجال الد ارسة.

I. الضغوطات التي يفرضها الوسط الطبيعي : قساوة الظروف الطبيعية ينتمي مجال الد ارسة الى اقليم التل العالي وهو أرفع اقليم بالبلاد التونسية اذ يبلغ معدل ارتفاعه 000م مقابل 400 م على المستوى الوطني.. هذا الموقع الجغ ارفي يفرض عدة ضغوطات حيث يُعرف مجال الد ارسة بتعاقب المرتفعات والسهول الأمر الذي يحول دون تكون وحدة طبيعية متجانسة. فالجبال تجعل من السهول وحدات تضارسية منفصلة عن بعضها البعض. وهو ما يشكل الى حد ما عائقا أمام مكننة العمل الفلاحي بالاضافة الى تنشيط عنصر التعرية.

1. التضاريس:أهمية المرتفعات وانحسار السهول

يعتبر مجال الد ارسة على غ ارر اقليم التل العالي منطقة مرتفعة اذ يت اروح الارتفاع بين

200 و9409م. وتمثل الجبال السمة الرئيسية لتضاريس مجال الد ارسة وهي ذات اتجاه جنوبي غربي –شمالي شرقي و يترواح ارتفاعها بين000 و9409م. ويبدو الجزء الجنوبي من مجال الد ارسة الأكثر ارتفاعا )خريطة عدد92( اذ نجد به أعلى القمم الجبلية التي تفوق ال9000م من قبيل جبل سلاطة )معتمدية تاجروين(9902 م وع ارڤيب عڤاب 9902م ومائدة يوغرطة9409م كاف الربيبة 9012م وجبل الدالة 9023م وجبل مزيتة

9030م وجبل الكناكيش 9022م جبل بوجابر9021م )من معتمدية قلعة سنان(، جبل بولحناش9420م )القلعة الخصبة( جبل السمدة 9092م وجبل العمود9033م وجبل الجلاز9044م وجبل بوغرفة9022م وجبل بوغفة9093م )من معتمدية الڤصور(.

بالاضافة الى الجبال التي لا يتجاوز ارتفاعها ال9000م من قبيل جبل الحميمة 910م )قلعة سنان( وجبل الجريصة 122م وجبل السيف بالقلعة الخصبة 139م وجبل كاف السلوڤي092م وجبل هود 100م )من معتمدية تاجروين( وجبل الحديدة 241م )من معتمدية الڤصور(… يأخذ الارتفاع في الت ارجع كلما اتجهنا الى الشمال اذ تت ارجع المرتفعات الى دون 9000م باستثناء البعض منها على غارر دير الكاف 9013م. ومن بين هذه الجبال نذكر على سبيل المثال لا الحصر جبل الأربص 031 م )من معتمدية السرس(. وجبل ابة 140م ) من معتمدية الدهماني(. تتخلل هذه الجبال مجموعة من السهول التي يت اروح معدل ارتفاعها بين 200 و900 م لذلك فانها تبدو وكأنها "مجال سهول عليا") الصديق الفازعي،4002(. ويمكن أن نميز سبعة سهول موزعة داخل مجال الد ارسة كالتالي:

 السهول الجنوبية – الغربية: تتمثل في سهل أولاد بوغانم يحد هذا السهل واد ملاڨ من الشمال وقلعة سنان من الجنوب تتخلله بعض المرتفعات من قبيل جبل الحميمة )910 م( أما حدوده الشرقية فتتماهى تقريبا مع واد سارط. يعتبر هذا السهل أفسح سهل بمجال الد ارسة.

سهل الزغالمة يحده واد سارط من الجنوب والشرق في حين تحده من الشمال مجموعة من المرتفعات من قبيل جبل مزيتة وجبل بوجفنة وع ارڤيب عڤاب …

سهل الخمامسة ينتمي أكبر جزء من هذا السهل اداريا الى معتمدية الجريصة والبعض منه الى معتمدية القلعة الخصبة. يحده من الجنوب جبل بولحناش ومن الشمال جبل الجريصة. أما الشرق فتحده مجموعة من الجبال على غ ارر جبل الحديدة وجبل العياطة وجبل الڤ ارعية.

سهل الحوض يقع شرق مدينة تاجروين يحده من الشمال جبل الهود ومن الغرب جبل الكاف الباردة ومن الجنوب كاف السلوڤي. ينتمي هذا السهل اداريا الى معتمدية تاجروين.

ويعتبر من أصغر السهول بمجال الد ارسة ) خريطة عدد92(

سهل عڤلة شارن أو ما يع رف أيضا بسهل سيدي مطير. يقع هذا السهل شمال مدينة تاجروين ،تشقه الطريق الوطنية رقم 90 ويحده من الشمال الطريق الوطنية عدد3 ومن الشرق واد الرمل. ويمثل واد سارط حده الغربي.

 السهول الشرقية لمجال الد ارسة: تتمثل في سهل الكاف-الزعف ارن ويعتبر هذا السهل مجال امتداد مدينة الكاف اذ به يتركز المركب الجامعي بالتجمع القروي ببوليفة . يتخلل هذا السهل مجموعة من المرتفعات مثل ع ارڤيب القمرة )012م( وجبل الع ارڤيب )102م( ويحده من الجنوب جبل الأربص. يشقه مجموعة من الأودية على غ ارر واد الطين وواد السواني.

سهل الزوارين- عبيدة: ينتمي اداريا الى معتمدية الدهماني. يحده من الشمال جبل الأربص، من الشرق مجموعة من المرتفعات مثل جبل بونادر)192 م(، وجبل العالي الاحمر)012م( أما من الغرب فيحده جبل ابة. يشق هذا السهل واد تاسة. ضف الى ذلك الطريق الجهوية 909 والسكة الحديدة المؤدية الى معتمدية القلعة الخصبة.

سهل السرس: يعتبر هذا السهل أكثر امتداد من سهل الزوارين-عبيدة. يمثل جبل ميزة

)010م( حدوده الشمالية ومن الشرق يصل الى "حدود مرتفعات جبل مسوج"

(.Makhlouf.E.1968(. يشق هذا السهل واد تاسة وفروعه من ذلك واد عمير، وواد المالح وواد زنفور…

لئن شكلت هذه المرتفعات في الفترة الاستعمارية ملجأً للفلاحين الذين أطردوا من

أ ارضيهم بسبب "الاستحواذ الاستعماري على أخصب الاارضي الزارعية في السهول وعلى الربوات")حافظ ستهم،9219( فاستغلوا السفوح الجبلية لزارعة الحبوب فإنها وبعد الاستقلال كانت عائقا أمام مكننة العمل الفلاحي من ناحية وعاملا مساعدا على تنشيط ظاهرة التعرية من ناحية ثانية باعتبار انتشار الأخاديد على مستوى سفوح الجبال خاصة وأنها ما ازلت مستغلة من طرف الفلاحين الصغار. ذلك أن السهول تكاد تكون محتكرة من قبل

"المازرعين الكبار والضيعات الدولية وشركات التنمية بينما تقتصر أارضي الفلاحين الصغار غالبا على أارضي السفوح الجبلية والحادوارت المحجرة المعرضة للانجارف وذات الترب

الفقيرة" )المصدر السابق(. فهل شكلت هذه الضغوطات الطبيعية والمتمثلة في هيمنة الجبال على السهول العامل الطبيعي الوحيد المنفر للسكان أم تضافرت مع عدة معطيات طبيعية أخرى لتجعل من مجال الد ارسة مجالا غير قادر على شد سكانه؟

2. ضغوطات مناخية: التباين الزمني والمجالي للأمطار

ينتمي مجال الد ارسة إلى تونس التلية التي تتميز بمناخ متوسطي غير أن موقعه الداخلي- بعده عن البحر- يجعله تحت تأثير عامل القارّية بشكل واضح حيث يُعرف بشتاء بارد وقاس )انخفاض درجات الح اررة، تساقط الثلوج بشكل كثيف على الجبال والرُبى" مشهد4" ،أهمية ظاهرة الجليد – ما يعرف محليا بالجليدة- عادة ما تكون بأكثر كثافة في فصل الربيع، يضاف إلى ذلك تساقط البرد(. أما في فصل الصيف فان السهول تصبح تحت تأثير الرياح القارية خاصة الشهيلي "sirocco". طبعت هذه الخصائص العامة كامل مجال الد ارسة لكن بشكل متفاوت باعتبار انتماءه إلى أنظمة مناخية مختلفة )أنظر الخريطة عدد93(، ذلك أن الطابع المميز لتضاريس هذه المنطقة يعرف، كما سبق وأشرنا، بالتقطع

مما يجعل من المعطيات المناخية مختلفة بين السهول والمرتفعات وبين السهول فيما بينها وهو ما يؤثر بشكل متفاوت بين مناطق مجال الد ارسة على مستوى اشتغال الأرض.

إذ تبينا من خلال العمل الميداني عبر اللقاءات التي أجريناها مع الفلاحين أن السهول الشرقية تمثل الحد الجنوبي الغربي لتعاطي الزارعات الكبرى بشكل متواصل. في المقابل كلما اتجهنا إلى الجنوب والغرب الا وسجلنا تقطعا في زارعة الحبوب وانتشا ار لتربية الماشية الجاهدة وذلك بالتوازي مع ت ارجع كميات الأمطار المسجلة.

انطلاقا من الخريطة )عدد93( نتبين أن مجال الد ارسة يغلب عليه بشكل عام النظام المناخي شبه القاحل" semi –aride " وهو ما يعني أن كميات الأمطار التي يسجلها لا تتجاوز نظريا 200 مم. كما تبرز نفس الخريطة اختلافا بين مناطق مجال الد ارسة حيث يغلب على المنطقة الشمالية والشرقية النظام المناخي شبه القاحل المتوسطي "semi –aride moyen" باستثناء بعض المناطق من ذلك يظهر المناخ سهل الكاف الزعف ارن أين نسجل حضور المناخ شبه القاحل العلوي"semi-aride supérieur". في المقابل تخضع المنطقة الغربية والجنوبية إلى النظام المناخي شبه القاحل السفلي "semi – aride inferieur" باستثناء مرتفعات مائدة يوغرطة بقلعة سنان والمرتفعات القريبة منها مثل جبل" مزيتة" الذي يتميز بمناخ شبه قاحل متوسطي"-semi aride moyen". مؤدى هذا أن التساقطات التي تسجل بمجال الد ارسة تعرف توزعا مجاليا متباينا تبعا لتباين الأنظمة المناخية من ناحية واختلاف التضاريس من ناحية ثانية وفي هذا الإطار نركز الاهتمام على عنصر الأمطار باعتبارها المحدد الرئيسي لنجاح أو فشل موسم فلاحي بأكمله للمنطقة قيد الد ارسة.

في منطقة تعرف بتقطع تضاريسها )تعاقب السهول والجبال( يضاف الى ذلك الاهمية العددية للجبال )أنظر عنصر التضاريس( فمن الأكيد أن يكون لذلك تأثير على التوزع المجالي للأمطار. فإذا كانت المرتفعات تسجل كميات تتجاوز 200 مم و300 مم سنويا فان الكميات التي تسجلها السهول تكون أقل وتصل إلى دون 430 مم. ويعزى ذلك إلى موقعها الجغ ارفي. واستنادا إلى خريطة تساوي الأمطار)خريطة عدد99( والى المعدل السنوي للأمطار ببعض محطات مجال الد ارسة )نستثني مكثر التي لا تنتمي إلى المجال المدروس ولكن وقع اعتمادها لقربها الشديد من الڤصور( يتضح أن كميات الأمطار تأخذ في الت ارجع من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب حيث تتباعد خطوط تساوي الأمطار في المنطقة الجنوبية بشكل عام لكن تتباعد في المنطقة الجن وبية الغربية إذ نسجل كميات أمطار دون230 مم في سهل القلعة الخصبة وسهل تاجروين "بسبب موضعها المحمي"position d'abri "بالمرتفعات الجبلية من الغرب بفعل المرتفعات الحدودية مع القطر الجازئري، من الشمال مرتفعات مجردة ومن الشرق بجبال وهضاب التل العالي من قبيل بولحناش، جبل الحوض، جبل صدين ومرتفعات الكاف ]….[ 1980(.Henia.L(. في المقابل ترتفع كميات الأمطار الى210 مم و200 مم وحتى 230 مم باتجاه الشرق و349.1 مم كمعدل سنوي بالنسبة لمحطة الكاف )انظر الجدول عدد90(.

جدول عدد 90: توزع مجالي متفاوت للأمطار

وحسب الأستاذة لطيفة هنية (1980.Henia.L( فان نقص الإمطار في النظام المناخي شبه القاحل يتجسم من خلال تواتر السنوات التي يكون فيها مجموع الهطول أقل من200 مم. وقد بلغ هذا الأخير 92% في سهل القلعة الخصبة وتاجروين. كما أن نسبة الهطول دون 200 مم تبلغ ذروتها بالمنطقة الجنوبية الغربية إذ قدرت ب90% بمحطة تاجروين و33% بمحطة الجريصة و92% فقط بمحطة الكاف )جدول عدد 99( و24% بمحطة ابة الڤصور )الدهماني حاليا(. وبذلك فان نسبة السنوات دون 200 مم ترتفع كلما اتجهنا من الشمال باتجاه الجنوب والغرب مما يعني أن المنطقة الغربية والجنوبية جافة أكثر من المنطقة الشمالية والشرقية.

وفي واقع الحال فان هذا التقسيم لمجال الد ارسة من خلال خطوط تساوي الأمطار والمعدل السنوي للأمطار يتوافق تقريبا مع تقسيم المجال إلى منطقة فريڤا والتي ترتفع فيها كميات الأمطار ويكون فيها تعاطي الزارعات الكبرى بشكل منتظم والمنطقة الخارجة عن فريڤا والتي تشهد نقصا في كميات الأمطار مما يجعل الفلاحة تشهد تأزما يتجسم من خلال نقص الإنتاج وضعف التشغيل.وهو ما انعكس على طبيعة العلاقات التي يعقدها هذا الجزء

71

خريطة عدد99: توزع متباين لكميات الأمطار بولاية الكاف

من مجال الد ارسة مع المجالات الأخ رى، الامر الذي يؤكد أن مجال الد ارسة ما ازل يخضع الى التقسيم الجغ ارفي القديم القائم على المعطيات الطبيعية وخاصة عنصر الأمطار. في المقابل تبقى العوامل الاقتصادية الاخرى ثانوية باعتبار أن اقتصاد المنطقة قائم على الفلاحة. وهذه الاخيرة ما ازلت في تبعية للمعطيات الطبيعية.

هذا التباين المجالي لتوزع الأمطار بين أج ازء المنطقة قيد الد ارسة يتدعم بتوزع زمني متباين سواء بالنسبة لكامل المجال أو بين أج ازئه. لد ارسة التغير الزمني للأمطار بمجال الد ارسة

اعتمدنا معامل التغير السنوي للأمطار "coefficient de variation annuel" لأنه يعكس تغير معدلات الأمطار السنوية )جدول عدد90(. يتاروح هذا المعامل بين 0.42 و0.29 بكامل مجال الد ارسة. ويعتبر"مرتفعا نسبيا").Henia.L.1980( مما يكشف عن أهمية تباين التوزع السنوي لكميات الأمطار. بالاضافة الى ذلك فان معامل التغير السنوي للأمطار يأخذ في الارتفاع كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب )0.42 بمحطة الكاف يقابلها 0.29 بمحطة الڤصور(. كما يرتفع كلما اتجهنا من الشرق إلى الغرب من ذلك: بلغ هذا المعامل 0.40 بمحطة مكثر ليبلغ 0.29 بمحطة تاجروين. وهذا يعني أن التوزع السنوي المتباين للأمطار يشتد في المنطقة الخارجة عن فريڤا. يضاف إلى هذا التوزع السنوي المتباين للأمطار توزعا فصليا شديد التباين سواء على المستوى الزمني أو/و المجالي. فلئن احتل فصل الصيف المرتبة الأخيرة في كميات الأمطار بالنسبة لجميع المحطات وفصل الخريف المرتبة قبل الأخيرة فان الوضعية تختلف بالنسبة لفصل الشتاء والربيع إذ تبلغ الأمطار ذروتها في فصل الشتاء بالنسبة للمنطقة الشمالية والشرقية في حين يحتل الربيع المرتبة الثانية )جدول عدد 94(. أما بالنسبة إلى المنطقة الغربية والجنوبية فيت ارجع فصل الشتاء إلى المرتبة الثانية لصالح فصل الربيع. من هذا المنطلق نتبين أن النظام المطري المتوسطي "

régime pluviométrique méditerranéen" الذي يميز تونس التلية – أين تكون أمطار الفصول الباردة )شتاء وخريف( هي المهيمنة. وفي المقابل يكون الصيف جاف جدا – يأخذ في الت ارجع باتجاه التل العالي ليشتد ت ارجعه في المنطقة الجنوبية والغربية أين يسود النظام المطري القاري "pluviométrique marqué par la continentalité régime " وذلك تحت تأثير عامل القاريّة حيث ترتفع كميات الأمطار في فصل الصيف مقارنة بأمطار الصيف في المنطقة التي التربة بكلا المجالين وجود خاصيتين أساسيتين تتمثلان في

يسودها النظام المطري المتوسطي. كما يعرف مجال الد ارسة سنوات جفاف تكون أحيانا متتالية من ذلك سنة 9222 و9223 وقد تكون متفرقة مثل 4000 و4004. نسجل في المقابل أمطا ار استثنائية تكون في فترة وجيزة مثال سبتمبر 9292 حيث سجلنا بتاجروين 919مم والدهماني 493مم والقلعة الخصبة 920مم والجريصة 910مم. لهذا التورع الزمني المتباين للأمطار تأثير سلبي على القطاع الفلاحي. ذلك أن سنوات الجفاف تؤدي إلى ضعف الإنتاج الزارعي وت ارجع الم ارعي الطبيعية التي تمثل ركيزة نشاط تربية الماشية.

ان التقلبات المناخية المتمثلة بالاساس في التباين الزمني للأمطار بين الفصول وبين السنوات له انعكاس لا فقط على تربية الماشية من حيث ت ارجع الم ارعي الطبيعية وانما تاثر أيضا في عناصر الوسط الطبيعي حيث تتفاعل الامطار الغزيرة خاصة منها تلك المتركزة في فترة زمنية وجيزة مثل أمطار 9292 مع خصائص التضاريس التي تعرف بانحدا ارت قوية لتؤثر في نوعية الترب التي ولئن بدت متنوعة الا أنها لا تخفي تقدم مستويات التعرية.

3. ترب متنوعة رغم تقدم مستويات التعرية

مما لا شك فيه أن مدى ث ارء التربة بماهي عنصر من عناصر الوسط الطبيعي من عدمه يحدد مدى تعدد الأنشطة الفلاحية ومن وارئه ث ارء الإنتاج والعلاقات لمنطقة معينة.

على هذا الأساس نتساءل عن خصائص التربة بمجال الد ارسة ومدى تجانسها. ذلك أن المرور من مجال ينتمي إلى مناخ شبه قاحل متوسطي – منطقة فريڤا- إلى مجال ينتمي الى مناخ شبه قاحل سفلي – المنطقة الخارجة عن فريڤا- لا يمكن أن يمرّ دون أن يطبع ترب المجال الأول بخصائص مختلفة عن ترب المجال الثاني. ما يلفت الانتباه عند د ارسة التنوع وتقدم مستويات التعرية هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية فان الاختلاف بين المجالين يبدو واضحا للمتنقل بين المجالين اذ تأخذ التربة ذات اللون البني الداكن والتي تعرف محليا بالتربة "السودة" وهي تربة خصبة تساعد على تعاطي الأنشطة الفلاحية في الت ارجع كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لتأخذ مكانها الترب ذات اللون البني الفاتح والتي تعرف محليا بالتربة "الحم ار" والتربة ذات اللون الأبيض والتي تأخذ اسم " البيّاضة " محليا. فماهي خصائص هذه الترب؟

تعرف منطقة فريڤا بانتشار التربة القليلة التطور ذات الطمي النهري " "Les sols peu

évolués d'apport fluviatile. وتختص هذه الترب "بعمقها وبنسيج متنوع ومستقر ومقاوم للتعرية " )Ministere de l’Agriculture,2003( والترب الترسيّة " Les vertisols" وهي ترب "عميقة أكثر من 9.3 م")المصدر السابق( لذلك فإن لها قدرة على خزن كميات هامة من المياه… وهي غنية نسبيا بالمواد العضوية. ومن خصائصها أيضا أنها كثيرة الشقوق" Fentes" مما يمكنها من امتصاص مياه الأمطار في فصل الخريف ومنعها من السيلان.

"وقد أثبتت التجربة أن هذا النوع من التربة له م ردود عال بالنسبة للحبوب وللزارعات الكبرى بشكل عام" )المصدر السابق(. كما نسجل وجود الترب الميّهة " Hydromorphes" في مروج السرس والزوارين. في المقابل تنتشر في المنطقة التي لا تنتمي إلى فريڤا الترب المعدنية" Sols minéraux bruts" التي تعرف بكونها" فيسيفساء " mosaïque" من الترب المكونة على الترب المتماسكة ) الكلس والصلصال- الكلس " -"calcaires et marnocalcaires( والمتكونة كذلك على الصخور المفتتة. ) الطين الجيري والصلصال"marne et "argile( لذلك فإنها ترب معرضة إلى التعرية أكثر من غيرها. كما تعرف هذه المنطقة بانتشار التربة قليلة التطور ذات الطمي الحُضيّيLes sols peu évolués d'apport colluvial" التي تتركز بأسفل السفوح المنحوتة "Les bas versants marneux érodés" والأخاديد "ravinements" وهي ترب معرضة دائما إلى التعرية بدرجة كبيرة" )المصدر السابق(. كما تنتشر في مرتفعات تاجروين والجريصة الترب الصخرية "Lithosols" المتكونة على الصخور المتماسكة وهو ما يجعلها مقاومة للانج ارف. هذا الاختلاف للترب داخل مجال الد ارسة لا ينفي انتشار بعض من أنواع الترب بكامل مجال الد ارسة على غ ارر الترب البنية الكلسيّة "sols bruns calcaires" "وهي ت ربة متوسطة العمق لكنها غنية بالمواد العضوية وهو ما يجعلها خصبة")المصدر السابق( وان كان انتشارها بشكل متباين بين مختلف مناطق المجال الد ارسة. بالاضافة الى الترب الصخرية "Regosols" تتكون هذه الترب على الصخور المفتتة وهو ما يجعلها عرضة للتعرية والانج ارف. ويشت رك سهل القلعة الخصبة مع منطقة فريڤا في الترب الترسيّة "Les vertisols" والتربة القليلة التطور ذات الطمي النهري "Les sols peu évolués d'apport fluviatile "

بسبب طبيعة التضاريس وخصائص المناخ لا سيما منها الامطار والعوامل البشرية تعرف التربة بتقدم مستويات التعرية.

لد ارسة التعرية اعتمدنا على الم ارجع المكتبية التي تعرضت الى خصائص التربة بمجال الد ارسة وبالتل العالي بشكل عام. الى جانب ما توصلت اليه الد ارسة المنجزة من قبل وازرة الفلاحة سنة4002 في ما يتعلق بالتخطيط لمنشئات المحافظة على المياه والتربة بولاية الكاف. بالإضافة الى الد ارسة التي أنجزتها وازرة البيئة والتنمية المستديمة سنة 4009 في اطار البرنامج الجهوي للمكافحة ضد التصحر الخاص بولاية الكاف. وحسب هاتين الد ارستين بلغت المساحة التي شملتها ظاهرة التعرية 301900 هك بكامل ولاية الكاف.

وبالاستناد الى درجة ق وة التعرية صنفت الد ارستان السابق ذكرهما الترية الى أربعة أصناف )خريطة عدد90(:

" érosion très faible"تعرية محدودة جدا

تعرية محدودة /ضعيفة "érosion faible"

"érosion moyenne " تعرية متوسطة

"érosion forte " تعرية قوية

وقد شملت التعرية من الصنف المتوسط أكبر مساحة اذ قدرت ب922200هك من المساحة الجملية التي تعرضت الى التعرية بولاية الكاف وهو ما يمثل حوالي 21%. تليها في ذلك التعرية من الصنف القوي بنسبة 42%. وفي المقابل بلغت المساحة التي تعرضت الى تعرية محدودة 903000هك )49%(. في حين قدرت نسبة التعرية من الصنف المحدود جدا ما يناهز 91%. كل هذا يجعلنا نؤكد على أهمية ظاهرة التعرية في صنفيها المتوسط والقوي اذ بلغت حوالي99% من النسبة الجملية للأ ارضي التي شملتها التعرية.

بالاعتماد على خريطة التعرية لولاية الكاف )خريطة عدد90( والجدول عدد92 يتضح أن التعرية بشكل عام تهم كامل مجال الد ارسة. في حين تهم التعرية المتوسطة والقوية المناطق ذات التضاريس المرتفعة والوعرة أين يكون الانحدار متوسط أو قوي من ذلك المنطقة الموجودة بين سهل الكاف- الزعف ارن والأربص على مستوى جبل كبوس في الضفة اليسرى لواد السواني أين نسجل انحدا ار قويا. وفي المقابل فان التعرية المحدودة تهم المناطق السهلية ذات الانحدا ارت الضعيفة من ذلك سهل القلعة الخصبة في الجنوب الشرقي لمجال الد ارسة أو سهل أولاد بوغانم من معتمدية قلعة سنان. )لمعرفة مواقع السهول والجبال أنظر خريطة التضاريس عدد92(. غير أن هذا الانتشار لظاهرة التعرية بكامل ولاية الكاف بشكل عام وبمجال الد ارسة بشكل خاص لا يجب أن يخفي عنا التفاوت في مستويات التعرية بين مختلف الاحواض السفحية لمجال الد ارسة )جدول عدد92( وفي هذا السياق نشير الى أننا سنركز اهتمامنا على مجال الد ارسة. تبلغ التعرية من صنف المتوسط والقوي نسبة 00.2% من النسبة الجملية للتعرية المتوسطة والقوية لكامل ولاية الكاف في سافلة سارط و39.1% في عاليته لتصل الى حوالي 02% في ملاڨ الأوسط. وفي المقابل فان هذه النسب لم تتجاوز 33% بالنسبة للأحواض السفحية الثانوية المنتمية للحوض السفحي لواد تاسة من قبيل الذكر فقد بلغت نسبة التعرية المتوسطة والقوية بالحوض السفحي لعالية واد الحطب20.1% و22.2% لحوض واد تاسة السفلي من النسبة الجملية للتعرية المتوسطة والقوية )جدول عدد92(.

تعتبر التعرية نتيجة تفاعل مجموعة من العوامل منها الطبيعية )التضاريس، نوعية التربة ،الغطاء النباتي( وأخرى بش رية. ولئن بدت العوامل الطبيعية ذات أهمية كبيرة خاصة منها التضاريس بسبب تضرّسها وتج زئها. بالاضافة الى قوة الانحدا ارت من ناحية وأهمية الانقطاعات المسجلة " ruptures de pentes " بها مما يُعرض السهول إلى تعرية شديدة وان كانت منخفضة ذلك أن هذه الانحدا ارت تمثل في ذات الوقت منطقة تجميع وتوزيع لمياه السيلان. تجد هذه العناصر أرضية خصبة في الترب التي تختص في أغلبها

بمحدودية تماسكها "peu cohérente" وبنسيجها الخشن "Texture grossière" لتشكل بذلك أبرز العوامل الطبيعية للتعرية. إلا أن ذلك لا يحد من أهمية العوامل البشرية في إف ارز

ف

ظاهرة التعرية والتي تتمحور أولا في أهمية قطيع تربية الماشية )لا سيما منه الأغنام( الذي يشكل ضغطا على الغطاء النباتي – بطبيعته متدهور- خاصة وأن تربية الماشية تتم بطريقة تقليدية اذ تعتمد على الم ارعي الطبيعية التي ما فتئت تت ارجع أمام اتساع زارعة الحبوب الى جانب ارتباطها الوثيق بالأمطار.

وقد أكدت الد ارستان السابق ذكرهما على عامل الممارسات الزارعية التي تعتبر غير مناسبة لطبيعة التضاريس. وتتمثل بالأساس في الحرث في نفس اتجاه الانحدار وهو ما يسرع في ظاهرة التعرية بالمناطق الزارعية. وبذلك فان هذه الوضعية تعكس هشاشة العلاقة بين السكان ومحيطهم الطبيعي. وللحد من هذه الظاهرة أي تقدم مستويات التعرية تدخلت الدولة في المجال الريفي في اطار است ارتيجية وطنية للمحافظة على المياه والتربة.

اذا في ظل الضغوطات التي يفرضها الوسط الطبيعي مثل هيمنة الجبال على التضاريس وتقدم مست ويات التعرية وخاصة قلة الأمطار وعدم انتظامها بين الفصول والسنوات وتوزعها المجالي المتباين بين المنطقة الشمالية الشرقية التي تحظى بكميات أمطار تمكنها من تعاطي الزارعات الكبرى بشكل متواصل وأخرى جنوبية غربية لا تستجيب كميات الامطار التي تستقبلها دائما الى حاجيات الزارعات الكبرى نتساءل عن المقومات التي يتيحها الوسط الطبيعي سيما تلك المتعلقة بالموارد المائية وما يمكن أن توفره من حافز للحد من حساسية المناخ والإنتقال بالقطاع الفلاحي من قطاع محدود المردودية لارتباطه بالمعطيات الطبيعية إلى قطاع عصري يتميز بنسب تكثيف عالية وأنظمة إنتاج حديثة … من خلال إنجاز مشاريع التهيئة المائية. اذ أن هناك علاقة تلازم بين التهيئة المائية والتنمية المتعددة الأبعاد )الفلاحية، الاقتصادية، الاجتماعية( خاصة في المجالات التي يعتمد إقتصادها على القطاع الفلاحي. فالتهيئة "تمثل في كل الحالات مسار تعديل متواصل لبنية المجال رغم ما تمثله هذه البنية من تصلب وجمود")الشريف عبدالله ،9223(.

II. المقومات الي يتيحها الوسط الطبيعي: شبكة مائية كثيفة نسبيا

بالرغم من تأكيد الد ارسات التي اهتمت بالتهيئة المائية في الماضي على التوزع الجغ ارفي للمنشآت المائية على كامل الت ارب الوطني، اذ شكلت عنص ار رئيسيا في تهيئة المجال الريفي، فان المجال قيد الد ارسة لم يشهد مثل هذه المنشآت على غ ارر تلك التي انجزت في الساحل والجنوب التونسي باستثناء البعض منها مثل الآبار التي مثلت أهم شكل من أشكال

التهيئة المائية بأرياف مجال الد ارسة بالرغم مما يفرضه الوسط الطبيعي من ضغوطات تدفع السكان الى البحث عن است ارتيجيات لتجاوز حساسية المناخ محاولين قدر الامكان استغلال ما يتيحه الوسط الطبيعي من مقومات التي من شأنها ان تشكل مرتك از لاقتصاد مجال الد ارسة بصفة خاصة وولاية الكاف بشكل عام باعتبار أن اقتصاد الولاية يعتمد على القطاع الفلاحي. ففيما تتمثل هذه المقومات؟ وما مدى الإستفادة منها عبر تهيئتها؟

1. مياه سطحية هامة تشكو من محدودية التحكم فيها

يتميز مجال الد ارسة بشبكة مائية كثيفة )خريطة عدد91( منها أودية دائمة السيلان وأخرى موسمية. ويمكن حصر الأودية دائمة السيلان في ثلاثة أودية رئيسية: يمثل كل من واد سارط وواد الرمل أبرز روافد واد ملاڨ. أما الواد الثالث فيتمثل في واد تاسة وهو من روافد واد مجردة. ولهذه الأودية الرئيسية عدة روافد )واد عمير، واد السواني، واد الحطب…( مما يجعل من مجال الد ارسة منطقة ذات موارد مائية سطحية هامة نسبيا. يت اروح صبيب هذه الأودية الثلاثة بين0.3 ل/ث و9.2 ل/ث )2003.Ministere de l’Agriculture(. غير أن مياه هذه الأودية تعرف بدرجة ملوحة تتجاوز2غ/ل في أغلبها. بالاضافة الى انخفاض صبيب هذه الاودية الي أقل من 0.3 ل/ث اذا تتالت سنوات الجفاف )المصدر السابق( خاصة واد سارط. علما وأن مجال الد ارسة يشترك مع ولاية الڤصرين في واد سارط ومع ولاية سليانة في واد تاسة. وعموما فقد قدرت الموارد المائية المعبئة بكامل ولاية الكاف سنة4094 ب 929 م م2 )ولاية الكاف في أرقام4094( أي بنسبة تعبئة تقدر بحوالي39% ذلك أن الموارد القابلة للتعبئة تقدر ب403 م م2 )ولاية الكاف في أرقام4094(. ضف الى ذلك أن نسبة استغلال الموارد المعبئة تقدر ب91.22%. تدفعنا مثل هذه الأرقام للتساؤل عن خصائص تهيئة مياه السيلان بمجال الد ارسة بصفة خاصة وبولاية الكاف بصفة عامة. الى جانب البحث في أسباب تأخر تعبئة هذه الموارد من ناحية ومحدودية استغلال المعبئة منها من ناحية ثانية في ظل ما يطرحه المناخ من ضغوطات كان لها انعكاسات سلبية على القطاع الفلاحي ومن وارءه الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان بصفة عامة.

81

بالرغم من أهمية مياه السيلان التي تميز مجال الد ارسة الا أننا نسجل غيابا كليا للسدود بالرغم من الاهمية التي حضي بها هذا الصنف من التهيئة المائية في است ارتيجية الدولة التونسية في اطار السعي الى التحكم في الموارد المائية. فالى حدود سنة4092 لا يوجد بمجال الد ارسة أي سد باستثناء سد سارط والذي ما ازل في طور الإنجاز. وفي هذا الاطار نشير الى التعثر الذي يشهده في مختلف م ارحل انجازه حيث كان من مبرمج انجازه خلال أربع سنوات انطلاقا من 4009 الى حدود 4090 لكنه ما ازل لم ينته الى حد جوان 4099، )مشهد عدد2( ومن المتوقع حسب أحد المهندسين المشرفين

على الأشغال أن ينتهي في حدود 4099-4090، وأن يتحكم هذا السد الى جانب سد واد تاسة- ما ازل لم يشرع في انجازه- في حوالي 90 م م2. في المقابل بلغ عدد البحي ارت والسدود الجبلية 23 بكامل ولاية الكاف منها 92 توجد بمجال الد ارسة سنة 4094.

بلغ عدد البحي ارت الجبلية 09 بحيرة بولاية الكاف )29 بحيرة بمجال الد ارسة( بطاقة استيعاب تقدر ب9420 م م2 و42 سدا جبليا )91 سدا جبليا بمجال الد ارسة( بطاقة استيعاب تقدر ب22223م م2. )المعهد الوطني للاحصاء ،ولاية الكاف في أرقام ،4094( ويعتبر هذا العدد محدودا مقارنة بعدد هذه المنشآت المائية ببقية ولايات الشمال الغربي

)جدول عدد92(. تتوزع البحي ارت والسدود الجبلية على

كامل معتمديات مجال الد ارسة مع تفاوت في العدد )خريطة عدد92(. اذ تحتكر معتمدية تاجروين نسبة 41.49% من النسبة الجملية للبحي ارت الجبلية. في حين تحتل معتمدية الدهماني المرتبة الاولى من حيث عدد السدود الجبلية. ومرد هذا التفاوت الى طبيعة التضاريس ومدى توفر مواضع صالحة لإحداث بحيرة أو سدا جبليا.

2. الموارد المائية الجوفية وطرق استغلالها

يحتوي مجال الد ارسة على 94 مائدة مائية سطحية. وهوما يمثل 13.0% من الموائد المائية السطحية بكامل ولاية الكاف. الى جانب 49 مائدة مائية عميقة أي ما يعادل 12% من مجموع الموائد العميقة بالولاية، مما يعني استئثار مجال الد ارسة بالنصيب الأوفر من موارد ولاية الكاف. فماهي الخصائص العامة لهذه الموائد؟ وماهي خصائص توزعها الجغ ارفي؟ ومامدى الاستفادة منها؟.

أ- الموائد المائية السطحية والابار السطحية

الموائد المائية السطحية: الخصائص والتوزع الجغارفي

تحت تأثير عامل التضاريس تكتسب الموائد المائية بمجال الد ارسة خاصية الضّيق "exigüité"والتقطّع. وتحتكم هذه الموائد على90.642 م م³ )Ministere de l’Agriculture.2003( لكامل الولاية أي 29% من الموارد المائية الجوفية السطحية. وانطلاقا من خريطة التوزع الجغ ارفي للموائد المائية السطحية )خريطة عدد40( نتبين أنه باستثناء المائدة المائية بالقلعة الخصبة فان أهم الموائد تتركز بشرق مجال الد ارسة.

لاستجلاء خصائص هذه الموائد المائية سنستند إلى ثلاثة مقاييس ثلاثية الأبعاد )حجم المائدة، درجة الاستغلال، ونوعية المياه( معتمدين في ذلك على المعلومات التي يوفرها الجدول عدد93 يتمثل

المقياس الأول في كمية الموارد المائية لكل مائدة. وقد مكننا هذا المقياس من تصنيف الموائد إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: يضم كل من مائدة السرس والزوارين إذ يمثلان أهم الموائد حيث قدرت الأولى ب0 م م³ بنسبة استغلال 22%. أما الثانية فقد بلغت مواردها 3 م م³ بنسبة استغلال 20%. وقد شهدت هاتين المائدتين ارتفاعا في عدد الآبار حيث قدر العدد بالنسبة لسهل السرس سنة 4000 ب 193 ليبلغ 213 سنة 4099. أما الزوارين فقد بلغ عدد الآبار سنة 4000 994 ليصل الى 210 سنة 4099 .

الصنف الثاني: يتكون هذا الصنف من الموائد التي تت اروح مواردها بين +9 و4.1 م م³ وتتمثل في كل من مائدة سرى ورتان )الڤصور(، سهل الكاف- ال زعف ارن، سهل أولاد بوغانم )قلعة سنان(، مائدة القلعة الخصبة، مائدة سهل عبيدة وأخي ار مائدة سهل الجوف. ما يمكن ملاحظته بالنسبة لهذه الموائد أنها ذات توزع جغ ارفي يكاد يكون متوازيا بين مختلف مجال الد ارسة.

الصنف الثالث: يضم هذا الصنف الموائد التي لا تتجاوز مواردها 9 م م³. تتمثل في مائدة سد الخير) بمعتمدية قلعة سنان(، مائدة برج العيفة بالكاف الشرقية، الأربص )معتمدية السرس( ومائدة سهل بلاد شارن.

ما يمكن ملاحظته من خلال هذا التصنيف أن الموائد ذات الموارد الهامة تتركز بالأساس في المنطقة الشرقية لمجال الد ارسة وهو ما يحيلنا الى التساؤل عن مدى استغلال هذه الموارد. وللإجابة على ذلك سنعتمد مقياس درجة استغلال الموائد الذي مكننا من التوصل الى تصنيف هذه الأخيرة إلى أربعة أصناف:

الصنف الأول: تت اروح نسب الاستغلال بهذه الموائد بين 20% و900% وهو ما يجعلها متوازنة نسبيا. ويشمل هذا الصنف كل من مائدة الكاف – الزعف ارن )900%(، مائدة سهل السرس،) 22%( ومائدة سهل الزوارين ) 20%(.

الصنف الثاني: يتمثل في الموائد ذات الاستغلال المفرط. وتظم الموائد الثلاث التالية:

بلاد عبيدة بنسبة استغلال 240%، بلاد شارن بنسبة استغلال 400% ومائدة القلعة الخصبة بنسبة استغلال 930%.

الصنف الثالث: الموائد ذات نسب استغلال متوسطة اذ تت اروح النسبة بين 03% الى

10% وتظم كل من مائدة الجوف ) 10%(، سرى ورتان )00%( مائدة سهل أولاد ب وغالم

.)% 03(

الصنف الاربع: تعرف موائد هذا الصنف بنقص في الاستغلال اذ تت اروح نسبة الاستغلال بين 20% و30%. وتتمثل في كل من مائدة سد الخير بنسبة استغلال 30% برج العيفة بنسبة استغلال 20% والأربص بنسبة استغلال قدرت ب 24%.

أما المقياس الثالث والأخير والمتمثل في درجة الملوحة فقد مكننا من تقسيم هذه الموائد الى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: تت اروح درجة الملوحة بين 0.3 غ/ل إلى 3 غ/ل وتشتمل على أغلب الموائد المائية: مائدة سهل أولاد بوغانم، مائدة قلعة سنان، مائدة سدّ الخير، مائدة القلعة الخصبة، مائدة بلاد عبيدة، مائدة سهل الكاف- الزعف ارن، مائدة بلاد شارن ومائدة سهل السرس. وبذلك فان نسبة 31.22% من مجموع الموائد بمجال الد ارسة ذات نوعية مياه رديئة.

الصنف الثاني: يضم مائدة الأربص. وتت اروح نسبة ملوحتها بين 9.3 غ/ل الى 2 غ/ل.

-الصنف الثالث: تت اروح ملوحة هذا الصنف من الموائد بين 0.3غ/ل إلى 2 غ/ل. وتتمثل في كل من مائدة برج العيفة، مائدة سهل الزوارين، مائدة سرى ورتان ومائدة سهل الجوف.

وبذلك فان هذا الصنف تبلغ نسبته 22.22٪ من النسبة الجملية للموائد.

ما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذه التصانيف للموائد المائية أولا: أن التوزع المتباين للموارد المائية بمجال الد ارسة انعكس على توزع المناطق السقوية. إذ بدت ذات أهمية من حيث الحجم والعدد في المنطقة الشرقية أكثر مما هي عليه في المنطقة الغربية. ثانيا أن نسب الاستغلال غير متوازنة بين مختلف الموائد المائية. إذ تعرف بعض الموائد إف ارطا في الاستغلال في المقابل تعرف أخرى نقصا في الاستغلال. وهذا ما يعني استن ازف للطاقة المائية إذ يفترض أن يثمن استغلال الصنف الأخير من الموائد بمزيد إحداث مشاريع التهيئة المائية )آبار( لمزيد استغلال الثروة المائية في مقابل إحداث مشاريع لإعادة التعبئة على المدى القصير والطويل بالنسبة للصنف الأول. تحيلنا مختلف هذه المعطيات الى البحث في مدى الاستفادة من هذه الامكانيات المائية وطرق استغلالها.

 الابار السطحية: تركز هام بالمنطقة الشرقية لمجال الدارسة

بلغ عدد الآبار السطحية بمجال الد ارسة 2990 بئ ار: 4210 منها تتركز بالمنطقة الشمالية الشرقية أي بحوالي 04% مقابل 9910 بالمنطقة الجنوبية الغربية )خريطة عدد49(. كما نلاحظ أن أغلب الآبار السطحية تتركز بالأساس في معتمديتي السرس والدهماني بما يفوق 22%. ويعود ذلك الى طبيعة التضاريس المنبسطة في المنطقة الشرقية. فهي عبارة عن سهول في حين أن تضاريس المنطقة الجنوبية وعرة. بالاضافة الى اختلاف التربة بين المنطقة الشرقية والغربية )انظر العنصر المتعلق بالتربة(. وهو ما أدى الى بلوغ بعض من الموائد المائية بالمنطقة الاولى درجة استغلال مفرطة من قبيل مائدة بلاد عبيدة.

بلغت نسبة تجهيز البار السطحية بكامل مجال الد ارسة02%. وتت اروح هذه النسبة بين39% بمعتمدية الجريصة و19% بقلعة سنان.

اذا من خلال ما تقدم يتضح أن المياه الموائد الجوفية السطحية بمجال الد ارسة ما ازل من الممكن استغلالها بمزيد تجهيز الابار السطحية باستثناء بعض الموائد مثل مائدة بلاد شارن والقلعة الخصبة وبلاد عبيدة التي تتعرض لاستغلال مفرض يفرض تدخل سريع من قبل السلطات المعنية كي لا تتأزم المساحات السقوية بهذه المجالات.

ب- الموائد المائية العميقة وطرق استغلالها

 الموائد المائية العميقة: الخصائص والتوزع الجغارفي

على عكس الموائد المائية السطحية فان المنطقة الجنوبية الغربية لمجال الد ارسة حظيت بنسبة هامة من الموائد المائية الجوفية إذ قدرت بحوالي 21% من النسبة العامة للموائد المائية الجوفية بمجال الد ارسة )خريطة عدد44(. وللتعرف على خصائص هذه الموائد

المائية سنستند إلى الجدول عدد99 الذي مكننا من تصنيف هذه الموائد باعتماد ثلاث مقاييس: حجم الموارد المائية لكل مائدة، صبيب الموائد المائية ودرجة الاستغلال. وقد مكننا المقياس الأول من تصنيف هذه الموائد إلى ثلاثة أصناف:

91

الصنف الأول: يشتمل هذا الصنف على الموائد التي تت اروح كمية الموارد بها بين 9.4 و9.2 م م³. وتتمثل في مائدة القلعة الخصبة )9.2 م³( وسرى ورتان الجنوبية )9.4 م م³( وتتركز كلا المائدتين في المنطقة الجنوبية.

الصنف الثاني: تت اروح الموارد المائية لهذا الصنف من الموائد بين 9 م م³ و2.4 م م³.

ويشتمل هذا الصنف على النسبة الأكبر من الموارد المائية الجوفية بمجال الد ارسة اذ قدرت ب 34% من النسبة الجملية. وتتمثل في مائدة أولاد بوغانم، مائدة الحميمة )كلا المائدتين تنتميان إداريا لمعتمدية قلعة سنان(، مائدة الصلصالة )معتمدية تاجروين(، مائدة بلاد عبيدة الكلسية "Calcaire"، مائدة بلاد

عبيدة للزمن ال اربع" Quaternaire "مائدة بلاد عبيدة الأيوسيني" Eocène"، مائدة بلاد شارن الكلسية "Calcaire"مائدة دير الكاف والكاف، مائدة الزوارين)معتمدية الدهماني( ومائدة الأربص. مايلفت الانتباه بالنسبة لهذه الموائد أنها ذات توزع جغ ارفي منتشر على كامل مجال الد ارسة تقريبا.

الصنف الثالث: ويشمل الموائد التي لا تبلغ فيها الموارد المائية 9 م م³. وتقدر نسبتها ب21% من النسبة الجملية لموائد مجال الد ارسة. وتتمثل في: مائدة بوجابر ،المحجوبة )ينتميان إداريا الى معتمدية قلعة سنان(، مائدة قلعة سنان، مائدة فج هاجر)مع تمدية الكاف الشرقية(، مائدة السرس، مائدة عين البيضة )تنتمي إداريا إلى معتمدية الكاف الشرقية( ومائدة سرى ورتان الشمالية.

المقياس الثاني: يتمثل هذا المقياس في صبيب هذه الموائد. انطلاقا من هذا الأخير يمكن تصنيف الموائد المائية إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: يمثل هذا الصنف 92% من النسبة الجملية للموائد العميقة بمجال الد ارسة ويت اروح بين 900 و400 ل/ث ويشمل كل من مائدة القلعة الخصبة، مائدة بلاد العبيدة للزمن ال رابع، ومائدة سرى ورتان الجنوبية.

الصنف الثاني: يشمل هذا الصنف الموائد المائية ذات الصبيب المت اروح بين 30 ل/ث ودون 900 ل/ث. وقد مثلت ق اربة 22% من النسبة الجملية للموائد المائية الجوفية العميقة بمجال الد ارسة. وهي موائد ذات توزع جغ ارفي يشمل كامل المجال المدروس.

وتتمثل هذه الموائد في مائدة أولاد بوغانم، مائدة الحميمة، مائدة الصلصالة، جبل الڤفا ،المائدة الكلسية لبلاد شارن، المائدة الكلسية لبلاد عبيدة، مائدة الأيوسيني لبلاد عبيدة، مائدة الزوارين ومائدة الأربص.

الصنف الثالث: لا يتجاوز صبيب هذا الصنف من الموائد 20 ل/ث. وقدرت نسبة هذه الموائد ب22% من النسبة الجملية للموائد الجوفية للمجال المدروس. ويمكن حصر هذه الموائد في كل من مائدة بوجابر، مائدة المحجوبة )ينتميان إداريا إلى معتمدية قلعة سنان(، مائدة جبل سلاطة )تنتمي إداريا إلى معتمدية تاجروين(، مائدة دير الكاف، مائدة فج هاجر، مائدة عين البيضة وأخي ار مائدة سرى ورتان الشمالية.

أما المقياس الثالث والمتمثل في درجة الاستغلال فقد مكننا من تقسيم الموائد الجوفية إلى صنفين:

الصنف الأول: هو صنف غير مستغل. ويضم كل من مائدة بوجابر، مائدة أولاد بوغالم، مائدة جبل سلاطة، مائدة دير الكاف ومائدة حضيض جبل الكاف. وهي عموما موائد لا يتجاوز صبيبها 20ل/ث، وهو ما يفسر عدم استغلالها.

الصنف الثاني: يعُرف بنقص في الاستغلال. ويضم 90 مائدة وهو ما يمثل

10.23% من مجموع الموائد، و اذا ما أمعنا الدرس في نوعية الإستغلال نتبين أنه يغلب

عليها الإستغلال المنزلي )الماء الصالح للش ارب( بنسبة 23% Ministere de l’Agriculture. 2006 ((. يليه في ذلك الإستغلال الفلاحي بنسبة تقدر بحوالي42%، ثم استغلال فلاحي – صناعي– منزلي بحوالي 91%. فالإستغلال الفلاحي – الصناعي ب 9%.

 الابار العميقة:

بلغ عدد الآبار العميقة بمجال الد ارسة 409 وهو ما يمثل حوالي 22% من النسبة الجملية للآبار العميقة بكامل ولاية الكاف. تتوزع هذه الابار بشكل متباين بين معتمديات مجال الد ارسة )خريطة عدد49( اذ يتركز أغلبها بكل من معتمدية الدهماني، الڤصور ،القلعة الخصبة )جدول عدد90(. ويجد

هذا التركز المجالي مبرارته في أهمية صبيب الموائد المائية التي توجد بهذه المعتمديات والذي يت اروح بين 900 و400ل/ث. كما سجلت معتمدية تاجروين ارتفاعا لعدد الابار العميقة قد رت ب22 بئ ار )جدول عدد 91( بكل من مائدة الصلصالة والڤفا وهي ذات صبيب يترواح بين 30 و900ل/ث. بلغت نسبة التجهيز الجملية لهذه الابار 90%.

وتت اروح بين 22% بمعتمدية قلعة سنان و29% بالدهماني لتصل الى 900% بمعتمدية الجريصة. وتعود هذه النسبة المرتفعة لتجهيز الابار بهذه المعتمدية الى العدد المحدود للابار المنجز بهذه المعتمدية اذ قدر ب2.

نظريا تمثل هذه المنشآت المائية )الآبار السطحية والعميقة، السدود والبحي ارت الجبلية( مرتك از لنمو المناطق السقوية بمجال الد ارسة بصفة خاصة، وولاية الكاف بصفة عامة. مما سيس همُ -نظريا- في احداث تحولات في أنظمة الانتاج. فماهي خصائص أنظمة الإنتاج بمجال الد ارسة؟ وفيما تتمثل التحولات التي شهدتها؟

خاتمة الفصل الثاني:

يبرز من خلال تحليلنا لمختلف عناصر هذا الفصل أن الوسط الطبيعي بوسط وجنوب ولاية الكاف يفرض عدة ضغوطات مثلت عاملا رئيسيا في تنشيط ظاهرة الهجرة. وتتمثل في أهمية المرتفعات اذ تتجاوز 9400 م مقابل انحسار السهول والتي يت اروح ارتفاعها 200 و900 م مما يجعلها بمثابة "مجال سهول عليا" )الصديق الفازعي ،4002(. وتُشكل طبيعة التضاريس عائقا أمام مكننة العمل الفلاحي. بالاضافة الى أنها تعمل على تنشيط ظاهرة التعرية التي تشمل كامل وسط وجنوب ولاية الكاف مع ما تعرفه من تغاير مجالي بين الأحواض السفحية اذ نسجل أعلى درجات التعرية في سافلة واد س ارط. وتعتبر الضغوطات المناخية المتمثلة في التوزع الزمني والمجالي المتبايينين للتساقطات من أهم ما يفرضه الوسط الطبيعي من ضغوطات. فعلى المستوى المجالي تتميز المنطقة الشمالية الشرقية بكميات أمطار أوفر من المنطقة الجنوبية الغربية الأمر الذي يفسر ضعف مردود الزارعات البعلية في هذه الأخيرة. أما على المستوى الزمني فان المنطقة قيد الد ارسة تعرف تتالي لسنوات الجفاف مثل سنتي 9222 و9223 أوتشهد نزول أمطار في فت ارت زمنية وجيزة.

وتعد أمطار سبتمبر 9292 الأكثر رسوخا في أذهان فلاحي المنطقة قيد الد ارسة لما خلفته من أض ارر مادية. وبالرغم من مختلف الضغوطات التي يفرضها الوسط الطبيعي الا أنه يتيح بعض من المقومات من أهمها ما تكتسبه المنطقة من موارد مائية هامة. ويمكن التمييز بين الموارد المائية السطحية حيث يزخر وسط وجنوب ولاية الكاف بكميات مائية سطحية هامة الا أنها تشكو من محدودية التحكم فيها. بالاضافة الى الموارد المائية الجوفية السطحية منها والعميقة والتي مكنت ولو نسبيا من تجاوز حساسية الضغوطات المناخية

من خلال حفر الآبار واحداث المناطق السقوية. وقد كان لهذه المعطيات الطبيعية انعكاسات على خصائص أنظمة الانتاج الفلاحي لتحول من وسط وجنوب ولاية الكاف منطقة غير قادرة على شد سكانها، سيما ما تتسم به المنطقة من هشاشة بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وهو ماسنحاول الكشف عنه ضمن عناصر الفصل الموالي.

المقدمة:

عرّف "لوارن ريوتور")Laurent.R( نظام الانتاج بأنه "تركيب للمنتوجات الفلاحية ووسائل تحقيقها بالاضافة الى الأهداف النابعة من الاستارتيجيات العائلية." )Martine.G.et

in Yves.J.2011.(. اذا فنظام الانتاج يخضع الى ثلاثة عناصر رئيسية والمتمثلة في الاستارتيجيات والوسائل لغاية بلوغ أهداف معينة. وهذه العناصر في علاقة وثيقة "بع وامل الانتاج ومدى توفرها]…[ وفي علاقة أيضا بالأنشطة غير الفلاحية التي تمارس في الإطار العائلي.")المصدر السابق(. كما عرّف "شابوي")Chapuis( نظام الإنتاج بأنه "تنظيم داخل مستغلة أو تارب معين وعوامل الإنتاج المتاحة للحصول على إنتاج نباتي وحيواني") Chapuis.R.2001(. وقد تميز مجال الد ارسة بتعدد نسبي لأنظمة الانتاج اذ يمكن التمييز بين ثلاثة أنظمة انتاج وهي: النظام الزارعي ونظام تربية الماشية، ونظام الغ ارسات. فماهي خصائص هذه الأنظمة؟ وهل شهدت تحولات أم أنها حافظت على سماتها القديمة؟ I. أنظمة الإنتاج الفلاحي و تح ولاتها

9. نظام زراعي يشهد تحولات محدودة.

يُعرف اقليم الشمال الغربي بهيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية اذ قدرت نسبة المساحة المخصصة لهذا النشاط ب91% في موسم 4092-4092 )المندوبية الجهوية للفلاحة بالكاف، التقرير السنوي،4092-4092( من مجموع المساحة الصالحة للزارعة بعد أن كانت خلال موسم 4009-4000 02% ) .Ministere de l’Equipemment2007 .de l’Habitat et de l’Amenagement du Territoire(. بالاضافة الى هيمنة الحبوب على المساحة المخصصة للزارعات الكبرى حيث قدرت ب322293 هك خلال موسم 4092-4092 أي ما يُمثل 14%. وقد سجلنا نموا للمساحة المخصصة للاعلاف حيث بلغت في موسم 4092-4092 929940هك بعد أن كانت تقدر ب949304 هك خلال الفترة الممتدة من 4000 و4002 وب900910 هك خلال الفترة الممتدة من 9220 و9223 )المصدر السابق( أي بزيادة تقدر ب3991هك بين 4000 و4092 وب91193 هك بين الفترة الممتدة بين 9220 و4002. غير أن هذه الزيادة في المساحة المخصصة للأعلاف وان كانت تهم كافة اقليم الشمال الغربي الا انها تختلف من ولاية الى أخرى. ذلك أن ولاية الكاف سجلت ارتفاعا طفيفا اذ مرت المساحة المخصصة لها من42293 هك خلال موسم 9222-4000 أي ما يمثل 94% من المساحة الجملية للزارعات الكبرى الى 41140هك أي 94.21% من النسبة الجملية لمساحة الزارعات الكبرى خلال موسم

4092-4092. وهي بذلك لم تبلغ مثيلتها ببقية ولايات الشمال الغربي )جدول عدد91(.

ويفسر ذلك بانتشار تربية الأبقار الحلوب وادماج نشاط تسمين العجول بولايات الشمال الغربي مقارنة بولاية الكاف اذ ما ازل هذا النشاط لم يتخط الم ارحل الاولى الى جانب ما يشهده من صعوبات.

تُعرف المنظومة الزارعية لاقليم الشمال الغربي بهيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية. الى جانب أهمية المساحة المخصصة للحبوب اذ تحتل المرتبة الأولى ضمن مساحة الزارعات الكبرى بالرغم من ما شهدته من ت ارجع لصالح المساحة المخصصة للأعلاف. غير أن هذه التحولات تختلف بين ولايات الشمال الغربي كما تختلف داخل كل ولاية من ذلك التباين الحاصل بين أج ازء مجال الد ارسة. ويفسر هذا الاختلاف بدرجة ادماج تربية الأبقار الحلوب ضمن المنظومة الفلاحية )انظر العنصر الموالي 4: نظام تربية الماشية(. فماهي اذا خصائص المنظومة الزارعية للمنطقة المدروسة؟ وفيما تتمثل التحولات التي شهدتها؟

هيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية

على غ ارر مختلف مناطق الشمال الغربي يشهد مجال الد ارسة هيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية. فعلى مساحة 4109904 هك من الأ ارضي الصالحة للزارعة لموسم9222-4000 بلغت نسبة الزارعات الكبرى 99.43% من النسبة الجملية للأ ارضي الصالحة للزارعة )المندوبية الجهوية، التقرير السنوي ،4000( لتصبح خلال موسم 4092-4092 حوالي 02%. وفي المقابل ظلت المساحة المخصصة للأنشطة الفلاحية الأخرى )البقول والخضروات والأشجار المثمرة( محدودة )رسم بياني عدد90( مما يعكس هامشية هذه الانشطة في مجال الد ارسة. بالاضافة الى ذلك فان المساحة المخصصة للزارعات الكبرى تشهد هي الأخرى هيمنة للحبوب بنسبة

تقدر ب10.39% خلال موسم 4092-4092 من النسبة الجملية للزارعات الكبرى بمجال الد ارسة مقابل محدودية المساحة المخصصة للأعلاف )أنظر عنصر4: نظام تربية الماشية(، غير أن هذه الأهمية من حيث المساحة لا تعكس أهمية على مستوى الانتاج والمردود.

ضعف الإنتاج وتباينه الزمني والمجالي

بالرغم من المساحة الشاسعة المخصصة للحبوب ضمن المساحة الصالحة للزارعة ،وكذلك ضمن مساحة الزارعات الكبرى بولاية الكاف، فإن الإنتاج يبقى ضعيفا مقارنة بما تحققه بقية ولايات الشمال الغربي. فلئن بلغ انتاج الحبوب لولاية الكاف 222430 قنطار خلال موسم 4092-4092 )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، التقرير السنوي 4092-4092، فرز خاص( أي ما يُمثل 92% من الانتاج الجملي للشمال الغربي فان

ولاية باجة حققت بمفردها حوالي 20% )وازرة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي، ولاية باجة بالأرقام لسنة 4092، فرز خاص(. وجندوبة ما يقارب 44% )المصدر السابق، ولاية جندوبة في أرقام ،4092، فرز خاص(. أما ولاية سليانة فاحتلت المرتبة الثالثة من حيث الانتاج اذ بلغت نسبة انتاجها 91% )المصدر السابق ،ولاية سليانة بالأرقام، فرز خاص( من النسبة الجملية لانتاج الحبوب لاقليم الشمال الغربي.

هذا بالاضافة الى أن الإنتاج يشهد تغاي ار زمنيا ومجاليا بين أرياف مجال الد ارسة.

بالتوازي مع التذبذب الذي تشهده الأمطار بمجال الد ارسة فان انتاج الحبوب يُعرف هو أيضا بالتذبذب )رسم بياني عدد99(. بلغ انتاج الحبوب بكامل مجال الد ارسة 940013 قنطا ار في موسم

4092-4092 )المندوبية الجهوية لتنمية الفلاحية بالكاف، التقرير السنوي 4092-

4092، فرز خاص(. وتتوزع هذه الكمية بصفة متفاوتة بين أج ازء مجال الد ارسة. حيث بلغت بالمنطقة الشرقية 349090 قنطا ار )المصدر السابق( أي ما يُمثل حوالي 13% من النسبة الجملية لانتاج الحبوب بالمنطقة المدروسة. وفي المقابل لم يبلغ انتاج المنطقة الجنوبية الغربية إلا 22003 قنطا ار )المصدر السابق( أي 93%. ويتأكد هذا التفاوت من خلال معاينة كيفية توزع أنواع الحبوب حيث تبرز هيمنة مطلقة للمنطقة الشرقية على مختلف أنواع الحبوب )جدول عدد92(.

111

وانطلاقا من الخريطة عدد42 نستننتج أن كمية انتاج الحبوب تت ارجع كلما اتجهنا من شمال وشرق المنطقة قيد الد ارسة الى جنوبها وغربها. ولمزيد التعرف على خصائص المنظومة الزارعية وما تشهده من تحولات اعتمدنا على العمل الميداني فضمنا الاستمارة الميدنية السؤال التالي: ماهي الأنواع التي كنت تزرعها وتخليت عنها؟. وقد مكننا ذلك من التوصل الى أن استخدامات الأرض الزارعية بمجال الد ارسة تعرف تحولات. اذ لاحظنا أن هناك توجه من قبل الفلاحين نحو زارعة الشعير في مقابل التخلي عن زارعة القمح وخاصة اللين منه. وقد قدرت نسبة الذين تخلوا عن أنواع معينة من الزارعات )القمح اللين والقمح الصلب والقصيبة والذرة والفصة…( ب12% من مجموع المستجوبين والبالغ عددهم 001 فلاحا.

ويبدو القمح اللين أكثر المزروعات التي تعرضت الى ت ارجع حيث قدر عدد الذين تخلوا عن زارعته 229 فلاحا. في المقابل تعددت الأنواع بالنسبة ل429 فلاح )الرسم البياني عدد94(. والملاحظة الجديرة بالذكر أن الأرياف الجنوبية والغربية والمتمثلة في كل من القلعة الخصبة، قلعة سنان، الجريصة، تاجروين والڤصور تشهد ت ارجعا أكثر من غيرها في تعاطي أنواع معينة من المزروعات )الرسم البياني عدد94(. لكن ما يلفت الانتباه من خلال معاينة الرسم البياني عدد 94 أننا لم نسجل أي فلاح تخلى عن تعاطي زارعة الشعير. وقد مكنتنا اللقاءات المباشرة مع الفلاحين من التوقف عند أسباب هذا الت ارجع.

ويمكن حوصلتها في ثلاثة أسباب رئيسية: يتمثل السبب الأول في تذبذب التساقطات وقلتها في حين أن القمح بشكل عام لا سيما منه القمح اللين يتطلب كميات هامة من الأمطار. أما السبب الثاني فيتمثل حسب تصريحات الفلاحين في غلاء البذور. وهي نفس العوامل التي تفسر التباين الزمني والمجالي للزارعات الكبرى بصفة عامة وخاصة منها الحبوب. هذا التضارب بين أهمية المساحة المخصصة للحبوب من ناحية وضعف الإنتاج

112

من ناحية ثانية. الى جانب التوزع الجغ ارفي المتباين بين أج ازء الد ارسة يتأكد من خلال معاينة المردود.

بالرغم من أهمية المساحة المخصصة للحبوب بولاية الكاف الا أن المردود يُعرف بمحدوديته اذ قدر في موسم 4092-4092 ب2.23 ق/هك )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. وهو بذلك أقل مردود في كامل اقليم الشمال الغربي اذ قدر في ولاية سليانة ب0.1 ق/هك )وازرة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي، ولاية سليانة بالأرقام لسنة ،4092، بتصرف( وب 91.4 ق/هك )المصدر السابق( في ولاية جندوبة و43.9 ق/هك )المصدر السابق( بالنسبة لولاية باجة في نفس الموسم. ويشهد المردود تباينا مجاليا واضحا بين أج ازء مجال الد ارسة فلئن بلغ في المنطقة الشرقية 3.2 ق/هك )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، مصدر ذكر سابقا( فانه لم يتجاوز9.43 ق/هك )المصدر السابق( في المنطقة الجنوبية الغربية.

ونستنتج انطلاقا من الخريطة عدد42 أن المردود يت ارجع كلما اتجهنا من الشرق الى الغرب

حيث يبلغ أقصاه في معتمدية السرس ب9.1 ق/هك بينما يت ارجع الى أقل من 2 ق/هك في المنطقة الغربية أين نسجل أضعف مردود في معتمديتي الجريصة وقلعة سنان. وبالاضافة الى التباين المجالي للمردود بين المنطقة الشرقية والغربية فانه يشهد كذلك تباينا زمنيا. فلئن كان خلال موسم 9222-4000 9.93 ق/هك فانه سجل ارتفاعا نسبيا اذ بلغ في موسم 4092- 4092 2.33 ق/هك. غير أن هذا الارتفاع يختلف بين المناطق وكذلك داخل المنطقة الواحدة اذ عرفت المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة ارتفاعا في المردود أكثر من نظيرتها الجنوبية الغربية )جدول عدد40(. ومرد ذلك الى ما تتمتع به المنطقة الشمالية الشرقية من كميات هامة من التساقطات وتربة خصبة. الى جانب ذلك

انتشار المناطق السقوية في حين تظل المناطق الجنوبية الغربية محدودة التساقطات وذات ترب فقيرة. هذا الى جانب قلة الزارعات السقوية بالجزء الجنوبي الغربي من مجال الد ارسة. كما يفسر ضعف المردود أيضا بمحدودية التكثيف الزارعي والاعتماد شبه الكلي على الزارعات البعلية خاصة في المنطقة الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة. الى جانب ذلك نسجل تواصلا للنظام الزارعي غير الجاهد اذ ما ازل يقوم على ثنائية التداول الزارعي )عام

محروث وعام بور(. وقد بلغت مساحة البور في موسم 4092- 4092 99203هك )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحة بالكاف، المي ازن الاقتصادي،4092-4092( أي ما يُمثل حوالي 0% من المساحة الزارعية الجملية. وبالرغم من الت ارجع الذي سجلته اذ كانت تمثل في موسم 9222- 4000 42% )رسم بياني عدد90( الا أن البور ما ازل "يعتبر من المكونات الرئيسية لللهياكل الزارعية بكامل اقليم الشمال الغربي." )Ministere de

l’Amenagement du Territoire, 2007 l’Equipemment, de l’Habitat et de( علما وأن الت ارجع الذي شهدته المساحة المخصصة للبور كان لصالح الغ ارسات )أنظر عنصر 2: نظام الغ ارسات(. الأمر الذي يأكد أن المنظومة الزارعية بمجال الد ارسة وان ظلت تحافظ على سماتها الرئيسة فانها تشهد تحولات. وتبقى هذه الأخيرة تبقى محدودة خاصة في ظل ما تفرضه الهياكل العقارية من ضغوطات.

ج. التركز العقاري والتشتت والتفتت القطعي من أبرز سمات الهياكل العقارية

في ظل أهمية الفلاحة في الحياة الاقتصادية للمجتمع قيد الد ارسة تعتبر "الأرض رهانا بالنسبة لمختلف المجموعات الإجتماعية. وتمثل مركز اهتماماته اذ تتمحور حولها الاستارتجيات. كما تعتبر من بين العوامل المهيكلة للعلاقات الاجتماعية".Dardour.M. )

(1999غير أن هذه المكانة التي تحظى بها الأرض باعتبارها أحد أهم عناصر الإنتاج تختلف داخل أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف حيث تزداد أهميتها في المناطق التي شهدت أو تشهد تهيئة مائية. لذلك فان " البنية العقارية غالبا ما تمثل صورة لملامح البنية الاجتماعية في الأرياف.")عبد الله الشريف ،9220( وعموما فقد ورث التل العالي ومن

ضمنه مجال الد ارسة هياكل زارعية تعرف "بالتفاوت الشديد في توزعها حسب الأحجام وحسب عدد المستغلات وباستمارر ظاه رة التركز العقاري.")صديق الفازعي ،4002، بتصرف( فماهي مظاهر ذلك؟

ان أهم ما يلفت الانتباه للهياكل العقارية للمنطقة قيد الد ارسة الأهمية العددية للملكيات الصغرى حيث بلغ عدد المستغلات التي لا يتجاوز حجمها 90هك في موسم 4092-4092: 94320 مستغلة )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف ،4092، مصدر ذكر سابقا( وهو ما يمثل حوالي 92% من المجموع الجملي لأعداد المستغلات بالمجال المدروس. في المقابل بلغت مساحتها ما يناهز عن 42% من مجموع المساحة الزارعية.

وغالبا ما تكون هذه المستغلات تحت تصرف صغار الفلاحين. وتتركز في مجملها"على السفوح الجبلية والحادوارت المحجرة المعرضة للانجارف وذات الترب الفقيرة". )حافظ ستهم ،

9222( وتتركز هذه المستغلات في المنطقة الشمالية الشرقية من مجال الد ارسة بنسبة قدرت ب92% من النسبة الجمليّة للمستغلات الصغرى لكامل مجال الد ارسة.)رسم بياني عدد92(. ويشهد عدد المستغلات الصغرى ا رتفاعا واضحا داخل أ رياف الدهماني، اذ قدر ب2420 )جدول1 في ملاحق الباب الأول( مستغلة أي بنسبة 49% من النسبة الجمليّة للمستغلات الصغرى بمجال الد ارسة. ويفسر ذلك بتشبث الفلاحين بمستغلاتهم نتيجة أهمية "ريع القيمة، يعني قيمة الأرض الزارعية")الحبيب بن غربية،4000( داخل المجال السقوي.

وقد بلغ متوسط مساحة المستغلات

الصغرى بالمنطقة الشمالية الشرقية 3.2 هك متجاواز بذلك متوسط المساحة للمنطقة المدروسة الذي قدر ب3.34 وكذلك لكامل ولاية الكاف المُقدر ب 2.29 هك )جدول عدد1 في ملاحق الباب الأول(. ويمكن تصنيف المستغلات الصغرى الى صنفين:

المستغلات التي يت اروح حجمها بين 3 هك و90 هك. وقد بلغ عددها 3122 تمتد على مساحة تقدر ب29202 هك بمتوسط مساحة يُقدر ب0.90 هك )جدول عدد2 في ملاحق الباب الأول(. وعموما فان أهمية هذا الصنف من المستغلات وان كان يميز المنطقة الشمالية الشرقية الا أنه يختلف داخل كل منطقة.

الصنف الثاني ويتمثل في المستغلات التي لا يتجاوز حجمها 3 هك. ضمن هذا الصنف يبرز التفاوت حيث تستأثر المنطقة الشرقية ب2222 مستغلة )جدول عدد90 في ملاحق الباب الأول( من مجموع المستغلات الصغرى أي ما يُمثل 92% من النسبة الجملية. في حين لم نسجل بالمنطقة الغربية من مجال الد ارسة سوى 4412 مستغلة أي بنسبة 24% فقط من مجموع المستغلات ذات المساحة الأقل من 3هك. الملاحظة الجديرة بالذكر هي أن متوسط المساحة يرتفع بالمنطقة الشمالية الشرقية في حين ينخفض في المنطقة الجنوبية الغربية. اذ يت اروح بين 2 هك و1.2 هك في المنطقة الأولى بينما يت اروح بين 4.12هك و2.10 هك في المنطقة الثانية )جدول عدد90 في ملاحق الباب الأول(. وغالبا ما يفضي هذا الوضع اما الى سعي الفلاح الى تدعيم رصيده العقاري بك ارء أ ارضي مَن نزح الى المدن سواء القريبة مثل تاجروين أو البعيدة خاصة تونس العاصمة معتمدا في ذلك على يوفره النشاط الاضافي الذي يقوم به أحد أف ارد العائلة )الأب، الابن، البنت( من مدخول اضافي أو العمل على ك ارء أرضه والانتفاع مما توفره خاصة اذا كانت المستغله محاطة بمستغلات تفوقها حجما ولنفس الفلاح )أنظر توضيحي عدد9(. وغالبا ما يكون بيع هذا النوع من المستغلات نتيجة طبيعة لتعاقب سنوات من الك ارء.

ولئن اختصت المستغلات الصغرى بتغاير مجالي واضح بين أج ازء المنطقة المدروسة فان المستغلات المتوسطة والكبرى تتوزع بشكل متساو تقريبا بين أج ازء مجال الد ارسة )رسم بياني عدد92(. ويت اروح حجم المستغلات المتوسطة بين 90 و40 هك. وقد بلغت نسبة هذه المستغلات 90% من النسبة الجمليّة للمستغلات. وتمتد على مساحة45567 هك أي حوالي93% من المساحة الجملية والبالغة 305523هك. ويت اروح متوسط حجم المساحة بين ما يقارب 94 هك و91 هك بالنسبة للمنطقة الشمالية الشرقية في حين يت اروح بين 2 هك و99 هك بالنسبة للمنطقة الجنوبية الغربية.

وتبرز معاينة الجدول عدد99 )أنظر ملاحق الباب الأول( أن التوزع المتوازن لعدد المستغلات المتوسطة بين المنطقة الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية يخفي تباينا على مستوى المعتمديات حيث نسجل أقصى نسبة توجد بثلاثة أرياف. والمتمثلة في أرياف مدينة تاجروين بنسبة 44% من النسبة الجمليّة للمستغلات المتوسطة وأرياف الدهماني بنسبة 49% ثم أرياف مدينة الكاف ب90%. وعلى

عكس المستغلات الصغرى التي يعاني أصحابها من ضعف في استعمال المُدخلات الفلاحية نتيجة محدودية أمكانياتهم المادية من ناحية وضيق المساحة من ناحية ثانية فان الضيعات المتوسطة تمكن أصحابها من استعمال المكننة والأسمدة ومختلف المدخلات خاصة اذا كان للفلاح دخلا اضافيا يمكنه من دعم المستغلة في فت ارت الأزمة. وتتدعم هذه الوضعية أكثر بالنسبة للمستغلات الكبرى التي يتجاوز حجمها 40 هك والتي بلغ عددها 2290 مُستغلة، أي ما يُمثل 40% من النسبة الجملية للمستغلات بمجال الد ارسة. بينما بلغت مساحتها 920901 هك أي بنسبة 94% من النسبة الجملية لمساحة المستغلات بكامل أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف. وهو ما يأكد أهمية ظاهرة التركز العقاري بمجال الد ارسة علم وأنها ظاهرة تهم كامل أرياف التل العالي لكن بشكل متفاوت حيث تشتد في أرياف مجال الد ارسة أكثر من أرياف ولاية سليانة التي بلغت فيها النسبة سنة 4000، 0%

)de l’Habitat et de l’Amenagement du Territoire,2007 Ministere de l’Equipemment,(

تأكد معاينة الرسم البياني عدد92 الاهمية العددية للمستغلات التي يت اروح حجمها بين 40 و30 هك اذ بلغت نسبتها94% من النسبة الجمليّة للمستغلات الكبرى. وفي المقابل لا تمثل مساحتها الا 24% من المساحة الجمليّة للمستغلات الكبرى )جدول عدد94 في الملاحق(. أما المستغلات التي يتجاوز حجمها 30 هك فانها تمتد على مساحة تقدر ب990209هك أي ما يُمثل 31% من النسبة الجمليّة في حين لا تتجاوز نسبتها 21% من النسبة الجمليّة لأعداد المستغلات الكبرى )الرسم البياني عدد92+ جدول عدد92 في الملاحق(.

لعبت خصائص الهياكل العقارية دوار كبي ار في احتداد أزمة الأرياف وتعميق ظاهرة النزوح الريفي خاصة وأن التفتت القطعي يعد من أبرز السمات التي تعرف بها.

انطلاقا من الاستمارة الميدانية بلغ عدد الفلاحين الذين يستغلون أكثر من خمسة قطع 20% وفي المقابل بلغ عدد المستغلين لقطعة واحدة90.29%. وتتفاوت النسب بين مختلف الأرياف قيد الد ارسة. ولكنها عموما لا تخرج عن القاعدة العامة الانفة الذكر- التفتت- اذ تهم ظاهرة التفتت كامل المجال المدروس. من ذلك أن نسبة الفلاحين المستغلين ل2 قطع بلغت بالدهماني42.12% و42.90% في تاجروين و44.44% في السرس ،)خريطة عدد43(. وتعتبر ظاهرة التفتت خاصية المستغلات بكامل أرياف البلاد

خريطة عدد 43: خصائص انماط الاستغلال والهياكل العقارية بوسط وجنوب ولاية الكاف

التونسية تقريبا باعتبار أنها نتيجة حتمية لتقسيم الإرث بين مستحقيه )رسم توضيحي عدد9( مثال في سهل سيدي بوزيد" تستغل نسبة هامة من الفلّاحين أكثر من قطعة

111

واحدة")وفاء ب ارهمي4094-4092(. وتشكل هذه الظاهرة عائقا أمام عملية التكثيف الزارعي خاصة بالمناطق السقوية حيث يصبح الفلاح مطالبا بجهد بدني وزمني مضاعف للتنقل بين مختلف القطع الى جانب الإشكاليات الأخرى التي يطرحها التفتت القطعي أثناء عملية الري. ويفسر التشبث بالأرض رغم محدودية مساحتها وضعف مردودهابأنها ليست فقط " ماردف للسلطة الاقتصادية وانما هي كذلك تعبر عن الهيبة الاجتماعية" )-Diry.J

.)P.1999

لئن كانت خصائص الهياكل الزارعية باعتبارها "الإطار القانوني والعمود الفقري لتطور الفلاحة،")المصدر السابق( احدى العوامل التي عمقت ظاهرة النزوح من أرياف المجال المدروس فانها أيضا لعبت دوار في تنويع طرق الاستغلال به. اذ يعمد الفلاح الى ك ارء عدة قطع أخرى أو الإستغلال عن طريق الش اركة كاست ارتيجية من أجل تأمين مردود أوفر.

وعادة ما تتم عملية الك ارء من النازحين الى المدن البعيدة مثل تونس وبنزرت. وفي حالات نادرة يقوم الفلاح بتسويغ أرضه عندما تكون بعيدة عن مقر سكناه. وغالبا ما تكون هذه القطع مشتتة لذلك فان ك ارءها أضمن للربح من استغلالها المباشر. فماهي طرق الاستغلال بمجال الد ارسة؟ وماهي التحولات التي عرفتها ؟ د. تنوع طرق استغلال الأرض بمجال الدارسة

مكننا العمل الميداني من الوقوف عند خصائص أنظمة الاستغلال بمجال الد ارسة. وانطلاقا من ذلك يمكن أن نميز بين ثلاث أصناف من الفلاحين: الصنف الأول وهو الذي يمارس الاستغلال المباشر. الصنف الثاني يستغل الأرض بشكل غير مباشر. أما الصنف الثالث فيجمع بين الاستغلال المباشر والاستغلال غير المباشر )الرسم البياني عدد93(.

اذا ما يمكن ملاحظته هو حضور كافة أنماط الاستغلال تقريبا )المباشر، غير المباشر والاستغلال المزدوج( لكن بنسب متفاوتة. حيث يبقى الاستغلال المباشر اكثر حضوار من بقية أصناف الاستغلال اذ صرح 211 من المستجوبين باستغلالهم المباشر لأارضيهم وهو ما يمثل حوالي33% من مجموع المستجوبين. يليه في ذلك الإستغلال المزدوج "ملك +شركة" )ب 942 مستجوبا(. أما بالنسبة للاستغلال غير المباشر فيُعتبر نمط الإستغلال عن طريق"الشركة" أهمها. اذ يحتل المرتبة الثالثة بالنسبة لأنماط الاستغلال السائدة بمجال الدارسة بنسبة بلغت

92.40%)رسم بياني عدد93(. وعادة ما يجمع الفلاح بين الاستغلال المباشر وغير المباشر

من خلال "الشركة" أوالك ارء أساسا. في حين تبقى الأنماط الأخرى للاستغلال غير المباشر ثانوية )ك ارء وملك+ك ارء+"شركة"(. هذه الخاصيات تهم كامل أج ازء مجال الد ارسة مع اختلافات محدودة )خريطة عدد43(.

رغم تعدد أنماط الإستغلال بمجال الد ارسة يبقى الإستغلال المباشر السمة الغالبة. ولئن كانت نسبة 33% لا تبرز هذه الأهمية فلأن نسبة هامة من الفلاحين يجمعون بين الإستغلال المباشر وغير المباشر بنسبة قدرت ب49.92%. وهو ما يعني أن نسبة الإستغلال المباشر تصل الى حوالي 19.92% من النسبة الجملية للإستغلال. تعكس النسبة المرتفعة للإستغلال المباشر أهمية القطاع الفلاحي بالنسبة لسكان مجال الد ارسة من ناحية ومحدودية ظاهرة التغيبيّة من ناحية ثانية. غير أن الإستنتاج الأخير يبقى نسبيا خاصة بالنسبة للفلاحة البعلية باعتبار أن العمل الفلاحي موسميا ولا يتطلب حضوار مستم ار في المستغلة. بالاضافة الى دور الم أرة في مختلف الأنشطة الفلاحية. الأمر الذي يفسح المجال للزوج بممارسة نشاط بالتوازي مع العمل في المستغلة بالنسبة لصغار الفلاحين

)سنتعرض الى ذلك في عنصر است ارتيجيات التعديل(. ومن الأهمية بمكان الاشارة الى أن الإستغلال المباشر. ولئن احتل الصدارة في مختلف أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف الا أننا نسجل اختلافا في النسب حيث نلاحظ ت ارجعا كلما اتجهنا الى الجنوب والغرب. من ذلك بلغت نسبة الاستغلال المباشر من النسبة الجملية للاستغلال بمعتمدية السرس حوالي 31% 99.29% بالكاف في حين بلغت النسبة بتاجروين حوالي22% وقلعة سنان23% )أنظر الجدول عدد92 في ملاحق الباب الأول(. هذا الت ارجع للاستغلال المباشر كان لصالح ارتفاع نسبة الاستغلال المزدوج. ويفسر ذلك باقبال الفلاحين على استغلال أ ارضي النازحين الى المدن من جهة، وتشبث المهاجرين بأ ارضيهم من جهة ثانية بالرغم من ضعف مردودها. مما فتح المجال أمام انتشار ظاهرة الاستغلال غير المباشر للارض حيث بينت نتائج الاستمارة الميدانية انتشار هذا النمط من الاستغلال بشقيه الك ارء و"الشركة" بكامل مجال الد ارسة اذ بلغت النسبة 92% من مجموع أنماط الاستغلال. وهي ظاهرة قديمة عرفتها أرياف الشمال الغربي بشكل عام من ج ارء انتشار زارعة الحبوب العصرية في الفترة الاستعمارية لذلك فقد مثل الك ارء "الحل الملائم لمشكل الحاجيات الملحة الى الأرض ]…[ يجمع هذا النمط المستغلات الصغرى والمتوسطة التي تبدو غير مربحة ولا تمكن من استخدام التقنيات المتطورة. تواصلت هذه الظاهرة مباشرة بعد الاستعمار خاصة من طرف الشارئح الإجتماعية التي تملك المعدات الفلاحية دون أن تتوفر لديها المساحات الكافية لتشغيلها")حبيب بن غربيَّة،4000(. وقد تواصلت هذه الظاهرة الى اليوم نحو تأكيد نمط الاستغلال غير المباشر في صنفه "الشركة" الذي يعتبر أهم نمط استغلال غير مباشر بمجال الد ارسة بلغ 92.40% من النسبة الجملية لأنماط الاستغلال.

في المقابل لم تبلغ نسبة الاستغلال عن طريق الك ارء الا ما يناهز3%. ويُعتبر الك ارء ناد ار )أنظر رسم بياني عدد93+ خريطة عدد43(. ويفسر انتشار نمط الإستغلال "الشركة" أكثر من الك ارء بضعف مردود الأرض وطبيعتها اذ غالبا ما تكون على السفوح وهو ما يولد لدى الفلاح نفوار من ك ارءها. غير أن ذلك لا ينفي بعض التحولات التي شهدها الاستغلال غير المباشر بمجال الد ارسة اذ نلاحظ توجه نحو اختفاء بعض طرق الاستغلال كالخماسة اذ لم نسجل أي حالة خلال العمل الميداني تقتصر في استغلالها للأرض على الخماسة. في المقابل يرتفع عدد الفلاحين الذين يجمعون بين نمط الاستغلال ب"الشركة" والاستغلال المباشر. بلغت نسبة الذين يجمعون بين الاستغلال المباشر وغير المباشر49.92% من النسبة الجمليّة لأنماط الاستغلال. ويعزى هذا الارتفاع في نسبة الاستغلال المزدوج بمجال الد ارسة الى أهمية ظاهرة النزوح الريفي ذلك أن أغلب الذين يجمعون بين النمطين لديهم اما أقارب و/أو جي ارن نزحوا الى تونس العاصمة والمدن الساحلية. وغالبا لا تتم عملية بيع الأرض مباشرة إثر الهجرة، باعتبار "العلاقة الروحية"التي تربط المهاجر بأرضه، اذ لا مبرر للإحتفاظ بها رغم محدودية الربح من خلال ك ارئها خاصة بالنسبة للمناطق البعلية. وفي هذا الصدد صرح أحد الفلاحين أنه يكترى حوالي 40هك بما قيمته 900 دينا ار في السنة أي أن الهكتار الواحد ب1.3 دينا ار /السنة. وتجدر الاشارة الى أن هذا الإنخفاض في قيمة الك ارء يعود الى طبيعة الأرض فأغلبها تقع في السفوح الجبلية ولا تصلح للإستغلال الفلاحي الا مرعى للماشية. وما يؤكد العلاقة الروحية التي تربط المهاجر بأرضه أنه فور وفاة المالك الأصلي للأرض يلجأ الورثة الى بيعها )رسم توضيحي عدد9(. ولئن كانت عملية البيع تساهم في تدعيم الإستغلال المباشر للأرض وبالتالي إمكانية التكثيف بالنسبة للمناطق السقوية فانها تساهم في التفتت القطعي في حالة اختلاف الورثة حول الطرف الذين يرغبون البيع اليه و/أو حول البيع من عدمه. وعموما فان هذه الحالة ولئن حدثت فانها نادرة حسب تصريح أحد المستجوبين.

انطلاقا من العرض السابق نتبين أن المنظومة الزارعية بمجال الد ارسة تعرف بهيمنة الزارعات الكب رى على استخدامات الأرض الزارعية. في المقابل تضل بقية الزارعات الأخرى ثانوية. بالاضافة الى ما تفرضه الهياكل العقارية من ضغوطات على نظم ووسائل الاستغلال الفلاحي. لكن تجدر الاشارة الى أن ما يشهده مجال الد ارسة من نمو للمناطق السقوية ساهم في احداث تحولات نسبية في المنظومة الزارعية. فماهي مظاهر ذلك؟ ه. الفلاحة السقوية والتنويع النسبي للإنتاج

شهدت المساحة السقوية بمجال الد ارسة نموا مجاليا ملحوضا حيث قدرت في موسم 4092-4092 ب 92220 هك )المندوبية الجهوية للفلاحة، التقرير السنوي، لموسم

4092-4092(. بعد أن كانت في موسم 4000-4009 94229 هك. أي أنها سجلت نسبة زيادة جمليّة تقارب 90%. غير أن هذه الزيادة تحجب عنا اختلافا طفيفا بين المناطق السقوية الخاصة والعمومية. فلئن شهدت المناطق السقوية الخاصة نسبة زيادة جمليّة تقدر ب 90.20% فان المناطق السقوية العمومية بلغت نسبة الزيادة الجمليّة وخلال نفس الفترة 99%. هذا الإختلاف في نمو المساحات السقوية يتدعم باختلاف مجالي، حيث عرفت الأرياف الجنوبية الغربية من المجال قيد الد ارسة نسبة نمو جمليّة قدرت ب 40.92% خلال الفترة الممتدة بين 4000 و4092 بينما لم تسجل المنطقة الشمالية الشرقية الا 10.2% خلال نفس الفترة. ويفسر هذا الاختلاف في نسبة النمو الى انتشار المبكر للمناطق السقوية بالمنطقة الشمالية الشرقية في حين يُعتبر احداث المناطق السقوية بالاولى حديثا مقارنة بالمنطقة الشرقية.

بالتوازي مع التوزع الجغ ارفي المتباين للموائد المائية وخاصة منها السطحية التي تركزت بالأساس في المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة تشهد المناطق السقوية هي الأخرى توزعا مجاليا متغاي ار بين أج ازء مجال الد ارسة. حيث استأثرت المنطقة الشرقية سنة 4092 بحوالي92% )المصدر السابق( من النسبة الجمليّة للمناطق السقوية بمجال الد ارسة والمُقدر مساحتها ب 92220هك. وبما يقارب 39% من النسبة الجمليّة للمناطق السقوية بكامل ولاية الكاف. هذا التوزع المتباين لمساحة المناطق السقوية انعكس على الإنتاج.

بلغ انتاج الخضر بالمجال المدروس في موسم 4092-4092 990920 طن )جدول عدد49(

بعد أن كانت في موسم 9222-4000 22339 طن )المصدر السابق، التقرير السنوي موسم 9222-4000( أي أنـه سجل نسبة زيـادة سنويـة تُقـدر ب3.40%. والمـلاحـظـة الجـديرة بالذكـر أن الخضـر تعرف توزعا مجاليا متباينا. فلئن بلغ حجم الخضر بالمنطقة الشمالية الشرقية 939903 طن أي ما يُمثل 20% من النسبة الجمليّة للخضر بمجال الد ارسة فإن المنطقة الجنوبية الغربية لم يبلغ حجم الإنتاج بها الا99023 طن أي حوالي 90%. ويفسر هذا التباين الشديد بين المنطقتين بالع ارقة النسبية لتعاطي نشاط الخضر بالمنطقة الشمالية الشرقية اذ يعود تقريبا الى منتصف السبعينيات من القرن الماضي مقارنة مع المنطقة الجنوبية الغربية. بالاضافة الى ذلك فان هذه الأخيرة توجه انتاجها الى الأعلاف أكثر من بقية الزارعات الأخرى بسبب محدودية الم ارعي وتتالي سنوات الجفاف. هذا الى جانب ما يختص به مجال الد ارسة من هيمنة واضحة لإنتاج الطماطم على بقية الخض اروات. حيث قدرت نسبة انتاجها ب30.49% من النسبة الجمليّة لإنتاج الخضروات في موسم 4092-4092 تليها نسبة 20.30% بالنسبة للخضر الأخرى. في المقابل لم يبلغ انتاج البطاطا نسبة ال9%من النسبة الجمليّة لإنتاج الخضر. أما انتاج البقول فقد بلغت النسبة 9.22% )النسب مُستخرجة من الجدول عدد49(. وقد كان لذلك تأثي ارت على مستوى خصائص قوى العمل بكلا المنطقتين.

تتطلب الفلاحة السقوية يد عاملة كثيفة خاصة في فترة الذروة كجني المحصول. لذلك يلتجئ الفلاح بالاضافة الى اليد العاملة العائلية الى تأجير العمال. وقد بينت نتائج الاستمارة الميدانية انتشا ار لثلاثة أنماط من اليد العاملة بالمجال المدروس. اذ نجد اليد العاملة العائلية التي ما ازلت تحتل المكانة الأولى ضمن بقية الأصناف بنسبة 24% من النسبة الجمليّة لليد العاملة. كما صرحت نسبة 43% من الذين يمارسون الفلاحة السقوية أنها تعتمد يد عاملة مؤجرة. وفي المقابل بلغت نسبة الفلاحين الذين ي اروحون بين اليد العاملة المؤجرة واليد العاملة العائلية 24%. غير أن هذه النسب وان مكنتنا من معرفة خصائص قوة العمل بكامل مجال الد ارسة الا أنها تخفي التباين الحاصل داخل مجال الد ارسة من حيث خصائص اليد العاملة. فلئن كان الإعتماد على اليد العاملة العائلية السمة الغالبة بمختلف مجال الد ارسة فان نسب الذين يعتمدون اليد العاملة المؤجرة ترتفع كلما اتجهنا من غرب الى شرق المجال المدروس أي أنها ترتفع في أرياف كل من الكاف، الدهماني، السرس والڤصور وتت ارجع هذه النسبة بكل من تاج روين، قلعة سنان، القلعة الخصبة والجريصة )الرسم البياني عدد99(. ويرتبط ذلك بأهمية المناطق السقوية بالنسبة للمنطقة الشرقية في مقارنة بالمنطقة الغربية. بالاضافة الى انتشار الخض اروات بالمنطقة الأولى. في حين يُركز فلاحوا المنطقة الثانية على الأعلاف. وهي بذلك لا تتطلب يد عاملة كثيفة. وتقتصر على اليد العاملة العائلية خاصة وأن ذروة العمل الفلاحي تكون في فت ارت العطل المدرسية. وبذلك يضمن

الفلاح مشاركة كافة أف ارد العائلة في العمل. وتجدر الإشارة الى أن اليد العاملة المؤجرة تتوزع بشكل يكاد يك ون متوازنا بين الجنسين اذ قدرت نسبة الذين يؤجرون يد عاملة من جنس الاناث49% و40% بالنسبة للذكور. في المقابل بلغت نسبة الذين يؤجرون يد عاملة من الجنسين 32%. ولمعرفة العلاقات التي يربطها المجال الزارعي المحلي مع أماكن جلب اليد العاملة ضمنا الاستمارة الميدانية أسئلة تتعلق بالأصل الجغ ارفي لليد العاملة المؤجرة. وهو ما مكننا من التوصل الى معرفة الدور الهام الذي تضطلع به مدن مجال الد ارسة في تأمين يد عاملة موسمية بالفلاحة السقوية اذ قدرت نسبة اليد العاملة الفلاحية من أصول حضرية ب20% من النسبة الجملية للذين يؤجرون يد عاملة مع أهمية اليد العاملة المؤجرة الريفية ب90%.

انطلاقا مما سبق نتبين أن المنظومة الزارعية بالمنطقة قيد الد ارسة ولئن حافظت على سماتها الرئيسية، والمتمثلة أساسا في هيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية من حيث المساحة وتواصل المساحة المخصصة للبور، فانها بدأت تشهد تحولات يمكن تلخيصها في: أولا ت ارجع طفيف في المساحة المخصصة للحبوب لصالح الأعلاف.

ثانيا ت ارجع واضح للمساحة المخصصة للبور. ثالثا تنوع المنظومة الزارعية بالمناطق السقوية اذ نجد الخض اروات والبقول. ومن الأهمية بمكان الاشارة الى التوزع الزمني والمجالي المتباين لمختلف المزروعات داخل المجال المدروس. حيث تحظى الأرياف الشمالية الشرقية بنسب إنتاج تتجاوز دائما الأرياف الجنوبية الغربية. ويفسر ذلك بعدة عوامل منها ماهو طبيعي )التساقطات، الموارد المائية، الترب…( ومنها ماهو بشري كخصائص الهياكل العقارية. فالى أي حد تنسحب هذه الاستنتاجات على نظام تربية الماشية؟

2. خصائص نظام تربية الماشية: الثوابت والتحولات

تعتبر تربية الماشية ثاني نشاط بعد الزارعات الكبرى بالتل العالي بصفة عامة ومجال

الد ارسة بصفة خاصة. وتفسر هذه الأهمية ب" التقاليد الفلاحية لسكان المنطقة أكثر منها بالمعطيات الطبيعية غير الملائمة لبقية الأنشطة الفلاحية" )Abdhallah.H.2013(. ولئن هيمنت زارعة الحبوب على الزارعات الكبرى فإن نشاط تربية الماشية بدوره يُعرف بهيمنة قطيع الأغنام. وفي المقابل تبقى تربية الأبقار والماعز والخيل ثانوية )جدول44(. فماهي خصائص نظام تربية الماشية والمنظومة العلفية؟ وماهي التحولات التي يشهدها كلاهما؟ أ. هيمنة واضحة لقطيع الأغنام

تبرز معاينة الجدول عدد 42 هيمنة مطلقة لقطيع الأغنام بنسبة قدرت ب22% من النسبة الجمليّة لحجم القطيع بمجال الد ارسة في موسم 4092-4092. تليها نسبة قطيع الماعز ب 2 % ثم الأبقار ب2% من النسبة الجمليّة لحجم القطيع بمجال الدارسة.

وهي خاصية يعرف بها التل العالي بشكل عام )رسم بياني عدد90(. كما يبرز نفس الجدول التوزع المتباين لحجم القطيع بين المنطقة الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية حيث تستأثر الأولى بنسبة 90.39% من النسبة الجمليّة لحجم القطيع بكامل مجال الد ارسة.

بينما لم تبلغ نسبة القطيع بالمنطقة الثانية الا 24.21% من النسبة الجمليّة للقطيع.

بالاضافة الى التوزع المتباين لحجم القطيع حسب نوعيته وحسب المناطق، فانه يعرف تذبذبا زمنيا واضحا )رسم بياني عدد91(. ويفسر هذا التذبذب بضغوطات المعطيات الطبيعية. اذ يعمد الفلاح الاناث. كما يسعى بعض الى التقليص من حجم القطيع كلما كانت المواسم جافة. في المقابل تشجع كثرة الم ارعي الطبيعية في المواسم الممطرة الفلاح الترفيع في حجم القطيع من خلال الاحتفاظ بالخرفان الفلاحين أيضا الى الترفيع في حجم القطيع عن طريق الش ارء بالاعتماد على عائدات الحبوب. كما تعتبر السنة الممطرة مناسبة للفلاح لتجديد قطيع الأغنام عن طريق التخلص من الأغنام المسنة وتعويضها بأخرى.

"وترتكز سياسة التعديل هذه على تجربة الفلاحين في علاقتهم بالوسط الطبيعي والتي تمكنهم من تقدير المارعي تحت تأثير التقلبات المناخية". )Abdhallah.H.2013(.

ولئن كانت الاغنام من صنف"الج ازئري /الغربي/الب رڤي" حديثة ببعض مناطق البلاد التونسية وتعد من مظاهر التحولات التي يشهدها القطاع من ذلك في سهل سيدي بوزيد )وفاء ب ارهمي،4094-4092( فان هذه الصنف من الاغنام يعتبر احدى ممي ازت وسط وجنوب ولاية الكاف في تربية الأغنام. وتجدر الإشارة الى أن تربية الأغنام ما ازلت تمارس

بطريقة ممتدة )مشهد عدد2( معتمدة على ما يتوفر بالمنطقة من م ارعي طبيعية قدرت

121

بحوالي 44203 هك في موسم 4092-4092 )المندوبية الجهوية للفلاحة، المي ازن الاقتصادي ،4092(. ولم تشهد التغي ارت التي عرفتها تربية الأغنام سواء من حيث الطريقة أو النوع ببعض مناطق البلاد من ذلك سهل سيدي بوزيد الذي بدأ يعرف تربية الأغنام "داخل الاسطبلات" )وفاء ب ارهمي،4094-4092(. وهو ما يف سر عدم انتشار زارعة العلف خاصة اذا تبيّنا أن تربية الأبقار الحلوب ما ازل محدودا.

تربية الماعز: قطيع هام رغم التذبذب

يعتبر الماعز ثاني أهم قطيع بمجال الد ارسة بعد الأغنام رغم الت ارجع الذي سجله خلال الفترة الممتدة من 4002-4092 )رسم بياني عدد92(. فبعد أن كان يقدر ب91930 أرس أصبح 2944 أرسا، أي

بنسبة ت ارجع جمليّة تقدر ب – 39%. الذي نستثني منه كل من معتمدية الجريصة والكاف الغربية اللتان سجلتا زيادة في حجم القطيع )أنظر جدول عدد93 في ملاحق الباب الأول(. كما أن الت ارجع لم يتم بنفس النسق بين المعتمديات. اذ يمكن أن نميز بين صنفين. الصنف الأول من المعتمديات وهو الذي سجل نسبة ت ارجع لم تتجاوز -92% )مستخرجة من احصائيات الجدول عدد93 الوارد في ملاحق الباب الأول(. وتتمثل في كل من معتمديتي الكاف الشرقية وتاجروين. أما الصنف الثاني والذي يظم أغلب المعتمديات. وقد عرف هذا الصنف نسب ت ارجع مرتفعة تجاوزت -32% بلغت أقصاها في معتمدية القصور التي سجلت -23% )المصدر السابق(. هذا الت ارجع يندرج في اطار أزمة الفلاحة البعلية التي تحتد كلما كانت المواسم الفلاحية غير مواتية مناخيا حيث يعمد الفلاح وفي اطار است ارتيجية تعديل التخلص من جزء هام من القطيع. وما ازلت تربية الماعز في المجال المدروس ممتدة بمصاحبة قطيع الأغنام )مشهد عدد2( ولم تشهد التحولات التي عرفتها بعض مناطق البلاد. اذ هناك توجه نحو عزل الماعز عن قطيع الاغنام و تربيته "داخل مكان مسيج بالأسلاك الحديدية أو داخل كوخ من القشّ ")وفاء ب ارهمي،4094-

4092(. وباعتبار الأهمية التي يحتلها نشاط تربية الماشية في حياة سكان المنطقة قيد الد ارسة فان طرق الاستغلال يُهيمن عليها الاستغلال المباشر الا أن ذلك لا يعني غياب الاستغلال غير المباشر.

طرق الاستغلا ل: هيمنة الاستغلال المباشر لا ينفي "الشِركَة"

يهم الاستغلال المباشر نسبة 29.42% من المستجوبين أي ما يمثل 929 مستجوبا. يت اروح حجم القطيع بين 20 و10 أرسا بالنسبة لحوالي 21% من هذه الفئة في المقابل يت اروح حجم القطيع بين 40 و90 بالنسبة ل94% منها، وناد ار ما يتجاوز ذلك. وتتم عملية الاعتناء بقطيع الماشية في اطار فلاحة عائلية حيث يظطلع أحد أف ارد العائلة )الأبناء ،البنات، الأم، الأب( بالرعي. كما يجمع بعض من الفلاحين بين الاستغلال المباشر و"ال شركَة" بنسبة قدرت ب3.92% من المُستجوبين )أي 20 مستجوبا(. وقد أثبتت الاستمارة أن أغلب نسبة من هؤلاء الفلاحين يتركزون بالأرياف الجنوبية الغربية ب 03% )أي 23 فلاح( من مجموع 20 مستجوب. ويُمارس 23 فلاحا الاستغلال المزدوج لعدة أسباب أولها محاولة تحسين الدخل العائلي وثانيها محدودية امكانياتهم المادية للترفيع في عدد القطيع وما يتطلبه ذلك من ضرورة توفير العلف للقطيع لا سيما في فت ارت الجفاف.

حيث يضطلع مالك القطيع بتوفير جزء من العلف في المقابل يتم اقتسام المنتوج بالتناصف. كما تكمن وارءه عدة دوافع أهمها توفر يد عاملة عائلية قادرة على الاعتناء بالقطيع. وتعكس هذه النسبة المرتفعة في الأرياف الجنوبية الغربية محدودية امكانيات الفلاحين وهشاشة قطاع تربية الماشية. أما بالنسبة للاستغلال غير المباشر فقدرت نسبته ب2% من النسبة الجمليّة للمستجوبين. وتتوزع بشكل متساو داخل مجال الد ارسة. ويت اروح حجم القطيع بالنسبة لهذه الفئة بين 900 و930 ويبلغ أحيانا 400 أرسا. يتولى الاعتناء بالقطيع ارعيا مختصا يؤمن له الفلاح مقر الاقامة. بالاضافة الى حصوله على خروف على كل 3 رؤوس، و94 كيس شعير و94 كيس قمح على كل 42 أرس عنم.

ويمارس فلاحو المنطقة الرعي الممتد بالاعتماد على ما يت وفر من م ارعي طبيعية.

لكن أمام من التقلبات المناخية التي تشهدها المنطقة قيد الد ارسة مثل نقص التساقطات وما ينجر عنها من نقص في الم ارعي يلجأ الفلحون الى العلف الاصطناعي والى اتباع مجموعة من الاست ارتيجيات بهدف المحافظة على القطيع.

د. طرق تغذية القطيع واستارتجيات التعديل

تتمثل الم ارعي الطبيعية في الأ ارضي غير قابلة للزارعة مثل السفوح الجبلية بالاضافة الى الأ ارضي التي تترك بوار )مشهد عدد2(. وقد بلغ حجم الم ارعي بمجال الد ارسة في موسم 4092 -4092 22230 هك )المندوبية الجهوية للفلاحة بالكاف، التقرير السنوي للأنشطة الاقتصادية،4092-4092( بعد أن كان في موسم 4009-4004 23900 هك )المصدر السابق، التقرير السنوي للأنشطة الفلاحية 4009-4004(. ويعود هذا الت ارجع في مساحة الم ارعي الى الت ارجع الذي شهدته المساحة المخصصة للبور)أنظر عنصر هيمنة الزارعات الكبرى على استخدامات الأرض الزارعية(. ولئن بلغ انتاج الأعلاف الطبيعية في موسم 4092-4092 909290000 وحدة علفية فان الحاجة الى الأعلاف قدرت ب921204000 وحدة علفية. وهذا يعني أن المي ازن العلفي بمجال الد ارسة يسجل عج از قدر ب- 49224000 وحدة علفية )المندوبية الجهوية للفلاحة بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. وباستثناء معتمدية الدهماني التي سجلت فائضا في المي ازن العلفي قدر ب942 وحدة علفية فان المي ازن العلفي ببقية معتمديات مجال الد ارسة يعرف عج از. أمام هذا النقص في المادة العلفية يسعى الفلاح الى التأقلم معها باتباع مجموعة من الاست ارتيجيات.

للتأقلم مع الضغوطات المناخية وتوفير المادة العلفية اللازمة للماشية يعمد الفلاح بالمنطقة قيد الد ارسة الى اتباع است ارتيجية تعديل تتمثل في: اما التقليص من حجم القطيع وأحيانا التخلص منه بسبب عدم قدرته على "مجاارة نسق اشتارء العلف اللازم لمدة سنتين أو أكثر")وليد محمدي،9223-9229(. أو التقليص من حجم الاغنام في المقابل الترفيع في حجم الماعز باعتبار أن نوع الماشية الأخير لا يتطلب كمية علف كبيرة مقارنة بالاغنام. وتعتبر است ارتيجية التعديل هذه ناجمة "عن تجربة اكتسبها الفلاحون في علاقة بالوسط الطبيعي ومدى قدرته على الاستجابة الى حاجيات القطيع")Abdallah.H.2013( بالاضافة الى امكانياتهم المادية لتوفير العلف الاصطناعي. وفي اطار السعي الى توفير العلف وتفادي الارتفاع الكبير لأسعاره في فت ارت الجفاف لم يقتصر الفلاحين على است ارتيجية التعديل وانما عددوا في است ارتيجياتهم )الاستمارة الميدانية4092(. ففيما تتمثل هذه الاست ارتيجيات؟

 تخزين المنتوج: الحبوب أرس مال مُجمّد

مما لا شك فيه أن ظاهرة تخزين الحبوب ليست حديثة بمجال الد ارسة وبكافة مناطق التل العالي. وتعتبر من أقدم است ارتيجيات التأقلم مع الأزمات التي تمر بها المنطقة. اذ كانت قديما تهدف الى تأمين المؤونة الى أف ارد العائلة بدرجة أولى والى قطيع الماشية بدرجة ثانية أثناء فت ارت الجفاف وفي فصل الشتاء. وقد تواصلت هذه الظاهرة اذ بلغت نسبة الذين يخزنون جزء من انتاج الحبوب حوالي11% من النسبة الجملة للمستجوبين. لكن الملاحظة الجديرة بالذكر في هذا السياق أن تواصل هذه الظاهرة اتخذت أشكالا جديدة في خزن المنت وج فلئن كانت "المطمورة" هي الأسلوب الوحيد في الحفاظ على مخزون الحبوب من التلف. فإن خزن المنتوج أصبح يتم في مخازن عصرية بالنسبة للفلاحين الكبار في حين يخصص الفلاحون الصغار والذين لا يملكون الامكانيات المادية لبناء هذه المخازن جزءا من المسكن العائلي لذلك. هذا على مستوى خزن المنتوج. أما الأسباب الكامنة وارء تواصل هذه الظاهرة فقد شهدت هي الأخرى تنوعا. فعلى خلاف الأسباب القديمة التي يُمكن حصرها في ثلاثة عوامل رئيسية حيث يقسم المخزون الى ثلاثة أقسام: يخصص الأول الى بذور الموسم القادم ما يعرف لدى الفلاحين ب"الزريعة"، القسم الثاني علف للماشية أما القسم الثالث فيكون عبارة على مؤونة العائلة على مدار السنة. فإن الأسباب الحالية قد تنوعت )رسم بياني عدد 40(.

انطلاقا من الرسم البياني يمكننا التوصل الى مجموعة من الاستنتاجات: أولا تواصل ظاهرة تخزين المنتوج بكامل مجال الد ارسة مع تباين محدود في النسب بين أج ازئه )أنظر جدول عدد99 في ملاحق الباب الأول(. ثانيا أن اعتماد المنتوج بماهو است ارتيجية لتجاوز الضغوطات الطبيعية )علف للماشية في فت ارت الجفاف( وبذور للموسم القادم من خلال

تخزينه يمثلان من أبرز الأسباب الداعمة لتواصل هذه الظاهرة بنسبة قدرت ب21% )أنظر جدول عدد90 في ملاحق الباب الأول( من النسبة الجمليّة لمختلف العوامل. ثالثا أن تخزين المنتوج يعد في احدى جوانبه شكلا من أشكال الأرس المال المُجمد. باعتبار أنه

يخزن لغاية بيعه في حالة تعرضت العائلة لأزمة مادية بنسبة قدرت ب2.2% من النسبة الجملية لأسباب تخزينالمنتوج، لترتفع هذه النسبة الى حوالي 99% اذا ما اعتبرنا تداخل هذا السبب- تحسبا لازمة مادية تمر بها العائلة-مع أسباب أخرى )أنظر جدول عدد90 في ملاحق الباب الأول(.

 انتشار غارسة "الهندي"

يُعتبر التين الشوكي أو ما يُعرف لدى الاهالي "بالهندي" عنص ار أساسيا من عناصر المشهد الريفي )مشهد عدد3(. حيث بلغ عدد الذين يغرسونه249 من مجموع المستجوبين. وهو ما

يمثل حوالي23% من النسبة الجمليّة. غير أن هذه النسبة تعرف تغاي ار في توزعها المجالي بين مختلف الأرياف قيد الد ارسة. اذ نسجل ت ارجعا لأعداد الذين يغرسون التين الشوكي كلما اتجهنا من الجنوب والغرب الى الشمال والشرق من المجال المدروس )أنظر جدول عدد91 في ملاحق الباب الأول(.

ومن هذا المنطلق يمكننا تقسم مجال الد ارسة الى قسمين:

القسم الأول: يظم المعتمديات التي لا تتجاوز نسبة الذين يغرسون التين الشوكي النسبة الجملية23% وهي الكاف الغربية والشرقية20%، الدهماني 20% والسرس41%.

القسم الثاني: ويظم المعتمديات التي تتساوى أو تفوق فيها نسبة الذين يغرسون التين الشوكي مع النسبة الجمليّة. وقدرت أعلى نسبة بمعتمدية تاجروين بحوالي 02% تليها في ذلك القلعة الخصبة ب02% فقلعة سنان ب31% ثم الجريصة ب33% فالڤصور ب23% )النسب أنظر الجدول عدد 91 في ملاحق الباب الأول(. وبالنظر الى الأسباب الكامنة وارء انتشار التين الشوكي بمجال الد ارسة )رسم بياني عدد49( تنجلي عوامل الاختلاف بين المنطقة الشمالية الشرقية من مجال الد ارسة والمنطقة الجنوبية الغربية.

فلئن مثل اعتماد التين الشوكي باعتباره مادة علفية بالإضافة الى المتاجرة به في المواسم الجافة أهم العوامل التي دفعت بفلاحي الأرياف الجنوبية – الغربية الى غ ارسته، وهو ما يؤكد أنه يشكل احدى است ارتيجياتهم للتأقلم مع الضغوطات المناخية من ذلك بلغت نسبة الذين غرسوا التين الشوكي من أجل اعتماده مادة علفية وللمتاجرة به بمعتمدية قلعة سنان23% من النسبة الجمليّة لمالكي التين الشوكي بهذه المعتمدية )أنظر جدول عدد92 في ملاحق الباب الأول( فان الأسباب

التي دفعت بفلاحي الأرياف الشمالية الشرقية لغ ارسة التين الشوكي وان كانت هي الاخرى تشمل السببين السابق ذكرهما الا انهما لا يمثلان الأهم وانما هناك عوامل أخرى مثل عامل الانتفاع من ثماره، سياج للأرض… كانت الأهم بالنسبة اليهم في غ ارسة التين الشوكي. مثال بلغ عدد الذين صرحوا بأن السبب الرئيسي وارء غ ارستهم للتين الشوكي بمعتمديتي الكاف الغربية والشرقية 29 من جملة 00 فلاح يغرسون التين الشوكي )أنظر جدول عدد92 في ملاحق الباب الأول( أي ما يعادل22.41%. وفي الواقع فان هذا الاختلاف يجد مبرره في اختلاف المعطيات المناخية بين اج ازء مجال الد ارسة من ناحية.) عنصر من هذا الفصل( في انتشار الزارعات العلفية في المنطقة الشمالية الشرقية من مجال الد ارسة وذلك في علاقة بانتشار تربية الأبقار.

ه. خصائص تربية الأبقار: تركز مجالي بالأرياف الشرقية ومحدودية الزارعات العلفية

ما ازلت تربية الأبقار نشاطا ثانويا بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف اذ لم تمثل الا 2.92% من النسبة الجملية لتربية الماشية بمجال الد ارسة في موسم 4092 -4092

)النسبة مُستخرجة من جدول عدد93 في ملاحق الباب الأول(. بالاضافة الى ذلك تشهد توزعا مجاليا متباينا داخل المجال المدروس )الخريطة عدد49(. كما تهيمن الأبقار المحلية والشركي على بقية القطيع اذ قدرت ب90.20% خلال موسم 4092-4092 من النسبة الجملية للقطيع رغم الت ارجع الذي سجلته اذ كانت تقدر ب01.42% خلال موسم 4000-4009 )المصدر السابق(.

يشهد نشاط تربية الأبقار ترك از مجاليا بالأرياف الشمالية الشرقية )رسم عدد44( حيث قدر حجم القطيع خلال موسم 4092 -4092، 9412 أرسا. بينما لم يبلغ بالأرياف الجنوبية الغربية الا 9209 أرسا )المصدر السابق(. ويُفسر هذا التركز المجالي لتربية الأبقار بأهمية الفلاحة السقوية بهذه المناطق. حيث بلغت 1112 هك أي حوالي 39% من المساحات السقوية بكامل ولاية الكاف موزعة بين عمومية 4920 هك وخاصة 9924 هك. الى جانب ذلك توفر بنية تحتية والمتمثلة أساسا في مجامع الحليب بهذه المنطقة.)أنظر الباب الثاني:الفصل الأول العنصر(. في المقابل تبقى تربية الأبقار محدودة جدا بالنسبة للمعتمديات الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة والمتمثلة في تاجروين، الج ريـصة، القلعـة الخـصـبة وقلعة سنان )خريطة عدد49+ رسم بياني عدد44(. ومرد ذلك أن هذه المناطق تهيمن عليها الفلاحة البعلية. كما أن تربية الأبقار نشاطا ثانويا بالنسبة للفلاحين الذين يمارسون الري باعتبار غياب تقاليد في هذا الشأن ونسجل توجها من قبل فلاحين القلعة الخصبة نحو الخضر والبعض منهم يركز على زارعة أشجار العنب. وهي غ ارسات لم تتخطى بعد طور التجربة. بصفة عامة فإن حجم الأبقار الحلوب في مجال الدارسة سجل

ت ارجعا منذ موسم 4092 -4092 حيث بلغ 0313 أرس بعد أن كان 99920 في موسم 4000-4009 )المندوبية الجهوية للفلاحة بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. وبذلك فقد سجل نسبة ت ارجع سنوية قدرت بحوالي-2%. ويفسر هذا الت ارجع بالصعوبات التي يواجهها الفلاحون في ترويج الحليب خاصة بعد غلق العديد من مجامع الحليب بعد "ثورة 92 جانفي 4099" مثل مجمع الحليب القلعة الخصبة، وقلعة سنان. ويبقى غلق مجمع الحليب بالزوارين من معتمدية الدهماني سنة 4092 الأكثر تأثي ار على نشاط تربية الأبقار الحلوب باعتبار أهمية هذا الأخير بهذه المنطقة. وقد أُُضطر الفلاحون في البداية الى التوجه الى

مجمع الحليب بالزعف ارن التابع الى معتمدية الكاف الشرقية. لكن هذا الأخير لا يقبل دائما كامل الكمية وأحيانا يرفضها كلها "متعللا بمحدودية طاقة الخزن" )العمل الميداني، محادثة مع أحد أعوان مجمع الحليب بالزعف ارن، شهر جوان 4092(. وأمام تواصل هذه الصعوبات بدأ الفلاحون في التخلي التدريجي عن قطيع الأبقار. وبرزت في نفس الفترة بداية تعويضه بالأشجار المثمرة.

وبالتوازي مع انتشار الأبقار الحلوب بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة فقد عرفت هذه الأخيرة أيضا انتشا ار للزارعات العلفيّة الا أنها تبقى محدودة المساحة ولا تمثل الا نسبة محدودة من استخدامات الأرض الزارعية. ولقد قُدرت المساحة العلفية الجمليّة ب40143 هك خلال موسم 4092- 4092 )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. وتتوزع هذه المساحة بين الأرياف الشمالية الشرقية ب92133 هك أي ما يُمثل حوالي 90%. في حين لم تبلغ هذه المساحة الا 9200 هك بالأرياف الجنوبية الغربية.

كما يبرز هذا الاختلاف بين المنطقتين من خلال الانتاج اذ استحوذت المنطقة الشمالية الشرقية على 12% من النسبة الجملية لانتاج الأعلاف لموسم 4092-4092. في المقابل لم تبلغ نسبة انتاج الاعلاف بالمنطقة الجنوبية الغربية الا 90% )المصدر السابق(. ويفسر

131

هذا الاختلاف باعتبار تباين انتشار تربية الابقار الحلوب بالمنطقة الشرقية ومحدوديته بالجزء الغربي من مجال الد ارسة. وبالتوازي مع الت ارجع الذي سجله قطيع الأبقار فقد شهدت الزارعات العلفية هي الأخرى ت ارجعاعلى مستوى المساحة والانتاج. فلئن كانت المساحة المخصصة للأعلاف في موسم 9222-4000، 44293 هك فقد بلغ في موسم 4092- 4092، 40143 هك مسجلة بذلك نسبةت ارجع تقدر ب-0%. كما شهد الانتاج ت ارجعا واضحا، اذ قدرت نسبة الت ارجع الجمليّة بما يناهز-92% خلال الفترة الممتدة من 9222 الى 4092. وبصفة عامة يُعتبر الانتاج بكامل المجال المدروس محدودا مقارنة بمختلف مناطق التل العالي. فلئن قدر انتاج الأعلاف بمجال الد ارسة ب40143 طن خلال موسم 4092-4092، فإن ذلك لا يُمثل الا 9.49% من انتاج الأعلاف بالتل العالي خلال نفس الموسم. )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، مصدر ذكر سابقا+ وازرة التنمية الجهوية والتخطيط، ديوان تنمية الشمال الغربي، ولاية سليانة وباجة في أرقام،4092(.

انطلاقا مما سبق يتضح أن نظام تربية الماشية لم يشهد تحولات جذرية بل ما ازل يحافظ على خطوطه الرئيسية مثل المنظومة الزارعية. فهل تنسحب هذه الملاحظة على نظام الغ ارسات؟ وأي مكانة تحظى بها الغ ارسات ضمن استخدامات الزارعية؟

3. نظام الغراسات: هيمنة الزياتين وضعف المردود

بلغت المساحة المخصصة للغ ارسات بمجال الد ارسة في موسم 4092 – 4092

20020 هك، أي ما يُمثل 99.92% من النسبة الجمليّة للمساحة الصالحة للزارعة لمجال الد ارسة )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية، مصدر ذكر سابقا(. وبالرغم من ارتفاع المساحة المخصصة للغ ارسات خلال الفترة الممتدة من 9222 الى 4092، اذ كانت تقدر ب40223 هك )المصدر السابق(، أي بنسبة زيادة جمليّة تقدر ب10.24% بقي نشاط الغ ارسات بمجال الد ارسة نشاطا ثانويا. ولم يشهد التحولات التي شهدتها عدة مناطق من البلاد من ذلك "مناطق مجردة الوسطى التي شهدت ثورة تشجيرية")ستهم حافظ،9222، بتصرف(. بالاضافة الى أن هذه المساحة لا تمثل الا 41% من المساحة الجمليّة المخصصة للغ ارسات بكامل التل العالي خلال موسم4092-4092. وعموما فان المساحة المخصصة للغ ارسات بولاية الكاف لا تمثل الا حوالي 22% من المساحة الجملية للغ ارسات بالتل العالي بينما تنفرد ولاية سليانة بما يناهز31% من النسبة الجملية لمساحة الغ ارسات بالتل العالي. كما يشهد نظام الغ ارسات بمجال الد ارسة هيمنة للزياتين على بقية الغ ارسات الأخرى. ويبرز ذلك من خلال المساحة والانتاج.

أ. هيمنة الزياتين على بقية الغارسات

بلغ حجم المساحة المخصصة للزياتين 20000 هك، أي ما يُمثل 94.03% من النسبة الجمليّة للمساحة الزارعية لموسم 4092 -4092، بمجال الد ارسة. في المقابل لم تبلغ نسبة المساحة المخصصة لبقية الأشجار المثمرة الا 2.29% من النسبة الجملية للأرض الزارعية خلال نفس الفترة )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحة بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. وقد قدرت نسبة مساحة الزياتين ب02.21% من النسبة الجمليّة لمساحة الغ ارسات في نفس الموسم. غير أن هذه المساحة لا تعكس أهمية في الانتاج.

ب. مردود ضعيف ومتباين مجاليا

بلغ انتاج الزيتون بالتل العالي 99000 طن خلال موسم 4092-4092. وقد قدر حجم الانتاج بولاية الكاف 92220 طن أي ما يمثل ق اربة 22% من النسبة الجملية لانتاج التل العالي. بينما انفردت ولاية سليانة بحوالي 90% خلال نفس الموسم )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحة بالكاف، مصدر ذكر سابقا(. أما عن مجال الد ارسة فقد بلغ الانتاج 92120 طن خلال نفس الموسم. وهو ما يُمثل ق اربة 41% من النسبة الجملية لانتاج التل العالي. هذه النسبة )22%( وان بدت مهمة نسبيا الا أن المردود يبقى محدودا جدا حيث قدر مردود الزيتون بولاية الكاف ب0.20 طن/هك )09.2 بمجال الد ارسة( خلال موسم 4092 -4092. وهو بذلك لم يبلغ مردود التل العالي والمُقدر ب 0.33 طن/هك. كما أنه أقل مما حققته ولاية سليانة حيث قدر مردود الزيتون بها ب0.90 طن/هك خلال نفس الموسم. بالاضافة الى ما يتصف به المردود من ضعف اذ لم يبلغ 4 طن/هك في أحسن حالاته خلال الفترة الممتدة من4000 الى 4092، فانه يعرف كذلك بالتذبب بين المواسم الفلاحية )رسم بياني عدد42(. ويفسر هذا التذبذب بتذبذب التساقطات. كما يشهد المردود توزعا مجاليا متباينا بين مختلف معتمديات التل العالي )خريطة عدد40(. وعموما فان مردود الزيتون يت ارجع كلما اتجهنا من الشمال والشرق الى الغرب. حيث احتلت ثلاثة معتمديات المرتبة الأولى )تبرسق، قعفور وبع اردة( بمردود قدر ب9طـن/هك. هذا المـردود الضعيـف بمجال الد ارسـة يفسـر أسباب توجيه أغلب الانتاج الى الاستهلاك العائلي بنسبة جمليّة قدرت بحوالي00% )الاستمارة الميدانية،4092(. وهي خاصية تعرفها كامل

أرياف مجال الد ارسة وان كانت النسب تتفاوت بين المعتمديات الا أنها لم تت ارجع دون 20% وبلغت أقصاها في معتمدية الدهماني14.23% )الاستمارة الميدانية،4092(. كما يُعزى ذلك الى اهتمام فلاحي هذه المعتمدية بالزارعات الكبرى والخضر الصيفية والشتوية لذلك فان الغ ارسات تعتبر نشاطا ثانويا بالنسبة اليهم. وتعتبر القلعة الخصبة أكثر المعتمديات ترويجا لإنتاج الأشجار المثمرة ومرد ذلك بداية انتشار غ ارسة العنب. ومن الأهمية بمكان الإشارة الى أن تعاطي الغ ارسات غالبا ما ي ارفقه زارعة الحبوب أو أن يعتمد بوار مرعيا وهي احدى است ارتيجيات الفلاح -لا سيما الفلاح الصغير والذي لا يمتلك أرض كافية تمكنه من تعاطي مختلف الأنشطة الفلاحية- من أجل توفير مرعى لقطيع الماشية )مشهد عدد9(. وبالرغم من أن ترويج انتاج الاشجار المثمرة يعتبر ثانويا فإنه فتح مجال الد ارسة على أط ارف فاعلة جديدة من خلال مسالك الترويج وما يتبعها من علاقات يعقدها مع مجالات أخرى.

تبقى ولاية الكاف مثل مناطق التل العالي منطقة فلاحية بالأساس. تعتمد على نشاطيّ الزارعة وتربية الماشية إن لم نقل أنها الأكثر اعتمادا من غيرها من ولايات الشمال الغربي على هاذين النشاطين. نظ ار للظروف الطبيعية التي تميزها والتي تعرضنا إليها في الصفحات السابقة. وهو ما يجعل من اقتصاد الولاية هشا خاصة إذا ما اتضح أن نشاط الزارعة تهيمن عليه الزارعات الكبرى بصفة عامة والحبوب بصفة خاصة في المقابل يحتل قطيع الأغنام الصدارة بالنسبة لقطاع تربية

الماشية، مجسما بذلك أبرز مظهر من مظاهر ركود القطاع الفلاحي. الا أن ذلك لا ينفي وجود تحولات وان كانت محدودة تشهدها المنظومة الفلاحية بمجال الد ارسة، مثل بداية ت ارجع المساحة المخصصة للبور. غير أن ذلك يبقى مرتبطا بالتساقطات فكلما كان الموسم الفلاحي مواتيا تت ارجع مساحة البور لصالح الحبوب وترتفع في مواسم الجفاف. هذا الارتباط الشديد للقطاع الفلاحي بالمعطيات الطبيعية وماله من تأثي رات سلبية على الحياة الاقتصادية لسكان المنطقة ارفقه محدودية للأنشطة الاقتصادية الأخرى بمدن مجال الد ارسة.

II. محدودية الأنشطة الاقتصادية الاخرى

تتجلى محدودية الأنشطة الاقتصادية بمدن مجال الد ارسة في ثلاثة مستويات: يتمثل المستوى الأول في أزمة النشاط المنجمي. ويتمثل الثاني في محدودية المؤسسات سواء من حيث العدد أو من حيث التشغيل. أما المستوى الثالث فيتمثل في القطاع الثالث الذي يُعرف بأنشطة قاعدية وعمومية في أغلبها.

1. محدودية الأنشطة الصناعية أ. أزمة النشاط المنجمي

يعتبر التل العالي ثاني منطقة منجمية بالبلاد التونسية بعد الحوض المنجمي بقفصة سواء من حيث الأهمية العددية للمناجم )خريطة عدد41( أو من حيث الإنتاج. بلغت كمية الانتاج المنقولة )الفسفاط، الحديد، الزنك، الرصاص…( عبر السك الحديدية ال اربطة بين تونس- القلعة الجرداء )القلعة الخصبة حاليا( 991000 طن سنة 9299 )Monchicourt.

Ch. 1913(. ويعتبر الفسفاط أهم مادة منجمية منقولة اذ قدرت ب2230.000 طن وهو ما يمثل 32% من النسبة الجمليّة للمنقولات المنجمية. ويمثل منجم القلعة الخصبة أهم المناجم المنتجة للفسفاط آن ذاك، يليه في ذلك منجم الجريصة لإنتاج الحديد بإنتاج قدر سنة 9299 4929000 طن )المصدر السابق( ثم بقية الخامات الأخرى ب924.000 طن تستخرج من عدة مناجم مثل منجم الرصاص بجبل سلاطة ) منزل سالم حاليا( منجم قرن الحلفاية، منجم الحوض….

نستنتج انطلاقا من الخريطة عدد41 أن مجال الد ارسة كان يزخر بموارد منجمية هامة

لكن على عكس مناجم الحوض المنجمي بقفصة التي ما ازلت ذات إنتاج مرتفع اذ بلغ " 1009193 طن سنة 4000 ")مياسة معط الله 4002-4090( فان أغلب مناجم التل عالي بما في ذلك مناجم مجال الد ارسة عرفت نفاذا لمخزونها وأغلقت باستثناء أربعة مناجم ثلاثة منها توجد بمجال الد ارسة )خريطة عدد41( من ج ارء الإستغلال الاستعماري المفرط الى جانب أن مخزون الخامات المنجمية لم يكن بالأهمية التي ميزت مناجم الحوض المنجمي بقفصة.

وقد مثل اكتشاف الخامات المنجمية بمجال الد ارسة سببا رئيسيا لمد السكة الحديدة لنقل المنتوج المنجمي بالاضافة الى الإنتاج الفلاحي باتجاه الموانئ الساحلية. كما أفضى الى تكون قرى منجمية من قبيل الجريصة، سلاطة )منزل سالم حاليا( القلعة الجرداء.

عموما يمكن أن نميز بين ثلاثة أنواع رئيسية من الخامات المستخرجة حاليا من مجال الد ارسة وتتمثل في الزنك، الرصاص والحديد موزعة تقريبا على ثلاثة مناجم:

منجم الحديد بالجريصة22: بدأ استغلال هذا المنجم سنة 9201. كان يؤمن انتاج يبلغ

030000 طن. لكنه شهد ت ارجعا خلال عشرية السبعينيات من القرن الماضي ليبلغ

490000 طن. وقد قدر ت ارجع الانتاج ب400 طن /السنة منذ تسعينيات القرن الماضي.

إذ قدر الانتاج سنة 9224 ب 424329 طن ليصل الى 912902 طن سنة 9223 ثم 924000 طن سنة 4002 وقد بلغ سنة 4094 حوالي 920200 طن. كان لت ارجع المخزون والانتاج انعكاسات على مواطن الشغل وعلى الصاد ارت. اذ لم يعد يوفر هذا المنجم الا 920 موطن شغل. ولا يصدر الا ما قيمته 229000 دينار تونسي. بالإضافة الى تحول نسبة 20% من الانتاج الى معمل الفولاذ ببنزرت منذ9220 من الانتاج.

Schéma Directeur d’aménagement de la région du Nord-Ouest. الأرقام مأخوذة من(

.)2007

منجم بوجابر23 )من معتمدية قلعة سنان( لاستخ ارج الزنك والرصاص بلغ انتاجه

9419 طن سنة 4002. يوجه أغلب انتاجه الى السوق المحلي. باستثناء ما قيمته

29000 دينار تونسي يتم تصديره. كما يوفر 904 موطن شغل. )المصدر السابق(.

منجم بوڤرين: )تابع اداريا لمعتمدية السرس( ينتج الرصاص والزنك وتعتبر مدخ ارت هذا المنجم هامة نسبيا مقارنة بالمنجمين السابقين. بلغ الإنتاج سنة 4002 900000 طن. ويوفر 200 موطن شغل. بلغت قيمة صاد ارت هذا المنجم ما يعادل 9901000 دينا ار تونسيا. )المصدر السابق.(

أدى الاستغلال المفرط للخامات المنجمية بالإضافة الى انتفاع مجالات خارجة عن البلاد التونسية في الفترة الاستعمارية وعن مجال الد ارسة في فترة الاستقلال من عائدات هذه الثروة المنجمية الى غياب أي تاركم لأرس مال يمكن من تنشيط الدورة الاقتصادية بالمجال المدروس من خلال بعث مؤسسات صناعية وخدمية مرتبطة بالأنشطة الاستخ ارجية التي كان من الممكن أن تكون دافعا لنشأة مؤسسات صناعية أخرى تسعى في توطنها للاستفادة من مقتصدات القرب. كل هذه العوامل أفرزت قطاعا صناعيا مهمشا.

فماهي ملامح هذه الهامشية؟

ب. مظاهر هامشية القطاع الصناعي.

سنركز في د ارستنا لهذا العنصر على ولاية الكاف بشكل عام في مقارنة مع بقية ولايات الشمال الغربي دون أن نغفل عن تسليط الضوء أكثر على مجال د ارستنا. لئن كانت ولاية الكاف ومن ضمنها مجال الد ارسة لا تشذ عن القاعدة العامة للشمال الغربي من حيث هامشية القطاع الصناعي. وتتجلى هذه الهامشية في محدودية المؤسسات الصناعية والشغل الصناعي. حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية المتوطنة بالشمال الغربي سنة4099 حوالي 232 مؤسسة مقابل 9242 مؤسسة بتونس الكبرى و4021 مؤسسة بالشمال الشرقي ككل. يضاف الى ذلك هيمنة المؤسسات الغذائية الفلاحية بنسبة 22.24% من النسبة الجملية للمؤسسات الصناعية بالشمال الغربي. وقد وفرت هذه المؤسسات 16303 موطن شغل مقابل 123221 موطن شغل توفره المؤسسات الصناعية باقليم تونس الكبرى و371653 موطن شغل بالمؤسسات الصناعية بالشمال الشرقي. فان الوضع أي هامشية القطاع الصناعي يصبح أكثر حدة في ولاية الكاف اذ بلغ عدد المؤسسات الصناعية المشغلة لأكثر من 11 عمال 76 )رسم بياني عدد33(. وهو ما لا يمثل الا حوالي 1% من النسبة الجملية للمؤسسات الصناعية المتوطنة بالشمال الغربي.

وعلى عكس بقية ولايات الشمال الغربي اين تهيمن المؤسسات الصناعات الغذائية والفلاحية على التركيبة العامة للمؤسسات حيث تتجاوز النسبة العامة للمؤسسات الغذائية الصناعية المتوطنة بالإقليم بكل من ولاية سليانة ب33.71%، باجة ب37.73% وجندوبة بحوالي31% )أنظر جدول عدد11 بملاحق الباب الأول(. فان المؤسسات الصناعية

الغذائية الفلاحية بولاية الكاف تأتي في المرتبة الثانية بنسبة21.71% من النسبة الجملية للمؤسسات الصناعية المتوطنة بكامل الولاية في حين تحتل صناعة مواد البناء والخزف والبلور المرتبة الاولى بنسبة23.31%. تتجلى هامشية القطاع الصناعي كذلك بولاية الكاف من خلال المحدودية العددية للمناطق الصناعية من ناحية وضعف استغلالها من ناحية أخرى، اذ لا تحتوي ولاية الكاف الا على منطقتين صناعيتين. "تمت تهيئة الأولى سنة 9203 من قبل المجلس الجهوي وتمتد على 42هك الا أنها تعاني من نقص في الاستغلال"فعدد المقاسم الموزعة يقدر ب 42 لا تستغل منها بصفة فعلية الا 1 مقاسم"

)الصديق الفازعي، 4094(. أما المنطقة الصناعية الثانية فوقع تهيئتها من قبل الوكالة العقارية للصناعة سنة 9221 بالكاف الشرقية وتمتد على مساحة تقدر ب90.3هك.

وتحتوي حاليا على ثمانية مؤسسات صناعية في مقابل بلغ عدد المناطق الصناعية بولاية باجة 90، جندوبة 2، وسليانة 3 )ولايات الشمال الغربي في أرقام4094(.أما المظهر الثالث من مظاهر هامشية القطاع الصناعي بولاية الكاف فيتمثل في محدودية مواطن الشغل التي توفرها المؤسسات الصناعية اذ قدرت ب 4130 موطن شغل. وهي بذلك تكون دون مواطن الشغل التي توفرها المؤسسات الصناعية المتوطنة ببقية ولايات الشمال الغربي وكذلك بمختلف ولايات الوسط الغربي اذ قدرت عدد مواطن الشغل الصناعي بالقصرين

9424، القيروان 2190 و2001 بولاية سيدي بوزيد سنة 4099. ومرد ذلك هيمنة المؤسسات الصناعية الصغرى حيث قدر عدد المؤسسات المشغلة لأكثر من 30 عامل 93 من مجموع 32 م ؤسسة صناعية مشغلة لأكثر من 90 عمال أي ما نسبته

43.24%. أما المؤسسات المشغلة ل900عامل فما فوق فتعتبر نادرة اذ لم تتجاوز نسبتها

92% من مجموع المؤسسات الصناعية المشغلة لأكثر من 90عمال. وبالاعتماد على عنصر التشغيل فان مركز الولاية يحتل المرتبة الاولى ب242 موطن شغل )24.39% من الشغل الصناعي لكامل ولاية الكاف، و22.22% من النسبة الجملية للشغل الصناعي بمجال الد ارسة( تليه في ذلك مدينة تاجروين ب992 موطن شغل )42.29% من الشغل الصناعي لكامل ولاية الكاف، و42.02% من النسبة الجملية للشغل الصناعي بمجال الد ارسة(.

تتوزع هذه المؤسسات الصناعية على كامل المجال الجغ ارفي لولاية الكاف لكن بشكل متباين من حيث العدد والنوع )خريطة عدد42( حيث نلاحظ أن صناعة مواد البناء والخزف والبلور هي المنتشرة أكثر في المجال. وذلك بالتوازي مع انتشار المواد الأولية كالحجارة الرخامية، الجبس… من ذلك قدر عدد المدخ ارت الانشائية بمعتمدية تاجروين سبعة )ولاية الكاف في أرقام،4094( وقدر عدد مؤسسات صناعة مواد البناء والخزف والبلور ب3 مؤسسات لنفس المعتمدية )خريطة عدد42(.

نستنتج انطلاقا من التحليل السابق أن القاعدة الصناعية لمدن ولاية الكاف بصفة عامة

هشة اذ تهيمن عليها المؤسسات الصغرى التي تتصف بمحدودية مواطن الشغل. وفي واقع الأمر فان هذه الوضعية الصناعية الهشة لا تنفرد بها ولاية الكاف فحسب وانما مختلف ولايات الشمال الغربي لكن مع اختلاف في حدتها. ذلك أن المقارنة التي أجريناها ضمن التحليل السابق بينت أن القاعدة الصناعية بولاية الكاف هشة أكثر من ما هي عليه في الولايات الاخرى. ويعود ذلك الى عدة عوامل من بينها تأخر ومحدودية التدخل العمومي بولاية الكاف من خلال انشاء المناطق الصناعية بالاضافة الى تركزه المجالي في مدينة الكاف دون سواها مقارنة ببقية ولايات الشمال الغربي. كما شكل عامل غياب التقاليد الصناعية من الاسباب المنفرة لل أرس المال الوطني العمومي منه والخاص، والأجنبي.

141

2. قطاع ثالث قاعدي وعمومي في أغلبه

اتخذت الدولة في اطار سعيها الى" تحسين الشبكة الحضرية والتخفيف من الاختلالات والفوارق")حسن الطياشي، 9222( التي ورثتها عن الفترة الاستعمارية والتي مافتئت تتدعم مجموعة من الاج ارءات. شكلت الترقية الادارية أبرز أوجهها. وكان لهذه الأخيرة انعكاسات على القطاع الخدمي العمومي، اذ تلازمت الترقية الادارية مع نشر التجهي ازت العمومية وتوزيعها وتركيزها تفاضليا حسب م ارتب المدن ووظائفه. الأمر الذي أعطى لهذه المدن دوار في تنظيم مجالها الحضري والريفي وبناء علاقات مع مجالات أخرى بفضل القطاع الخدمي خاصة بالنسبة للمدن التي شهدت نموا للخدمات الخاصة. ولم يكن مجال الد راسة بمعزل عن مختلف هذه التحولات التي أكسبت مدنه اليات تنظيم مجالاتها الريفية من خلال تركيز مجموعة من الخدمات العمومية والخاصة. وفي هذا الصدد تعتبر الخدمات التعليمية والصحية من أهم محددات علاقات الريفية الحضرية )الفصل الثاني من الباب الثاني(. هو ما يدفعنا للتساؤل عن خصائص الخدمات بمدن مجال الد ارسة وما مدى قدرتها على الاستجابة الى حاجيات سكان الأرياف ؟ أ. الخدمات التعليمية

شهدت المنظومة التعليمية بولاية الكاف تحولات منذ الاستقلال وذلك في اطار سياسة وطنية شاملة كان الهدف منها نشر التعليم. ومن ملامح هذه التحولات الانتشار المجالي الواسع للمدارس والمعاهد الاعدادية والثانوية وتركز البعض منها بالتجمعات الريفية. وتعد المدارس الابتدائية الاكثر انتشا ار اذ يحتوي مجال الد ارسة على 922 مدرسة ،42 مدرسة اعدادية و93 معهدا ثانويا. وتتوزع هذه المؤسسات التعليمية توزعا مجاليا متباينا. فلئن انتشرت المدارس الابتدائية بكامل مجال الد ارسة وشملت المدن والارياف على حد السواء كذلك الشان بالنسبة للمعاهد الاعددادية اذ تركز البعض منها بالمجالات الريفية، فان تركز المعاهد الثانوية كان حك ار على المدن لذلك فانها ستمثل احدى اليات تنظيم المدن لاريافها من خلال تردد التلاميذ على هذه المعاهد )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني(. الى جانب أولية مدينة الكاف من حيث عدد المعاهد الثانوية والتي قدرت ب 3 من مجموع 93 معهدا بكامل مدن مجال الد ارسة تليها في ذلك كل من مدينة تاجروين، الدهماني والسرس بمعهدين لكل منهم. في المقابل لا تحتوي كل من مدينة الڤصور، الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان الا على معهد واحد بالنسبة لكل مدينة.

أما بالنسبة لمؤسسات التعليم الخاصة فانها مازلت محدودة عدديا ونوعيا. على مستوى العدد بلغ 0 معاهد ثانوية تركز 2 منها في مدينة الكاف، معهدان بمدينة تاجروين ومعهد بمدينة الڤصور. هذا التركز المجالي سيكون له تأثير على مستوى مناطق نفوذ هذه الخدمات اذ ستتجاوز أرياف المدينة لتستقطب تلاميذ من ارياف مدن أخرى )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني(. أما على مستوى نوعية المؤسسات التعليمية الخاصة فانها اقتصرت على المعاهد الثانوية ولم تشمل بقية مؤسسات التعليم الاخرى على عكس المدن الساحلية التي تنتشر بها مختلف مؤسسات التعليم الخاصة )المدارس الابتدائية، الاعدادية ،الثانوية وكذا الكليات( بالاضافة الى أنها موجهة الى التلاميذ الذين تم رفضهم من المعاهد العمومية ومن ثمة فان هناك نوع من الاجبار ولم يبرز بمدن مجال الد ارسة أي نوع من مؤسسات التعليم الخاصة التي يتوجه اليها التلاميذ بصفة ا اردية على عكس ما يتم في المدن الساحلية. ويفسر ذلك بتدني مستوى عيش السكان.

هذا التركز المجالي المتباين سواء بالنسبة لمؤسسات التعليم الخاص أو بالنسبة للمعاهد الثانوية يتدعم باحتكار مدينة الكاف لكافة مؤسسات التعليم العالي، حيث بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي سنة4092 ستة مؤسسات موزعة بالتوازي بين مركز المدينة وضاحيتها بوليفة على بعد3 كلم.

تتوزع مؤسسات التعليم بمجال الد ارسة بالتفاوت لا سيما منها المؤسسات الخاصة مما

سيؤثر على العلاقات التي تربطها هذه المدن مع الأرياف حيث ستتدعم مكانة مدن دون أخرى )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني(. وهو ما يدفعنا للتساءل: هل أن هذه الملاحظة تنسحب على المؤسسات الصحية أم لا؟ ب. الخدمات الصحية

استفادت ولاية الكاف على غ ارر بقية المناطق الداخلية من سياسة اللامركزية التي اتبعتها الدولة في مجال الخدمات بهدف تحيق التنمية. وتعتبر الخدمات الصحية من بين الخدمات التي عرفت انتشا ار هاما لاسيما منها تجهي ازت م اركز الصحة الأساسية التي تركزت بالمناطق الريفية. غير أن التوزع الجغ ارفي للمؤسسات الصحية يعرف تغاي ار مجاليا سواء من خلال مقارنة ولاية الكاف ببقية الولايات الأخرى أو على مستوى توزع هذه المؤسسات بين معتمديات الولاية. انطلاقا مما يقدمه المعهد الوطني للاحصاء من معطيات حول البنية التحتية الصحية )جدول عدد 40 في ملاحق الباب الأول( يتضح أن ولاية الكاف الأضعف تجهي از من حيث البنية التحتية الصحية العمومية مقارنة بمختلف ولايات الشمال الغربي والوسط الغربي. ويصبح الأمر غير قابل للمقارنة بالنسبة للولايات الساحلية سواء بالنسبة للتجهي ازت العمومية و/أو الخاصة من ذلك ولايتي المنستير)جدول عدد 40 في ملاحق الباب الأول( والمهدية اللتين قدر عدد المؤسسات بها 012 موزعة بين عمومية ب940 وخاصة930. وتحظى مدينة الكاف باعتبارها مركز ولاية بالنصيب الأوفر من هذه المؤسسات اذ تستأثر بالمستشفى الجهوي الذي يتميز عن المستشفيات المحلية بتوفر الاختصاصات الطبية بالاضافة الى طاقة استيعاب تقدر ب 220 سرير مقابل 922 سرير تؤمنها المستشفيات المحلية بباقي معتمديات ال ولاية. وتعود هذه الاهمية للمستشفى الجهوي الى مكانته على المستوى الولائي وكذلك الاقليمي اذ هو مطالب نظريا بتوفير حاجيات المرضى العلاجية لكامل الولاية. هذه الأولية التي تحظى بها مدينة الكاف على مستوى المؤسسات الصحية العمومية تدعمت بأولية على مستوى التجهي ازت الصحية الخاصة. فماهي خصائص البنية التحتية الصحية الخاصة بولاية الكاف؟

انطلاقا من معاينة المعطيات التي يوفرها المعهد الوطني للاحصاء الصادرة سنة 4094 والمتعلقة بالتجهي ازت الصحية الخاصة لسنة4099 يمكننا أن نسوق مجموعة من الاستنتاجات. أولا المحدودية العددية لمختلف هذه التجهي ازت في مقارنة مع ما يتوفر بالولايات الساحلية وكذلك مع بعض الولايات الداخلية من قبيل ولاية جندوبة في مقابل التشابه مع الولايات الداخلية الأخرى )جدول عدد49 في ملاحق الباب الأول(. الامر الذي يجعل من ولاية الكاف تابعة لولايات أخرى على مستوى الخدمات الصحية الخاصة والعمومية كذلك. ثانيا على مستوى التوزع الجغ ارفي لهذه الخدمات بين مدن مجال الد ارسة حيث نلاحظ ترك از مجاليا بمدينة الكاف اذ تركز بها 02% من النسبة الجملية للعيادات الخاصة بمدن مجال الد ارسة ،24.20% من الصيدليات، حوالي90% من محلات التمريض واحتك رت كل من المصحات ،مخابر التحليل ومصحات تصفية الكلى. تليها في ذلك مدينة تاجروين ثم بدرجة أقل مدينة الدهماني. بينما ما ازل حضور هذه الخدمات محتشما جدا ببقية المدن )جدول عدد44 في ملاحق الباب الأول(. كل هذه الخصائص سيكون لها تأثير على قدرة المدن على تنظيم مجالها )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني.(

خاتمة الفصل الثالث:

لقد تمكنا من خلال ما تقدم من الوقوف عند الأسباب الاقتصادية للتحركات السكانية بوسط وجنوب ولاية الكاف. تتمثل في الهياكل العقارية المتصفة بهيمنة الملكيات الصغرى وأهمية ظاهرة التركز العقاري. الى جانب ما تشهده الملكيات من تفتت عمق من أزمة المستغلات. كل هذه الضغوطات وغيرها كان لها تأثير سلبي واضح في أنظمة الانتاج الفلاحي. فالمنظومة الزارعية بالمجال المدروس تهيمن عليها الزارعات الكبرى وخاصة انتاج الحبوب وذلك من حيث المساحة. غير أن الأهمية التي تتميز بها الحبوب لا تعكس أهمية في الإنتاج أو المردود. ذلك أن المردود ما ازل ضعيفا ومتباينا زمنيا ومجاليا. اذ يت ارجع في الأرياف الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة. كما أن نظام تربية الماشية ما ازل تهيمن عليه الأغنام في حين بقي نشاط تربية الأبقار الحلوب مقتص ار خاصة على المنطقة الشمالية الشرقية من مجال الد ارسة بالاضافة الى ما يشهده من صعوبات أفضت الى ت ارجع واضح في حجم القطيع خلال الموسم 4092-4092. وبالرغم مما يظهر من بوادر تحول في نظام الغ ارسات تبرز من خلال ارتفاع المساحة المخصصة له ضمن استخدامات الأرض الزارعية، فان هيمنة الزياتين على بقية الغ ارسات من حيث المساحة والانتاج هي الخاصية الأساسية لنظام الغ ارسات هذا من جهة، ومن جهة ثانية فان الانتاج ما ازل ضعيفا وموجه أساسا للاستهلاك العائلي. هذه الخصائص العامة لأنظمة الانتاج الموجودة بمجال الد ارسة والمتمثلة في هيمنة نشاط واحد على كل نظام، مثل هيمنة الزارعات الكبرى على المنظومة الزارعية، بالاضافة الى ضعف المردود في مختلف الأنشطة الفلاحية وتباينه المجالي، فضلا عن الارتباط الوثيق بالمعطيات الطبيعية لا سيما منها الأمطار أفرز تباينا في است ارتيجيات التأقلم المتبعة من قبل الفلاحين مع الصعوبات التي تواجههم ،الا أنها تبقى في مجملها است ارتيجيات محدودة ترمي الى الحد من الصعوبات لا الى تجاوزها خاصة وأن المنطقة قيد الد ارسة ترتكز بالأساس على القطاع الفلاحي وتبقى القطاعات الاقتصادية الأخرى هامشية. ومن ملامح هذه الهشاشة هيمنة الأنشطة الخدمية سيما العمومية منها على بقية الأنشطة الأخرى. ضف الى ذلك ما يشهده النشاط المنجمي من أزمة انعكست على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمتساكني المنطقة.

خاتمة الباب الأول

من خلال ما تقدم ذكره، نتبين أن التل العالي ربط علاقات مختلفة مع مجالات جغ ارفية متعددة كان أساسها ما يمتلكه من مقومات طبيعية مساعدة على جذب المهاجرين اليه سواء من خارج البلاد التونسية مثل الجاليات الج ازئرية والليبية أو بالنسبة لحركات الانتجاع التي تقوم بها القبائل التونسية من وسط البلاد وجنوبها. وتعتبر هذه الأخيرة من أهم مظاهر العلاقات الاقتصادية والمجالية التي ربطت أرياف مجال الد ارسة ببقية الت ارب الوطني. وهي علاقات تندرج في اطار اقتصادي معاشي يقوم على التبادل الاقتصادي بين مختلف مناطق البلاد. لكن هذه العلاقات عرفت تحولا مع ثلاثينيات القرن العشرين ت ازمنا مع التحولات التي عرفتها أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف والتي تبرز في مكننة العمل الفلاحي من قبل المعمرين وبداية تحول الاقتصاد من معاشي الى اقتصاد السوق. وفي هذا الصدد تحول اقليم الشمال الغربي من اقليم مستقطب الى منفر لسكانه حيث عرف ولأول مرة هجرة وبأعداد غفيرة باتجاه العاصمة اذ أصبح يُعد أول مم ول لها بالمهاجرين. ومع بداية ظاهرة الهجرة مثلت المدن المحلية خاصة مدينة الكاف باعتبارها مركز ولاية مدينة عبور اذ يعمد المهاجر في مرحلة أولى الاستق ارر في المدن القريبة بحثا عن عمل ان أمكن وتحسين وضعه لينتقل في المرحلة الثانية الى العاصمة التي كانت الوجهة ال رئيسية للمهاجرين. غير أن هذه الوضعية اختلفت في الفت ارت اللاحقة فلئن تواصلت ظاهرة الهجرة الا أنها أصبحت بشكل مباشر من الأرياف باتجاه المدن اما القريبة وبشكل نهائي أو البعيدة ويفسر ذلك بسببن رئيسسين. يتمثل الأول في تطور وسائل النقل والمواصلات، أما الثاني فيتجسد في التشبع الذي عرفته تونس العاصمة مما أدى الى تنوع اتجاهات المهاجرين باتجاه المدن الساحلية التي أصبح خاصة منذ الستينيات تستقطب أعدادا هامة من مهاجري الشمال الغربي ومن ضمنها مهاجري وسط وجنوب ولاية الكاف وذلك بفضل الاستثمارت الصناعية الهامة التي وجهت اليها.

هذا التحول الذي عرفه مجال الد ارسة من مستقطب الى منفر لسكانه ولئن اندرج في اطار عام يتمثل في أزمة الأقاليم الداخلية للبلاد التونسية بسبب سوحلة الأنشطة الاقتصادية فان الضغوطات التي أصبحت تواجهها المستغلة الفلاحية العائلية بسبب اختلال طرفي التبادل بين مُدخلات ذات أسعار مرتفعة مقابل محدودية أسعار المُخرجات بالاضافة الى أنها مطالبة بالاستجابة لحاجيات العائلة المصنعة والمتنامية من ج ارء تنامي العلاقات الريفية الحضرية يُعد من أهم الأسباب المفسرة لهذا التحول. الى جانب تضافر عدة عوامل أخرى مثل ما تفرضه المعطيات الطبيعية من ضغوطات )الجفاف، قلة التساقطات و تذبذبها…( على القطاع الفلاحي وأخرى متصلة بالهياك العقارية التي تعرف بالتفتت والتشتت والتركز العقاري. هذا الى جانب خصائص الأنظمة الفلاحية التي تعرف هي الأخرى بهيمنة نشاط فلاحي واحد على كل نظام مثل الهيمنة المطلقة للحبوب على نظام الزارعات والأغنام على نظام تربية الماشية. أفرزت مختلف هذه العوامل أزمة في القطاع الفلاحي انعكست على المجال الريفي والحضري على حد السواء باعتبار أن الفلاحة تعد المحرك الرئيسي لاقتصاد وسط وجنوب ولاية الكاف في ظل ما تعانيه بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى من هشاشة.

المقدمة:

نهدف من خلال د ارسة هذا الباب الى البحث في خصائص العلاقات الاقتصادية ال ارهنة التى تربط المجالين الريفي والحضري والبحث في محددات الدور لكليهما ضمن هذه العلاقات. من هذا المنطلق سنحاول البحث في الفصل الأول من هذا الباب في فرضية أن مجال الد ارسة يمثل حوضا لانتاج فلاحي. ومن ثمة البحث في امكانية وجود مسالك فلاحية –غذائية بمجال الد ارسة من عدمها مستندين في ذلك الى أساس نظري يتمثل في مصطلح المسلك بما هو"منظومة متكونة من ثلاثة منظومات فرعية: منظومة الانتاج-

التوزيع والاستهلاك، منظومة التأطير ومنظومة محيط المسلك. ") Vaudois.J. 2000 ورد

فيPraly.C. 2010 (. ومصطلح حوض الانتاج باعتباره" التعبير التاربي لأنشطة المسالك الفلاحية-الغذائية وعلاقات هذه الأخيرة بالوسط الذي تتواجد فيه")المصدر السابق (.

ويعتبر البحث في فرضية تكون حوض انتاج بماهو" التخصص في انتاج معين أومنتوجات متشابهة"(Diry. J. P. 1999( ذا أهمية اذ يمكننا من التوصل الى معرفة المسالك الفلاحية

– الغذائية بمجال الد ارسة وخصائص الأط ارف الفاعلة في مختلف م ارحلها من العالية الى السافلة. ومن ثمة مكانة المستغلة ضمن العملية الانتاجية ككل. هذا اذا كان مجال الد ارسة يمثل حوضا لانتاج فلاحي أو منتوجات متشابهة. أما اذا كان مجال الد ارسة يعرف بتعدد الأنشطة الفلاحية فان البحث في هذه الفرضية تجعلنا نتوقف عند تحليل مختلف المسالك الفلاحية والتجارية للمنتوجات الفلاحية وبالتالي البحث في المجالات الجغ ارفية التي يعقد معها مجال الد ارسة علاقات أكثر من غيرها من خلال هيمنتها على مسالك توزيع الانتاج والتزود به بالنسبة للمسالك التجارية؟

هذا بالاضافة الى محاولة الكشف عن الفاعلين الاجتماعيين المتدخلين في مختلف م ارحل المسالك المنتشرة بمجال الد ارسة " circuits" لما لذلك من أهمية في تحديد خصائص العلاقات )كثيفة، نادرة، محدودة…( التي تربط مجال الد ارسة ببقية المجالات الأخرى.

ولأن العلاقات الاقتصادية بين المجال الريفي والحضري لا تقتصر على ازوية نظر واحدة سواء كانت ريفية أو حضرية، سعينا في الفصل الثاني من هذا الباب الى د ارسة العلاقات الاقتصادية من ازوية نظر حضرية محاولين استجلاء قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم مجالاتها الريفية من خلال ما تكتسبه من بنية اقتصادية عُرفت بهشاشتها )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول( واعتمادها بالأساس على الخدمات والاسواق الأسبوعية بالاضافة الى أن كل المدن ومهما كان حجمها أوترتيبها الوظيفي تربط علاقات مع الأرياف "باعتبار أن الخدمات الادارية تتوطن بها" )Beaujeu-Garnier.J.1997(. وغالبا ما تلعب هذه الخدمات دوار مُحثا لتوطن أنشطة خدمية أخرى. من أجل ذلك سننطلق من فرضية مفادها أن العلاقة بين مدن المجال المدروس ومجالاتها الريفية لا تندرج في اطار هيمنة المدينة على الريف وانما هي احدى أوجه العلاقات التكاملية القائمة بين المجالات الجغ ارفية. من هذا المنطلق سنحاول ضمن العنصر الأول من هذا الفصل تصنيف مدن مجال الد ارسة لما لذلك من أهمية في تحديد مكانة كل مدينة في تنظيم مجالها الريفي.

ومن ثمة التعرف على العلاقات التي تنسجها كل مدينة مع مجالها الريفي من خلال "مجموعة من التنقلات والأدفاق مثل الأدفاق البشرية والأدفاق المادية )البضائع( واللامادية

)رؤوس الأموال-المكالمات الهاتفية…(")الصديق الفازعي،4009(. وهو ما سنحاول التطرق اليه ضمن تحليل الجزء الثاني من العنصر الأول لنفس الفصل. في حين خصصنا العنصر الثاني لاب ارز أهمية الدور الذي تضطلع به الأسواق الأسبوعية في رسم علاقات كثيفة بين المجالين الريفي والحضري. لنختم هذا الفصل بالبحث في شبكات النقل والاتصال باعتبارها العمود الفقري للعلاقات بين المجالين.

151

المقدمة:

تشكل المسالك بماهي "مجموعة مارحل متعاقبة لإعداد وصناعة منتوج

معين")Brunet .R. Ferras.R.et Théry.H.1993.( موضوعا خصبا في علم الجغ ارفيا لاسيما فرع الجغ ارفيا الريفية منه. وقد حظيت مسالك الانتاج الفلاحي بحيز هام من هذه الد ارسات. وتركز هذه الأخيرة في تحليلها على مختلف م ارحل الانتاج انطلاقا من عاليته الى سافلته مسلطة الضوء أكثر على الم ارحل الوسيطة.

تؤسس المسالك الفلاحية-الغذائية بصفة عامة وكذا المسالك التجارية "circuits de commercialisation " ومسالك التوزيع "circuits de distribution " لشبكة من العلاقات بين المجالات الجغ ارفية. اذ" تعتبر عنصار أساسيا في المحيط الاقتصادي للمستغلات الفلاحية. ويعكس تنوعها وتعقدها تدخل فاعلين جدد في الفلاحة." )Cherif.A.1996 ) كما تجعل من المستغلة حلقة من حلقات الانتاج لا غير باعتبار تعدد الأط ارف الفاعلة في مختلف م ارحل المسلك وغالبا ما تكون هذه الأط ارف الفاعلة خارجة عن المستغلة بدرجة أولى وعن القطاع الفلاحي بدرجة ثانية وعن المجال الريفي بدرجة ثالثة. وقد مثلت المسالك الفلاحية –الغذائية ، والمسالك التجارية ومسالك توزيع المنت وجات الفلاحية محور اهتمام عديد الجغ ارفيين في البلاد التونسية من ذلك مسالك توزيع التمور بالبلاد التونسية التي "عرفت تحولات في توزيعها من الأساليب التقليدية حيث ظلت ولعقود تعتمد على المقايضة مع المنتوجات الفلاحية التلية. ويقوم بهذه المهمة الرحل، أو شبه الرحل" )Kassah.A.1960. ) في اطار اقتصاد معاشي. لكن وفي اطار التحولات

الاقتصادية التي عرفتها البلاد تدخل في مسلك توزيع التمور فاعلين جدد" من أهمهم شركة ستيل STIL منذ 9290" )المصدر السابق(. وتعتبر المنتوجات السقوية )الخضر ،الحليب…( وما أفرزته من تكون لشبكات تو زيع متعددة من أكثر المواضيع التي جذبت اهتمام الجغ ارفيين أمام نمو مسالك التوزيع بها وتعدد الفاعلين الاجتماعيين المتدخليين في منظومة الانتاج والتوزيع على حّد السواء باعتبار" اندماج المستغلة ضمن محيط معقد تتفاعل فيه مختلف العناصر المكونة له: الاجتماعية-الاقتصادية، التقنية، الثقافية والسياسية…" )Cherif.A.1996(. هذا التعدد للأط ارف الفاعلة في مسالك توزيع المنتوجات الفلاحية لا يقتصر على المنتوجات السقوية وانما يشمل منتوجات انشطة الفلاحة البعلية )الحبوب، الخرفان…(. ولئن مثل ذلك شكلا من أشكال انفتاج المستغلة ومن ثمة اندماجها في محيطها الاقتصادي والجغ ارفي ككل من خلال الفاعلين الاجتماعيين الذين غالبا ما تتعدد أصولهم الجغ ارفية فإنّه أفقد الفلاح شيئا فشيئا قدرته على التحكم في العملية الانتاجية لصالح الحلقات المتدخلة في سافلة الانتاج من قبيل الوسطاء، أصحاب وسائل النقل…

من ذلك المنطلق وضمن السياق العام للإشكالية نحاول في هذا الفصل الاجابة عن مجموعة من التساؤلات لعل من أهمها ما مدى قدرة أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف على عقد علاقات مع المجالات الحضرية القريبة منها والبعيدة عبر المسالك الفلاحية-الغذائية ان وجدت؟ أيُ مكانة للمدن المحليةضمن منظومة العلاقات هذه؟ كيف يمكن أن تعكس خصائص المسالك الفلاحية- الغذائية – ان وجدت- ومسالك الانتاج والتوزيع مكانة الأرياف ضمن منظومة العلاقات بين المجالين؟ I. ضعف حلقة الفلاح داخل مسالك التوزيع المتنوعة

تنبني المنظومة الفلاحية بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف على نشاطين رئيسييّن:

الزارعات الكبرى وتربية الماشية. ولئن كانت هذه الخاصيات ليست حديثة بالنسبة للمنظومة الفلاحية بالتل العالي بشكل عام، فان مجال الد ارسة شهد تحولات تمثلت خاصة في التوجه نحو التخصص في زارعة الشعير بالنسبة للزارعات الكبرى. بالاضافة الى بروز أنشطة جديدة من قبيل تجارة الخرفان والعلف. وقد تعددت الأط ارف الفاعلة المتدخلة في مختلف هذه المسالك. هذا التعدد في الانشطة الفلاحية الموجودة بمجال الد ارسة يجيز التساؤل عن مدى تخصص مجال الد ارسة في انتاج فلاحي معين من ناحية وعن مدى تأثير ذلك على العلاقات التي تعقدها هذه الأرياف مع مجالات جغ ارفية أخرى من خلال الفاعلين الاجتماعيين المتدخلين في مسالك الانتاج والتوزيع من ناحية ثانية . للإجابة على مختلف هذه الأسئلة وغيرها استندنا الى ما الت اليه نتائج الاستمارة الميدانية التي بينت تعدد الانشطة الفلاحية ومن وارءها مسالك التوزيع التي تنوعت مسا ارتها واختلفت حسب مسالك التوزيع.

1. مسلك الحبوب والأطراف المتدخلة

بالرجوع الى مفهوم حوض الانتاج والذي يعرّف على أنه " التخصص في انتاج معين أو منتوجات متشابهة/متقاربة"Diry.J.P.1999) ) هل يمكن القول بأن مجال الد ارسة يمثل حوضا لإنتاج الحبوب باعتبار هيمنة هذا المنتوج على الزارعات الكبرى؟ بالاضافة الى أننا سجلنا خلال العمل الميداني توجها نحو التخصص في زارعة الشعير. في المقابل ت ارجع الأصناف الأخرى من الحبوب خاصة بالجزء الغربي من مجال الد ارسة )أنظر الفصل الثاني من الباب الأ ول(. والى أي حدّ يمكن أن يُمثل هذا التحول ايذانا ببداية تكون حوض متخصص في انتاج الشعير؟

للاجابة على مختلف هذه التساؤلات سنعمل على د ارسة شبكات توزيع الحبوب مستندين في ذلك الى ما الت إليه نتائج الاستمارة الميدانية. وقد بينت هذه الأخيرة تعدد الأط ارف الفاعلة المتدخلة في مختلف م ارحل العملية الإنتاجية للحبوب وخاصة مسالك التوزيع واختلاف الأصول الجغ ارفية للفاعلين اذ يمكن التمييز بين الحضريين والريفيين. كما يمكن التمييز بين فاعلين محليين وفاعلين خارجين. وتتمثل الأط ارف المحلية الريفية المتدخلة في عالية الانتاج في أصحاب الالات الفلاحية وهم الفلاحون الكبار المالكين للمعدات الفلاحية. الى جانب ذلك تمثل هذه الفئة المزود الرئيسي للفلاحين الصغار بالقروض خاصة الذين لا يستطيعون الحصول عليها من البنوك لعدم امتلاكهم شهادة ملكية أو صغر حجم المستغلة. وتكون هذه القروض في شكل سلفة يلجأ اليها الفلاح من أجل تغطية تكاليف عملية الحرث. وغالبا ما يتم الإتفاق بين الطرفين على تسديد الدين في موسم بيع الخرفان. فبفضل قطيع الماشية يستطيع الفلاح مجابهة مصاريف المستغلة وتلبية الحاجيات العائلية خاصة في المناسبات مثل العودة المدرسية والأعياد وكذلك الحالات الطارئة مثل المرض. أما الأط ارف الفاعلة الحضرية المحلية فيمكن حصرها في البنوك ومحلات بيع الأدوية والأسمدة والطب البيطري. الى جانب تجار الجملة لأكياس جمع الحبوب. تلعب هذه الأط ارف دوار فاعلا في العملية الانتاجية اذ تأمن المدخلات للمستغلة. وبذلك فهي تسهم في ادماج المستغلة في محيطها الاقتصادي. الا أنها تقت طعُ نسبة هامة من دخل الفلاح مما يفضي الى تحول المستغلة ومن وارءها الفلاح من متحكم في العملية الانتاجية الى حلقة ضمنها غالبا ما تكون الأضعف مقارنة مع بقية حلقات العملية الانتاجية. أي وبعبارة أخرى تحول دور الفلاح من فاعل قادر- نسبيا- على التحكم في العملية الانتاجية الى عون مساهم فيها. ويُعتبر الفاعلين في مسالك التوزيع أكثر تنوعا الأمر الذي أفضى الى تكون شبكات لتوزيع الحبوب وهو ما سنحاول التعرف عليه من خلال د ارسة تركيبتها.

تركيبة شبكات توزيع الحبوب

مثلت عملية مكننة العمل الفلاحي ابان الاستعمار منعرجا في تعاطي نشاط الحبوب في التل العالي بصفة عامة ومن ضمنه مجال الد ارسة. فبعد أن كانت تربية الماشية النشاط الاول أصبحت الزارعات الكبرى شيئا فشيئا تحتل الصدارة مقارنة ببقية الانشطة الفلاحية الأخرى. )الفصل الثاني من الباب الأول(. ولقد مثل ذلك أولى التحولات التي عرفتها المنظومة الفلاحية بالتل العالي. كما كان للتحولات الاقتصادية التي عرفتها البلاد – التحول من اقتصاد معاشي الى اقتصاد السوق- وما صاحبها من فك لعزلة الارياف وادماج للمستغلة العائلية في اقتصاد السوق انعكاسات على العملية الانتاجية خاصة فيما يتعلق بالفاعلين الاجتماعيين في مختلف م ارحلها لا سيما م ارحل التوزيع حيث تبينا من خلال العمل الميداني بروز شبكات لتجميع الحبوب وتوزيعها )رسم توضيحي عدد4( تعددت الاط ارف المتدخلة فيها. وللكشف عن مكانة كل فاعل في شبكات التوزيع سنستند الى بعض المؤش ارت الطبولوجية.

أصناف شبكات توزيع الحبوب

يحتوى مجال الد ارسة على سبعة شبكات لتوزيع الحبوب تتكون من مجموعة عناصر محدودة اذ لا تتجاوز ال9 )رسم توضيحي عدد4+2(. وللتعرف عليها وعلى درجة ت اربطها وكيفية اشتغالها سنعتمد المؤشّ ارت الطبولوجيّة )Belhedi.A.1980( )topologiques Indices( الموالية:

.)Indice gamma( γومؤشّر )Indice Beta( β ومؤشّر )Indice Alpha( αمؤشّر

يمثل مؤشّر Indice Alpha( α( العلاقة بين عدد المسالك القاعديّة والحدّ الأقصى الذي

يمكن أن تكون عليه الشبكة بالنسبة لعدد معيّن من العقد )Nœuds( ويعكس هذا درجة المسلكيّة )degré de circuité(. ويت اروح مؤشّر α بين 0 و9 فإذا كان يساوي 0 فيعني أن الشبكة لا تحتوي على أيّ حلقة واذا كان يساوي 9 فالشبكة مت اربطة. ويحتسب هذا المؤشر بالاعتماد على القاعدة الحسابية التالية:

ض = أضلع الشبكة ع = العقد

رسم توضيحي عدد2: أصناف شبكات توزيع الحبوب

ب = عدد الشبكات الفرعيّة )Sous graphe( وتساوي 9 عندما تحتوي الشبكة على عقد منفصلة عن بعضها البعض.

مؤشّر Indice Beta( = β( يُعتمد هذا المؤشر لقيس درجة ارتباط وتعقد الشبكة وهو تعبير عن العلاقة بين عدد أضلعها وعقدها. ويت اروح بين 9 ويقترب من 2.

وتكون الشبكة منعدمة الت اربط إذا كانت β أصغر من 9 واذا كانت تساوي 9 فهي تحتوي على حلقة واحدة وان كانت أكبر من 9 فهي شبكة معقدة وتحتوي على الأقلّ حلقتين.

أمّا مؤشّر Indice de gamma( = γ( والذي يترجم العلاقة بين عدد الأضلع المكونّة للشبكة والعدد الأقصى للأضلع التي يُمكن أن تتواجد بها بنفس عدد عقدها فانه يكشف عن ارتباط الشبكة ودرجة مسلكيّتها. ويت اروح بين 0 و9.

تشير المؤش ارت الطبولوجية للشبكات الستة الى بساطة تركيبة شبكات التوزيع وانعدام ت اربطها. ذلك أن مؤشر α يساوي 0. وهوما يعني ان الشبكات لا تحتوي على أي حلقة.

وبالتالي يغيب فيها الت اربط. كما أن مؤشر β والذي يعكس هو الاخر مدى ت اربط الشبكات وتعقدها لم يبلغ ال9 وهو ما يعكس بساطتها. أما الشبكة عدد 0 فانها معقدة نسبيا باعتبار أن مؤشر α يفوق الواحد كما تحتوي على حلقة واحدة ذلك ان مؤشر β بلغ 9 بالاضافة الى أن مؤشر γ يت اروح بين30 و99% الامر الذي يجسد درجة مسلكية محدودة لشبكات توزيع الحبوب.

وللتعرف على درجة النفاذية لمختلف العناصر المكونة للشبكات سنعتمد على مؤشر

النفاذّية " Indice d’accessibilité "من خلال انجاز مصفوفة النفاذية"Matrices

d’accessibilité " لكل شبكة حيث تعبر الأسطر lignes عن نقاط الانطلاق والأعمدة "colonnes"عن نقاط الوصول. وتبين كل خانة قيمة العلاقة التي تربط النقطة )أ( بالنقطة

)ج(. ويبين المجموع بالصف )الأسطر( مجموع العلاقات من )أ( في اتجاه العقد الأخرى ومجموع الأعمدة العلاقات المتأتية من العقد الأخرى في اتجاه )أ(. وبقدر ما يكون مؤشر المركزية مرتفعا لنقطة معينة بقدر ما تكون هذه النقطة طرفية. ويحتسب هذا المؤشر كما يلي:

جدول عدد 24: مصفوفات النفاذيّة

تؤكد مختلف مصفوفات النفاذية على أهمية النفاذية للنقطة "ب". وتمثل هذه النقطة بالنسبة للشبكة الأولى والسادسة مؤسسات خزن وتجميع الحبوب. وتعتبر هذه الأخيرة العنصر الأقوى في مقارنة مع بقية العناصر المكونة لشبكات توزيع الحبوب. ويبرز ذلك من خلال قدرتها على استقطاب العدد الأكبر من الفلاحين حيث بينت الاستمارة الميدانية أن النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون الحب وب الى هذه المؤسسات والبالغ عددها40 مؤسسة بكامل مجال الد ارسة، تجاوزت 21% )أنظر رسم بياني عدد43(. وترتفع هذه

161

النسبة الى أكثر من ذلك اذا ما اعتبرنا تداخل مسا ارت الترويج الى مؤسسات خزن وتجميع الحبوب مع اتجاهات التر ويج الأخرى. وهي خاصية تنسحب على كافة أرياف مجال الد ارسة حيث تستأثر هذه المؤسسات بالعدد الأكبر من الفلاحين الذين يبيعون منتوجهم بشكل مباشر اليها، من ذلك بلغ عددهم بأرياف مدينة قلعة سنان 30 من جملة 11 مستجوب وهو ما يمثل أكثر من 39%، حوالي 31% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف الڤصور، ما يناهز22% من النسبة الجملية للمستجوبين من ارياف مدينة تاجروين وأكثر من 29% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف القلعة الخصبة…

وهو ما يفسر الى حد كبير بسيطرة الدولة على هذا المسلك باعتبار أهمية الحبوب كمادة غذائية أساسية اذ تدخل في إطار الأمن الغذائي للبلاد من جهة وكمادة علفيّة من جهة ثانية. غير أنه وبالرغم من هذه الأهمية التي تحظى بها مؤسسات جمع وتخزين الحبوب ضمن هذا المسلك فان ذلك لا ينفي وجود عناصر أخرى تدخلت ضمن شبكات التوزيع )رسم توضيحي عدد2(. وفي هذا السياق نتساءل عن أي دور قد تلعبه بقية العناصر المكونة لشبكات توزيع الحبوب في ظل شبه هيمنة لمؤسسات جمع وتخزين الحبوب حيث بلغ مؤشر المركزية 2 بالنسبة لهذه النقطة للشبكة الأولى و 2.22 بالنسبة للشبكة عدد9؟ بالاضافة الى مؤسسات خزن وتجميع الحبوب التي لعبت دوار رئيسيا في عملية توزيع الحبوب وهو ما برز من خلال مصفوفة النفاذية ومؤشر المركزية لكل من الشبكة الاولى والسادسة. نتبين أهمية النفاذية للنقطة "ب" ضمن مصفوفة النفاذية الثانية والثالثة. وتمثل هذه النقطة بالنسبة للشبكة الثالثة وال اربعة تجار الأعلاف وقد تبينا من خلال العمل الميداني اختلاف أصولهم الجغ ارفية فمنهم الريفيون ومنهم الحضريون. فاي مكانة لكليهما ضمن شبكات توزيع الحبوب؟

يُعتبر التجار الريفيون العنصر الأضعف في مقارنة مع بقية العناصر المكونة لشبكات

توزيع الحبوب. رغم أن مصفوفة النفاذية تؤكد على أهمية النفاذية لهذا العنصر الا ان نتائج العمل الميداني برهنت على أن نسبة الذين يروجون الى تجار من أصول ريفية قدرت ب1.20% من النسبة الجملية للمستجوبين )001فلاح(. وان كانت هذه النسبة ترتفع الى ما يقارب20.29% اذا أخذنا بعين الاعتبار تداخل مسا ارت الترويج )خريطة عدد20(.

وبصفة عامة فان دور الأط ارف الفاعلة الريفية في ترويج

خريطة عدد 20: محدودية دور التجار الريفيين في ترويج الحبوب

الحبوب يبقى ثانويا. بالاضافة الى أننا سجلنا غيابا كليا للأط ارف الفاعلة الريفية غير المحلية في ترويج الحبوب. وترد هذه الهامشية التي طبعت حلقة التجار الريفيين في توزيع الحبوب الى هيمنة مؤسسات خزن وتجميع الحبوب على هذا المسلك مما قلص من دور بقية الأط ارف ولا بد من الاشارة ،في هذا السياق، الى أن تعاطي تجارة الحبوب يُعد احدى الاست ارتجيات المتبعة من قبل بعض الفلاحين للبحث عن مداخيل عائلية وليست نتيجة لت اركم أرس مال. الأمر الذي أفضى الى بروز أط ارف فاعلة جديدة تتمثل في الفلاحين- المجمعين الذين يقومون بتجميع الحبوب من الفلاحين الصغار في موسم الحصاد ونقلها الى هذه المؤسسات مستندة في ذلك الى امتلاكها لوسائل نقل ومن ثمة السعي لتشغيل أقصى لوسائل الانتاج. في المقابل يفضل الفلاح الصغير البيع على عين المكان لتفادي تكلفة النقل )الشبكة عدد0(. وغالبا ما يكون هامش الربح محدود في هذه العملية. لذلك فان هذه الفئة تعمل على تجميع أكثر ما يمكن من الحبوب كي تحقق الربح. وقد برزت هذه الفئة حسب تصريح الفلاحين في العشرية الاخيرة خاصة، وتتدعم كلما كان المحصول وفير، علما وأنها تواجه منافسة شديدة من قبل صنف اخر ينتمي الى نفس الفئة وهم الفلاحون –التجار)شبكة عدد 4+3(. وعلى عكس الصنف الاول الذي يقوم بنقل المنتوج الى ديوان الحبوب فان هذا الاخير يقوم بخزن المنتوج وبيعه في المواسم الجافة معلنا بذلك عن بروز مسلك تجاري جديد بارياف مجال الد ارسة والمتمثل في تجارة العلف )نركز على ذلك في العنصر الثاني من هذا الفصل(.

على عكس مكانة التجار الريفيين الهامشية ضمن مسالك ترويج الحبوب يعتبر التجار من أصول حضرية الحلقة الثانية بعد مؤسسات خزن وتجميع الحبوب. اذ صرح 234 من الفلاحين من مجموع 001 مستجوبا بأنهم يُروجون الحبوب مباشرة الى تجار من أصول حضرية أي حوالي 30%، منهم ق اربة 39.43% )921 فلاح( يروجون الى تجار من مدن تنتمي الى ولاية الكاف. و22.03% )932 فلاح( يروجون الى تجار من مدن لا تنمي اداريا الى ولاية الكاف.

يمثل مجال الد ارسة بشكل عام منطقة استقطاب لتجار الأعلاف من مدن تنتمي لأقاليم مختلفة من الت ارب الوطني )الخريطة عدد29(. وفي هذا الصدد تعتبر أرياف المنطقة الشرقية من المجال المدروس معنية أكثر بهذه الملاحظة مقارنة بنظيرتها الغربية )جدول عدد43( حيث نلاحظ أنها تستقطب تجار من مجالات حضرية مختلفة في المقابل لا تستقطب الأرياف الغربية الا عدد محدود من التجار ومن مدن محدودة )جدول عدد43(.

ومرد ذلك أهمية الانتاج بالمنطقة الشرقية مقارنة بنظيرتها الغربية )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول(.

انطلاقا ممّا ذكرناه سابقا نتبين تعدد الأط ارف المتدخلة في شبكات توزيع الحبوب.

ويُعتبر الفاعلون الحضر الأكثر تدخلا من نظ ارئهم الريفيين. كما نسجل أهمية العلاقات التي تعقدها المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة مع مجالات حضرية بعيدة في مقارنة مع المنطقة الغربية من مجال الدارسة.

الاستنتاج الجدير بالذكر في هذا الصدد هو أن هذا التعدد في الأط ارف الفاعلة المتدخلة في توزيع الحبوب وان اختلفت أصولها الا انها لا تعكس نمو مسالك توزيع الحبوب وتحول منطقة الد ارسة الى حوض لإنتاج الحبوب وانما هو انعكاس لأزمة تمر بها أرياف ومدن مجال الد ارسة على حدّ السواء. ذلك أن محدودية الامكانيات المادية للفلاحين ولسكان هذه الأرياف بصفة عامة أفقدتهم السيطرة على مختلف م ارحل العملية الانتاجية وفتحت المجال أمام أط ارف فاعلة أخرى -حضرية بالأساس- لتستفيد من ضعف حلقة الفلاحين وتبحث عن مورد رزق لها باعتبار ان هذه الفئة في أغلبها لم تتمكن من الحصول على فرصة عمل فلجأت الى البحث عن عمل في الأرياف من خلال التجارة في الحبوب والخرفان. إلا أن ذلك لا ينفي وجود فئة من هؤلاء التجار تمتلك من الامكانيات التي تمكنها من الاستثمار في القطاع الفلاحي. وهو ما أكده البعض من المستجوبين أثناء قيامنا بالعمل الميداني.

2. مسالك ترويج الخرفان والضأن

تعتبر تربية الماشية ثاني نشاط اقتصادي بمجال الد ارسة )الباب الأول(. لذلك فان شبكات توزيع الخرفان والضأن تعد من الشبكات الرئيسية. ويحتوي مجال الد ارسة على شبكتين رئيسيتين لترويج الخرفان والضأن تميزت بأهمية العناصر المكونة لها مقارنة بشبكات توزيع الحبوب من جهة.

وباختلاف الأصول الجغ ارفية للأط ارف الفاعلة من جهة ثانية اذ يمكن التمييز بين الفاعلينالاجتماعيين المحليين واخرين ينتمون الى مجالات جغ ارفية بعيدة )رسم توضيحي عدد2+3( مما أفضى الى تكون حركية مجالية مع مجالات جغ ارفية قريبة وبعيدة تتركز زمنيا في فترة بيع الخرفان وقبل عيد الاضحى.

تتكون مختلف هذه الشبكات من عناصر محدودة. وُيمكن انطلاقا من نتائج المؤش ارت الطبولوجية )جدول عدد49( التمييز بين ثلاثة أصناف من الشبكات:

رسم توضيحي عدد2: تركيبة شبكات ترويج الخرفان

رسم توضيحي عدد3: أصناف شبكات ترويج الخرفان

جدول عدد49: نتائج المؤش ارت الطبولوجية

الصنف الأول من الشبكات: تتمثل في الشبكة عدد 4،9، 2، 2 والشبكة عدد9. وهي شبكات لا تحتوي على أي حلقة كما أنها منعدمة الت اربط. باعتبار أن α تساوي 0 ومؤشرβ أقل من 9.

الصنف الثاني من الشبكات: وتتكون من الشبكتين الخامسة والثامنة. وهما شبكتان تحتوي كلاهما على حلقة واحدة. باعتبار أن مؤشرα يساوي 22.0. كما أن مؤشرβ مساو ل9.

الصنف الثالث من الشبكات: تتمثل في كل من التاسعة والعاشرة. وهما شبكتان تتمي ازن بالت اربط ذلك أن مؤشر α يفوق الصفر في الشبكتين. وهما شبكتان معقدتان وتحتوي كل واحدة منهما على أكثر من حلقة باعتبار أن مؤشر β أكثر من 9. )الجدول عدد49(.

وانطلاقا من مصفوفات النفاذية )جدول عدد40( نتبين أهمية النفاذية التي تتمتع بها النقطة "ب" في أغلب الشبكات )9، 4، 2، 2، 3، 9، 0، 1 و90( بالاضافة الى النقطة "ج" بالنسبة للشبكة الخامسة

جدول عدد27: مصفوفات النفاذيّة لشبكات ترويج الخرفان

والتاسعة. وباستثناء النقطة "ب" في كل من الشبكة الأولى والخامسة التي مثلت أط ارف غير محلية فان النقطة "ب" و"ج" في بقية الشبكات تمثل أط ارف فاعلة محلية. وهوما يعكس أهمية الدور الذي يضطلع به الفاعلين الاجتماعيين أصيلي المنطقة ضمن شبكات توزيع الخرفان. وتتمثل هذه الأط ارف أساسا في التجار والأسواق الأسبوعية )رسم توضيحي عدد3(. وقد بينت نتائج الاستمارة الميدانية الأهمية التي تحضى بها الأسواق ضمن شبكة ترويج الخرفان اذ قدر عدد الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية 044 فلاح.

أ. مكانة هامة للأسواق الأسبوعية في ترويج الخرفان والضأن

تعتبر الأسواق المحلية الاكثر استقطابا للفلاحين اذ بلغت نسبة الفلاحين الذين يروجون فيها 01% )332 فلاح(. وفي المقابل بلغت نسبة الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية غير المحلية حوالي 42% )992 فلاح(. وهو ما يعكس المكانة المتميزة للأسواق الأسبوعية المحلية ضمن شبكات الترويج. ويفسر ذلك بعامل قرب المسافة الذي جعلها تحتل المرتبة الأولى في ترويج الخرفان والضأن. غير أننا نسجل تباينا بين الأسواق المحلية من حيث قدرتها على استقطاب الفلاحين. فماهي الأسواق الأكثر استقطابا للفلاحين؟ وماهي العوامل المفسرة لذلك؟

بالاعتماد على ما الت اليه نتائج الاستمارة الميدانية يمكن أن نميز بين الأسواق الأسبوعية حسب درجة استقطابها للفلاحين. يتمثل الصنف الأول في الأسواق التي تستقطب نسبة هامة من الفلاحين قدرت ب02% من النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية المحلية ويتصدر هذا الصنف سوق الكاف ب922 فلاح يليه سوق تاجروين ب923 ثم سوق السرس ب922 فلاح. أما الصنف الثاني فيتمثل في الأسواق ذات نسبة الاستقطاب المحدودة اذ قدرت بما يناهز90% من النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية المحلية. وتتضمن هذه الأسواق كل من سوق الڤصور ب 99 فلاح )94%( وسوق قلعة سنان الذي يستقطب 41 فلاح )3%( من النسبة الجملية للذين يروجون في الأسواق الأسبوعية المحلية. في المقابل لا يستقطب الصنف الثالث والذي يظم كل من سوق الجريصة وسوق القلعة الخصبة سوى 44 فلاح وهو ما يعني نسبة استقطاب محدودة جدا اذ لم تتجاوز ال2% من النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية المحلية. بالاضافة الى ذلك نلاحظ أن أرياف مجال الد ارسة تدخل تحت دائرة نفوذ أسواق الصنف الأول )خريطة عدد24(. ويبرز ذلك من خلال توجه نسبة هامة من فلاحي هذه الأرياف الى أحد الأسواق الثلاث الاولى )الكاف، تاجروين والسرس(. مع العلم أن المسافة قد تكون أبعد في مقارنة مع أحد أسواق الصنف الثاني أو الثالث. من ذلك بلغ عدد الذين يروجون في سوق تاجروين 42 فلاحا ينتمون

اداريا الى معتمدية الجريصة في المقابل لا يروج الى سوق الجريصة الا 0 فلاحين. ما يمكن أن نخلص اليه من خلال هذا التصنيف هيمنة الثلاث أسواق الاولى والمتمثلة في سوق الكاف وتاجروين والسرس على ت ارب مجال الد ارسة حيث يستقطب سوق تاجروين الفلاحين من أرياف معتمدية الجريصة والقلعة الخصبة وقلعة سنان ولا تستقطب هذه الأخيرة فلاحين من الأرياف الأخرى. ومرد ذلك ع ارقة الأسواق الثلاثة الأولى حيث تعود نشأتها الى الفترة الاستعمارية مما أكسبها اشعاعا خاصة مع تدعم المنتوجات المعروضة فيها اذ غالبا ما يجمع الفلاح عند توجهه الى هذه الاسواق بين عدة أهداف، فالى جانب ترويج الخرفان والضأن فان الفلاح يعمد الى قضاء مجموعة من الحاجيات الاخرى من المدينة: الخضر، الملابس، قطع غيار السيا ارت…) الفصل الثاني من هذا الباب(. لئن استقطبت الاسواق الاسبوعية المحلية أهم نسبة من الفلاحين ومكنت من بروز علاقات اقتصادية- مجالية بين الأرياف والمدن المحلية تتركز زمنيا في موسم بيع الخرفان وأيام انتصاب الأسواق الأسبوعية فان ذلك لا ينفي وجود عدد من الفلاحين الذين يروجون منتوجهم في الاسواق الاسبوعية غير المحلية مما أسهم في احداث علاقات مجالية بين أرياف مجال الد ارسة وبقية الاقاليم الجغ ارفية الاخرى )خريطة عدد22(. فماهي هذه الاسواق؟ ومامدى كثافة العلاقات التي يربطها مجال الد ارسة معها من خلال مسلك بيع الخرفان والضأن؟

قدر عدد الفلاحين الذين يروجون الخرفان والضأن في الأسواق الأسبوعية غير المحلية ب992فلاح من جملة001 مستجوبا. وهو ما يمثل حوالي42% من النسبة الجملية للفلاحين. وبالنظر الى اتجاهات الترويج )خريطة عدد22( نتبين أهمية أسواق اقليم الوسط الشرقي اذ تستأثر بما يقارب94% من النسبة الجملية للذين يروجون في الأسواق الأسبوعية غير المحلية تليها أسواق اقليم الوسط الغربي بنسبة 91.22% فالشمال الشرقي ب92.40% في حين لم تستقطب أسواق اقليم الشمال الغربي الا حوالي9%. وتفسر محدودية استقطاب اسواق الشمال الغربي بأهمية انتاج هذا الاقليم للخرفان الامر الذي يؤثر في الاسعار. لذلك يفضل الفلاح التوجه الى أسواق أبعد. غير أن هذه النسب ولئن مكنتنا من معرفة اتجاهات الترويج والتعرف على أكثر الاقاليم استقطابا لفلاحي مجال الد ارسة بصفة عامة الا انها تخفي تباينا مجاليا داخل أرياف مجال الد ارسة )جدول عدد41(.

نلاحظ انطلاقا من معاينة الجدول عدد41 أن الترويج باتجاه الأسواق غير المحلية يقتصر على الفلاحين من أرياف المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة باستثناء أرياف مدينة تاجروين التي تنتمي الى

المنطقة الغربية من مجال الد ارسة. ويفسر غياب الترويج في الاسواق غير المحلية بالنسبة لفلاحي المنطقة الغربية بمحدودية الانتاج ال ارجع الى محدودية عدد القطيع. ولئن

جدول عدد41: دور الأسواق المحلية في ترويج الخرفان والضأن

كان عدد قطيع الاغنام قد بلغ بالأرياف الغربية من مجال الد ارسة سنة 4094: 20000 أرس فان العدد يتضاعف بالمنطقة الشرقية لنفس السنة حيث قدر ب910000 أرس )ولاية الكاف في أرقام4094(. بالاضافة الى أن عددا هاما من الفلاحين بالمنطقة الغربية يت اروح عدد القطيع عندهم بين40 و20 أرس )العمل الميداني ،4092(. لذلك فان مسالك الترويج في الأسواق الأسبوعية المحلية يصبح أكثر جدوى اذ يمكن من الضغط على المصاريف خاصة في حالة عدم امتلاك وسيلة نقل الأمر الذي يجعل من الفلاح يختار البيع لا في الاسواق الاسبوعية المحلية فحسب وانما على عين المكان لتجار من أصول جغ ارفية مختلفة لتفادي مصاريف النقل. وقد تبينا من خلال التحليل الطبولوجي للشبكات أهمية دور التجار المحليين ضمن حلقة الترويج التي يتدخل فيها أط ارف أخرى غير محلية.

ب. دور ريادي للتجار المحليين في ترويج الخرفان والضأن

انطلاقا من مصفوفات النفاذ يّة )جدول 40( عدد 2، 3، 9، و1 نتبين أهمية النفاذية التي تحضى بهما النقطة "ب". ويقدر مؤشر المركزية لهذه النقطة ب2.22 بالنسبة للشبكة عدد9 و2 بالنسبة للشبكتين السابعة والثامنة، في حين قدر ب2.99 بالنسبة للشبكة عدد90. وتمثل النقطة "ب" التجار المحليين. وهو ما يعكس الدور البارز لهذه الفئة ضمن عملية الترويج. الأمر الذي بينته نتائج الاستمارة الميدانية اذ بلغ عدد الفلاحين الذين يروجون على عين المكان 142 فلاح منهم 334 يروجون الى تجار من أصول محلية.

و400 فلاح يروجون الى تجار من أصول جغ ارفية غير محلية.

يمكن بالاستناد الى نتائج الاستمارة الميدانية تقسيم التجار الى صنفين. يتمثل الصنف الأول في التجار الريفييين وقد مثلت نسبة هذا الصنف حوالي22% من النسبة الجملية للأط ارف المحلية. وهو ما يؤكد الدور الثانوي لهذا الصنف ضمن مسلك البيع على عين المكان. أما الصنف الثاني فيظم التجار الحضريين بنسبة 90% من النسبة الجملية للتجار المحليين )خريطة عدد22(. وفي هذا الصدد نرى انه من الأهمية التذكير بأن ظاهرة تدخل الحضريين في المجال الريفي ليست حديثة العهد بأرياف ولاية الكاف باعتبارها تعود الى القرن التاسع عشر لكنها شهدت تحولات في خصائصها فلئن كانت في الفترة التي سبقت الاستعمار "هيمنة عقارية من خلال امتلاك أعيان مدينة الكاف من قبيل الڤايد والكاهية…أارضي محدودة بسهول الكاف")Sethom. H.1992 بتصرف( فانها ومع بداية انتشار المكننة في الفترة الاستعمارية وبالتحديد مابين الحربين عرفت تحولات هامة على مستوى هيمنة المعمرين على مساحات شاسعة بما أن الآلات الفلاحية تمكن من حرث مساحات ممتدة مما سهل انتشار الملكية الأوربية إبان هذه الفترة )مابين الحربين( من خلال إما ش ارء أ ارضي متغيبين أو عن طريق الك ارء أو منح القروض للفلاحين الصغار لتتحول هذه الأ ارضي فيما بعد إلى ملك للمعمرين بسبب عدم قدرة

الفلاحين الصغار على تسديد الدين. وعلى عكس الفلاحين الصغار الذين تضرروا من هذه الوضعية والتي دفعت بأغلبهم إلى بيع الأرض والنزوح إلى المدن الساحلية وخاصة تونس العاصمة برزت فئة حضرية تونسية استفادت من هذه الوضعية والمتمثلة في التجار ،أصحاب رؤوس الأموال، الموظفون العموميون القاطنين بمدينة الكاف "باعتبار قدرتهم المادية على شارء الآلات الفلاحية واستغلالها عن طريق اما كارء أارضي تصل إلى

4000هك )المصدر السابق( أو ك ارئها الى الفلاحين، معلنة بذلك عن بداية تحول في خصائص تدخل الحضر في الأرياف من تدخل عقاري مباشر الى تدخل غير مباشر من خلال امتلاك اليات الانتاج. وقد تواصلت هذه التحولات حيث بينت الاستمارة الميدانية التي قمنا بها أن الأط ارف الحضرية أصبحت تتدخل في مسالك توزيع الانتاج الفلاحي من ذلك البيع على عين المكان للخرفان والضأن )خريطة عدد22(. كما نلاحظ أن تدخل الحضر في الأرياف لم يعد مقتص ار على مدينة الكاف فحسب. فبالتوازي مع تدعم الظاهرة الحضرية في اطار سياسة وطنية عامة عرف مجال الد ارسة بدوره ارتقاء العديد من القرى الى م اركز حضرية تكون فيها مع مرور الزمن فئة غنية -نسبيا- لها من الامكانيات المادية ما يمكنها من الاستثمار في القطاع الفلاحي.

مكنت طريقة بيع الخرفان والضأن على عين المكان من احداث علاقات اقتصادية مجالية بين أرياف مجال الد ارسة فيما بينها وبينها وبين المدن. ويعتبر تدخل هذه الاخيرة في مسلك الخرفان احدى الأوجه الحديثة للعلاقات الريفية – الحضرية. وتواجه هذه الأط ارف منافسة من قبل تجار من أصول حضرية خارجة عن مجال الد ارسة. ففيما تتمثل هذه الأط ارف؟

ج. تنامي دور التجار غير المحليين:أهمية مدن الوسط الغربي في ترويج الإنتاج

بلغ عدد الفلاحين الذين يروجون الى تجار من مدن غير محلية 400 فلاح أي22.29% من النسبة الجملية للذين يروجون على عين المكان. وبذلك فقد تمكن مجال الد ارسة من ربط علاقات اقتصادية-مجالية مع مجالات جغ ارفية مختلفة من الت ارب الوطني )خريطة عدد23(. والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا الصدد أن كل التجار القادمين من مختلف الاقاليم ينتمون الى أوساط حضرية ولم نسجل ابان العمل الميداني أي فلاح يروج الى تجار من أرياف غير محلية. غير أن هذه النسبة الجملية تخفي تباينا مجاليا بين المنطقة الشرقية ونظيرتها الغربية من حيث درجة الاستقطاب اذ تحتكر الأولى 09% )الاستمارة الميدانية4092( من النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون الى تجار من مدن أقاليم مختلفة في حين لم تتجاوز النسبة 42% بالنسبة للمنطقة الغربية )المصدر السابق(. ومرد ذلك اولا الى أهمية الانتاج بأرياف المنطقة الشرقية في مقارنة بالأرياف الغربية. وانتاج الخضر الصيفية بالمنطقة الأولى ثانيا قد مكن الفلاحين من ربط علاقات مع أط ارف من مجالات مختلفة تدعمت شيئا فشيئا لتشمل ترويج الخرفان وفي المقابل ظلت المنطقة الثانية تفتقر لمثل هذه العلاقات باعتبار محدودية المناطق السقوية الموجودة بها.

انطلاقا مما سبق نتبين أهمية العلاقات الاقتصادية –المجالية التي يربطها مجال الد ارسة

مع ثلاثة أقاليم رئيسية وهي اقليم الوسط الشرقي، الشمال الشرقي والشمال الغربي، بينما ظلت علاقاته محدودة مع بقية الأقاليم الأخرى. ولئن مثلت العلاقات مع الاقليمين الاخيرين عبارة

عن تواصل للعلاقات القديمة في شكل جديد فان بروز العلاقات مع الوسط الشرقي تأتي في اطار التحولات الاقتصادية لكلا المجالين بالاضافة الى التطور الذي شهدته وسائل النقل والشبكة الطرقية بصفة عامة مكنت من ربط المجالات الجغ ارفية الوطنية. وتعد هذه العلاقات احدى أوجهها. وبالاضافة الى مسالك توزيع الحبوب والخرفان والضأن والتي تهم كافة الفلاحين فاننا وأثناء زيا ارتنا الميدانية الاستطلاعية لاحظنا بروز مسالك تجارية في علاقة بالانتاج الفلاحي من قبيل تجارة الخرفان وبالتوازي معها برز مسلك تجارة العلف وهو ما استوجب منا اد ارج مجموعة من الأسئلة ضمن الاستمارة الميدانية تتعلق بهاذين المسلكين قصد استجلاء خصائصهما والتعرف على العلاقات الاقتصادية-المجالية التي عقدها مجال الد ارسة مع مجالات جغ ارفية أخرى من خلال تدخل الفاعلين الاجتماعيين في هاذين المسلكين.

II. المسالك التجارية: انتشار مجالي واسع وتباين من حيث المردود

شهدت أرياف وسط ولاية الكاف وجنوبها برواز لمسالك تجارية حديثة النشأة وفي علاقة بالقطاع الفلاحي. وقد مثلت هذه المسالك في بعض جوانبها احدى الاست ارتيجيات المعتمدة من قبل الفلاحين للتأقلم مع الأزمة الاقتصادية التي يمر بها مجال الد ارسة )الفصل الثاني من الباب الأول(. وهو ما يبرر الى حد ما انتشارها في كامل الأرياف ولدى فئات مختلفة من الفلاحين حيث قدر عدد الفلاحين الذين يمارسون تجارة الخرفان229 فلاح أي حوالي92% من النسبة الجملية للمستجوبين. وبلغ عدد الفلاحين الذين يمارسون تجارة العلف400 فلاح أي بنسبة 41.42% من النسبة الجملية للمستجوبين. فماهي خصائص هاذين المسلكين؟ وما مدى اختلافهما بين الفلاحين؟ وكيف خلقا علاقات مجالية؟ وماهي الأط ارف المتحكمة فيها؟

1. تجارة الخرفان بين أحادية التزود بالمنتوج والتعدد النسبي لمسالك الترويج مثل منتصف التسعينيات تقريبا انطلاقة لتجارة الخرفان بالأرياف قيد الد ارسة )الاستمارة الميدانية4092(. وقد أخذ هذا النشاط في التدّعم بعد أن تأكدت أهمية الم اربيح التي يدر بها على اصحابه، بالاضافة الى أنه يحقق هامشا من الربح بالنسبة لصغار الفلاحين.

وبالاعتماد على اللقاءات الميدانية التي أجريناها مع الفلاحين تبينا أن هناك اختلافا بين المتعاطين لهذا النشاط اذ يمكن أن نميز بين ثلاثة أصناف: يتمثل الأول في الفلاحين أصحاب ال أرس المال المحدود ويقتصر هؤلاء على عدد محدود من القطيع غالبا ما لا يتجاوز العشرة رؤوس. أما الصنف الثاني فيظم الفلاحين الكبار ذوي الرساميل الهامة. أما بالنسبة للصنف الثالث فيتكون من الفلاحين الذين يمارسون نشاطا اضافيا ويسعون الى الاستثمار في القطاع الفلاحي. وقد تأكد هذا التصنيف ابان تحليلنا لنتائج الاستمارة الميدانية من خلال تركيزنا على د ارسة شبكات التزود بالقطيع وشبكات ترويجه.

أ. دور ريادي للأسواق الاسبوعية المحلية في التزود بالخرفان

تمحورت شبكات التزود بالخرفان حول الأسواق الاسبوعية المحلية حيث صرح 292 فلاح من جملة الذين يمارسون تجارة الخرفان أنهم يتزودون من الأسواق الاسبوعية المحلية وهو ما يمثل 19.22% في المقابل صرح 10 بانهم يعولون على انتاجهم الخاص والمتمثل في "العلوش الكُسبي" الأمر الذي يؤكد هامشية هذا الصنف في تجارة الخرفان. فأي الاسواق التي لعبت الدور الأهم ضمن عملية التزود؟

مكننا تحليل نتائج العمل الميداني )خريطة عدد29( من تصنيف الأسواق الاسبوعية من

حيث قدرتها على جذب التجار للتزود بالخرفان الى ثلاثة أصناف. يتمثل الصنف الأول في خريطة عدد 29: تباين دور الأسواق الأسبوعية المحلية في التزود بالخرفان

الأسواق التي تمثل منطقة تزود هامة بالنسبة لمتعاطي تجارة الخرفان وتظم كل من سوق السرس، تاجروين وسوق الكاف. بلغ عدد المتزودين من هذه الأسواق الثلاثة 201 أي ما يناهز13% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية. وفي هذا السياق نشير الى المكانة الهامة التي احتلتها السوق الاسبوعية للسرس اذ قدرت نسبة المتزودين منها ب24.3% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية. وتُفسر هذه الأهمية في جانب كبير منها بغياب سوق أسبوعي بمدينة الدهماني ومحدودية سوق الڤصور الى جانب ع ارقة هذه السوق رغم ع ارقتها. أما الصنف الثاني فيتمثل في الأسواق التي لا تمثل الا أسواق تزود محدودة بنسبة99% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية وتظم كل من سوق قلعة سنان والڤصور. ويظم الصنف الثالث الاسواق التي لا تستقطب الا عدد محدود جدا من المتعاطين لتجارة الخرفان بنسبة2.92 %علما وأنها تظم كل من سوق القلعة الخصبة وساقية سيدي يوسف وهو خارج عن منطقة د ارستنا ونبرر تناولنا اياه بالد ارسة لكونه استقطب نسبة – وان كانت محدودة جدا- من متعاطي تجارة الخرفان.

انطلاقا مما سبق نتبين أهمية الأسواق الأسبوعية ضمن عملية التزود بالقطيع بالنسبة لممارسي تجارة الخرفان وبالتالي فان هذه الأسواق تضطلع بدور التجميع واعادة التوزيع للانتاج الفلاحي.

ب. البيع على عين المكان الخيار الأول لتوزيع الانتاج

لئن مثلت الأسواق الأسبوعية المحلية أماكن التزود الوحيدة تقريبا بالنسبة لمتعاطي تجارة الخرفان. وهو ما يفسَرُ بمحاولتهم التحكم قدر المستطاع في تكلفة القطيع بالتحكم في تكلفة النقل. فان البيع على عين المكان مثل أهم است ارتيجية اتبعت من قبلهم للضغط على المصاريف ومحاولة تحقيق هامش من الربح حيث قدرت نسبة الذين يعتمدون الترويج على عين المكان كأول طريقة في الترويج ب02.02% مقابل 43.39% من النسبة الجملية لممارسي تجارة الخرفان بالنسبة للمروجين في الأسواق الاسبوعية. فأي الأط ارف الفاعلة المحلية أو غير المحلية التي تدخلت أكثر في مسلك البيع على عين المكان؟

بالاستناد الى معطيات الاستمارة الميدانية يمكن القول بأن أرياف وسط ولاية الكاف وجنوبها استطاعت من خلال تجارة الخرفان جذب أط ارف خارجة عنها ومن ثمة ربط علاقات اقتصادية مجالية –باعتبار ان المجال الجغ ارفي هو الحامل لهذه الأدفاق-مع مجالات

181

أخرى اذ قدر عدد المروجين الى تجار من أصول حضرية غير محلية 922 أي 31.22% من النسبة الجملية للمروجين على عين المكان. في حين بلغت نسبة الذين يروجون الى تجار من أصول حضرية محلية 29.39%. وتختلف هذه النسب داخل أرياف مجال الد ارسة )خريطة عدد20( حيث ترتفع نسبة تدخل الأط ارف الخارجة عن مجال الد ارسة كلما اتجهنا من الغرب الى الشرق وتظهر بصورة جليّة في أرياف كل من السرس، الدهماني والڤصور في المقابل تهيمن على الأرياف الغربية من مجال الد ارسة تجار من مدن محلية ويفسر ذلك بانتشار الصنف الأول من ممارسي تجارة الخرفان بهذه الارياف أكثر من بقية الاصناف الاخرى. تدفعنا مثل هذه المعطيات للتساؤل عن أي المجالات الحضرية غير المحلية التي يتفاعل معها مجال الد ارسة أكثر من غيرها من خلال تدخلها في مسلك تجارة الخرفان؟ وماهي المدن المحلية التي تتدخل أكثر من غيرها في تجارة الخرفان؟

سبق وأشرنا الى أن نسبة31.22% من النسبة الجملية للمروجين على عين المكان يروجون الى تجار من مدن غير محلية. وتتوزع هذه النسبة بشكل متفاوت بين المدن التي ينحدر منها التجار)خريطة عدد21(، حيث يحتل التجار من مدن اقليم الوسط الغربي المرتبة الأولى تليها في ذلك مدن اقليم الشمال الشرقي والوسط الشرقي ثم مدن الشمال الغربي بنسبة91%. في المقابل تت ارجع نسبة التجار من اقليم الجنوب الغربي الى 2% وتنعدم تماما بالنسبة لمدن اقليم الجنوب الغربي )خريطة عدد21(. يمكننا بالاعتماد على الخريطة عدد

20 صياغة ملاحظتين أساسيتين. تتمثل الأولى في الأهمية العددية للمروجين الى تجار من مدن محلية بالنسبة لأرياف مدينة الكاف وأرياف المدن الغربية من مجال الد ارسة في مقارنة بالأرياف الشرقية على غ ارر الدهماني والڤصور. أما الملاحظة الثانية فتتعلق بأي المدن المحلية التي تربط علاقات مع المجالات الريفية وقد بينت نتائج الاستمارة الميدانية: أولا أن تجار مدينة الكاف يعقدون علاقات مع كافة أرياف مجال الد ارسة باستثناء أرياف مدينة الدهماني. ثانيا أهمية العلاقات التي تعقدها مدينة تاجروين مع أرياف المعتمديات الجنوبية بالاضافة الى أرياف معتمديتي الكاف الغربية والشرقية حيث قدرت نسبة الذين يروجون الى تجار من مدينة تاجروين بحوالي 24% من النسبة الجملية للذين يروجون الى تجار من مدن محلية منهم 93.49% من أرياف الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان.

لئن احتل البيع على عين المكان مكانة هامة ضمن تجارة الخرفان بكامل أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف فإن ذلك لا يجب أن يحجب عنا مكانة الأسواق الأسبوعية ضمن عمليات الترويج.

ج. البيع في الأسواق الأسبوعية: الخيار الثاني لتوزيع الانتاج

قدر عدد التجار الذين يروجون في الأسواق الأسبوعية ب 922 من مجموع ممارسي تجارة الخرفان. موزعين بين الأسواق الأسبوعية المحلية التي استقطبت00 منهم و22 يروجون في الأسواق الأسبوعية غير المحلية، علما وأن النسبة المُستقطبة من قبل الأسواق الأسبوعية غير المحلية تنتمي الى فئة أصحاب الرساميل الهامة التي تمارس تجارة الخرفان. وغالبا ما يتوجه هؤلاء الى الأسواق البعيدة عندما يتضح لهم غياب امكانية البيع بأثمان مناسبة في الأسواق المحلية وهي حالة تكون خاصة عند اقت ارب عيد الاضحى. وتتمثل الأسواق التي يؤمها هؤلاء في أسواق الأقليم التالية: الوسط الشرقي والغربي وأسواق الشمال الشرقي والغربي مع تفوق واضح لأسواق الأقاليم الشرقية من حيث عدد الذين يروجون فيها )أنظر الجدول عدد9 في ملاحق الباب الثاني(.

أما على مستوى الأسواق الأسبوعية المحلية فقد احتل سوق السرس المرتبة الاولى )42%( من حيث استقطابه لاعداد الممارسين لتجارة الخرفان يليه في ذلك سوق تاجروين )40%( في حين يحتل سوق الكاف المرتبة الثالثة )42%( )أنظر الجدول عدد 4 في ملاحق الباب الثاني(. وتبقى الأسواق المحلية الأخرى على غ ارر سوق الجريصة وقلعة سنان محدودة الاستقطاب الى محدودة جدا.

اذا وانطلاقا من التحليل السابق تبينا أن تجارة الخرفان قد ساعدت على اث ارء العلاقة بين المجال الريفي والحضري القريب والبعيد كما أكدت على ثلاثة معطيات أساسية وهي: أولا مكانة الأقاليم الشرقية خاصة الوسط الشرقي ضمن العلاقات الاقتصادية المجالية. ثانيا أهمية مدينة الكاف وتاجروين على المستوى المحلي في هذه العلاقات. ثالثا تحول شبكات التوزيع الى الية من اليات سيطرة المدن على الأرياف من خلال هيمنة الأط ارف الحضرية عليها.

2. تجارة العلف: مسلك حديث في تدعم

بالتوازي مع بروز تجارة الخرفان وتدعمها في أرياف مجال الد ارسة برزت تجارة الأعلاف،حيث قدر عدد ممارسيها ب400 فلاح أي ما نسبته 41.42% من النسبة الجملية للمستجوبين. فماهي شبكات التزود بالأعلاف؟ وماهي مسالك ترويجه؟ أ. شبكات التزود بالأعلاف: أهمية دور الأسواق الأسبوعية المحلية

بينت نتائج الاستمارة الميدانية أن شبكات التزود بالأعلاف تتمحور حول ثلاثة عناصر رئيسية: الأسواق الأسبوعية المحلية بنسبة 02.3% من النسبة الجملية لممارسي تجارة الأعلاف والتزود من الفلاحين مباشرة في فترة الحصاد بنسبة92.3% ثم الأسواق الأسبوعية غير المحلية بنسبة99%. فماهي الأسواق الأسبوعية المحلية وغير المحلية التي مثلت أكثر من غيرها مناطق تزود بالنسبة لمتعاطي تجارة الأعلاف؟

لعبت كل من سوق السرس، تاجروين والكاف دوار أساسيا في تزويد ممارسي تجارة الأعلاف بالبضاعة. اذ قدرت نسبة المتزودين من هذه الأسواق بحوالي02% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية بشكل عام بينما ضلت مكانة الأسواق الأخرى محدودة )خريطة عدد22(. وفي هذا السياق احتلت سوق السرس المرتبة الأولى بنسبة تقارب 24% من النسبة الجملية للأسواق الأسبوعية ككل، وب20% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية المحلية. تليها في ذلك سوق تاجروين ب20% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية المحلية و49%من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية بصفة عامة. بينما احتلت سوق الكاف المرتبة الثالثة بنسبة 42.20% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية المحلية، وب49% من النسبة الجملية للمتزودين من الأسواق الأسبوعية ككل. ولئن مثلت الأسواق المحلية

الثلاثة )السرس وتاجروين والكاف( مصادر التزود الرئيسية بالنسبة الى تجار الأعلاف فانهم قد اقتصروا على أسواق اقليم الشمال الغربي بنسبة 99.22% من النسبة الجملية للأسواق الاسبوعية غير المحلية ككل وب4% بالنسبة لأسواق الشمال الشرقي. من خلال ما سبق يتضح أن تجارة الأعلاف لم تمكن أرياف مجال الد ارسة من عقد علاقات كثيفة من خلال مصادر التزود بالبضاعة. فالى أي حدّ تنطبق هذه الملاحظة على مسالك توزيع الأعلاف؟

ب. مسالك توزيع العلف وهيمنة مسلك البيع على عين المكان

لئن مثلت الأسواق الأسبوعية لا سيما منها المحلية الأماكن الرئيسية للتزود بالبضاعة بالنسبة لمتعاطي هذه التجارة فان البيع على عين المكان مثل أهم مسلك للترويج بنسبة قد رت ب92% من النسبة الجملية لمتعاطي هذه التجارة مقابل 29% بالنسبة للأسواق الأسبوعية.

مكن مسلك ترويج الأعلاف بأرياف وسط ولاية الكاف وجنوبها من عقد علاقات اقتصادية-مجالية مع أط ارف فاعلة حضرية اذ بينت نتائج الاستمارة الميدانية أهمية الدور الذي اضطلع به تجار من مدن اقليم الوسط الغربي في مسلك البيع على عين المكان حيث قدرت نسبة المروجين على عين المكان الى تجار من مدن هذا الاقليم ب30% من النسبة الجملية للمروجين على عين المكان )رسم بياني عدد49(. هذه المكانة الهامة التي حضي بها تجار مدن اقليم الوسط الغربي تجد مبرارتها في ثلاثة عوامل مت اربطة فيما بينها. أولهما انتشار تجارة الخرفان وتربية الأبقار الجاهدة )سيقع التركيز على تربية الأبقار في العنصر ( بهذا الاقليم. بالتوازي مع ذلك محدودية الامكانيات العلفية مما يضطر الفلاح الى البحث عن مناطق للتزود خاصة في ظل ارتفاع أسعار العلف الاصطناعي بالاضافة الى قرب المسافة بين أرياف مجال الد ارسة وهذا الاقليم في مقارنة مع بقية مناطق التل العالي.

تضافرت مختلف هذه العوامل لتجعل من مجال الد ارسة مجال استقطاب لنسبة هامة من تجار الأعلاف من اقليم الوسط الغربي. وفي ذلك نوع من أنواع تواصل العلاقات القديمة التي جمعت مجال الد ارسة بهذه المناطق من خلال حركات العشابة والع ازبة )الفصل الأول من الباب الأول(. كما صرحت نسبة تناهز22% من المروجين على عين المكان أنهم يروجون الى تجار من مدن محلية. وتسيطر مدينتي تاجروين والكاف على تجارة الأعلاف بالنسبة الى المدن المحلية اذ صرحت نسبة31.91% من النسبة الجملية للمروجين الى تجار من مدن محلية أنها تروج الى تجار من مدينة تاجروين في حين صرحت نسبة تقارب 24% أنها تروج الى تجار من مدينة الكاف. تقوم هذه الفئة بش ارء الأعلافوتخزينها واعادة بيعها في فت ارت الجفاف سواء الى الفلاحين الصغار من مجال الد ارسة أو من خارجه.

وبذلك فانها تلعب دور الوسيط باعتبارها لا تقتصر على المتاجرة في الأعلاف الطبيعية وانما بالعلف الاصطناعي أيضا )أنظر رسم توضيحي عدد9(. هذه الوضعية تجعل الفلاح الصغير تحت ضغط ارتفاع التكلفة. فبالرغم من أنه المزود الأول لتجار الأعلاف الا انه لا يحكم السيطرة على أسعار الش ارء لعدم قدرته التحكم في اسعار البيع منذ البداية ذلك ان التجار يغتنمون فترة الحصاد والتي تعرف لدى الفلاح بارتفاع المصاريف )تكلفة الحصاد ،نقل المنتوج من الضيعة…( لذلك يجد الفلاح نفسه أمام خيارين اما جمع"التبن" دون تحويله في شكل"بالة" وفي هذه الحالة يحتفظ به كعلف أو التفريط في "التبن" بأسعار بخسة تفاديا لتكلفة جمعه ونقله.

بالاضافة الى طريقة بيع الأعلاف على عين المكان التي تفضلها النسبة الغالبة لممارسي هذه التجارة فان البعض منهم يلجؤون الى الأسواق الأسبوعية لترويج بضاعتهم. تعتمد نسبة 29% من النسبة الجملية لممارسي تجارة الأعلاف على الترويج في الأسواق

الاسبوعية المحلية. وفضلا عن احتكار ثلاثة أسواق محلية والمتمثلة في سوق الكاف والسرس وتاجروين لهذه النسبة وغياب كلي لبقية الأسواق المحلية الأخرى، وهو ما يفسر بقدرة هاته الاسواق الثلاثة على جذب المروجين والمتزودين في الان ذاته بالأعلاف، فان توزع التجار على الأسواق الاسبوعية الثلاثة يتم بصفة متفاوتة )رسم بياني عدد40 ( حيث تحتل سوق تاجروين المرتبة الأولى في الترويج بنسبة تقارب22% من النسبة الجملية للمروجين في الأسواق الأسبوعية. تليها في ذلك سوق السرس بحوالي24% ثم سوق الكاف ب42%. وتفسر هذه الأهمية التي حظيت بها سوق تاجروين في الترويج بهيمنتها المطلقة على كامل الأرياف الغربية من مجال الد ارسة. وهي هيمنة سنسعى الى تحليل مختلف

أبعادها في الفصل الثاني من هذا الباب أثناء تعرضنا لعنصر الأسواق الاسبوعية ودورها في رسم علاقات بين المجال الريفي والحضري.

أكد تحليل مسالك التزود والتوزيع المتعلقة بتجارة العلف ضعف حلقة الفلاح مقابل أهمية الدور الذي تحظى به الأط ارف الحضرية. وهو ما يعكس ت ازيد السيطرة الحضرية على المجالات الريفية متخذة أشكالا وخصائص جديدة.

انطلاقا من التحليل السابق لمختلف شبكات التوزيع الموجودة بمجال الد ارسة توصلنا الى أن هناك تعدد للأنشطة الفلاحية الممارسة من قبل الفلاحين. فبالرغم من التوجه نحو انتاج الشعير وت ارجع بقية أنواع

الحبوب الا ان ذلك لا يعني أن مجال الد ارسة يتجه الى التخصص في انتاج هذه المادة نتيجة لت اركم أرس المال وانما ناتج عن أزمة تعيشها الفلاحة العائلية. دفعت هذه الأزمة بالفلاحين الى البحث

عن است ارتيجيات للتأقلم. ويُعد التخلي عن انتاج أنواع معينة من الحبوب مثل القمح الصلب واللين احدى هذه الاست ارتيجيات لتفادي هامش الربح المحدود الذي تحققه أمام غلاء الأسعار وتتالي سنوات الجفاف. بالاضافة الى تعاطي العديد من الأنشطة الاخرى المرتبطة بالفلاحة مثل تجارة الخرفان والأعلاف )نركز على الاست ارتيجيات أكثر في الباب الثالث(. كل هذا يمكننا من القول بأن مجال الد ارسة لا يمثل حوضا لانتاج معين وانما تتعدد به الأنشطة الفلاحية ومن ثمة مسالك التوزيع. وبالنظر الى الأط ارف الفاعلة المتدخلة في هذه المسالك الفلاحية )الحبوب، الخرفان، تجارة الأعلاف والخرفان( اتضح أن هذه المسالك لا تخضع لسيطرة الفاعلين الاجتماعيين الريفيين وانما لسيطرة الاط ارف الفاعلة الحضرية مما يفضي الى تكون أدفاق مالية خارجة من المجال الريفي باتجاه المدن سواء كانت القريبة منها أو البعيدة. يتدعم هذا التنوع في الأنشطة الفلاحية بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة من خلال ممارسة الري حيث برزت مسالك توزيع مرتبطة بالفلاحة السقوية.

فماهي خصائص هذه المسالك؟ والى أي حد يمكن الحديث عن تكون مسالك فلاحية- غذائية في علاقة بالفلاحة السقوية؟ وكيف ساهمت في اث ارء العلاقات الريفية – الحضرية؟ وهل ساهمت في بروز علاقات اقتصادية مع مجالات جغ ارفية أخرى؟ III. مسالك التوزيع المرتبطة بالفلاحة السقوية

أفرزت الازمة التي تعيشها الفلاحة العائلية تنوعا في الأنشطة الفلاحية. وت بعا لذلك تعددت مسالك توزيع الانتاج. منها ماهو مرتبط بالفلاحة البعلية. ومنها ماهو مرتبط بانتشار المناطق السقوية خاصة بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة. ويمكن حصرها في مسلكين أساسيين وهما مسلك توزيع الخضر ومسلك توزيع الحليب.

على ضوء ذلك نتساءل عن خصائص مسالك التوزيع المرتبطة بمنتوجات الفلاحة المروية وعن الأط ارف الفاعلة فيها؟ باعتبار أننا تعرضنا في الصفحات السابقة الى خصائص مسالك التوزيع المتعلقة بمنتوجات الفلاحة البعلية.

1. الألبان نشاط حديث النشأة بمجال الدراسة

لئن عرف قطاع الألبان تحولات عميقة بعدة مناطق من البلاد التونسية مما أدى الى

نشأة أحواض لبنية مثل منطقة مجرة السفلى التي شهدت "منذ بداية الثمانينيات وخاصة خلال النصف الثاني من التسعينيات ثورة لبنية هامة")محمد الشريف،9222( وسهل سيدي بوزيد. ومرد ذلك الأهمية التي أولتها الدولة الى هذا القطاع في اطار سياسة عامة تهدف الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحليب، فان التل العالي ومن ضمنه مجال الد ارسة بقي خلال هذه الفترة بمنأى عن هذه التحولات اذ قدر انتاج الحليب "في بداية الثمانينيات بحوالي3000طن أي ما يمثل2% من الانتاج الوطني" )عبد الله الشريف،9229، بتصرف( وذلك رغم توفر المقومات الطبيعية من قبيل الموارد المائية الهامة والانتشار النسبي للمناطق السقوية لاسيما منها بالأرياف الشرقية من مجال الد ارسة. كما أنه لم يلق اقبالا من قبل الفلاحين نظ را لغياب بنية تحتية تضمن جمع الانتاج وتسويقه باستثناء مركز تجميع واحد بدأ في الاشتغال سنة 9212 بالزعف ارن من معتمدية الكاف الشرقية. بالاضافة الى غياب سوق استهلاكية هامة. وبقي انتاج الألبان مقتص ار تقريبا على القطاع المنظم الذي يوفر"90% من الانتاج" )عبد الله الشريف9229( بالتل العالي. لكن مع تأكد عدم قدرة الشمال الشرقي والمناطق الساحلية التي انتشرت بها المناطق السقوية وتربية الابقار الحلوب على الاستجابة الى الحاجيات الوطنية للحليب "بسبب النقص في كميات الماء وتقلص المجال الزارعي واليد العاملة نتيجة المنافسة الحض رية والنشاط السياحي" )الصديق الفازعي، 9222( بالاضافة الى سعي السلط العمومية الى تحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى من أبرزها "التخفيف من عدة مشاكل اجتماعية من أهمها البطالة والهجرة")المصدر السابق( جاء اهتمام الدولة بالتل العالي ومن ضمنه مجال الد ارسة الذي عرف تحولات هامة في نشاط انتاج الحليب مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثالثة الأمر الذي أفضى الى تكون شبكات لتجميع الالبان. فالى أي حد يمكن اعتبار ذلك من بوادر تكون حوض لبني بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة؟

أ. خصائص إنتاج الألبان بأرياف وسط ولاية الكاف وجنوبها

يتركز انتاج الألبان مجاليا بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة )معتمديتي الكاف الغربية والشرقية، السرس، الدهماني والڤصور( حيث بلغ انتاج الحليب بمجال الد ارسة سنة4094

191

42400 طن بعد أن كان سنة 4004 92420 طن )المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف،4092( محققا بذلك نسبة زيادة سنوية تقدر ب9.42%. والملاحظة اللافتة للانتباه في هذا السياق أن الأرياف الشرقية من مجال الد ارسة تحتكر 10.90% من انتاج الحليب بكامل المجال المدروس. ويفسر ذلك بتوفر عدة عوامل بها منها الطبيعية المتمثلة في وجود ثلاثة سهول: سهل الزوارين-عبيدة، سهل السرس وسهل الكاف-الزعف ارن. ولئن كانت هذه السهول منفصلة عن بعضها البعض فان ذلك يجعل من كل سهل وحدة مجالية متجانسة- نسبيا- على المستوى الطبوغ ارفي مما يسهل عملية تجميع الحليب داخل السهل الواحد. وأخرى تنظيمية تتمثل في حجم قطيع الأبقار ونوعيته الذي ما فتئ يرتفع الى أن وصل سنة 4094، 2020 أرس منها 22.22% أبقار مؤصلة )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول( الى جانب التوجه المتواصل نحو التخصص في انتاج الألبان وما يقتضيه ذلك من تخصيص مساحات هامة لانتاج الأعلاف التي بلغت في موسم 4099-4094 90.39% من النسبة الجملية للأارضي المحترثة بالمنطقة الشرقية والتي قدرت هذه النسبة ب9.23% في الأرياف الغربية من مجال الد ارسة في نفس الموسم. غير أن انتاج الأعلاف يبقى دون تغطية حاجة القطيع من ذلك قدر انتاج الاعلاف بالسرس في موسم4099-4094 حسب المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف ب 43932 وحدة علفية في حين أن الحاجة قدرت ب 22921 وحدة علفية لنفس المعتمدية. وهو ما يعني عجز يقدر بحوالي -1323 وحدة علفية. ولئن كانت المنطقة الشرقية تتوفر بها نسبة هامة من هذه العوامل )الطبيعية ،التنظيمية( مكنها من بروز شبكات لتجميع الالبان بها فان المنطقة الغربية من مجال الد ارسة تفتقدها وهو ما يبرر ضعف انتاج الحليب بها مقارنة بالأولى. فماهي خصائص تركيبة شبكات الحليب الحديثة النشأة بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة؟ ب. تركيبة شبكات تجميع الحليب

تتكون شبكات تجميع الحليب بمجال الد ارسة )رسم توضيحي عدد0( بالاضافة الى المنتج والمستهلك من المجمعين المتنقلين ومحلات البيع المختصة في بيع الحليب ومشتقاته والذين يمثلون الأط ارف المتدخلة الخاصة التي سعت الى الاستفادة من هذا المسلك الناشئ لتبحث لنفسها عن مورد رزق في ظل الأزمة التي تعيشها المنطقة كما تتكون من م اركز التجميع التي تمثل القطاع العمومي في هذا المسلك.

يحتوى مجال الد ارسة على ثلاثة شبكات لتجميع الحليب تتكون من مجموعة عناصر تتفاعل في ما بينها) رسم توضيحي عدد1(. وللتعرف عليها وعلى ودرجة ت اربطها وكيفية اشتغالها سنعتمد مجموعة المؤشّ ارت الطبولوجيّة )Indices topologiques( الموالية:

نستخلص انطلاقا من النتائج المتحصل عليها للمؤش ارت الطبولوجية بساطة الشبكات ذلك أن مؤشرα لم يبلغ في الشبكات الثلاثة 9 كما أن مؤشرβ والذي يُعبر عن مدى ت اربط الشبكة وتعقدها ت اروح بين0

و 0.99 وهو ما يعكس انعدام ت اربط مختلف الشبكات قيد الد ارسة. يضاف الى ذلك أن مؤشر γ ت اروح بين 29% و99% وهو ما يؤكد انعدام الت اربط بين عناصر هذه الشبكات وبساطها.

تهم الشبكة الاولى خاصة صغار الفلاحين الذين لا يتجاوز حجم قطيعهم ال أرس أو ال أرسين على أقصى تقدير من الأبقار، ويقطنون بالمنطقة التي تبعد عن مجال تجميع المجمعين المتنقلين ويعتمد هؤلاء في نقل المنتوج على اما الد ارجات النارية أو الدواب وقد بلغ عدد هم 2 فلاحين أي حوالي 94% من مجموع الفئة المستجوبة والبالغ عددها 24 فلاح ) الاستمارة الميدانية4092(. علما وأن هذه الفئة لا تروج فقط الى المحلات المختصة في بيع الحليب خاصة في فصل الربيع عندما يكون الانتاج وفي ار وانما الى م اركز التجميع أيضا. يمثل امتلاك هذه الفئة للأبقار است ارتجية تؤمن لهم دخلا شهريا يحاولون من خلاله تجاوز أزمة المستغلة– العائلية. أما الشبكة الثانية فيغيب فيها دور المجمعين المتنقلين حيث يُعول الفلاحون على شاحناتهم الخاصة في نقل المنتوج. وقد بلغ عددهم 92 فلاحا أي ق اربة 22% من النسبة الجملية للمستجوبين )الاستمارة الميدانية 4092(. وتعتبر تربية الأبقار بالنسبة لهذه الفئة من الانشطة الهامة ويبرز ذلك من خلال عدد القطيع الذي بلغ أربعة رؤوس كحد ادنى لكل منتج ) الاستمارة الميدانية4092(. أما بالنسبة للشبكة الثالثة فترتبط بالفلاحين القاطنين بالقرب من مجال تجميع المجمعين المتنقلين وقد بلغ عددهم 1 من مجموع المستجوبين. ويُعد المجمعون المتنقلون الحلقة الوسيطة بين المنتج وم اركز التجميع. ولمزيد التعرف على أهمية كل عنصر من عناصر الشبكات ومدى أهميته في اشتغالها سنعتمد مؤشر النفاذية من خلال انجاز مصفوفة النفاذية لكل شبكة والبحث عن مؤشر المركزية للنقاط التي تتمتع بنفاذية هامة.

جدول عدد 33: مصفوفات النفاذيّة لكلّ من الشبكة رقم1 والشبكة رقم2 والشبكة رقم3:

تعكس مصفوفات النفاذية لمختلف الشبكات أهمية النفاذية للنقطة" ب". بالنسبة للشبكة الأولى بلغ مؤشر المركزية بها 2 وهو ما يؤكد أهمية النفاذية التي تحظى بها. تمثل هذه النقطة أصحاب المحلات المختصة في بيع الحليب ومشتقاته. وقد تمكنوا من استقطاب أعداد هامة نسبيا من الفلاحين لاسيما الصغار منهم. أما بالنسبة للشبكة الثانية فان النقطة "ب" تعبر عن م اركز التجميع التي لعبت دوار هاما في تجميع الحليب والتشجيع على تعاطي هذا النشاط بالرغم من القلة العددية وهو ما يؤكده أيضا مؤشر المركزية الذي قدر ب2.09. أما في ما يتعلق بالشبكة الثالثة فان النقطة "ب" تعكس مكانة المجمعين المتنقلين الذين تمكنوا من احتلال مكانة هامة ضمن عمليات تجميع الحليب خاصة بالنسبة للفلاحين الذين لا يمتلكون وسيلة نقل ويقطنون بعيدا عن مجال تجميع الشاحنة التابعة الى مركز التجميع وقد بلغ مؤشر المركزية لهذه النقطة2.99.

انطلاقا من المؤش ارت الطبولوجية تتأكد بساطة شبكات تجميع الحليب وغياب الت اربط بين مختلف العناصر المكونة لها بالاضافة الى محدودية هذه الأخيرة. وهوما يعكس حداثة هذا النشاط. الى جانب غياب م اركز التجميع الخاصة على عكس عدة مناطق أخرى من البلاد مثل منطقة مجردة السفلى سهل سيدي بوزيد… جعل من تأثير هذه الشبكات محدودا جدا على المجال الريفي.

ج. مسالك التجميع

عكست بساطة شبكات تجميع الالبان بمجال الد ارسة محدودية العناصر المكونة لهذا المسلك اللبني الناشئ. وتعد حلقة المنتجين العنصر الرئيسي ضمن العملية الانتاجية غير أن تحديد فئات المنتجين بالمجال المدروس بالاعتماد على" القارر عدد11-9902 بتاريخ جوان9211 الصادر عن وازرة الفلاحة يبقى مستعصيا. ذلك ان هذا القارر يعتبر كل ضيعة خاصة بها 43 بقرة حلوب ضيعة صغرى أو متوسطة") محمد الشريف ،9222، بتصرف(. والحال أن أكبر منتج للحليب بمجال الد ارسة يمتلك حوالي 40 بقرة حلوب وهو ما يجعل من مجال الد ارسة يشذ تماما عن هذه القاعدة. لذلك وبالاعتماد على العمل الميداني قمنا بتصنيف المنتجين كالتالي:

اذا تبدو هيمنة الفئة الاولى والتي يمثلها صغار الفلاحين )من9 الى ثلاثة رؤوس( واضحة اذ قدرت ب94.3% من النسبة الجملية للمستجوبين. وفي المقابل لا تمثل الفئة الثانية والثالثة معا الا 22.3%. وهو ما يكشف عن محدودية الامكانيات المادية للمنتجين ذلك أن تربية الأبقار تتطلب أرس مال هام من أجل تأمين ظروف ملائمة لتعاطي هذا النشاط من قبيل بناء الاستطبل، توفير الالت المخصصة للحلب، تخصيص مساحة علفية كافية لتلبية حاجة القطيع… وبالرغم من حداثة النشاط الا اننا نسجل تدخل أط ارف فاعلة ضمن حلقة التجميع. ففيما تتمثل هذه العناصر؟

يُعتبر المجمعون المتنقلون الحلقة الأساسية ضمن عملية تجميع الحليب خاصة بالنسبة الى الذين لا يمتلكون وسائل نقل والقاطنين بعيدا عن الطريق الرئيسي الذي تمر به سيارة مركز التجميع. بلغ عددهم بالأرياف الشرقية من مجال الد ارسة 91 )الاستمارة الميدانية، 4092( موزعين بين الدهماني 4 )مجمع خاص بسهل الزوارين ومجمع خاص بسهل عبيدة( و1 بكل من السرس و1 مجمعين بسهل الكاف-الزعف ارن.

ويعتبر هذا العدد غير قابل للمقارنة مع عدد المجمعين بمناطق أخرى من البلاد من ذلك سهل سيدي بوزيد الذي وصل عدد المجمعين به 04 )وفاء ب ارهمي4094-4092(. وفي واقع الأمر فان هذا العدد غير كاف خاصة بالنسبة لمنطقة الزوارين وعبيدة. وقد بلغت نسبة الفلاحين الذين يروجون الى للمجمعين المتنقلين بحوالي 23% وهو ما يؤكد أهمية الدور الذي يضطلع به هؤلاء في عملية التجميع. وبالتوازي مع بروز مسلك الحليب وتأكده شيئا فشيئا نلاحظ بداية ظهور بعض محلات لبيع الحليب ومشتقاته بعدة مناطق من مجال الد ارسة بالمدن القريبة على غ ارر الكاف، الدهماني والسرس بالاضافة الى توطن البعض منها بالتجمعات القروية مثل الزوارين وعبيدة. وقد تمكنوا من استقطاب نسبة حوالي 94% من الفلاحين. ما نؤكده أن بروز ونمو هذه المحلات مرتبط بظهور ونمو مسلك الحليب خاصة في ظل غياب كلي لمؤسسات التحويل بالمجال المدروس بصفة خاصة وولاية الكاف بصفة عامة ولعل ذلك يتيح لنا مشروعية التساؤل عن مدى امكانية تحول هذه المحلات الى نوتات لوحدات لصناعة الأجبان؟.

ويبقى دور المجمعين المتنقلين باراز في عمليات التجميع اذ يعتبر الحلقة الوسيطة بين الفلاح وم اركز التجميع. بلغ عدد هذه الأخيرة بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة أربعة م اركز موزعة بين سهل السرس4، الكاف-الزعف ارن9 والدهماني-الزوارين9، مع العلم أن كامل ولاية الكاف تظم ستة م اركز أي أن المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة قد استأثرت بنسبة99.99%، ويعتبر مثل هذا العدد غير قابل للمقارنة مع عدة مناطق أخرى من البلاد من ذلك ولاية باجة اذ قدر عدد الم اركز بها 42 مرك از. بالاضافة الى الدور الذي تلعبه في دعم نشاط انتاج الحليب من خلال التسهيلات التي تقدمها للفلاحين ال ارغبين في اقتناء آلات الحلب… فان مهمتها الأساسية هي تجميع الحليب. وقد صرحت نسبة حوالي 32% من المستجوبين أنهم يروجون منتوجهم الى م اركز التجميع مباشرة. وفي واقع الأمر أن مثل هذه المعطيات تؤكد على بساطة مسلك الحليب بمجال الد ارسة. كما تبين أن انتاج الحليب بهذا الجزء من مجال الد ارسة ما ازل لم يتخط م ارحله الأولى سواء ذلك من حيث الهياكل المسيرة والمنظمة لنشاط الحليب المتمثلة في م اركز التجميع أو من حيث ثقافة الفلاحين اذ أن العاملين بم اركز التجميع أثناء المقابلات التي أجريناها معهم قد تذمروا من محدودية خبرة الفلاحين في هذا الميدان وهو ما يؤثر سلبا في جودة الحليب خاصة في ما يتعلق بطريقة الحلب التي تتم في الغالب في أمكان غير مخصصة للغرض. كما أن الأواني المعدة لحفظ الحليب لا تستجيب في بعض الأحيان الى الغرض اذ يستعمل بعض الفلاحين الاواني البلاستيكية، بالاضافة الى انتشار ظاهرة الأواني غير محكمة الغلق )المشهد عدد0(.

وتبقى الكميات المجمعة دون طاقة التجميع في كافة الم اركز)جدول عدد24(. وبالرغم من

تعدد النقائص التي تمثل من العوامل التي تقف دون تكون مسلك للحليب ونموه، فان ذلك لا ينفي تكون أدفاق لبنية باتجاه مجالات جغ ارفية خارجة عن المجال المدروس باعتبار غياب مؤسسات تحويل به، شكلت فيها م اركز التجميع على قلتها حلقة الوصل بين مجال الد ارسة ومؤسسات التحويل المتوطنة خارج المجال المدروس. ففيما تتمثل هذه المجالات وما مدى كثافة الادفاق اللبنية المتجهة اليها؟

تشكل مؤسسات التحويل الحلقة الرئيسية ضمن أي مسلك فلاحي-غذائي. لذلك فإن توطنها بمجال انتاج المادة الأولية للتصنيع والمتمثل في الحليب يعد دافعا مُ حثا لنمو الانتاج خاصة وأن دور هذه المؤسسات غالبا لا يقتصر على عملية التحويل وانما يتعداه الى تجميعه عبر انشاء م اركز تجميع خاصة بها أو تسويغ م اركز. كما يساعد توطن هذه المؤسسات بمنطقة انتاج الحليب على تفادي الخسائر الناجمة عن عملية نقل المنتوج في حالة توطنها بعيدا. وغالبا ما يتحمل هذه الخسائر الفلاح وم اركز التجميع. ولئن أدى غياب مؤسسات تحويل الألبان بمجال الد ارسة الى بروز علاقات بين مجال الد ارسة ومجالات جغ ارفية أخرى من خلال أدفاق الألبان التي يرسلها مجال الد ارسة باتجاه وحدات التصنيع)خريطة عدد20( فان مقارنة الكميات المجمعة من قبل م اركز التجميع والبالغة 42000 ل/يوم )جدول عدد24( والكميات الموجهة للتصنيع قد رت ب 91300ل/اليوم سنة 4092 )الاستمارة الميدانية، 4092( يفسر حسب الأعوان العاملين بم اركز التجميع بتلف كميات هامة من الحليب بسبب نقص التجهي ازت أولا ثم ببعد المسافة بين هذه الم اركز ومؤسسات التحويل المتوطنة بولاية نابل وبجندوبة ثانيا . الامر الذي يجعل منه من العوامل الرئيسية المعرقلة لنمو انتاج الحليب.

رغم تكون أدفاق لبنية في الأرياف الشرقية باتجاه مجالات جغ ارفية أخرى، وهو ما يؤكد

بروز علاقة اقتصادية-مجالية بين مجال الد ارسة والمجالات الجغ ارفية التي تتوطن بها مؤسسات تحويل الحليب، الا أن النقائص التي يعاني منها نشاط الألبان من قبيل القلة العددية لم اركز التجميع وللمجمعين أفضت الى غياب التنافس الذي كان من الممكن أن يؤدي الى ارتفاع طاقة الانتاج. الى جانب محدودية الأط ارف المتدخلة في تركيبة المسلك والتي كان من الممكن أيضا أن تكون عنص ار محف از على تعاطي نشاط الألبان وانتشاره بين الفلاحين الأمر الذي يضمن دخلا شهريا لهم في ظل الصعوبات المتعددة التي يواجهونها. أثرت مختلف هذه النقائص سلبا على نشاط الألبان الناشئ بمجال الد ارسة من حيث نسق تطوره خاصة بعد اغلاق مركز التجميع المتوطن بالدهماني مع موفى 4092. الأمر الذي أفضى الى تخلي العديد من الفلاحين عن قطيعهم. وبذلك بدأت تبرز بوادر ت ارجع هذا

النشاط باعتبار أن هذا المركز توجه اليه كميات الحليب المُجمعة من سهلي الزوارين وعبيدة.

2. شبكات توزيع المنتوجات الخضرية

تتكون شبكات توزيع المنتوجات الخضرية من عدة عناصر: التجار، الخضّارة والأسواق سواء أكانت الأسبوعية و/أو أسواق الجملة )رسم توضيحي عدد2(. ولد ارسة العلاقات التي يربطها مجال الد ارسة مع بقية المجالات الجغ ارفية الأخرى القريبة والبعيدة ،

الريفية والحضرية من خلال المتدخلين في هذه الشبكات وللتعرّف على مكانة كل عنصر ضمن شبكات التوزيع استندنا الى بعض المؤش ارت الطبولوجية.

انطلاقا من الرسم التوضيحي عدد2 يمكن التمييز بين شبكات التوزيع على عين المكان وأخرى بعيدة المدى.

أ. مسالك التوزيع على عين المكان

يمثل البيع على عين المكان من أهم الطرق المفضلة لدى الفلاح اذ يجنبه مصاريف النقل وخسارة الوقت. وتتمحور شبكات توزيع الخضر على عين المكان حول ثلاثة عناصر رئيسية: التجار،"الخضّارة" ومعمل عبيدة )رسم توضيحي عدد2(. وباستثناء معمل العبيدة الذي يتوطن بمجال الد ارسة – على الطريق الجهوية ال اربطة بين مدينة الدهماني ومدينة الكاف- فان كلا الطرفين ينتميان الى أصول جغ ارفية حضرية. وهو ما يؤكد بروز علاقات حديثة بين الريف والمدينة. من الممكن ان تشكل وجها من وجوه هيمنة المدينة على الريف خاصة وأنها تأتي نتيجة للتحولات التي تشهدها الفلاحة التي لم يعد الغرض منها الاستهلاك العائلي وانما التسويق.

ومن أجل تبين خصائص شبكات توزيع الخضر على عين المكان )رسم توضيحي عدد90( ومن ثمة دور كل عنصر من العناصر المكونة لها استندنا الى نتائج المؤش ارت الطبولوجية )جدول عدد 22( التي بينت بساطة وغياب الت اربط بين عناصر الشبكة الثالثة بينما أكدت على تعقد الشبكة الاولى والثانية اذ تحتوي كل واحدة منهما على أكثر من

211

حلقة. فماهي العناصر الاكثر تأثي ار على اشتغال الشبكة؟ للاجابة على هذا السؤال سنعتمد على مصفوفة النفاذية لكل شبكة.

رسم توضيحي عدد13: أصناف شبكات ترويج الخضر

انطلاقا من مصفوفات النفاذية الثلاثة نتبين أهمية النفاذية للنقطة "ب" وهو ما يعكس أهمية هذه النقطة ضمن شبكات توزيع الخضر. وتمثل في الشبكة الاولى التجار. وفي الشبكة الثانية الخضّارة أما الشبكة الثالثة فتمثل معمل عبيدة. فأي دور لعبته هذه الأط ارف ضمن شبكات توزيع الخضر؟

جدول عدد34: مصفوفات النفاذية لشبكات توزيع الخضر على عين المكان

ب. دور التجار: أهمية دور التجار المحليين ضمن حلقة ترويج الخضر

يحتل التجار احدى الحلقات الرئيسية في توزيع الخضر حيث قدر مؤشر المركزية للنقطة "ب" في الشبكة الثانية 2.2. وتتأكد هذه الأهمية للتجار من خلال عدد الفلاحين المروجين للتجار والمقدرة ب299 فلاح أي حوالي01% من الفلاحين المستجوبين والذين يمارسون الري والبالغ عددهم 200 فلاح. وتتوزع هذه النسبة بين تجار محليين بما يقارب33% من النسبة الجملية للمروجين الى التجار)909 فلاح( و23% منهم )920فلاح( يروجون الى تجار ينتمون الى مدن غير محلية. ويفسر هذا التفوق في نسبة المروجين الى تجار محليين في مقارنة بنظ ارئهم المروجين الى تجار من مدن غير محلية لا بأهمية ال أرس المال الحضري المحلي وانما بضعف استقطاب المجالات الريفية للأط ارف غير محلية وذلك في علاقة بمحدودية الانتاج السقوي مقارنة مع بقية المجالات الجغ ارفية الوطنية على غ ارر سهل سيدي بوزيد، حوض مجرة الوسطى، المناطق السقوية الموجودة بالساحل. غير أن هذه النسب وان مكنتنا من التعرف على أهمية دور التجار المحليين في مقارنة بنظ ارئهم غير المحليين ضمن مسلك البيع على عين المكان إلا أنها تخفي المدن المحلية الأكثر تدخلا من خلال التجار في المجال الريفي من جهة. وتخفي الاصول الجغ ارفية للتجار غير المحليين من جهة ثانية. وكمحاولة لتجاوز هذاالغموض ضمنا الاستمارة الميدانية سؤالا يتعلق بتحديد المدينة التي ينتمي اليها التجار سواء أكانت محلية أو غير محلية. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة الى انه ولئن كان تحديد اسم المدن المحلية ممكنا بالنسبة للفلاحين فانهم قد اقتصروا في اجابتهم بالنسبة للمدن غير المحلية على تحديد الاقليم الذي تنتمي اليه هذه المدن.

يضطلع التجار من مدينتي الكاف وتاجروين بدور هام في ترويج الخضر. حيث قدر عدد الفلاحين الذين يروجون الى تجار من هاتين المدينتين 12 فلاح أي حوالي22% من النسبة الجملية للفلاحين الذين يروجون الى تجار من مدن محلية. وبالاعتماد على الخريطة عدد 29 يمكن تحديد مجالات تدخل تجار كل مدينة حيث يتدخل تجار مدينة الكاف في الأرياف الشرقية من مجال الد ارسة في المقابل تمثل الأرياف الغربية للمجال المدروس منطقة تدخل تجار مدينة تاجروين. كل هذا يدفعنا للقول بان مسلك الخضر يخضع في جانب كبير منه الى حضر مدينتي الكاف وتاجروين كما نسجل تدخل تجار كل مدينة في أريافها.

تمكن مجال الد ارسة بفضل الدينامية التي شهدها القطاع السقوي )الباب الاول الفصل الثاني( من بناء علاقات مع مجالات جغ ارفية مختلفة. ويتجلى ذلك من خلال استقطابه لتجار من أصول حضرية مختلفة. غير أن ذلك يتم بدرجات مختلفة في ما بين المدن

)خريطة عدد24( حيث تحتل مدن اقليم

اقليم الوسط الشرقي الصدارة بنسبة 49% من النسبة الجملية للفلاحين المروجين الى تجار من مدن غير محلية تليها في ذلك مدن اقليم الوسط الغربي بنسبة49%. وتبقى في المقابل علاقات أرياف مجال الد ارسة محدودة مع بقية الأقاليم الأخرى. الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن الأصول الجغ ارفية للخضّارة ؟

ج. "الخضّارة": مكانتهم وأصولهم الجغارفية.

تتمثل ظاهرة "التخضير" في "بيع المنتوج على عين المكان بسعر تقديري يحدد بعد تقدير كمية المنتوج بصفة تقريبية من قبل الخضار باعتباره خبيار في هذا الميدان ويتحمل هذا الأخير تكاليف الاستغلال منذ تسلمه المستغلة خاصة الري واليد العاملة وذلك حتى نهاية جني المنتوج" )فيصل السكفالي،4002-4002(. وعلى عكس بعض المناطق من الجمهورية التونسية مثل المنطقة السقوية تستور- السلوڤية من ولاية باجة التي ظهر بها "الخضّارة" "منذ الستينيات والسبعينيات" )Kassab.A.1980( فان هذه الظاهرة تعتبر حديثة نسبيا بالمنطقة. فحسب تصريح أحد الفلاحين لم تكن موجودة قبل 9223. وانطلاقا من الشبكة عدد 4 )الرسم التوضيحي عدد90( نتبين أهمية عنصر "الخضّارة" في توزيع الخضر بمجال الد ارسة وهي مكانة برهنت عليها مصفوفة النفاذية عدد4 الخاصة بذات الشبكة ومؤشر المركزية الذي قدر ب2.22. ومن الأهمية بمكان أن نشير الى أن ظاهرة بيع الإنتاج قبل أن ينضج أو ما يُعرف لدى الفلاحين "بالتخضير" تقتصر على الأرياف الشرقية من مجال الد ارسة باعتبار أهمية انتاج الخضر بها مقارنة مع الأرياف الغربية هذا من الناحية كما تقتصر على أط ارف حضرية أي أن الذين يقومون بعملية "التخضير" ينتمون الى المدن سواء المحلية منها أو غير المحلية.

انطلاقا من الشبكة عدد2 من الرسم التوضيحي عدد90 سجلنا هيمنة تكاد تكون كلية ل"معمل عبيدة"على مسلك توزيع الطماطم. حيث قدر مؤشر المركزية للنقطة "ب" التي تمثل معمل عبيدة ب2.22. وحسب تصريح نفس الفلاح فان دخول الأطارف الحضرية المحلية ضمن هذه العملية يُعد حديثا أيضا، اذ يعود الى بداية الألفية الثالثة. بلغ عدد الفلاحين الذين "يخضرون" نسبة من منتوجهم 929 فلاح منهم 22 "يخضر" الى "خضّارة" من أصول حضرية محلية و21 الى "خضّارة" من أصول حضرية غير محلية. فماهي المدن المحلية وغير المحلية التي تتدخل عن طريق "الخضّارة" في الأرياف الشرقية لمجال الد ارسة؟

على غ ارر بقية شبكات التوزيع حيث تحتل مدينة الكاف المرتبة الأولى ومدينة تاجروين المرتبة الثانية من خلال تدخل التجار في أغلب مسالكها. فقد بينت نتائج العمل الميداني محافظتهما على هذه المكانة بالنسبة لظاهرة "التخضّير" الموجودة بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة. اذ بلغ عدد الفلاحين الذين يتعاملون مع "خضّارة" من مدينة الكاف 90 فلاح من جملة 22 فلاح يقومون بعملية "التخضّير" و9 فلاحين يخضرون الى أط ارف فاعلة من مدينة تاجروين. ولئن شمل تدخل "الخضّارة" من مدينة الكاف كامل المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة فان "الخضّارة" من مدينة تاجروين قد اقتصروا على أرياف مدينة الكاف والدهماني )خريطة عدد22(. ويفسر ذلك بمحدودية عدد "الخضّارة" بالنسبة لمدينة تاجروين في مقارنة مع مدينة الكاف بالاضافة الى قرب المسافة بين مدينة تاجروين وأرياف كل من الدهماني والكاف وهو ما يمكن من الم ارقبة المستمرة التي يقوم بها"الخضّار". فماهي الأصول الجغ ارفية للخضّارة من المدن غير المحلية؟

تمكنت المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة من استقطاب "خضّارة" من مدن تنتمي الى أقاليم مختلفة )خريطة عدد22( بفضل مسالك توزيع الخضر. وتحتل مدن اقليم الوسط الشرقي المرتبة الاولى في ذلك اذ قدرت نسبة الفلاحين الذين يتعاملون مع"خضّارة" من مدن هذا الإقليم 21% من النسبة الجملية للفلاحين الذين يتعاملون مع"خضارة" غير محليين تليها في ذلك مدن إقليم الوسط الغربي ثم مدن اقليم الشمال الشرقي )خريطة عدد22(.

الى جانب البيع على عين المكان والذي هيمنت عليه الاط ارف الحضرية المحلية وغير المحلية. نجد مسالك التوزيع البعيدة والتي لعبت فيها الأسواق الأسبوعية منها وأسواق

الجملة دوار رئيسيا في تكون شبكة لتوزيع المنتوجات الخضرية ) رسم توضيحي عدد99( سنحاول من خلال بعض المؤش ارت الطبولوجية تبين خصائصها.

د. خصائص الشبكات البعيدة لتوزيع الخضر والفاعلين الاجتماعيين فيها

تمثل الأسواق الحلقة المفصلية ضمن الشبكات البعيدة لتوزيع الخضر)رسم توضيحي عدد99( والبالغ عددها أربعة شبكات تختلف من حيث درجة ت اربطها وبساطتها أو تعقدها وهو ما تؤكده نتائج المؤش ارت الطبولوجية.

رسم توضيحي عدد11: الشبكات البعيدة المدى لتوزيع الخضر

استنادا الى المؤش ارت الطبولوجية )الجدول 23( يمكن التمييز بين صنفين من الشبكات:

جدول عدد 23: نتائج المؤش ارت الطبولوجية

الصنف الأول ويهم كل من الشبكة الأولى والثانية. يعرف هذا الصنف بعدد محدود من العناصر اذ يتكون من ثلاثة عناصر فقط. وهي شبكات بسيطة اذ أن مؤشرα يساوي صفر. وهي منعدمة الت اربط باعتبار أن مؤشرβ دون الواحد. يهم هذا الصنف من الشبكات نوعين من الفلاحين. أولا صغار الفلاحين الذي ما ازل تعاطيهم لانتاج الخضر هامشيا اذ يفتقرون لوسائل نقل بالاضافة الى محدودية المساحة المخصصة للخضر وقد قدرت نسبتهم ب3% من النسبة الجملية للمستجوبين. يمثل تسويغ الشاحنات لنقل المنتوج عبئا كبي ار على هذه الفئة اذ لا يمكنها – بالاضافة الى متطلبات المستغلة العائلية من حاجيات من تكوين أرس مال يخول لها الاستثمار في الفلاحة أو في أنشطة أخرى.

الصنف الثاني من الشبكات ويظم الشبكة الثالثة وال اربعة. بلغ عدد عناصر كل منهما خمسة. انطلاقا من المؤش ارت الطبول وجية يعتبر هذا الصنف من الشبكات معقد نسبيا اذ بلغ مؤشر α 0.4 ووصل مؤشرβ الي واحد، أي أن كلا الشبكتان تحتويان على حلقة وحيدة في المقابل فان مؤشرγ بلغ 33% وهو ما يعني أن درجة مسلكية هذه الشبكات محدودة. ويمكن اعتبار هذا الصنف من بوادر تحول شبكات توزيع الخضر. ويهم الفلاحين أصحاب الشاحنات التي تمكنهم من توزيع منتوجهم حسب است ارتيجياتهم الخاصة اذ غالبا ما يتجهون الى أسواق الجملة لاقليم الشمال الشرقي. وللتعرف على مدى نفاذية كل عنصر من هذه الشبكات سنبحث عن مؤشر النفاذية عن طريق انجاز مصفوفة للنفاذية لكل من الشبكة الثالثة وال اربعة باعتبار أن الشبكة الاولى والثانية لا تتكونان الا من عنصر واحد اذا استثنينا المنتج والمستهلك.

يبدو واضحا من خلال مصفوفة النفاذية أن النقطة "ب" تحظى بدرجة نفاذية عالية.

ويجسد ذلك أهمية أسواق الجملة ضمن مسالك توزيع الخضر. وهو ما يتأكد من خلال مؤشر المركزية الذي قدر ب2.3. عموما تتمحور مسالك توزيع الخضر حول مجموعة من الأسواق الأسبوعية وأسواق الجملة وتنتمي هذه الأسواق الى مدن محلية وأخرى غير محلية. وقد بلغ عدد المروجين في الأسواق 201 فلاح موزعين بين المروجين في الأسواق الاسبوعية بنسبة22.22% وأسواق الجملة ب33.33%.

تحتل الأسواق المحلية مكانة متميزة ضمن مسالك توزيع الخضر. وهي مكانة برهنت

عليها نتائج الاستمارة الميدانية حيث قدرت نسبة الفلاحين المروجين في الأسواق الأسبوعية المحلية بما يقارب02% من النسبة الجملية للمروجين في الأسواق الأسبوعية. كما قدرت نسبة الذين يروجون في

سوق الجملة بالكاف ب30% من نسبة الفلاحين المروجين في أسواق الجملة. فهل يعني ذلك أن الأسواق الأسبوعية المحلية لها نفس القدرة على استقطاب الفلاحين؟ وماهي الأسواق غير المحلية التي تستقطب الفلاحين؟

تمكنت ثلاث أسواق بمجال الد ارسة من استقطاب10% من الفلاحين المروجين في الأسواق الأسبوعية المحلية وتتمثل في كل من السوق الأسبوعية لمدينة الكاف بنسبة24.24% من النسبة الجملية للفلاحين المروجين في الأسواق الأسبوعية المحلية.

تليه سوق مدينة السرس بما يقارب40% ثم في المرتبة الثالثة سوق تاجروين ب42.42%.

في المقابل تبقى قدرة الأسواق الأخرى في جذب الفلاحين محدودة الى منعدمة من ذلك أننا لم نسجل ابان العمل الميداني أي مستجوب يروج في سوق مدينة الجريصة )خريطة عدد23(. وقد ساعد عدم وجود سوق أسبوعية بمدينة الدهماني على اعطاء

مكانة هامة لسوق السرس حيث تتوجه نسبة تقارب22% من النسبة الجملية لفلاحي الدهماني والذين يروجون في الأسواق الأسبوعية الى سوق السرس. كما حظيت السوق الاسبوعية بالڤصور بنسبة 49.92% من فلاحي أرياف مدينة الدهماني. وتفسر المرتبة الأولى التي احتلتها سوق الكاف والمرتبة الثالثة لسوق تاجروين بأهميتهما كأسواق استهلاكية في مقارنة مع بقية الاسواق الاخرى. ولئن احتلت كل من سوق الكاف، السرس وتاجروين المكانة الأولى مقارنة مع الأسواق الاسبوعية المحلية الاخرى بالنسبة للفلاحين الذين يروجون في الأسواق الاسبوعية المحلية فان أسواق اقليم الشمال الشرقي والوسط الشرقي سواء الأسبوعية أو الجملة قد احتلت المكانة الاولى ضمن عمليات الترويج تليها أسواق الشمال الغربي بالنسبة للترويج في الأسواق الأسبوعية في حين احتلت أسواق الوسط الغربي المكانة الأخيرة ضمن الأسواق التي يروج فيها الفلاحين سواء أكانت الأسبوعية و/ أو أسواق الجملة )الخ ريطة عدد29(.

211

211

خاتمة الفصل الاول

مكنتنا د ارسة شبكات توزيع المنتوجات الفلاحية والأط ارف الفاعلة فيها من التوصل الى مجموعة من النتائج لعل من أهمها: أولا: التوقف عند خصائص هذه الشبكات التي تميزت في أغلبها بالبساطة وغياب الت اربط بين عناصرها. ثانيا: تعدد الأنشطة الفلاحية بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف الأمر الذي يمكن من خلاله التأكيد على أن المنطقة المدروسة لا تمثل حوضا لأي انتاج بالرغم التوجه في بعض الأنشطة نحو انتاج واحد مثل الحبوب حيث سجلنا ت ارجعا لزارعة القمح اللين والصلب في مقابل تدعم زارعة الشعير. ويُعد تعدد الانشطة الفلاحية من ناحية والتعدد الوظيفي من ناحية ثانية )الفصل الثاني من الباب الثالث( انعكاسا للازمة التي تمر بها المستغلة العائلية. لذلك فان هذا التعدد يندرج في اطار است ارتيجيات التأقلم. ثالثا: مكن تعدد مسالك التوزيع المنتشرة بالأرياف قيد الد ارسة من ربط علاقات اقتصادية-مجالية مع مجالات جغ ارفية أخرى سواء أكانت ريفية و/أو حضرية من خلال تدخل مجموعة من الفاعلين الاجتماعين. وهي علاقات تختلف من حيث كثافتها بين المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة ونظيرتها الغربية. ولئن برهنت هذه العلاقات على اندماج أرياف مجال الد ارسة في المنظومة الاقتصادية الوطنية فان البحث في الأط ارف المتدخلة في مسالك توزيع الانتاج الفلاحي قد مكنتنا من التوصل الى معرفة أن هذه الأرياف تخضع الى سيطرة الأط ارف الفاعلة الحضرية المحلية منها وغير المحلية. فبالنسبة للأط ارف الحضرية المحلية تبين لنا مدى أهمية مدينتي تاجروين والكاف في بسط نفوذهما على أرياف مجال الد ارسة من خلال تدخل التجار من هاتين المدينتين بشكل مكثف ضمن مسلك البيع على عين المكان من ناحية والمكانة المتميزة لأسواقهما الاسبوعية ضمن عملية الترويج من ناحية أخرى. وكذلك التزود بالبضاعة بالنسبة لتجارة الخرفان والعلف الى جانب السوق الأسبوعية لمدينة السرس. أما في ما يخص الأط ارف الحضرية غير المحلية فاننا سجلنا الدور المتنامي لمدن الأقاليم الشرقية خاصة منها اقليم الوسط الشرقي الى جانب دور مدن اقليم الوسط الغربي في التدخل في ترويج الانتاج.

اذا ما يمكن أن نخلص اليه هو أن العلاقات التي يربطها مجال الد ارسة من خلال مسالك توزيع

الانتاج الفلاحي، وان كانت في احدى جوانبها تعبي ار عن فك لانحباسه وبالتالي اندماجه في السوق الوطنية، الا أن تعدد الأط ارف المتدخلة يفضي الى مزيد الاقتطاع من هامش الربح الذي يحققه الفلاح. ثمّ إنّ هيمنة الأط ارف الفاعلة الحضرية على مسلك البيع على عين المكان في مختلف مسالك التوزيع تقريبا تعكس وبوضوح سيطرة المدينة على الريف. وبذلك فان العلاقات التي ربطت أرياف مجال الد ارسة مع المجالات الحضرية القريبة والبعيدة، ولئن كان أساسها مسالك توزيع الإنتاج الفلاحي فإنها في واقع الأمر لا تعكس مكانة هامة للأرياف ضمن هذه العلاقات الاقتصادية-المجالية باعتبار ثانوية الأطارف الفاعلة الريفية فيها مقابل سيطرة الأط ارف الفاعلة الحضرية. وهي سيطرة سنحاول

البحث في أبعادها منطلقين من ازوية نظر حضرية ضمن الفصل الموالي من خلال د ارسة أوجه العلاقة بين المجالين انطلاقا مما تكتسبه المدن من آليات تخول لها ذلك.

المقدمة:

سنسعى من خلال هذا الفصل الى د ارسة العلاقات الريفية- الحضرية منطلقين من ازوية نظر حضرية أي البحث في قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم مجالاتها الريفية انطلاقا مما تكتسبه من اليات تخول لها ذلك. ومن ثمة التوصل الى تحديد مناطق نفوذ مختلف المدن المزمع د ارستها مستندين في ذلك الى الخدمات التي تلعب دوار أساسيا في التنظيم المجالي للمجتمعات عبر د ارسة كثافة تردد سكان الأرياف على هذه المدن في علاقة بالخدمات التي تقدمها هذه الأخيرة أولا ثم بالأسواق الاسبوعية ثانيا باعتبار أن اقتصاد مختلف هذه المدن يقوم على الأسواق الأسبوعية والخدمات. من أجل ذلك ضمنا الإستمارة الميدانية مجموعة من الأسئلة التي حاولنا من خلالها التعرف على مناطق نفوذ المدن. ومن ثمة معرفة هل أن مدن مجال الد ارسة قادرة على تنظيم مجالاتها الريفية أم لا؟ وان كانت كذلك فهل تتساوى من حيث قدرتها على استقطاب مجالاتها الريفية؟ أم أن مدن وأرياف مجال الد ارسة خاضعة على حد السواء الى مجالات جغ ارفية أخرى؟

قبل الخوض في مختلف هذه العناصر ارتأينا التعريف بمدن مجال الد ارسة من خلال تصنيفها بالاعتماد على معيار الحجم والمعيار الوظيفي مستندين في ذلك الى الد ارسات العامة التي تعرضت الى نظريات تصنيف المدن من قبيل قانون زيف أو ما يعرف أيضا بقانون المرتبة-الحجم والد ارسات التي اهتمت بمدن مجال الد ارسة والمتمثلة أساسا في د ارسات الأستاذ عمر بالهادي وSignoles.P. والأستاذ الصدّيق الفازعي.37 بالاضافة الى ما يوفره المعهد الوطني للاحصاء من معطيات احصائية. تمكننا من الوقوف عند أحجام المدن خلال فت ارت متباينة لما لذلك من أهمية في اب ارز التحولات التي شهدتها هذه المدن من حيث أحجامها وهو ما يثير بالضرورة البحث في أسباب ذلك.

I. خصائص المنظومة الحضرية بوسط وجنوب ولاية الكاف

يقتضي البحث في اشكالية العلاقات الريفية- الحضرية من ازوية نظر حضرية التعريف بهذه المدن. ونظ ار لكون المدينة بالبلاد التونسية تخضع في تكونها الى قارر سياسي- اداري بالاساس اذ لا يمكن اعتبار أي تجمع سكني مهما كان حجمه كبي ار أو صغي ار مدينة

37 الصديق الفازعي )4094(: مدينة الكاف في التل العالي التونسي : تحضرها ومكانتها الاقليمية، مركز النشر الجامعي،920 صفحة.

الا اذا كان به بلديةيمكن القول أن عدد المدن بمجال الد ارسة بلغ تسعة سنة 4002 حسب المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للاحصاء )الكاف، تاجروين، الدهماني ،السرس، الڤصور، القلعة الخصبة، قلعة سنان، الجريصة ومنزل سالم(. غير أن الاقتصار على المعطى الاداري يفضي الى خلط بين مصطلح البلدي "communal" والحضري" urbain". من ذلك أن المعهد الوطني للاحصاء يعتبر أن كامل المجال الت اربي لبلدية منزل سالم منطقة حضرية والحال انها في أغلبها مناطق ريفية ولا يقطن بالمجال الحضري الفعلي الا حوالي 300 ساكن على أقصى تقديروهي بذلك لم تبلغ عتبة "900 ساكن التي تمثل الحد الفاصل بين الدشرة والقرية").Belhedi.A.1992( بالرغم من ذلك فان ترقيتها الى رتبة بلدية مكنها من الحصول على العديد من التجهي ازت من قبيل المستوصف، مركز بريد… الوضع نفسه ينطبق على مدينة الجريصة- لكن بأقل حدة مما هو عليه في منزل سالم- اذ يعتبر معهد الاحصاء كامل معتمدية الجريصة منطقة بلدية. وفي واقع الامر فان هذه الأمثلة لا تمثل استثناء بالبلاد التونسية من ذلك أن كامل جزيرة جربة وقرقنة يُعتب ارن مجالات حضرية والحال أنهما يضمان عدة مناطق ريفية. أخذا بهذه الاعتبا ارت أدرجنا الى جانب المعطى الاداري مقياس الحجم مستندين في ذلك الى الد ارسات التي اهتمت بالمسألة الحضرية بشكل عام والى تصنيف المدن بشكل خاص من ذلك الد ارسات التي أنجزها الأستاذ عمر بالهادي في ما يتعلق بالمجال الحضري للبلاد التونسية بصفة عامة والتي شملت مجال د ارستنا وخاصة منها تلك التي اهتمت بالمدن الصغرى والمتوسطة. والد ارسات التي اهتمت بالبلديات الجديدة الناشئة بالشمال الغربي والتي "تطرح مشكل في التسمية:

مدن صغرى، مدن محلية، ماركز محلية، بلديات ريفية Mhidi.N.1998) (. وقد بين

الأستاذ عمر بالهادي "أن حجم 4300 ساكن يمثل عتبة » seuil « بين المنظومة الحضرية-الريفية و9000 تمثل عتبة المستوى الأساسي للتحضر في حين يمثل حجم

90000 ساكن العتبة الفاصلة بين المدن الصغيرة جدا والصغيرة" ).Belhedi.A.1992(. على هذا الأساس فان بلدية منزل سالم لا تصنف من بين المدن بما أن حجمها بلغ حسب احصاء 4002 4499 ساكن، وبالتالي يكون عدد مدن مجال الد ارسة ثمانية عوضا عن تسعة. في حين تتجاوز المدن المتوسطة عتبة 40000 ساكن ).Belhedi.A.1992(.

انطلاقا مما سبق وبالاعتماد على احصائيات المعهد الوطني للاحصاء لسنة 4002 يمكن تصنيف مدن مجال الد ارسة بالاعتماد على معطيات الجدول عدد22 الى أربعة أصناف من المدن )متوسطة، صغيرة ،صغرى وم اركز محلية( ونستنتج بعدئذ أن هناك توزعا متوازنا نسبيا لمدن مجال الد ارسة بين مختلف الأصناف اذ نجد مدينة بالنسبة للصنف الاول والأخير وثلاثة مدن بالنسبة للصنف الثاني وكذلك الثالث. ومن خلال تطبيق قانون "زيف" على مدن مجال الد ارسة نلاحظ انه باستثناء مدينة السرس التي يفوق حجم سكانها الحجم النظري فان بقية المدن تختص بضعف عدد سكانها مقارنة برتبتها)جدول عدد20(.

بالاضافة الى أن مدينة الكاف تحظى بالأولية. وهي أولية برهنت عليها مختلف المؤش ارت )جدول عدد21( حيث يفوق حجم مدينة الكاف حجم تاجروين المدينة الثانية سنة 4002 بحوالي 4.3 مرة. وهو ما يؤكد أن الت ارتب الحضري بمجال الد ارسة تهيمن عليه مدينة الكاف مما سيأثر سلبا على تنظيم المدن لمجالاتها. ولئن حافظت مدينة الكاف على رتبتها الأولى خلال كل الاحصائيات فان الوضعية تختلف بالنسبة لبقية المدن )جدول عدد2 في ملاحق الباب الثاني( حيث نلاحظ أن مدينة تاجروين لم تحتل المرتبة الثانية الا في احصاء 9222 وقد كان ذلك على حساب المدن المنجمية على غ ارر الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان التي ت ارجعت الى الم ارتب الأخيرة. فمدينة الجريصة كانت حسب احصاء 9212 تحتل المرتبة الثانية كذلك الشأن بالنسبة لمدينة القلعة الخصبة التي ت ارجعت الى المرتبة الأخيرة منذ احصاء 9212. ولئن كانت أزمة القطاع المنجمي بالنسبة للمدن الثلاثة المفسر لت ارجع عدد سكانها فان أزمة الفلاحة بالنسبة لمدينة تاجروين هي السبب الرئيسي للزيادة العددية لسكان هذه المدينة خاصة وأنها تستقطب العديد من النازحين من أرياف كل من الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان باعتبار قرب المسافة. ثم ان مدينة تاجروين تحظى بتجهي ازت تفوق بقية المدن الثلاثة. هذا فضلا عن موقعها الجغ ارفي مما يجعلها أكثر استقطابا من غيرها.

وعلى ضوء ما تُقدمه مدن مجال الد ارسة من خدمات تجارية وأخرى عمومية وخاصة، سنحاول ضمن العناصر الموالية التركيز على د ارسة خصائص اشعاعها على أريافها بهدف التوصل الى معرفة مناطق نفوذها باعتبار ان هذه الأخيرة –مناطق النفوذ- تعد من أهم مظاهر اشكالية العلاقة بين المدن وأريافها…ومن ثمة معرفة كيفية انتظام العلاقات المجالية بين المدن وأريافها")حسن الهرماسي،9221-9222، بتصرف(. فمنطقة نفوذ مدينة ما تتحدد من خلال مجموعة من العلاقات والأدفاق التي تربطها بمحيطها والتي تكون في شكل أدفاق بشرية )يد عاملة…( مادّية ) البضائع …( وغير مادّية )رساميل، اتصالات هاتفية…(. من أجل ذلك ضمنا الاستمارة الميدانية مجموعة من الاسئلة تمكننا من التوصل الى أفضلية المدن من حيث قدرتها على تنظيم مجالها على تنظيم مجالها الريفي؟ II. هيمنة المدن على أريافها من خلال الأنشطة التجارية

تعد التجارة من أهم اليات تنظيم المدن لمجالها الريفي والحضري على حد السواء. وقد " ارتكزت العلاقات بين المدن وأريافها… بشكل شبه دائم على نواتات تجارية ذات وظائف متارتبة" )حسن الهرماسي،9221-9222، بتصرف(. وفي هذا السياق تعتبر الاسواق الاسبوعية من أقدم الاليات التي نظمت العلاقات الحضرية- الريفية. وبالرغم من تطور الخدمات التجارية بمدن البلاد التونسية بشكل عام ومن ضمنها مدن وسط وجنوب ولاية الكاف اذ أصبح من الممكن تصنيفها حسب الندرة الى خدمات عادية، شبه نادرة وخدمات نادرة، فان الأسواق الاسبوعية ما ازلت تضطلع بالدور الرئيسي في تنظيم العلاقات الريفية-الحضرية. وهو دور يبرز من خلال كثافة تردد سكان الارياف على المدن ايام انتصاب الاسواق الاسبوعة. أخذا بهذه الاعتبا ارت فاننا سنحاول ضمن الجزء الاول من هذا العنصر البحث في خصائص الاسواق الاسبوعية .ومن ثمة التعرض الى مدى قدرتها على استقطاب سكان الارياف. ثم وفي مرحلة ثانية البحث في مناطق نفوذ المدن من خلال الخدمات التجارية الاخرى. وهو ما سيمكننا من تصنيف المدن حسب اتساع أو تقلص مناطق نفوذها.

1. دور الأسواق الأسبوعية في استقطاب سكان الأرياف

حريّ بنا قبل التعرض الى قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم مجالها الريفي من خلال الاسواق الاسبوعية التعرف على خصائص هذه الاخيرة.

أ. تاريخية تكوّن الأسواق

لا تعتبر ظاهرة الأسواق الأسبوعية حديثة العهد بوسط وجنوب ولاية الكاف والتل العالي بشكل عام. وقد بينت د ارسة Monchicourt.Ch.1913 التي اهتمت بهذه المسألة قدم توطن الأسواق الأسبوعية بهذه المنطقة. وتتمثل هذه الأسواق في: سوق ابة-ڤصور)الدهماني

حاليا(، الكاف، السرس، تاجروين والقلعة الجردة )القلعة الخصبة حاليا(. ومن خلال الانتشار المجالي للأسواق الأسبوعية بمجال الد ارسة )أنظر جدول 2 في ملاحق الباب الثاني(، نلاحظ اختلافا واضحا بين أج ازء مجال الد ارسة من حيث عدد الأسواق اذ اشتمل الجزء التابع لمنطقة فريڤا على ثلاثة أسواق. وفي المقابل لم يظم نظيره الخارج عن فريڤا الا سوقين. ويعزى ذلك الى أن الجزء الأول كان ذا كثافة سكانية أرفع من نظيره الثاني. يضاف الى ذلك أن سهول فريڤا التابعة لمجال بحثنا شكلت منطقة هامة للاستعمار الفلاحي/الزارعي ولعب عامل القرب الجغ ارفي دوار أساسيا بالنسبة للمنطقة الخارجة عن فريڤا من سوق تالة مما أدخلها ضمن منطقة نفوذها .

شكلت سوق ابة- ڤصور أبرز وأهم سوق بكامل التل العالي من حيث قيمة الك ارء. اذ قدرت ب40000 فرنك فرنسي كمعدل للفترة الممتدة بين 9202 – 9290 ومن حيث عدد المعاملات الذي بلغ سنة 9209، 9200000 فرنك وهو ما جعلها " أول سوق لتجميع منتوجات فريڤا والسباسب")المصدر السابق(. يليها في ذلك سوق السرس ب 110000 فرنك عدد معاملات و2300 فرنك قيمة ك ارء لمعدل الفترة المت اروحة بين 9202-9290 .بينما احتلت سوق تاجروين المرتبة ال اربعة بعدد معاملات 230000 فرنك سنة 9209 وذلك قبل إحداث السكة الحديدية بعد كل من سوق سليانة، الذي بلغ عدد معاملاته لنفس الفترة 000000 فرنك وسوق تبرسق بعدد معاملات 330000 فرنك. في المقابل لم تسجل سوق الكاف الا 200000 فرنك وهو ما جعلها تحتل المرتبة الخامسة من حيث عدد المعاملات مساوة في ذلك لسوق تالة. هذا الت ارتب الذي تحتل فيه سوق ابة-ڤصور المرتبة الأولى مرده بالإضافة الى الكثافة السكانية، ووجوده بمنطقة استعمار فلاحي/زارعي أهمية " الشبكة الطرقية التي تمكن من التجميع المؤقت للمنتوجات واعادة توزيعها" )المصدر السابق( السبب الذي مكن هذه السوق من اشعاع يتجاوز مستوى المجال المحلي على عكس الأسواق الأخرى مثل سوق القلعة الجردة. هذا التنظيم التفاضلي للأسواق -من حيث أهمية الإشعاع، عدد المعاملات-شهد تحولات عميقة بعد إحداث السكة الحديدية ذلك أن السلطة الاستعمارية عملت على" تغيير الحركة الاقتصادية باتجاه السكة الحديدية")المصدر السابق( مما جعل من سوق ابة–ڤصور تخسر المرتبة الأولى لفائدة الأسواق التي تركزت بقرب محطات القطار والمتمثلة في كل من السرس أحدثت سنة 9209 وخاصة تاجروين التي تعتبر المستفيد الأكبر من هذا التحول. فبعد أن استفادت من ق ارر تحويلها الى مركز

221

إداري عوضا عن ابة- ڤصور سنة 9202 استفادت من بعث السكة الحديدية مما ساهم في انتعاشة سوقها التي أحدثت سنة 9129.

بعد الاستقلال شهدت الاسواق بمجال الد ارسة نموا عدديا هاما. اذ تركزت بالتجمعات الحضرية والريفية على حد السواء. غير أن الصنف الأخير من الاسواق قد اندثر اليوم وذلك في علاقة مع تطور وسائل النقل مثل سوق المحجوبة. فعلى عكس عدة مناطق من البلاد التي تنتشر بها الأسواق الأسبوعية الريفية والحضرية معا مثل "ولاية المهدية التي تظم 49 سوقا موزعة بالتساوي بين حضرية وريفية" ) Cherif.M.2010) فان منطقة الد ارسة وولاية الكاف بصفة عامة لا تحتوي الا على الاسواق الحضرية. كما أن عملية اندثار الاسواق لا تهم الاسواق الريفية فحسب وانما الحضرية من ذلك سوق الدهماني وسوق منزل سالم.

فماهي اذا خصائص التوزع المجالي-الزمني لهذه الأسواق؟ ب. التوزع المجالي- الزمني للأسواق

تعرف الأسواق الاسبوعية توزعا زمنيا متباينا )خريطة عدد20( اذ تتوزع على كامل أيام الأسبوع. وما يلفت الانتباه عند البحث في خصائص التوزع المجالي والزمني لأسواق وسط وجنوب ولاية الكاف هو غياب سوق أسبوعية بمدينة الدهماني. ويفسر ذلك حسب العديد ممَن أجرينا معهم الاستمارة الميدانية بانتشار ظاهرة الغش بسوق الدواب. غير أن هذا السبب وان كان ممكنا في احدى جوانبه خاصة وأن مجموعة من أعوان البلدية قد أكدوا لنا ذلك، فان الغاء سوق الانتصاب لا يجد مبرره في هذا السبب وانما هو مرتبط بهيمنة سوق السرس مما جعل منه غير مربح بالنسبة للبلدية. والملاحظة الجديرة بالذكر من خلال معاينة الخريطة عدد22 هي وجود سوقين بمدينة الكاف وانعقاد سوق قلعة سنان يومين متتاليين. ويعود ذلك الى تخصص كل من سوق برنوصةبمدينة الكاف في بيع المفروشات والالبسة المستعملة. وكذلك الشأن بالنسبة لسوق الثلاثاء بمدينة قلعة سنان الذي يختص ببيع السلع القادمة من القطر الج ازئري. وفي المقابل فان سوق الأحد بالنسبة لمدينة الكاف والأربعاء بالنسبة لمدينة قلعة سنان يغيب فيهما التخصص. بالاضافة الى ذلك

لاحظنا عدم التئام أي سوق يوم الجمعة وهو ما يختلف مع عدة مناطق من البلاد التونسية من ذلك ولاية المهدية التي بلغ"عدد الأسواق المنعقدة بها يوم الجمعة اثنان")المصدر السابق( و"ستة بالنسبة لولاية تطاوين" )حسين الزطريني 4002-

4002(. وتجدر الاشارة الى أن مجال الد ارسة انعقد به فيما مضى سوق يوم الجمعة بالمجلس القروي بالمحجوبة. ولكن تم الغائه بسبب تطور وسائل النقل التي ت ازمن مع بناء جسر على واد س ارط مما سهل المرور الى مدينة تاجروين في مختلف الظروف المناخية خاصة وأن المسافة الفاصلة بين المجلس القروي المحجوبة ومدينة تاجروين لا تتجاوز90كم وهو ما يستجيب لفرضية أن للمسافة دور هام في تحديد دائرة استقطاب الاسواق. في المقابل بقيت علاقة المجلس القروي "المحجوبة" بمدينة قلعة سنان ادارية فقط باعتبار انتماءها اليها. ومرد ذلك بعد المسافة وغياب طريق مباشرة بينهما باستثناء طريق محلية تمر بين المرتفعات ويصعب استعمالها الأمر الذي جعل من المنطقة تقع تحت نفوذ سوق تاجروين التي تعد من أهم الأسواق بمنطقة الد ارسة )أنظر عنصر ت ارتب الاسواق الاسبوعية(. بالاضافة الى كل ذلك فان انعقاد هذه السوق يأتي بعد انعقاد سوق قلعة سنان بيوم والتي تُعتبر من الأسواق الهامة بمجال الد ارسة وبولاية الكاف بصفة عامة لامتلاكها لممي ازت تختلف عن بقية أسواق ولاية الكاف. وبالتالي فان غياب سوق يوم الجمعة بمجال الد ارسة يأتي في اطار خاصية عامة للتوزيع الزمني لكامل الأسواق الأسبوعية بالبلاد التونسية "اذ عادة ما لا ينعقد قبل أو بعد السوق الرئيسي الا عدد محد ود من الاسواق وغالبا ما تكون من مستوى أقل")Belhedi.A.1992 بتصرف( الا أن الملاحظة الاخيرة وان كانت تفسر غياب الاسواق الاسبوعية يوم الجمعة ومحدوديتها من حيث القيمة الك ارئية بالنسبة للاسواق المنعقدة يوم السبت فانها لا تفسر الوضعية بالنسبة للاسواق المنعقدة يوم الأحد،الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء والخميس. وهو ما يقودنا الى الملاحظة الموالية :التتالي الزمني لانعقاد أهم الأسواق بمجال الد ارسة والمتمثلة في سوق الكاف الشرقية يوم الاحد، سوق تاجروين يوم الاثنين، سوق قلعة سنان يومي الثلاثاء والأربعاء وسوق برنوصة يوم الخميس الأمر الذي يجعل من أسواق مجال الد ارسة ذات توزع زمني خاص في مقارنة ببقية الأسواق الاسبوعية للبلاد التونسية التي " تتم بتعاقب الاسواق الرئيسية والثانوية)المصدر السابق، بتصرف( )الرسم التوضيحي عدد94(. هذه الخاصية تجد مبرارتها في عاملين رئيسيين: يتمثل الأول في المسافة والثاني في التخصص الذي تتميز به بعض الأسواق. بالنسبة لعامل المسافة فانه يبرر تعاقب انعقاد سوقي الكاف -يوم الأحد- وتاجروين -يوم الاثنين-ذلك أن مجالات اشعاع هاتين السوقين مختلفة حيث تجذب سوق الكاف الحرفاء من المنطقة الشرقية لمجال الد ارسة بينما تبسط سوق تاجروين نفوذها على المنطقة الغربية من مجال الد ارسة. وذلك في علاقة بعامل المسافة الفاصلة بين هذه الأسواق ومقر سكن الحرفاء )أنظر جدول عدد3من ملاحق الباب الثاني(. أما فيما يخص انعقاد سوق السرس وقلعة سنان في نفس اليوم – الأربعاء- فيعود الى المسافة الفاصلة بين هاتين السوقين والمقدرة ب 20 كلم. وهو ما يجعل منهما خارج فرضية التنافس فيما بينهما. أما عامل التخصص فانه يبرر انعقاد سوق قلعة سنان يوم الثلاثاء بعد سوق تاجروين. كما يفسر انعقاد سوق برنوصة بعد سوق قلعة سنان ذلك انهما تختصان في بيع المفروشات والألبسة المستعملة. وبالتالي فانهما تتوجهان الى فئة معينة.

في حين يغيب التخصص بالنسبة لسوق قلعة سنان يوم الأربعاء اذ يجمع بين بيع الدواب ،الألبسة)المستعملة والجديدة(، الالات المنزلية، الخضر… وهو ما يجعلنا نخلص الى ان هناك تعاقب زمني بالنسبة لبعض أسواق مجال الد ارسة لا بين الأسواق الرئيسية والثانوية فحسب وانما بين الأسواق الرئيسية المتخصصة في عرض سلع معينة ونظيرتها التي يغيب فيها التخصص)رسم توضيحي عدد94(. وبالاعتماد على ذلك سنعمل ضمن العنصر الموالي على د ارسة خصائص ت ارتب الاسواق.

ج. تارتب الأسواق الأسبوعية

سنحاول ضمن هذا العنصر اب ارز مكانة كل سوق في مقارنة ببقية الاسواق الاسبوعية مستندين في ذلك الى مقياسين: قيمة الك ارء والتخصص من عدمه. انطلاقا من قيمة الك ارء لسنة 4092 لمختلف أسواق مجال الد ارسة تمكنا من تصنيفها الى أربعة مستويات )الجدول عدد22+الخريطة عدد21(. ما يمكن أن نستخلصه من خلال الوثائق الانفة الذكر هو أهمية سوق السرس من حيث قيمة الك ارء مقارنة بأسواق المستوى الثاني اذ يمثل ما يفوق الضعف لهذه الاسواق. هذه الاهمية التي تحظى بها سوق السرس مردها الى ع ارقتها أولا والى اشعاعها ثانيا الذي يتجاوز ولاية الكاف ليشمل ولايات أخرى من البلاد التونسية مثل سليانة، القصرين، سيدي بوزيد… حسب تصريح عون بلدية السرس والمسؤول عن كل ماهو متعلق بالسوق.

وتتوزع قيمة الك ارء بين سوق الدواب ب432000 دينار وسوق الانتصاب ب443000 دينار. وهو ما يؤكد أهمية سوق الدواب بالنسبة لهذا السوق. وما يلفت الانتباه أن هذه السوق تتقدم سوق مدينة الكاف بالرغم من أنها تمثل مركز ولاية وهو ما يمثل استثناءا مقارنة مع عدة مناطق من الجمهورية التونسية.

تت ارجع قيمة الك ارء الى دون40000 دينا ار. فباستثناء سوق قلعة سنان التي تحتل المستوى الثالث من حيث ترتيب الاسواق حسب القيمة الك ارئية ب 920200 دينار .ومرد ذلك الخصوصية التي تتميز بها من حيث السلع المعروضة بسبب موقعها الحدودي اذ تمثل منطقة تجميع وتوزيع السلع القادمة من القطر الج ازئري. هذه الخصوصية جعلتها لا تتأثر كثي ار بقربها من سوق تاجروين التي تحتل المرتبة الثانية من حيث الترتيب والتي تبسط نفوذها على كامل ت ارب المعتمديات الجنوبية- الغربية من مجال الد ارسة الأمر

 محدودية القيمة الك ارئية ل20.3% من النسبة الجملية للاسواق الاسبوعية )الاسواق المنتمية الى الصنف ال اربع(، وخاصة اسواق المنطقة الجنوبية من مجال الد ارسة حيث الذي يفسر المحدودية الكبيرة للقيمة الك ارئية لكل من سوق الجريصة والقلعة الخصبة على عكس سوق الڤصور التي يغيب فيها التخصص مما جعلها تقع مباشرة تحت تأثير سوق السرس بالرغم من الاختلاف الحاصل في يوم الانتصاب. غير أن هذا الت ارتب للاسواق يتغير اذا ما اعتمدنا مقياس درجة استقطاب الأس واق لسكان الأرياف. فكيف تبدو اذا ملامح هذا الت ارتب بالاستناد الى معيار درجة الاستقطاب؟

بالاستناد الى ما الت اليه نتائج الاستمارة الميدانية في جزئها المتعلق بالتحركات السكانية

–المجالية وتحديدا بالأسواق الأسبوعية يمكن الترتيب التالي:

 تحتل سوق الكاف المرتبة الاولى من حيث درجة استقطاب سكان الارياف بنسبة

29.30% من النسبة الجملية للذين يترددون على الأسواق الاسبوعية. ويفسر هذا التقدم في الترتيب على حساب سوق السرس بأن الإجابات المقدمة من قبل المستجوبين لا تفصل بين السوق الاسبوعية المنعقدة يوم الأحد والسوق المنعقدة يوم الخميس.

 المرتبة الثانية وتظم الاسواق التي تت اروح نسبة استقطابها بين90و40% من النسبة الجملية للمترددين على الأسواق الاسبوعية وتظم كل من سوق تاجروين والسرس بحوالي40% لكل منهما وما يفوق90% بالنسبة لسوق قلعة سنان.

 المرتبة الثالثة وتظم الأسواق الأسبوعية التى لا تتجاوز نسبة استقطابها ال1% من النسبة الجملية للمترددين على الأسواق الاسبوعية لمجال الد ارسة. وتتمثل هذه الاسواق في سوق الڤصور بحوالي1%، الجريصة بما يقارب2% لتت ارجع النسبة الى حوالي4% في ما يخص سوق القلعة الخصبة. وبذلك فان اعتماد معيار الاستقطاب في ترتيب الاسواق الاسبوعية يؤكد الترتيب باعتماد قيمة الك ارء بالنسبة لكل من سوق الڤصور، الجريصة والقلعة الخصبة. وفي المقابل يتغير الترتيب بالنسبة لسوق الكاف والسرس لصالح هذه الاخيرة. تحيلنا مثل هذه المعطيات الى التساؤل عن مناطق نفوذ هذه الأسواق.

د. مناطق نفوذ الأسواق الأسبوعية

يعتبر تردد سكان الأرياف على الأسواق الأسبوعية من أبرز أوجه الاشعاع التجاري لمدن مجال الد ارسة على أريافها. وقد تبينا من خلال الاستمارة الميدانية أن الطاقة الاشعاعية للأسواق قيد الد ارسة غير متجانسة. ولئن تعرضنا في العنصر السابق الى ترتيب الأس واق الأسبوعية حسب نسبة استقطاب كل سوق من النسبة الجملية للمترددين على الاسواق الاسبوعية بصفة عامة الا أننا لم نخض في مجالات استقطاب كل سوق.

وهو ما سنسعى الى ابارزه في الفق ارت الموالية.

تمكننا د ارسة مجالات اشعاع الاسواق الاسبوعية الى تصنيفها الى أربعة أصناف:

 الصنف الأول ويشمل أسواق ذات اشعاع يغطي كامل مجال الد ارسة. ويظم هذا الصنف سوق برنوصة وسوق الكاف الشرقية المنعقدة يوم الاحد. تستقطب هاتان السوقان سكان أرياف مختلف المعتمديات. لكننا نلاحظ أن درجة الاستقطاب تأخذ في الت ارجع كلما ازدت المسافة عن السوق مما مكننا من تقسيم المجالات المُستقطبة الى ثلاثة مستويات:

مستوى أول: مجالات مُستقطبة كليا من قبل هاتين السوقين حيث تبلغ نسبة است قطابها 900% من النسبة الجملية للمستجوبين من سكان أرياف معتمديتي الكاف الغربية والشرقية وهي مجالات مباشرة.

مستوى ثان: نسبة استقطاب مرتفعة جدا اذ تت اروح بين 00و22%من النسبة الجملية للمستجوبين بهذه المجالات. وتظم كل من سكان أرياف الڤصور )00%( وتاجروين

)01%( والدهماني)10%( والسرس )22%(.

مستوى ثالث: نسبة استقطاب مرتفعة تصل ال99%. وتظم سكان الارياف البعيدة عن مدينة الكاف. وتتمثل في أرياف القلعة الخصبة بحوالي99% من النسبة الجملية للمستجوبين بأرياف هذه المعتمدية : الجريصة 22% من النسبة الجملية لاريافها يترددون على سوقي الكاف الغربية والشرقية الى جانب عدة أسواق أخرى خاصة سوق تاجروين لتت ارجع هذه النسبة الى 20.3% من النسبة المستجوبة من أرياف قلعة سنان.

و لئن كانت المسافة عاملا مهما بالنسبة لسكان أرياف قلعة سنان في التردد على سوقي الكاف اذ تبلغ 94 كلم فان تخصص سوق مدينة قلعة سنان في بيع المفروشات والملابس القادمة من القطر الج ازئري وبأثمان غالبا ما تكون أقل من التي يعرضها سوق برنوصة بالكاف الغربية تلعب دوار هاما في جذب سكان الارياف في المناسبات لاسيما منها الأع ارس والأعياد.

 الصنف الثاني: يهم هذا الصنف الأسواق ذات الاشعاع الق وي. لكنه يقتصر على مجالات دون أخرى. ويتمثل في كل من سوق تاجروين والسرس. ما يميز هاتين السوقين عن الأصناف التالية الذكر هو نفوذهما المطلق على كامل مجال المعتمدية. والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا السياق هي أن لكل سوق منطقة نفوذ خاصة به. فلئن مثلت المعتمديات الجنوبية الغربية )الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان( مجالات مُستقطبة من قبل سوق تاجروين فان معتمديتي الدهماني والڤصور تشكلان منطقة نفوذ سوق السرس.

تت اركب مناطق نفوذ هذا الصنف من الاسواق مع الصنف الثالث.

 الصنف الثالث: ينتمي الى هذا الصنف الأسواق ذات الاشعاع المتوسط. ولا تظم الا سوق قلعة سنان. يتردد على هذه السوق الى جانب سكان أرياف معتمدية قلعة سنان بنسبة 00.40% من النسبة الجملية للمستجوبين منهم سكان بقية الأرياف الجنوبية-الغربية لمجال الد ارسة ولكن بنسب غير متجانسة. ما يمكن ملاحظته أن هذه السوق لا تستقطب كامل سكان أريافها على عكس أسواق الصنف الأول والثاني بل أن نسبة 24% من مستجوبين أرياف قلعة سنان عبروا عن ترددهم الاسبوعي على سوق تاج روين.

 الصنف ال اربع: يظم هذا الصنف الأسواق ذات الاشعاع المحدود والمحدود جدا. وتتمثل في سوق الجريصة، القلعة الخصبة وسوق الڤصور. تشترك هذه الاسواق مع سابقاتها في كونها لا تستقطب مختلف سكان أرياف المعتمدية التي ينتمي اليها السوق، اذ بلغت نسبةاستقطاب سوق الڤصور 19.20% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف معتمديتها ،

13.90% بالنسبة لسوق الجريصة وحوالي02% بالنسبة لسوق القلعة الخصبة.

ما يمكن أن نخلص اليه من خلال د ارسة مناطق النفوذ لمختلف الأسواق الاسبوعية بمجال الد ارسة هو امتداد نفوذ سوقي مدينة الكاف على كامل مجال الد ارسة مما يجعل من منطقة نفوذهما تتداخل مع مختلف مناطق نفوذ بقية الأسواق الاخرى واهمية منطقة نفوذ سوق تاجروين والسرس. في مقابل ثانوية الاسواق الاخرى واقتصار مناطق نفوذهم على الت ارب الاداري للمعتمدية ) خريطة عدد21(. كل هذا يعكس ت ارتب المدن من خلال الأسواق الاسبوعية بماهي الية من اليات العلاقة الحضرية-الريفية. فكيف يبدو ت ارتبها من خلال الاليات الحضرية الاخرى؟

2. دور التجارة في استقطاب المدن لأريافها

لئن ظلت الأسواق الأسبوعية تمثل الآلية الرئيسية في استقطاب مدن مجال الد ارسة لسكان أريافها الا ان ذلك لا ينفي الدور الذي أصبحت تقوم به التجارة القارة في تمكين المدن من بسط نفوذها على أريافها. وهو دور يختلف من مدينة الى أخرى وحسب نوعية التجارة.

أ. دور تجارة المواد الغذائية في هيمنة كل مدينة على مجالها الريفي

تعد تجارة المواد الغذائية الأكثر انتشا ار بمجال الد ارسة. اذ لم تعد مقتصرة في توطنها على المدن وانما شملت كذلك الارياف. ويأتي ذلك في اطار التحولات التي شهدها المجتمع التونسي بشكل عام ومن ضمنه مجتمع مجال الد ارسة. ذلك أن ت ارجع دور العائلة باعتبارها مؤسسة اقتصادية لصالح المؤسسات الصناعية )أنظر الباب الثالث( كان له تأثير واضح على العلاقات الاجتماعية- المجالية بين الارياف والمدن.

أفرزت الاستمارة الميدانية مجموعة من النتائج أكدت في أغلبها على قدرة مختلف مدن مجال الد ارسة على استقطاب أريافها لكن بنسب متفاوتة. اذ تت اروح بين900% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف مدينة الكاف الذين صرحوا بأنهم يترددون على مدينة الكاف للتزود بالمواد الغذائية. و24% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف مدينة الجريصة

صرحوا بانهم يتزودون بالمواد الغذائية من المحلات الموجودة بمدينة الجريصة. كما لاحظنا أن هناك مدن تمتد منطقة نفوذها الى أرياف مدن أخرى )خريطة نفوذ عدد22(. من هذا

المنطلق يمكن أن نميز بين مدن تتجاوز منطقة نفوذها الحدود الادارية للمعتمدية وأخرى تقتصر منطقة نفوذها على أريافها. بالنسبة للمدن التي تتجاوز منطقة نفوذها الحدود الادارية للمعتمدية فتتمثل في كل من مدينة الكاف، تاجروين والسرس. تمكنت مدينة تاجروين بالاضافة الى استقطاب 39% من النسبة الجملية للمستجوين من أريافها من استقطاب 41.20%من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف قلعة سنان، و29.29% من النسبة الجملية للمستجوبين من سكان ارياف القلعة الخصبة لترتفع درجة استقطابها لسكان ارياف مدينة الجريصة الى 30.22% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف مدينة الجريصة. أما مدينة الكاف فبالاضافة الى استقطابها المطلق لسكان أريافها، فقد استقطبت

99% من النسبة الجملية للمستجوبين من ارياف السرس ،43% من النسبة الجملية

231

للمستجوبين من أرياف الدهماني يترددون على مدينة الكاف للتزود بالمواد الغذائية لتصل النسبة الى 22% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف تاجروين. في المقابل يمتد نفوذ مدينة السرس – الى جانب أريافها ب12% من النسبة الجملية للمستجوبين- الى أرياف مدينة الدهماني ب94.21% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف هذه الاخيرة. ما يمكن أن نخلص اليه من خلال ما سبق أن المدن الثلاث الانفة الذكر قادرة على استقطاب سكان ارياف مدن أخرى ومرد ذلك الى احتواءها للم اركز التجارية الكبرى لبيع المواد الغذائية أولا. ثانيا وتطور وسائل النقل ثانيا مما يسر من عملية تنقل السكان. أما السبب الثالث فيكمن في التحولات التي شهدها المجتمع الريفي من حيث العادات الاستهلاكية اذ لم تعد العائلة بمثابة المؤسسة الاقتصادية حيث تنتج وتستهلك في اطار اقتصاد معاشي وانما أصبحت تعتمد على ما توفره المؤسسات الاقتصادية المختصة )الباب الثالث(. أما في ما يتعلق بالمدن التي لا تتجاوز منطقة نفوذها أريافها فأغلبية المدن وهي مدينة قلعة سنان، الجريصة، القلعة الخصبة، الڤصور والدهماني.

اذا ومن خلال ما سبق تتأكد أهمية مدينة تاجروين بالنسبة للمنطقة الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة اذ تبسط نفوذها على مختلف أرياف هذه المدن وبنسب مختلفة. في المقابل تبرز أهمية مدينة الكاف بدرجة أولى بالنسبة لسكان الأياف الشرقية من مجال الد ارسة ثم وبدرجة ثانية مدينة السرس من حيث توفير المواد الغذائية. فرغم انتشار محلات بيع المواد الغذائية بالأرياف الا ان المدن ما ازلت تمثل الخيار الأول للتزود بهذه المواد. ومرد ذلك ارتفاع عدد الذين يتزودون من الم اركز التجارية الكبرى"المغا ازت العامة". الى جانب ارتفاع درجات تردد سكان الارياف على المدن بسبب انتشار وسائل النقل لا سيما منها الد ارجة النارية.

هذا الاستقطاب الذي تمارسه مختلف المدن على مجالاتها الريفية بالنسبة لتجارة المواد الغذائية وان اختلف من مدينة الى أخرى سيشهد تغي ار بالنسبة للأنواع الأخرى من التجارة.

ب. أهمية نفوذ مدينتي الكاف وتاجروين في التجارة شبه النادرة

تعتبر التجارة شبه النادرة )الملابس، الاحذية، قطع غيار السيا ارت والات الفلاحية…(

موسمية باعتبار أن الاقبال عليها بشكل مكثف يتم في المناسبات الدينية والعائلية وكذلك في العودة المدرسية وانطلاق المواسم الفلاحية. في حين تظل عرضية في الفت ارت الاخرى من السنة. ويفسر ذلك في جانب كبير منه بتدني المقدرة الش ارئية لسكان الارياف وبموسمية العمل الفلاحي بحيث تتم صيانة الات العمل قبل بداية الموسم الفلاحي. وبالاضافة الى ارتباط تردد سكان الارياف على المدن من أجل قضاء حاجياتهم بهذه المناسبات فانها ترتبط غالبا بيوم السوق الاسبوعية. فأي تأثير لهذا التركز الزمني على مناطق نفوذ المدن؟

مما لا شك فيه ان هذا التركز الزمني للتجارة شبه النادرة سيكون له تأثير على مناطق نفوذ المدن اذ أن معاينة الخريطة عدد 30 تبرز اتساع مناطق نفوذ مدن دون أخرى.

خريطة عدد30: اشعاع المدن على الأرياف من خلال التجارة شبه النادرة

23 وبالاستناد الى ذلك نؤكد على أهمية منطقة نفوذ مدينة الكاف التي شملت كامل أرياف مجال الد ارسة. لكن مع اختلاف في درجة التأثير بين أرياف المنطقة الشرقية من مجال الد ارسة ونظيرتها الغربية حيث بينت نتائج الاستمارة الميدانية انه على مجموع 900 )دون اعتبار المنتمين الى أرياف مدينة الكاف( من مَن يترددون على مدينة الكاف لاقتناء الملابس، الأحذية، الذهب… 943 منهم ينتمون اداريا الى المعتمديات الشرقية من مجال الد ارسة موزعون كالتالي: السرس ب32، الدهماني ب21 والڤصور ب42. وفي المقابل لا يتردد على مدينة الكاف لقضاء هذه الشؤون من ارياف المنطقة الغربية لمجال الد ارسة الا34 وهو ما يعني42% فحسب من النسبة الجملية للمترددين على مدينة الكاف )دون اعتبار المنتمين اداريا لارياف مدينة الكاف(. ويفسر ذلك بأن الارياف الجنوبية لمجال الد ارسة تخضع بالنسبة للتجارة شبه النادرة الى مدينة تاجروين وبدرجة أقل الى نفوذ مدينة قلعة سنان. اذ يتردد على مدينة تاجروين من أجل التزود بالمواد المصنفة شبه نادرة941،

منهم ينتمون اداريا الى أرياف مدينة تاجروين، قلعة سنان39، الجريصة40 والقلعة الخصبة 94. والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا الصدد هي تداخل نفوذ مدينتي تاجروين وقلعة سنان. ويرد ذلك الى الاهمية التي تحظى بها سوق قلعة سنان في ما يتعلق بتجارة الملابس والمفر وشات والتي تمثل وجهة لسكان الأرياف خاصة في فصل الصيف موسم الاع ارس. في المقابل تبسط مدينة السرس نفوذها على أرياف كل من الدهماني والڤصور. فعلى 991 من المترددين على مدينة السرس لقضاء شؤونهم 14 ينتمون اداريا الى أرياف مدينة الڤصور والدهماني، أي ما يفوق 92% من النسبة الجملية للمترددين على مدينة السرس الذين تجذبهم التجارة نصف النادرة. تقودنا مختلف الملاحظات السابقة الذكر الى التمييز بين مدن قادرة على تلبية حاجيات سكان أريافها من الملابس، الأحذية، الذهب ،قطع الغيار…نسبيا، وأخرى كليا ومدن قادرة بالاضافة الى استقطاب نسبة هامة من سكان أريافها على استقطاب عدد هام من أرياف مدن أخرى. ففيما تتمثل هذه المدن؟

تتمثل المدن التي لا تستقطب الا نسبة محدودة من سكان أريافها ولا تتجاوز منطقة نفوذها حدود المعتمدية في الجريصة التي بلغت نسبة استقطابها لسكان أريافها49.40% من النسبة الجملية للمستجوبين من أريافها، الڤصور40.22% من النسبة الجملية للمستجوبين من أريافها، مدينة القلعة الخصبة التي لم تستقطب الا 42.42% من النسبة الجملية للمستجوبين من أريافها والدهماني التي بلغت نسبة استقطابها لاريافها حوالي99%. أما المدن التي تستقطب كافة سكان اريافها فتتمثل في مدينة الكاف حيث بلغت نسبة استقطابها لسكان أريافها 900% بالاضافة الى اشعاعها على كامل أرياف مجال الد ارسة.

وتتمثل المدن التي تستقطب نسب هامة من سكان اريافها بالاضافة الى اشعاعها على أرياف مدن اخرى في كل من مدينة تاجروين، السرس وقلعة سنان. انطلاقا من هذه الاستنتاجات نؤكد على أهمية مدينة الكاف، تاجروين والسرس مقارنة ببقية مدن مجال الد ارسة في استقطاب سكان الارياف مما يجعلنا نتساءل عن أي دور قد تلعبه هذه المدن الثلاثة في ما يتعلق بالتجارة النادرة؟

ج. التجارة النادرة وتأكيد دور بعض المدن دون أخرى

قدر عدد المترددين على مدن مجال الد ارسة من أجل الحصول على خدمات التجارة النادرة )المواد الكهربائية والاثاث المنزلي…( 222 من جملة 001 مستجوبا، أي 94% من النسبة الجملية للمستجوبين. هذه النسبة وان بدت مرتفعة مما قد يوحي بقدرة مدن مجال الد ارسة على تلبية حاجيات السكان المتعلقة بالخدمات النادرة الا انها لا يجب ان تحجب عنا ملاحظتين رئيسيتين. تتمثل الأولى في هيمنة كل من مدينة الكاف، تاجروين والسرس على هذه الخدمات النادرة باعتبار أن سكان أرياف مجال الد ارسة يتوجهون الى هذه المدن الثلاث. وهو ما يعني أن هذه الخدمات تت ركز في هذه المدن دون سواها.

بالاضافة الى الاختلاف الحاصل بين هذه المدن الثلاث من حيث القدرة على استقطاب سكان الارياف ومن ثمة مدى اتساع منطقة نفوذها. ذلك أن منطقة نفوذ مدينة الكاف تشمل كامل أرياف مجال الد ارسة )خريطة عدد39( بنسبة قدرت ب09.40% من النسبة خريطة عدد 39: اشعاع المدن من خلال التجارة النادرة الجملية للمترددين على مدن مجال الد ارسة بهدف الحصول على الخدمات التجارية النادرة في حين تقتصر منطقة نفوذ مدينة تاجروين على المنطقة الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة )أرياف تاجروين، الجريصة، القلعة الخصبة وقلعة سنان(. لينحصر نفوذ مدينة السرس في الدهماني والڤصور الى جانب استقطابها ل40% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف معتمديتها. الملاحظة الثانية الجديرة بالذكر في هذا السياق تتعلق بكثافة تردد سكان الارياف على المدن السابقة الذكر من أجل الحصول على الخدمات التجارية النادرة اذ يقتصر على المناسبات العائلية وغالبا ما يكون مرة في السنة أو أكثر )الاستمارة الميدانية، 4092(.

ولئن تمكنت مدينة الكاف، تاجروين والسرس من توفير الخدمات التجارية النادرة ل202 من المستجوبين فان 402 من المستجوبين عبروا عن ترددهم على مدن غير محلية و41 يتزودون من القطر الج ازئري بالتجهي ازت المنزلية وخاصة الالكترونية منها )الرسم البياني عدد41(. ولئن فسرت هذه الفئة ترددهم على هذه المدن بأن ما توفره هذه الأخيرة من امكانية الاختيار على عكس مدن مجال الد ارسة التي يكون فيها الاختيار محدودا فان الزيا ارت الميدانية التي أجريناها كشفت على ما تتمتع به هذه الفئة من امكانيات مادية تتيح لها امكانية التنقل. نلاحظ انطلاقا من التحليل السابق التباين بين مدن مجال الد ارسة في تنظيم المجال الريفي. ويبرز ذلك من خلال الاختلاف في درجة استقطاب سكان الارياف وهو استقطاب مرتبط بمدى امتلاك هذه المدن لاليات ذلك ) الخدمات التجارية ،أهمية الاسواق …( وفي هذا الصدد احتلت كل من مدينة الكاف، تاجروين والسرس الم ارتب الثلاث الاولى على التوالي في استقطاب سكان الارياف. يجعلنا هذا المعطى نتساءل عن مدى محافظة هذه المدن الثلاثة على مكانتها الاولى ضمن الخدمات غير التجارية.

III. اشعاع الخدمات غير التجارية

تشكل المدن مجالات توطن الأنشطة والخدمات. وتعتبر هذه الأخيرة من أبرز الاليات التي تتحكم فيها المدينة لاستقطاب المجالات القريبة والبعيدة. لهذا الاعتبار فان مدى قدرة أي مدينة على تنظيم مجالها يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى امتلاكها للخدمات. ولا تشذ مدن مجال الد ارسة عن هذه القاعدة اذ يشكل التركز المجالي الحضري للخدمات خاصة العمومية منها أبرز آلية تتحكم فيها المدن في إطار علاقاتها بأريافها اذ تخضع هذه الأخيرة الى جذب من قبل هذه الخدمات ومن ثمة من قبل المدن. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الخدمات العمومية تشكل العمود الفقري للتفاعل الاجتماعي بين المجالين بالنسبة لمدن وأرياف مجال الد ارسة باعتبار الهيمنة العددية لهذا الصنف من الخدمات مقارنة مع نظيرتها الخاصة. لذلك فاننا سنركز في هذا العنصر على مدى قدرة المدن من خلال هذه الخدمات على بسط نفوذها على أريافها. ومن الأهمية أن نشير الى أننا نستثني في بحثنا هذا الخدمات الادارية باعتبارها تعتبر من "وظائف المسؤولية تفرض على سكان الاقليم تعاملا اجباريا وبالتالي تبني مناطق نفوذ شاسعة للمدينة المركز داخل اقليمها، فهي ]…[ لا تعد من المعايير التي تفرز النفوذ الفعلي للمدينة ]…[ مما يجعلنا نعتبرها نفوذا مصطنعة.") الصديق الفازعي،4009(. أخذا بهذه الاعتبا ارت فاننا سنحاول د ارسة كيف شكلت الخدمات التعليمية والصحية العمومية والخاصة محف از أساسيا في التفاعل الاجتماعي –المجالي بين الطرفين. وبالتالي تمتين العلاقة بينهما بشكل تبرز فيه المدينة بماهي الطرف الأقوى باعتبار امتلاكها لآليات هذه العلاقة وسنعمل على إب ارز كيف يمكن لمدينة بفضل تنوع خدماتها أن تهيمن على مجالات المدن المجاورة لها.

1. مناطق نفوذ الخدمات التعليمية

سبق وتعرضنا الى الخصائص العامة للخدمات التعليمية العمومية والخاصة بمجال

الد ارسة. وتبين أنها تعرف توزعا مجاليا متباينا )الفصل الثاني من الباب الاول( وفي هذا الصدد سنركز اهتمامنا على المعاهد الثانوية ومؤسسات التعليم العالي باعتبار تركزها المجالي بالمدن على عكس المدارس الاعدادية والثانوية التي يتركز عدد هام منها في التجمعات الريفية. وهو ما يعني عدم تردد تلاميذ الارياف على المدن في هذا المستوى الد ارسي. وقد بينت نتائج الاستمارة الميدانية أن التوزع المجالي المتباين للمعاهد الثانوية العمومية والخاصة وكذلك مؤسسات التعليم العالي بين مدن مجال الد ارسة كان له تأثير على مناطق نفوذ المدن من خلال هذه الخدمات.

السيطرة المطلقة للمدن على أريافها من خلال التعليم الثانوي

نظ ار لكون كل مدينة تمتلك معهدا ثانويا كحد أدنى فان تلاميذ الارياف يتوجهون الى المدن القريبة والمتمثلة في أغلب الحالات في المدن التي ينتمون اليها اداريا. وتبين نتائج الاستمارة الميدانية هيمنة مطلقة للمدن على أريافها في ما يتعلق بالتعليم الثانوي اذ تت اروح نسبة استقطاب المدن لاريافها من خلال المعاهد الثانوية بين03% و900% من النسبة الجملية للمستجوبين لكل معتمدية. ما يمكن ملاحظته هو وجود صنف من المدن الذي تتجاوز منطقة نفوذ المعاهد الثانوية به أريافه. وتتمثل في مدينة الكاف اذ تستقطب42.90% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف تاجروين و92.22% من النسبة الجملية للمستجوبين من ارياف مدينة السرس ومدينة تاجروين التي تستقطب44% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف قلعة سنان و49.42% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف الجريصة. هذه المكانة الهامة التي تحتلها كل من مدينة الكاف وتاجروين في استقطاب تلاميذ من أرياف مدن أخرى تتدعم مع التعليم الخاص الذي تركزت مؤسساته بالأساس بهاتين المدينتين.

مناطق نفوذ المدن من خلال المعاهد الثانوية الخاصة

لئن تمكنت مختلف مدن مجال الد ارسة من بسط نفوذها على أريافها من خلال المعاهد الثانوية العمومية المتوطنة بها فان هذا النفوذ انعدم بالنسبة للتعليم الخاص بسبب غياب المعاهد الثانوية الخاصة بها باستثناء مدينة الكاف، تاجروين والڤصور. وعموما فان افتقار أغلبية مدن مجال الد ارسة للمعاهد الثانوية الخاصة كان لصالح مدينة الكاف التي استقطبت حوالي32% من النسبة الجملية للمستجوبين الذين لهم أبناء ي ازولون تعليمهم بالمعاهد الثانوية الخاصة والتي قدرت ب422. وتاجروين ب42% بينما لم تستقطب مدينة الڤصور الا ما يناهز 94% من النسبة الجملية للمستجوبين الذين لهم أبناء ي ازولون تعليمهم بالمعاهد الثانوية الخاصة. وانطلاقا من الخريطة عدد34 يمكن

القول بان منطقة نفوذ مدينة الكاف تمتد على كل من أرياف السرس بنسبة 900% من النسبة الجملية للذين لهم أبناء ي ازولون تعليمهم بالمعاهد الخاصة من أرياف هذه المعتمدية، والدهماني بحوالي99% من النسبة الجملية للذين لهم أبناء ي ازولون تعليمهم بالمعاهد الخاصة من أرياف هذه المعتمدية. بينما تهيمن مدينة تاجر وين على أرياف المنطقة الغربية الجنوبية من مجال الد ارسة بنسبة 900% من النسبة الجملية للذين ي ازولون تعليمهم بالمعاهد الثانوية الخاصة.

التعليم العالي وهيمنة مدينة الكاف على كامل أرياف مجال الدارسة

سبق وأشرنا )الفصل الثاني من الباب الأول( الى ان ولاية الكاف استفادت من سياسة اللامركزية لقطاع التعليم العالي التي اتبعتها الدولة خاصة منذ الثمانينيات. وقد جسدت هذه السياسة وعي الدولة بشدة الاختلال المجالي بين الواجهة الساحلية ونظيرتها الداخلية من ناحية. وهيمنة العاصمة على بقية الت ارب الوطني من ناحية أخرى اذ تتركز بها مختلف الأنشطة الاقتصادية، السياسية، الإدارية والمق ارت الاجتماعية لمختلف الشركات.

يضاف الى ذلك تحول العاصمة الى مقر لتجمع الطلبة من مختلف الجهات والاختصاصات وما يعنيه ذلك من ضغط على العاصمة على عدة أصعدة الاقتصادية ،الاجتماعية وكذلك السياسية. وقد تجلت مظاهر هذه الاستفادة من خلال تركيز مجموعة من المؤسسات الجامعية بمركز مدينة الكاف وضاحيتها بوليفة وما انجر عن ذلك من بروز لأنشطة اقتصادية في علاقة بالوظيفة التعليمية التي أصبحت تضطلع بها المدينة مثل المطاعم، المبيتات الجامعية، النقل. وفي هذا السياق نشير الى أن توطن ثلاثة مؤسسات جامعية بضاحية "بوليفة" بالاضافة الى المبيت الجامعي يوغرطة قد مكن من فك عزلة هذه المنطقة من خلال تكثف الرحلات الذهائيابية للطلبة باتجاه مدينة الكاف سواء لم ازولة تعليمهم بالمؤسسات المتوطنة بمركز المدينة أو للتردد على الخدمات التي توفرها مدينة الكاف. بالاضافة الى أن الوظيفة التعليمية التي أصبحت تحظى بها مدينة الكاف دون سواها من مدن ولاية الكاف جعلتها تبسط نفوذها على كامل المجال الولائي بنسبة 20% من النسبة الجملية للذين لهم أبناء يدرسون بالكليات. وفي المقابل تتوجه

نسبة 30% منهم الى المدن الساحلية و40% بالاتجاه المدن الداخلية مثل جندوبة والقيروان وڤفصة… )الاستمارة الميدانية ،4092(.

2. مناطق نفوذ الخدمات الصحية

لئن شهدت م اركز الصحة الأساسية انتشا ار واسعا على كامل مجال الد ارسة بما في ذلك

الأرياف،اذ بلغ عددها31 موزعة بشكل يكاد يكون متوازيا، فان المستشفيات المحلية توطنت بالمدن م اركز المعتمديات مما أكسب هذه الاخيرة قدرة على بسط نفوذها على أريافها. الا أن طاقة الاستيعاب )عدد الأس رّة( تختلف بين المستشفيات مما يؤثر على درجة استقطابها لسكان الأرياف. وبالاعتماد على عدد الاسرة لكل مستشفى محلي تمكنا من تصنيفها الى صنفين. يظم الصنف الأول المستشفيات ذات طاقة استيعاب مهمة في مقارنة بالصنف الثاني وهي: المستشفى المحلي بتاجروين ويحتوي على23 سرير، والمستشفى المحلي بالدهماني ب 20 سرير. وفي حقيقة الأمر فان طاقة استيعاب هذا الصنف من المستشفيات بمجال الد ارسة تعتبر محد ودة مقارنة ببعض المستشفيات المحلية المتوطنة بمدن الشمال الغربي مثل المستشفى المحلي ببوسالم الذي يحتوي على03سرير والمستشفى المحلي بعين د ارهم 00. أما بالنسبة للصنف الثاني من المستشفيات المحلية المتوطنة ببقية مدن مجال الد ارسة فانها تعرف بمحدودية عدد الاسرة اذ يت اروح العدد بين 2 و9 أسرة فقط مما يزيد من الضغط على المستشفيات المحلية من الصنف الأول وكذا المستشفى الجهوي المتوطن بمدينة الكاف )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول( هذا من جهة. ومن جهة ثانية فان المستشفيات المحلية بصفة عامة لا تتوفر بها جميع الاختصاصات مما يجعلها في تبعية للمستشفى الجهوي والمستشفيات الجامعية المتوطنة بالعاصمة. كل هذا يحيلنا الى البحث في خصائص مناطق النفوذ للمستشفيات المحلية والمستشفى الجهوي. ومن ثمة البحث في مدى قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم مجالاتها الريفية من خلال الخدمات الصحية العمومية والخاصة )للتعرف على خصائص التجهي ازت الصحية الخاصة بمدن مجال الد ارسة أنظر الفصل الثاني من الباب الاول(.

أ. مناطق نفوذ المدن من خلال المستشفيات المحلية

أفرزت نتائج الاستمارة الميدانية تباينا واضحا بين مناطق نفوذ المستشفيات المحلية

)الخريطة عدد32( اذ يمكن التمييز بين صنفين. يتمثل الأول في المستشفيات التي

241

تستقطب الى جانب نسبة هامة من سكان أريافها سكان أرياف المدن المجاورة. وتتمثل في كل من المستشفى المحلي لمدينة تاجروين الذي يستقطب 34% من النسبة الجملية للفئة المستجوبة من أريافها. ويمتد اشعاعها الى ارياف كل من الجريصة والقلعة الخصبة بنسبة 24% من النسبة الجملية للمستجوبين بكل منهما و20.3% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف قلعة سنان. والمستشفى المحلي بمدينة الدهماني الذي يستقطب 32% من النسبة الجملية للمستجوبين لأريافها. ويمتد اشعاعه الى أرياف مدينتي الڤصور والسرس اذ يستقطب 91% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف الأولى و99% من النسبة الجملية للمستجوبين من أرياف الثانية. ويفسر اشعاع المستشفى الجهوي لكل من تاجروين والدهماني بافتقار المستشفيات المحلية من الصنف الثاني للتجهي ازت والاختصاصات الطبية واقتصاره على الطب العام. وهي بذلك أقرب الى م اركز الصحة الأساسية منها الى المستشفيات المحلية. ويظم الصنف الثاني من المستشفيات المحلية كل من المستشفى المحلي بمدينة السرس، الڤصور، القلعة الخصبة، وقلعة سنان. تعرف هذه المستشفيات بمحدودية اشعاعها والتجاء سكان أرياف هذه المدن الى المستشفيات المحلية القريبة أو الى المستشفى الجهوي بمدينة الكاف. لذلك وحسب أريينا فان أهمية اشعاع كل من المستشفى الجهوي بالكاف وخاصة اشعاع المستشفى المحلي بتاجروين الذي ،كما سبق وأشرنا، يستقطب سكان الارياف الجنوبية من مجال الد ارسة لا يفسر باهمية التجهي ازت التي يمتلكانها وانما بمحدودية البنية التحتية للمستشفيات المحلية ببقية المدن. فهي أقرب الى م اركز الصحة الاساسية منها الى المستشفيات المحلية.

منطقة نفوذ مدينة الكاف من خلال المستشفى الجهوي

بلغ عدد الذين يترددون على المستشفى الجهوي بمدينة الكاف 290 من جملة 001 مستجوبا أي 31% من النسبة الجملية. ويشع المستشفى الجهوي على كامل أرياف قيد الد ارسة حيث يتداخل اشعاعه مع اشعاع المستشفى المحلي لمدينة تاجروين على مستوى الأرياف الجنوبية )الخريطة عدد32(. وتُعزى هذه الاهمية الى اضطلاع المستشفى بوظيفة المستشفى المحلي والجهوي على حد السواء. يضاف الى ذلك أن هذا المستشفى باعتبار صبغته الجهوية فانه يحتوي على تخصصات متعددة نسبيا مقارنة بالمستشفيات المحلية بمجال الد ارسة )طب الأسنان، طب العيون، طب…(. هذه المكانة التي تحتلها كل من مدينة الكاف وتاجروين في استقطاب سكان الارياف بفضل الخدمات الصحية العمومية ستعرف تدعما من خلال أهمية البنية الصحية الخاصة التي تركزت بهما مقارنة مع بقية مدن مجال الد ارسة الأمر الذي أفضى الى اتساع مناطق نفوذهما.

مناطق نفوذ المدن من خلال التجهيازت الصحية الخاصة

بلغ عدد الذين يترددون على المدن من أجل الخدمات الصحية الخاصة 424 مستجوبا من جملة 001 أي حوالي22% من النسبة الجملية للمستجوبين. وقد كان للتوزع الجغ ارفي المتباين لتجهي ازت الخدمات الصحية الخاصة انعكاس مباشر على المدن التي يتردد عليها هؤلاء من أجل الحصول على هذا النوع من الخدمات. ومن ثمة على مناطق نفوذ المدن.

وقد مكنتنا الاستمارة الميدانية من التوصل الى أن مناطق نفوذ الخدمات الصحية الخاصة تقتصر بالاساس على مدينتين. تتمثل الاولى في الكاف حيث امتد اشعاع خدماتها الصحية الخاصة على كامل أرياف مجال الد ارسة باستثناء أرياف القلعة الخصبة والجريصة )خريطة عدد32(. وقدرت نسبة الذين يترددون على هذه المدينة من أجل الحصول على الخدمات

الصحية الخاصة ما يناهز90% من النسبة الجملية للذين يترددون على المدن من أجل الخدمات الصحية الخاصة. غير أن نفوذ مدينة الكاف في هذا المجال متباين بين أرياف مجال الد ارسة حيث نلاحظ هيمنتها القوية على الأرياف الشرقية من مجال الد ارسة.

فبالاضافة الى سيطرتها المطلقة على ريفها المباشر فانها تستقطب 900% من الذين يترددون على المدن من أجل الحصول على الخدمات الصحية الخاصة من أرياف مدينة السرس ،02% بالنسبة لأرياف الدهماني و09% في ما يتعلق بأرياف الڤصور. وفي المقابل فانها لا تجذب الا 24% من أرياف مدينة قلعة سنان و20% من النسبة الجملية للذين يترددون على المدن من اجل الحصول على الخدمات الصحية الخاصة من أرياف مدينة تاجروين. أما هذه الأخيرة فانها تبسط نفوذها على أرياف المنطقة الغربية من مجال الد ارسة )خريطة عدد32( اذ تجذب 00% من ريفها المباشر ،91% من قلعة سنانو900% بالنسبة لأرياف القلعة الخصبة والجريصة.

انطلاقا من تحليل اشعاع المدن على أريافها من خلال الخدمات غير التجارية برزت مدينتيْ الكاف وتاجروين أهم المدن بمجال الد ارسة قادرة على تنظيم مجالاتها الريفية وأرياف المدن المجاورة عبر استقطاب المترددين على المدن بهدف الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية. غير أن هذه الاهمية لا يجب أن تحجب عنا محدودية قدرة هذه المدن على تنظيم مجالها. وهو ما يتجلى من خلال عدد الذين يلجؤون الى مدن ساحلية واخرىداخلية للحصول على الخدمات التعليمية والصحية مما أفرز علاقات اجتماعية-مجالية بين هذه الارياف ومجالات جغ ارفية أخرى. فماهي خصائص هذه العلاقات؟ 3. علاقات أرياف مجال الدارسة مع مدن غير محلية

بلغ عدد المترددين على مدن غير محلية993 من جملة 001 مستجوبا. في المقابل فان

22 من المستجوبين صرحوا بعدم ترددهم على أي مدينة خارج ولاية الكاف. ويتوزع عدد

993 بشكل متباين بين المدن الساحلية التي حظيت بالنسب الاكبر. علما وأن مدن اقليم تونس الكبرى تحتل المكانة الاولى من مجموع المترددين على المدن الساحلية بنسبة تقارب 30% والمدن الداخلية التي لم تستقطب الا 94 من مجموع المترددين على المدن غير المحلية. وفي المقابل فان 411 من المستجوبين صرحوا بانهم يترددون على مدن ساحلية وكذا داخلية. )رسم بياني عدد42(. وقد تعددت أسباب تردد سكان أرياف مجال الد ارسة على المدن غير المحلية ) العمل، العلاج، الد ارسة، زيارة الأقارب…(.

وبالنظر الى أسباب التردد على المدن الساحلية والداخلية )رسم بياني عدد20( يبرز الاختلاف واضحا. فلئن مثل العمل أهم سبب في تردد سكان أرياف مجال الد ارسة على المدن الساحلية يليه في ذلك العلاج فان مواصلة الد ارسة تمثل أهم سبب يدفعهم باتجاه المدن الداخلية. ويفسر ذلك باهمية البنية الاقتصادية وكذا التجهي ازت الصحية بالمدن الساحلية. وفي المقابل فان أهمية سبب مواصلة الد ارسة بالنسبة للمدن الداخلية هو نتيجة منطقية لسياسة اللامركزية التي اتبعتها الدولة في قطاع التعليم العالي والتي كان من نتائجها انتشار مؤسسات التعليم العالي بالمدن الداخلية.

ان تحليل العلاقات الريفية- الحضرية القريبة والبعيدة سواء من ازوية نظر ريفية، أي من خلال ما تكتسبه الارياف من اليات ساعدت على اث ارء هذه العلاقات، )الفصل الاول من هذا الباب( أو من ازوية نظر حضرية )الفصل الثاني من هذا الباب( لا يمكن أن يمرّ دون التطرق الى خصائص شبكة النقل بما انها الحامل لهذه الادفاق. وكذا شبكة الاتصال بماهي الية من الاليات الحديثة لتمتين العلاقات الاجتماعية –المجالية.

IV. شبكة النقل والاتصال :العمود الفقري للعلاقات المجالية

تمثل " دارسة الشبكات نقطة رئيسية في التحليل المجالي باعتبارها التعبير المجالي للعلاقات المادية واللامادية") 5002.Pumain.D. et. Saint-Julien.Th(. من هذا المنطلق تأخذ د ارستنا للشبكة الطرقية وشبكة الاتصال مشروعيتها. فماهي اذا خصائص شبكات النقل والاتصال بولاية الكاف بصفة عامة وبمجال الد ارسة بصفة خاصة؟ وما تأثيرها على العلاقات الريفية الحضرية؟

1. شبكة النقل

تلعب شبكة النقل دوار رئيسيا في فك عزلة المجالات الجغ ارفية. وقد مكن امتلاك ولايات الكاف لشبكة نقل كثيفة –نسبيا- )الخريطة عدد39( من ربط كامل المجال الولائي بمركز الولاية ومن ثمة ببقية المجال الوطني من خلال مجموعة من الطرقات الوطنية منها والجهوية. بالاضافة الى امتلاكها لخط سكة حديدية يعود تأسيسه الى الفترة الاستعمارية 9204-9203. ويُعتبر جزء من الخط ال اربط بين تونس-الڤصرين.

وبالنظر الى الخريطة عدد33 نتبين أن شبكة النقل بولاية الكاف تُهيمن عليها الطرقات اذ لا يوجد الا خط سكة حديدية. كما تبرز هذه الخريطة أهمية الطرقات الوطنية اذ قدر عددها بأربعة تمر كلها بمركز مدينة الكاف باستثناء الطريق الوطنية عدد 91، مما مكن من " اضطلاع هذه المدينة بواسطة شركتها الجهوية للنقل بدور هام في دمج مختلف المجالات المحلية التابعة لولايتها اداريا )من مدن وأريافها( وربطها بمركز الولاية وتكثيف علاقاتها بها".)الصدّيق الفازعي،4094(. بالاضافة الى ذلك تتضافر الطرقات الوطنية مع

الجهوية لتربط المجال الولائي وتدمجه بالت ارب الوطني، حيث تضطلع الطريق الوطنية عدد 3 بربط شمال ولاية الكاف بالقطر الج ازئري من جهة وبتونس العاصمة من جهة ثانية مروار بمعتمديات سليانة وباجة لتلتقي هذه الطريق بنظيرتها عدد 91في حدود معتمدية العروسة من ولاية سليانة، وبذلك تكون قد ربطت النصف الجنوبي الغربي للولاية بالقطر الج ازئري من الناحية الغربية وبشمال البلاد من الناحية الشمالية. لتضطلع الطريق الوطنية عدد90 بربط ولاية الكاف بشمال البلاد وجنوبها مروار بمدينة الكاف. الى جانب الطرقات الوطنية نجد الطرقات الجهوية التي تقوم بالربط بين الطرقات الوطنية. وهي أكثر كثافة في الجهة الشرقية من ولاية الكاف مقارنة بالجهة الغربية حيث نلاحظ وجود طريق جهوية واحدة تربط الطريق الوطنية عدد3 بنظيرتها عدد91 وصولا الى مدينة قلعة سنان الى جانب الطريق المحلية ال اربطة بين مدينة القلعة الخصبة و قلعة سنان وقلعة سنان –القطر الج ازئري.

ولئن مكنت شبكة الطرقات من تحقيق "الاندماج المجالي من خلال الارتباط المباشر لمدينة الكاف بماركز معتمدياتها وقارها بواسطة خطوط النقل")الصديق الفازعي،4094( انفة الذكر مما يعني أهمية هذه الاخيرة ضمن التفاعل الاجتماعي-المجالي بين أرياف ومدن ولاية الكاف وبقية الت ارب الوطني فان التطور الحاصل في شبكة الاتصال لا سيما منه الانتشار الواسع للهاتف الجوال قد عمق العلاقات الاجتماعية-المجالية بصفة عامة والعلاقات الريفية الحضرية- الريفية بصفة خاصة. أخذا بهذا الاعتبار سنحاول في العنصر الموالي د ارسة خصائص شبكة الاتصال بولاية الكاف بصفة عامة وأرياف مجال الد ارسة بصفة خاصة من خلال ما يوفره معهد الاحصاء من معطيات تتيح لنا امكانية المقارنة مع عدة مناطق من البلاد التونسية.

2. شبكة الاتصال

تندرج شبكة الاتصال ضمن ما يعرف ب" بنية المعلومات أو شبكة القيادة التي تعتبر من بين عناصر الشبكة الاصطناعية التي أنشأت من أجل تسهيل عمليات التواصل والمبادلات بين الأماكن" )5002.Pumain.D,et.Saint-Julien.Th( )بتصرف(. فماهي خصائص هذه الشبكة باقليم الشمال الغربي بصفة عامة وبولاية الكاف بصفة خاصة؟ أ. خصائص شبكة الاتصال باقليم الشمال الغربي وولاية الكاف

مما لاشك فيه أن شبكة الاتصال باقليم الشمال الغربي قد شهدت مثل بقية الاقاليم تطوار بعد أن حققت وسائل الاتصال لاسيما الهاتف الجوال انتشا ار واسعا. الا ان ذلك لا ينفي محدوديتها مقارنة ببقية الأقاليم الأخرى. وهو ما يتجلى من خلال المرتبة قبل الاخيرة بين بقية الاقاليم سنة4092 )جدول عدد20( من حيث نسب امتلاك الأسر للهاتف القار والجوال حيث قدرت نسبة الأسر المالكة للأول ب49.2% من مجموع السكان. في حين بلغت هذه النسبة على المستوى الوطني 23.2%، وب24.0% في ما يتعلق بنسبة الأسر المالكة للهاتف الجوال والحال ان النسبة على المستوى الوطني بلغت29.2% هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية فان مقارنة كثافة شبكة الهاتف القار للأقاليم خلال الفترة الممتدة من9222 و4099 )جدول عدد 20+29( قد أكدت على محدودية شبكة الاتصال باقليم الشمال الغربي اذ حافظ – رغم التطور الحاصل ابان هذه الفترة – على مرتبته قبل الاخيرة بالنسبة للهاتف القار بكثافة تقدر ب3.9 لمائة ساكن. في حين ت ارجع الى المرتبة الاخيرة بالنسبة للهاتف الجوال بكثافة قدرت ب14.3 لمائة ساكن وبلغت على المستوى ال وطني

903بالنسبة للهاتف الجوال و2.9 لمائة ساكن بالنسبة للهاتف القار. غير أن مقارنة ولاية

الكاف بولايات الشمال الغربي من حيث كثافة شبكة الهاتف القار والجوال بينت تصدرها المرتبة الاولى بكثافة تقدر ب0.2 لمائة ساكن بالنسبة للأول و904.1 لمائة ساكن بالنسبة للثاني متجاوزة بذلك مجموع الاقليم. كما أن مقارنتها – أي مقارنة ولاية الكاف ببقية ولايات الشمال الغربي- من حيث عدد الأسر المالكة للهاتف القار والجوال بينت تصدرها المرتبة الاولى بنسبة 49.0% بالنسبة للهاتف القار و22% بالنسبة للهاتف الجوال متجاوزة بذلك مجموع الاقليم.

هذه الثنائية بين الاقاليم الساحلية والداخلية من حيث كثافة شبكة الهاتف القار والجوال ومن حيث نسبة امتلاك الأسر لكليهما والتي تبدو فيها الاقاليم الساحلية اكثر تجهي از من نظيرتها الداخلية تتدعم بثنائية أخرى بين الوسطين الحضري والريفي. وهي اشكالية نحاول فك مختلف عناصرها من خلال التركيز على مجال الد ارسة بالاعتماد على المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للاحصاء لتعداد4092. التفاوت هذه تهم مختلف أرياف ومدن مجال الد ارسة )جدول عدد24(. ويفسر هذا التباين باختلاف مستويات العيش بين الوسطين. وبقطع النظر عن التباين بين الاقاليم والوسطين الحضري والريفي من حيث امتلاك وسائل الاتصال فان هذه الاخيرة لعبت دوار كبي ار في تمتين وتيسير العلاقات الاجتماعية- المجالية بين المجالات الجغ ارفية.

251

ب . خصائص شبكة الهاتف القار والجوال بأرياف ومدن مجال الدارسة

سبق وأشرنا الى أن نسبة الاسر المالكة للهاتف القار بلغت سنة4092 بولاية الكاف 49.0% . في حين بلغت نسبة المالكين للهاتف الجوال 22% من نفس السنة. غير أن هذه النسب تتوزع بشكل متباين بين الوسطين الريفي والحضري حيث بدا الوسط الحضري أكثر تجهي از بوسائل الاتصال من نظيره الريفي اذ قدرت نسبة الاسر المالكة للهاتف القار بالوسط الحضري لولاية الكاف ب22.2% . بينما لم تبلغ ذات النسبة 0% في الوسط الريفي. ولئن كانت المسألة أقل حدة بالنسبة للهاتف الجوال فان الفارق بين الوسطين يبدو جليا اذ بلغت نسبة الاسر المالكة للهاتف الجوال بالوسط الحضري 22.2% من النسبة الجملية للأسر الحضرية بولاية الكاف في حين لم تبلغ 49% من النسبة الجملية للاسر الريفية. هذا التباين بين الوسطين الريفي والحضري يبرز أكثر اذا ما اعتمدنا مقياس المعتمديات من ذلك قدرت نسبة الأسر المالكة للهاتف القار بالوسط الحضري لتاجروين 20.9% من مجموع الاسرو23.2% من مجموع الاسر مالكين للهاتف الجوال. بينما لم تبلغ نسبة الاسر الريفية المالكة للهاتف القار9%و44.1% فقط من الأسر الريفية مالكة للهاتف الجوال. كذلك الشأن بالنسبة للڤصور 20.2% من الأسر الحضرية تمتلك هاتفا قا ار و22.9% تمتلك هاتفا جوالا. وفي المقابل بلغت نسبة الأسر الريفية المالكة للهاتف القار9.9% و40.2% مالكة للهاتف الجوال. ومن الأهمية بمكان الاشارة الى أن خاصية

خاتمة الفصـل الثـانـي:

لقد تمكنا من خلال تحليل عناصر هذا الفصل من التوقف عند مجموعة من النتائج تتمثل في: معرفة خصائص المنظومة الحضرية لمجال الد ارسة أولا والتي تتميز بهيمنة المدينة الاولى على كامل المجال. وفي واقع الامر فان هذه الخاصية انما هي انعكاس للمنظومة الحضرية للبلاد التونسية بشكل عام التي تعد هي الأخرى "انعكاس للنموذج الاجتماعي والاقتصادي المتبعة من قبل الدولة منذ الاستقلال" )Belhedi.A.2004(. وأهمية الاسواق الاسبوعية ثانيا كالية هيمنة للمدن على الارياف. وهي سيطرة تختلف من مدينة الى اخرى بحسب أهمية السوق الاسبوعية اذ تبينا وجود ثلاثة أسواق رئيسية دون تخصص وتتمثل في سوق السرس، تاجروين وسوق الكاف المنعقد يوم الاحد وسوقين متخصصين يوجد الاول في شمال مجال الد ارسة ويتمثل في سوق برنوصة بالكاف المنعقد يوم الخميس والمتخصص في بيع الثياب المستعملة والمفروشات. أما الثاني فيوجد بالمنطقة الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة ويتمثل في سوق قلعة سنان المنعقد يوم الثلاثاء والمتخصص في بيع السلع القادمة من القطر الج ازئري. ولقد كان لهذا التباعد المجالي للسوقين تاثير جليَ على مناطق نفوذ كلا السوقين. أما بقية الاسواق الاخرى والبالغ عددها أربعة فهي أسواق ثانوية محدودة النفوذ وتقع تحت سيطرة الاسواق الانفة الذكر. أما النتيجة الثالثة فتتمثل في مكانة مدينتي الكاف وتاجروين في استقطاب ارياف مجال الد ارسة من خلال التجارة شبه النادرة والنادرة من ناحية ومن خلال الخدمات العمومية والخاصة من ناحية ثانية. وذلك بفضل التجهي ازت التي حظيت بها في مقارنة ببقية المدن الاخرى. ومن النتائج التي تمكنا من التوصل اليها في سياق تحليل عناصر هذا الفصل هي أن أرياف مجال الد ارسة لا تربط علاقات مع مدن مجال الد ارسة فحسب وانما مع مدن أخرى ساحلية وداخلية مع اهمية العلاقات مع المدن الساحلية خاصة تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي )البحث عن عمل( مما يعني ان مدن المجال المدروس وان كانت تبسط نفوذها على اريافها فإنّ هذا النفوذ يبقى نسبيا باعتبار التجاء سكان الارياف الى مدن أخرى.

ان مختلف العلاقات الاجتماعية المجالية التي يعقدها سكان أرياف المجال المدروس مع مجالات جغ ارفية أخرى لا يمكن ان تتم في غياب شبكة نقل لها من الخصائص ما يمكنها من الاستجابة لكثافة الترددات التي يمارسها السكان. ولئن بينت د ارسة شبكة النقل بمجال الد ارسة أهمية شبكة الطرقات مما ييسر من تنقل السكان فإنّها تبقى متواضعة خاصة اذا تمت مقارنتها بشبكات النقل باقليم الشمال الشرقي والاقاليم الساحلية.

خاتمة البـاب الثـانــي

شكل هذا الباب محاولة بحث في العلاقات الريفية الحضرية منطلقين من ازوية نظر ثنائية الابعاد. تمثلت الاولى في الانطلاق مما يكتسبه المجال الريفي من اليات تخول له نظريا بناء علاقات مع مجالات جغ ارفية قريبة و/أو بعيدة، حضرية و/أو ريفية. ثم وفي مرحلة ثانية غيرنا ازوية النظر محاولين التوقف عند ما تكتسبه مدن مجال الد ارسة من اليات تمكنها من تنظيم مجالها الريفي. وقد كان هدفنا من وارء ازوية النظر الثنائية هذه معرفة ما مدى صحة أو نسبية الفرضية القائلة بهيمنة المدن على الارياف. ولقد كان من نتائج ذلك التوصل الى مجموعة من الاستنتاجات يمكن ذكرها في النقاط التالية:

لقد برهنت د ارسة شبكات توزيع الانتاج الفلاحي ومن وارءها العلاقات الريفية-الحضرية على اندماج أرياف مجال الد ارسة في المنظومة الاقتصادية الوطنية وبيّن البحث في الأط ارف المتدخلة في هذه الشبكات خضوع أرياف مجال الد ارسة الى سيط رة الأط ارف الفاعلة الحضرية المحلية منها وغير المحلية. كما أفرز البحث في قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم مجالها الريفي من خلال الخدمات التجارية وغير التجارية تأكيد تعدد أوجه العلاقات بين المجالين بفضل هذه الخدمات.

اختلاف قدرة مدن مجال الد ارسة على تنظيم المجال الريفي. وفي هذا السياق اضطلعت مدينتي الكاف وتاجروين بالدور الرئيسي في هذه العملية سواء من حيث الاط ارف الفاعلة المتدخلة في مسالك توزيع الانتاج الفلاحي و/أو من خلال مناطق نفوذها التجارية وغير التجارية.

نؤكد على أهمية المدن الساحلية في العلاقات التي تعقدها أرياف المجال المدروس مقارنة بالمدن الداخلية سواء تعلق الامر بتدخل الاط ارف الفاعلة من المدن الساحلية في توزيع الانتاج الفلاحي و/أو استقطاب هذه الاخيرة لسكان الارياف بفضل ما تمتلكه من تجهي ازت.

وبالنظر الى النتائج التي توصلنا اليها في الباب الأول والتي بينت قدم العلاقات التي يعقدها مجال الد ارسة مع مجالات جغ ارفية مختلفة مستندة في ذلك الى المقومات الطبيعية التي ميزت أريافه مما جعله قادر على استقطاب المهاجرين من خارج البلاد التونسية ابان القرن ال92وال40 والرحلات الانتجاعية التي كان يقوم بها سكان السباسب والجنوب باتجاه تونس التلية أو تلك التي ربطت مجال الد ارسة بالمدن القريبة- مدن ولاية الكاف- او البعيدة- المدن الساحلية- من خلال النزوح الريفي بسبب الازمة الاقتصادية التي يمر بها. هذا الى جانب العلاقات الحالية التي تجمع أرياف مجال الد ارسة بمدنه وبمجالات جغ ارفية أخرى والتي بينت الاستمارة الميدانية مختلف خصائصها وسنحاول ضمن الباب الثالث من هذا العمل استجلاء مدى تأثير هذه العلاقات على المجتمع والمجال وذلك في علاقة وثيقة بالجزء الثاني من اشكالية هذا البحث والمتمثلة في انعكاس العلاقات الاجتماعية والاقتصادية على المجال.

المقدمة

لئن مثل كل من الباب الأول والثاني من هذا البحث محاولة لد ارسة خصائص العلاقات التي تربط أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف فيما بينها من جهة وبين مجال الد ارسة ومجالات جغ ارفية أخرى من جهة ثانية محاولين في ذات الوقت البحث في محددات هذه العلاقات ومدى ارتباطها بالمجال الريفي أو الحضري أولا بمجال الد ارسة أو بالمجالات الجغ ارفية الأخرى ثانيا فاننا خصصنا الجزء الأول من هذا الباب لد ارسة انعكاسات هذه العلاقات على تشكل المجال باعتبار "أن الجغارفيا هي علم مجاليّ – اجتماعيّ " ).Bavaux.J-J.2003(. بالاضافة الى أن المجال "هو انتاج اجتماعي، ينتظم ويتباين حسب المجتمع الذي يتوطن به").Belhedi.A.1980(. وبذلك فان المجال انعكاس لمنظومة

تصرفات الأط ارف الفاعلة في المجتمع كل حسب قدرته على الفعل لما يستجيب واست ارتيجياته الشخصية الى جانب العلاقات التي تعقدها هذه الأط ارف في ما بينها. وهو ما يقودنا الى الحديث عن مصطلح المجال الاجتماعي بما أنه "نتيجة لتداخل العلاقات الاجتماعية والجغارفية").Frémont.A.1984(. وفي هذا السياق نؤكد على أن د ارستنا

للمجال الاجتماعي ترتكز على الفكرة القائلة بأن " المجال الجغارفي هو خلق متواصل لُلمجتمعات الانسانية، وهو جزء من كل مشروع انسانيّ .") Ciationi.A. et .Veyret.Y.2003(. وبالرغم من أن المهتمين بالمجال الاجتماعي مثل "Frémont.A" و"DI MÉO G"… أكدوا على البعد التمثلي والسلوكي والذهني في د ارسة المجال الاجتماعي الا أننا ومحاولة منا الالت ازم بالاشكالية الرئيسية لهذا البحث فاننا لن نتطرق للبعد الذهني والسلوكي للمجال الاجتماعي.

أخذا بهذه الاعتبا ارت فإن الفصل الأول من هذا الباب جاء تحت عن وان انعكاسات التحركات السكانية على المجال والمجتمع محاولين استجلاء الملامح المجالية والاجتماعية لتشكل كل من المجال والمجتمع بأرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف لننتهي في الفصل الثاني من هذا الباب الى البحث في دور التعدد الوظيفي في التحولات الاجتماعية والمجالية التي تشهدها الأرياف قيد الد ارسة وذلك لأهمية هذه الظاهرة وانتشارها المجالي وتجد د ارسة هذه الظاهرة مبرارتها في مدى قدرتها على احداث تحولات مجالية خاصة بالنسبة للأرياف.

المقدم ة

يُعد البحث في "الديناميات الاجتماعية-المجالية، مظاهرها وأسبابها من أهم رهانات الجغارفيا").Diry.J-P.1999( لذلك فاننا سنسعى من خلال هذا الفصل الى البحث في مظاهر تحولات المجال الريفي والحضري وذلك تحت تأثير العلاقات التي ربطها مجال الد ارسة بالمجالات الجغ ارفية الأخرى. ضمن هذا السياق سنحاول في العنصر الأول من هذا الفصل البحث في تحولات التركيبة القبلية لمجتمع الأرياف باعتبار أن العلاقات التي ربطها مجال الد ارسة مع بقية المجالات الجغ ارفية الأخرى كانت في البداية أساسها المقومات الطبيعية التي يمتلكها المجال الريفي قيد الد ارسة. لذلك فقد مثل ولفت ارت طويلة منطقة استقطاب. أما العنصر الرئيسي الثاني فقد خصصناه لد ارسة التأثي ارت المجالية والاجتماعية للنزوح الريفي على المجالين الريفي والحضري على حدّ السواء.

I. تأثير حركات الانتجاع في التركيبة القبلية لمجتمع الأ رياف

لئن شكل النزوح الريفي ابرز آلية لإحداث تحولات على مستوى المشهد الريفي فان بقية التحركات السكانية من قبيل حركات الانتجاع والجاليات المغاربية )أنظر الباب الأول( التي استقبلتها أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف كان لها تأثير على التركيبة القبلية للمجتمع الريفي. وللتعرف على مختلف هذه التأثي ارت حري بنا في البداية البحث في ماهية الأصول القبلية للمجتمع في فت ارت زمنية سابقة ثم مقارنتها بالفترة الحالية معتمدين في ذلك على الد ارسات التي اهتمت بمجال الد ارسة في الفت ارت التاريخية السابقة في مرحلة أولى والى ما الت اليه نتائج الاستمارة الميدانية في مرحلة ثانية. فماهي خصائص التركيبة القبلية لمجتمع مجال الد ارسة؟ وفيما تتمثل هذه التحولات؟

انطلاقا من الخريطة عدد39 يمكن تحديد "العروش" التي تستقر بمجال الد ارسة منذ القرنين الثامن والتاسع عشر في كل من عرش "أولاد بوغانم"، "الخمامسة"، "الزغالمة"، "أولاد يعقوب"، "شارن"، "بنو رزيق"، "أولاد علي" و"أولاد عون". وتستقر هذه العروش على المجال الجغ ارفي لبلاد الترك. في حين استقرت قبيلة "ورتان" في المجال التابع لبلاد العرب

وتنتمي مختلف هذه العروش الى ما يعرف "بعروش السنجق". وللتعرف على التحول الذي شهده مجتمع مجال الد ارسة من حيث الأصول الأثنية ضمنا الاستمارة الميدانية سؤالا يتعلق بلقب المستجوب وباسم العائلة. فتبينا أن هناك ألقاب تنحدر من أصول جغ ارفية خارجة عن مجال الد ارسة من قبيل فرشيشي، ماجري، وأخرى لا تنتمي الى التل

العالي أصلا من قبيل الشابي، الهمامي… بالاضافة الى العديد من العائلات المغاربية التي ما ازلت متوطنة بالت ارب التونسي خاصة منها الج ازئرية من قبيل عائلة "الزارڤنية" و"الغ اربة"…)العمل الميداني،4092(. اذا وانطلاقا مما سبق نتبين أن التحركات السكانية كان لها تأثير واضح في اعادة تشكيل المجتمع الريفي. وبالتوازي مع التحولات التي شهدها مجال الد ارسة لاسيما الريفي والمتمثلة في تحوله من مجال جاذب الى طارد لسكانه. الى جانب التغي ارت الحاصلة في المنظومة الاقتصادية للبلاد التونسية بصفة عامة ومن بينها ادماج المستغلة الفلاحية في اقتصاد السوق وما صاحبها من ارتفاع في عدد الفاعلين في سافلة الانتاج وما تعانيه المستغلة من ضغوطات متعددة وتنامي دور المدن في استقطاب أريافها خاصة من خلال الخدمات… كل هذا أفضى الى تحولات مجالية واجتماعية في الوسطين الريفي والحضري تحت تأثير ظاهرة النزوح الريفي الناتجة هي الأخرى عن عدة عوامل من بينها الأسباب السالفة الذكر.

II. التأثيارت المجالية والاجتماعية للنزوح الريفي

يعتبر "المجال الريفي مثل بقية المنشآت الانسانية مجال ثابت ودينامي في ذات الوقت"( Diry.J-P.1999.(. وهي دينامية في علاقة وثيقة بما شهده المجتمع من تحولات متعددة الأبعاد باعتبار أن" المجال في البداية هو انتاج اجتماعي" ).2003 .Fourier.J-M. Raoulx(

وفي علاقة أيضا بالتفاعل مع بقية المجالات الجغ ارفية على أساس أن" كل مجال في اتصال مع مجالات أخرى" ).Diry.J-P.1999(. ولقد شهدت أرياف المنطقة قيد الد ارسة منذ ثلاثينيات القرن العشرين موجة من النزوح الريفي تواصلت الى حد اليوم بالرغم من ت ارجع حدة نسق هذه الظاهرة )الفصل الأول من الباب الأول(. مما أثر على الكثافة السكانية وأنواع السكن بالأرياف، حيث عرفت الكثافة السكانية ت ارجعا واضحا كما سجلنا تباينا في أنواع السكن )مجمع ومشتت( بين الأرياف الشرقية والغربية تحت تأثير حدة ظاهرة النزوح الريفي واختلافها بين المنطقتين.

1. انعكاسات النزوح الريفي على المجال الريفي

أدت ظاهرة النزوح الريفي التي انطلقت منذ ثلاثينيات القرن العشرين وتعمقها في الفت ارت اللاحقة والتي شملت كامل إقليم الشمال الغربي بصفة عامة وأرياف ولاية الكاف بصفة خاصة )أنظر الفصل الاول من الباب الأول( الى تحولات عميقة في المجال الريفي خاصة على مستوى الكثافة السكانية التي ت ارجعت بصفة ملحوظة.

أ. كثافة سكانية ريفية ضعيفة وفي تارجع

شهد عدد سكان أرياف مجال الد ارسة ت ارجعا متواصلا )الرسم البياني عدد 29( حيث بلغ عدد سكان أرياف المنطقة قيد الد ارسة سنة 4092، 74228 بعد أن كان سنة 9222 102599 مسجلا بذلك نسبة ت ارجع سنوية قدرت ب-4% بعد ان كانت -0.1% خلال عشرية 9222-4002. والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا الصدد هي أن هذا الت ارجع فاق الت ارجع الذي سجلته الأرياف خلال الفترة 9202-9212 والمُقدر ب-9.01% والذي اعتبر من قبل العديد من الجغ ارفيين مثل الأستاذ حافظ ستهم )حافظ ستهم 9210( اذانا "باخلاء ريفي". وهو ما تأكد في التعدادات اللاحقة ذلك أن نسبة سكان الأرياف لم تعد تمثل الا 20% من النسبة الجملية لسكان مجال الد ارسة سنة4092 بعد أن كانت سنة

9202 حوالي 04% و32.30% سنة 9212 و20% سنة 9222. غير أن نسبة النمو

لمجموع الأرياف وان مكنتنا من معرفة السمة العامة لنسق تطور سكان الارياف الا انها تخفي تباينا على مستوى المعتمديات ذلك أن النمو السلبي لسكان الارياف يبرز بشدة في معتمديات دون أخرى. فماهي ملامح ذلك؟

لئن شهدت مختلف أرياف مجال الد ارسة نموا سلبيا لعدد سكانها فان الاختلاف يبدو واضحا بين الأرياف الجنوبية الغربية ونظيرتها الشرقية )جدول عدد22( حيث سجلت بعض الأرياف انهيا ار في عدد سكانها من ذلك أرياف معتمدية تاجروين خلال العشرية 9202-9212 )الجدول عدد22( وكذلك أرياف قلعة سنان خلال الفترة الممتدة من 4002-

4092. في المقابل تعد أرياف الكاف الغربية حالة استثنائة مقارنة بالأرياف الشرقية الأخرى حيث سجلت نموا ايجابيا خلال الفترة الممتدة من 9222-4002 في عدد سكانها بسبب ارتقائها الاداري الى رتبة معتمدية. وما يؤكد أن هذه الزيادة ليست مرتبطة بنمو اقتصادي هو الانهيار المسجل في عدد السكان في الفترة الموالية 4002-4092 اذ بلغت نسبة الت ارجع السنوية ب -2%.

كان لهذا التباين في الت ارجع لعدد سكان الأرياف بين المعتمديات الشرقية التي قدرت نسبة تارجع سنوية لسكانها خلال عشرية 4002-4092 ب-9.23% مقابل -4.24% بالنسبة للأرياف الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة تأثي ار واضحا على التوزع الجغ ارفي لعدد السكان الذي عُرف هو الآخر بالتباين)خريطة عدد30( اذ قدر عدد الريفيين بالمعتمديات الشرقية )الكاف الغربية والشرقية، السرس، الدهماني والڤصور( سنة4092 32241 أي 02.42% من النسبة الجملية لسكان أرياف مجال الد ارسة بينما لم يبلغ سكان أرياف المعتمديات الجنوبية الا 92100 أي حوالي40%. وتعتبر أرياف الجريصة والقلعة الخصبة أقل أرياف منطقة الد ارسة من حيث عدد السكان بنسبة تقارب9.40% من النسبة الجملية لعدد الريفيين.

ويتأكد التباين بين أرياف المعتمديات الشرقية والغربية من خلال معاينة الكثافة السكانية الصافية )خريطة عدد30+ جدول عدد22(. ولئن كانت منخفضة وفي ت ارجع متواصل في جميع الأرياف اذ بلغت سنة4092 00.12س/كلم4 بعد ان كانت سنة 9222 09س/كلم4 و10 س/كلم4 سنة9212 فان انخفاضها وت ارجعها يشتدان في المنطقة الجنوبية-الغربية من مجال الد ارسة. وهو ما يعني أن ضعف الكثافة السكانية وت ارجعها يهم أرياف المنطقة الغربية من مجال الد ارسة أكثر من الشرقية.

انطلاقا من معاينة الخريطة عدد31 والجدول عدد23 يمكن تقسيم أرياف مجال الد ارسة الى:

 المجموعة الاولى: وتظم معتمدية تاج روين والجريصة وقلعة سنان أين نسجل كثافة ضعيفة جدا وفي ت ارجع كبير. تعرف هذه الأرياف بأزمة حادة في القطاع الفلاحي البعلي ومحدودية المناطق السقوية الأمر الذي سرع من عمليات النزوح الريفي. ولم تتمكن تجارة التهريب التي اعتمدها عدد هام من سكان هذه الأرياف – بماهي است ارتيجية للتأقلم مع أزمة القطاع الفلاحي وتأمين دخل اضافي للفلاح- من استيعاب اليد العاملة خاصة في ظل تدخل فاعلون اجتماعيون ذوي رساميل هامة ومن أصول حضرية في هذه التجارة )أنظر الفصل الثاني من هذا الباب(.

 المجموعة الثانية: وهي الأرياف ذات الكثافة الضعيفة. وتظم كل من معتمدية القلعة الخصبة والڤصور. رغم أن هذه الأرياف تعاني هي الأخرى من أزمة في الفلاحة الا انها تبقى أقل حدة من نظيرتها في الصنف السابق خاصة بعد بداية انتشار المناطق السقوية بأرياف القلعة الخصبة.

 المجموعة الثالثة: الأرياف ذات الكثافة المرتفعة نسبيا في مقارنة بالمجموعة الاولى وتت اروح بين 42 و42س/كلم4. وهي الأرياف التي تنتشر فيها المناطق السقوية وتتمثل في السرس والدهماني.

 المجموعة ال اربعة وهي الأرياف ذات الكثافة الأرفع مقارنة ببقية أرياف المنطقة المدروسة اذ تت اروح الكثافة بين 20و23 س/كلم4 سنة 4092 بعد ان كانت سنة 9222 23 س/كلم4 وتتمثل في أرياف الكاف الغربية والشرقية انطلاقا مما سبق يمكن القول بأن ت ارجع الكثافة السكانية بالأرياف وتباينها من منطقة الى أخرى قد عمق من ظاهرة التشتت السكاني بصفة عامة كما أثر على التوزع الجغ ارفي لهذه الظاهرة باعتبار أن النز وح الريفي لم يمس كامل أج ازء المنطقة بنفس النسق. وتعتبر الأرياف الجنوبية الغربية لولاية الكاف الأكثر تأث ار بظاهرة النزوح الريفي )الباب الأول(.

ب. تركز ظاهرة التشتت السكاني أكثر بالأرياف الجنوبية الغربية

انطلاقا من مؤشر التشتت الذي اقترحه "Demangeon")ورد في كتابLebeau.R.2004 ( والذي يمكن صياغته في العملية الحسابية التالية:

تمكنا من احتساب مؤشر التشتت لأرياف مجال الد ارسة بداية من سنة 9212 الى حدود 4092 مثلما يبرزه الجدول عدد 29. ولئن بدت النزعة العامة للسكان تتجه نحو التجمع وهو ما يبرز من خلال ت ارجع قيمة مؤشر التشتت خلال الفترة الممتدة من 9212 الى حدود 4092 فإن هذا المؤشر يبقى مرتفعا اذ بلغ سنة 4092، 99.29 مما يؤكد على أهمية ظاهرة التشتت بالمنطقة قيد الد ارسة. وما يلفت الانتباه عند احتساب مؤشر التشتت

)جدول عدد 29( أن هذا الأخير يرتفع بالمنطقة الشرقية

المصدر: المعهد الوطني للاحصاء

من مجال الد ارسة أكثر منه في المنطقة الجنوبية الغربية. وهو ما يتنافى مع الواقع الجغ ارفي للمنطقة قيد الد ارسة من أجل ذلك فاننا اعتمادنا مؤشر التشتت الذي اقترحه

"Livet.R" والذي يمكن صياغته في الاحدى العمليات الحسابية التالية:

ويرى "Livet.R" "أن العلاقة بين عدد السكان المنعزلين والمتجمعين هو الأكثر تعبيار على الظاهرة: فاذا كان المؤشر مساو لواحد فان ذلك يعني أن عدد السكان المنعزلين مساو للمتجمعين وهو ما لا يمكن أن يتوافق دائما مع الواقع الجغارفي. واذا كان المؤشر أكثر من واحد فان ذلك يعني أن ظاهرة التشتت هامة أما اذا كان المؤشر أقل من واحد فان السكن المجمع هو المهيمن" )المصدر السابق(. ولئن كانت د ارسة خصائص السكن الريفي من حيث التجمع أو التشتت والتحولات التي عرفها تقتضي توفر احصائيات في فت ارت زمنية مختلفة فان ذلك يبقى غبر ممكن في ظل النقص الذي اتسمت به المعطيات التي يقدمها المعهد الوطني للاحصاء ذلك أن هذا الأخير لم يفصل بين المنعزلين والمجمعين الا في

احصاء 9203 و9212 لذلك فاننا حاولنا تجاوز هذا النقص بالاستناد على الكثافة في العنصر السابق.

اذا وانطلاقا من علاقة السكان المنعزلين بالسكان المتجمعين يمكن احتساب مؤشر التشتت بكافة معتمديات مجال الد ارسة مستندين في ذلك الى احصاء9203 اذ تبينا أن هذا المؤشر يت اروح بين 0.00% و2.39%. وقد بين حساب مؤشر التشتت أهمية ظاهرة التشتت بمختلف معتمديات مجال الد ارسة اذ فاق الواحد بجلها باستثناء في معتمدية تاجروين أين سجلنا مؤشر تشتت دون ذلك )0.00(. أما تعداد 9212 فقد مكننا بالاعتماد على احتساب مؤشر التشتت من تقسيم معتمديات مجال الد ارسة الى مجموعتين:

 المجموعة الاولى وتظم المعتمديات التي عُرفت بأهمية ظاهرة التشتت حيث تجاوز بها مؤشر التشتت 9 كما تجاوزت نسبة السكان المنعزلين بها 30% وتصل الى 02.2% )رسم بياني عدد24(. وتتمثل في كل من معتمدية الكاف، تاجروين، قلعة سنان والڤصور.

بلغ عدد السكان المنعزلين بهذه المعتمديات 29239 أي90.43% من النسبة الجملية لسكان هذه المعتمديات بينما لا يمثل السكان المُتجمعين الا 40249 ساكنا أي ما نسبته24.02%.

 المجموعة الثانية وتظم المعتمديات التي لا يبلغ فيها مؤشر التشتت 9 وهو ما يعني أهمية السكان المُتجمعين. وتتمثل في كل من الدهماني والسرس والقلعة الخصبة. بالاضافة

الى أن نسبة السكان المنعزلين تت اروح بين21.9% و21.1% )الرسم البياني عدد24(. بلغ عدد السكان المُتجمعين بهذه المعتمديات 43939 وهو ما يمثل 39.30% من النسبة الجملية لسكان هذه المعتمديات في المقابل بلغ عدد السكان المشتتين بمختلف هذه المعتمديات92290 ساكنا أي ما نسبته 22.22% من النسبة الجملية للسكان.

عموما تعتبر ظاهرة التشتت السكاني قديمة بأرياف تونس التلية عامة لا سيما منها التل الشمالي وبصفة أخص التل العالي ومن ضمنها المجال قيد الد ارسة. ولئن كانت هذه الظاهرة مرتبطة فيما مضى بخصائص الهياكل العقارية التي كانت " قبل الفترة الاستعمارية تعرف بأهمية الملكيات الكبرى في يد فئة حضرية مستقرة اما في تونس العاصمة بالنسبة للتل الشمالي أو في المدن الاقليمية بالنسبة للكاف وباجة" ).Kassab.A.1980( )بتصرف(.

هذا بالاضافة الى ارتباطها بخصائص المنظومة الزارعية التي تقوم على الزارعات الكبرى وتربية الماشية الممتدة التي لا تتطلب تجمع السكان من اجل تهيئة المجال مثل ماهو الحال في المناطق الجافة من ذلك "بلاد نف ازوة"،وتدعمت هذه الوضعية مع ثلاثينيات القرن الماضي بالتوازي مع بروز ظاهرة النزوح الريفي وتعمقها في الفت ارت اللاحقة والتي شملت كامل اقليم الشمال الغربي بصفة عامة وأرياف ولاية الكاف بصفة خاصة )أنظر الفصل الأول من الباب الأول(. انطلاقا مما سبق يمكن القول بأن ظاهرة التشتت السكاني قد أثرت وبعمق في آليات تنظيم المجال الريفي القديمة والمتمثلة في"الدوار" اذ لم يعد بالامكان في عدة أج ازء من المنطقة الغربية من مجال الد ارسة الحديث على هذا الصنف من التجمعات السكانية. وقد عمق النزوح الريفي هذه الظاهرة. وأفضى الى جانب عدة عوامل أخرى الى تحولات على مستوى تنظيم المجال الريفي. فماهي ملامح تنظيم المجال الريفي؟ وماهي تحولاتها؟

ج. تحولات تنظيم المجال الريفي

يُعد تنظيم المجال محوار رئيسيا في الد ارسات الجغ ارفية. ويخضع الى تدخل عدة أط ارف قد تكون داخلية و/أو خارجية تفرز تنظيما جديدا في علاقة بالقوى الفاعلة وقدرتها على الفعل في المجال. ظل المجال الريفي ولفت ارت طويلة خاضع في تنظيمه لأط ارف فاعلة محلية في اطار اقتصاد معاشي ومجتمع ينبني بالأساس على الانتماء القبلي. لذلك فان تقسيم الت ارب وتوطن السكان خضع الى آليات تستجيب لهذه الخصائص الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الطبيعية. في هذا الاطار يُعتبر "الدوار" والدشرة الآليات الأُُولى التي

271

نظمت المجال الريفي. وقد مثل الجبل في الفترة التي سبقت الاستعمار مركاز للحياة الاقتصادية –الريفية التي كانت تعتمد على تربية الماشية. لذلك فقد تركزت " الدواوير والدشارت بالقرب من السفوح الجبلية أو المنحدارت الحادة أين توجد الغابات بحيث تمثل هذه الأخيرة مرعى للماشية ومخزون من الحطب للتدفئة واعداد الطعام" )Makhlouf.E.1968.( على عكس السهول التي لم تكن موطن استق ارر للسكان وذلك تحت تأثير المعطيات الطبيعية التي عُرف بها مجال الد ارسة والمتمثلة أساسا في أهمية المرتفعات في مقابل قلة السهول. بالإضافة الى قساوة الظروف المناخية )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول(. مع الاستعمار بدأ الجبل يفقد أهميته في الحياة الاقتصادية شيئا فشيئا لصالح السهل الذي بدأ يشهد تحولات هامة باعتبار أن الحياة الاقتصادية للفاعلين الاجتماعيين الجدد –المعمرون- تتركز به من خلال " تحوله الى مركز للأنشطة الفلاحية والاقتصادية" (Makhlouf.E.1968.(. وقد عرف التوزع الجغ ارفي "للدواوير" والدش ارت" تباينا

واضحا بين المنطقة التابعة لفريڤا التي حظيت بتركز عدد هام من الدش ارت من قبيل المعاريف، سيدي عسكر، ابة-الڤصور على عكس المنطقة التي لا تنتمي الى فريڤا حيث لم نسجل من خلال الد ارسات التي اهتمت بها أي وجود لدوار، أو دشرة واضحة المعالم باستثناء دشرة "أولاد بوغانم" والتي لا تنتمي الى المجال قيد الد ارسة. لكن مع اكتشاف الموارد الباطنية من قبيل الفسفاط والحديد بالمنطقة الخارجة عن فريڤا بدأت القرى تتشكل مثل الجريصة، القلعة الجرداء )القلعة الخصبة حاليا(، قلعة سنان وسلاطة )منزل سالم حاليا( معلنة بذلك عن ظهور آليات جديدة في تنظيم المجال الأمر الذي أعاد الاعتبار من جديد للجبل بماهو م ركز للحياة الاقتصادية للسكان بما أن القرى التي تشكلت توطنت في سفوح الجبال التي أُكتشف بها موارد منجمية.

وقد كان لهذه التحولات الاقتصادية بتأثير الاط ارف الفاعلة الجديدة بأرياف مجال الد ارسة

انعكاسات على "الدوار" و"الدشرة" اذ بدأ دورهما يت ارجع في تنظيم المجال الريفي. ولئن شكل النزوح الريفي الآلية الرئيسية في ت ارجع عدد سكان الدوار والدشرة بسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية فان تحول السهل الى مركز للحياة الاقتصادية وبروز ضيعات فلاحية تابعة للمعمرين وبناء القرى المنجمية قد أفضى الى بداية تشظّي الدواوير القديمة الى عناصر محدودة العدد من العائلات لتتركز اما بالقرب من هذه الضيعات والعمل بها أج ارء و"خماسة" واما العمل على استصلاح المروج الموجودة معلنة بذلك عن بداية تكون دواوير بالسهول )مشهد عدد1(. لكن على خلاف الصنف القديم من الدواوير الذي كان تكونها يخضع الى مقياس الانتماء القبلي فان الدواوير الجديدة لا تخضع بالضرورة الى هذا المقياس. ومع تواصل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها التل العالي بشكل عام بعد الاستعمار وتدعم ظاهرة النزوح الريفي تواصل ت ارجع عدد الدواوير- العنصر السابق- اذ لم يعد اليوم بالإمكان في عدة مناطق من مجال الد ارسة الحديث عن "الدوار" ويبرز ذلك من خلال الممارسات اليومية لسكان الأرياف اذ لم تعد تسمية الدوار هي المتداولة في اشا ارتهم لاحد التجمعات السكانية وانما مصطلح اخر وهو"الب يت" من قبيل "ب يت العبادلية"، ب يت"الخمايّرية"… وهو ما تبيناه من خلال انجازنا للاستمارة والزيا ارت الميدانية عن طريق المحادثات الشفوية التي قمنا بها مع عينة الد ارسة. ويبرز ذلك أكثر في المنطقة الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة.

وقد عملت الدولة الحديثة في اطار السعي الى الحد من ظاهرة النزوح الريفي ومعالجة ظاهرة التشتت السكاني التي طبعت المجال الريفي على ترقية العديد من التجمعات السكانية الى م اركز ريفية )المجالس القروية( أو الى م اركز حضرية )بلدية( والى تجهيزها بالعديد من الخدمات الادارية والاجتماعية حيث شكلت التجمعات السكانية القديمة" الأساس الذي انتظمت حوله الماركز الصغرى" )Belhareth.T.1998.(. أفضى كل ذلك الى تحولات على مستوى آليات تنظيم المجال. ففيما تتمثل هذه الآليات وماهي خصائصها؟

تندرج "ولادة ونمو الماركز الصغرى Petites localités"" التي مثلت السمات الأساسية للمجال الجغارفي التونسي")Belhareth.T.1998.( في اطار سعي الدولة الى اعادة الاعتبار إلى المجال المحلي وذلك اثر تأكد محدودية محاولات التنمية الشاملة وفي اطار سعيها الى تنظيم الت ارب واحكام السيطرة عليه وم ارقبته. لذلك فقد مثلت الم اركز سواء الحضرية منها أو الريفية النوتات التي تدخلت من خلالها الدولة بتركيز العديد من الخدمات العادية التي مكنت من تقريب الخدمة الى الساكن الريفي. ومن ثمة امتلاك هذه الم اركز ولو نسبيا لاليات تنظيم مجالها. وهو ما جعل منها "سمة عتبة المرور من المجال الريفي إلى المجال الحضري وتترجم بذلك تحولات نوعية أساسية للمجال الجغارفي التونسي").Belharth.T.1998(. وفي هذا الصدد سنركز التحليل على الم اركز المحلية الريفية باعتبارها المرتبطة بسياق بحثنا. فماهي إذا خصائص هذه النوتات المحلية ؟

تتمثل الم اركز الصغرى الريفية في المجالس القروية والتي يطلق عليها المعهد الوطني

للإحصاء كذلك تسمية المنطقة الت اربية وهي" أصغر وحدة ادارية في التقسيم الاداري للبلاد وقد تكون المنطقة ريفية أو حضرية" )المعهد الوطني للاحصاء ،9212(. وتتوزع بشكل متساو داخل المجال المدروس وقد بلغ عددها سنة4092 ستة مجالس قروية وهي:

الزوارين )تنتمي إداريا الى معتمدية الدهماني(، جزّة )تنتمي إداريا الى معتمدية تاجروين(، اللاس )تنتمي إداريا الى معتمدية السرس(، سيدي أحمد الصالح )تنتمي إداريا إلى معتمدية القلعة الخصبة( والمحجوبة )تنتمي إداريا إلى معتمدية قلعة سنان( والزيتونة )تنتمي اداريا الى معتمدية الڤصور(. وقد خضعت هذه الم اركز لاعداد أمثلة لتهيئتها وم ارجعتها تم على اثرها التدخل وتجهيزها بالعديد من الخدمات العمومية العادية من قبيل المدرسة، حمام ،مركز الصحة الأساسية، دار الشباب والثقافة، فرع لمكتب البريد مما أدى الي بروز المحلات المختصة في تجارة المواد الغذائية. وثمة من المجالس القروية التي بعث بها سوق أسبوعي مثل اللاس. مكنت هذه الخدمات الم اركز الريفية من تنظيم نسبي لمجالها من خلال الاشعاع المحلي أي أنها توفر الخدمات لسكانها ولا يمتد اشعاعها الى الخارج.

بناء على ما سبق يمكن القول بأن انعكاسات ظاهرة النزوح الريفي على المجال الريفي بدت متعددة ومتباينة داخل أرياف وسط ولاية الكاف وجنوبها: ت ارجع كبير للكثافة السكانية وتشتت سكاني خاصة بالأرياف الجنوبية والغربية مما أفضى الى تحول في آليات تنظيم المجال الريفي حيث لاحظنا انتفاء البعض منها مثل "الدوار" خاصة في الأرياف الجنوبية الغربية من مجال الد ارسة. فالى أي حد أثرت هذه الظاهرة على المجال الحضري؟ للاجابة على هذا السؤال سنعتمد على د ارسة مثالين مدينة الكاف وتاجروين باعتبارهما أهم مستقطب للنازحين.

2. انعكاسات النزوح الريفي على المجال الحض ري: مدينتي الكاف وتاجروين مثالا

لئن أسهم النزوح الريفي في ت ارجع الكثافة السكانية للأرياف قيد الد ارسة فان المدن عرفت ارتفاعا هاما في عدد سكانها يعود في جانب كبير منه لتأثير هذه الظاهرة.

أ. تأثيارت النزوح الريفي في توسع مدينة الكاف

تحتل كل من مدينة باجة والكاف الم ارتب الاولى على التوالي من حيث عدد السكان داخل اقليم الشمال الغربي. ويعود ذلك الى قدم التعمير بهاتين المدينتين مقارنة ببقية المدن الاخرى ذلك أن مدينتي جندوبة وسليانة يعود تاريخ نشأتهما الى الاستعمار. وعلى غ ارر بقية المدن التونسية شهدت مدينة الكاف زيادة سكانية هامة منذ الاستقلال أفضت الى ارتفاع عدد المساكن وتوسع مجالي هام. حيث شهدت المدينة ارتفاعا هاما في عدد سكانها منذ الاستقلال. وقد سجلت أعلى نسبة نمو خلال الفترة الممتدة من 9239 الى 9299 فبعد أن كان عدد السكان 92022 سنة 9239 بلغ سنة9299 42422 ساكن.

ولئن كانت الأرقام المطلقة تبرز الزيادة السكانية المتواصلة لمدينة الكاف )رسم بياني عدد22( فان معاينة نسبة النمو السكاني تبرز اختلافا واضحا بين الفت ارت. بالاضافة الى

التذبذب في هذه النسبة من فترة الى أخرى. وتعتبر العشرية الأولى والثانية من الاستقلال أهم المارحل التي سجلت

فيها المدينة نسبة نمو سكاني هامة )جدول عدد20( لتت ارجع في الفترة الممتدة من 9203 الى 9212 لكنها عاودت الارتفاع في الفترة التي تليها. وتجدر الاشارة الى أن هذا التذبذب في نسبة النمو تواصل في الفت ارت اللاحقة. ولئن عرفت مدينة الكاف نموا سكانيا منذ

الاستقلال الى اليوم أسهم بشكل مباشر في التوسع المجالي للمدينة فان مقارنة نسبة نموها مع بقية أهم م اركز اقليم الشمال الغربي خاصة مدينة جندوبة وسليانة يبرز تواضع هذه النسبة )جدول عدد21(. حيث قدرت نسبة النمو السنوية لسكان مدينة سليانة خلال الفترة الممتدة من 9239 الى 4092 ب 40.40% أما مدينة جندوبة فقد قدرت نسبة النمو السنوية لسكانها ب2.09% خلال نفس الفترة.

هذا النمو المستمر لعدد سكان مدينة الكاف وان كان محدودا في مقارنة بما تشهده بقية مدن م اركز الولايات باقليم الشمال الغربي ارفقه زيادة في عدد المساكن التي تعتبر من أهم الآليات التي أفرزت توسعا مجاليا هاما. ولد ارسة هذا العنصر سنعتمد على الاحصائيات الصادرة عن المعهد الوطني للاحصاء والمتعلقة بعدد المساكن بالاضافة الى ما وفرته المصالح الفنية ببلدية الكاف من معطيات متعلقة بعدد رخص البناء. شهدت مدينة الكاف توسعا مجاليا هاما يبرز خاصة من خلال النمو المتواصل لعدد المساكن فبعد أن كان سنة 9203 2049 مسكنا بلغ سنة 9212 9100 مسكنا بنسبة نمو جملية قدرت بحوالي

2.2% ليصل الى 2320 سنة 9222 مسجلا بذلك نسبة نمو جملية ب2.4%. وبالرغم من تواصل ارتفاع عدد المساكن في الفت ارت اللاحقة حيث قدر ب 99300 سنة 4002 و94902 سنة 4092 الا أن نسق الارتفاع شهد ت ارجعا واضحا ذلك ان نسبة الزيادة الجملية لعدد المساكن قدرت ب4.29% في الفترة الممتدة من9222 الى 4002 وب9.04% خلال الفترة المت اروحة بين 4002 و4092 )جدول عدد9 في ملاحق الباب الثالث(. الأمر الذي يحيل على فتور عمليات الانشاء خاصة خلال الفترة الممتدة من 4003 الى 4092 حيث قدرت نسبة الت ارجع ب – 2.49% وهو ما تؤكده المعطيات المتعلقة بعدد رخص البناء )جدول عدد22( انطلاقا من هذا الجدول

نتبين أن تطور عدد رخص البناء بمدينة الكاف يعرف بالتذبذب فهو ينمو مرة ويت ارجع أخرى. وتعتبر سنة 9213 أهم سنة حققت فيها رخص البناء ارتفاعا منذ 9293 الى سنة 9223. وما يلفت الانتباه أن عدد رخص البناء حققت قفزة هامة سنة 4000 مقارنة بالفت ارت الآنفة، ذلك أنها بلغت 201 بعد أن كانت سنة 9223 490 مسجلة بذلك نسبة نمو قدرت ب2.22% لكنها ت ارجعت خلال الفترة اللاحقة لتعاود الارتفاع سنة 4090 ب290 رخصة بناء أي أن نسبة النمو السنوية خلال 4003 و4090 بلغت90.92%. لتت ارجع أعداد رخص البناء من جديد سنة 4092 اذ قدرت ب409 أي أن الت ارجع قدر بمرتين خلال ثلاثة سنوات. غير أن هذه الاحصائيات وما وفرته لنا من معلومات وان مكنتنا من مع رفة الدور الهام للدينامية السكنية في التوسع المجالي للمدينة الا أنها تبقى نسبية ذلك أنها لا تُقدم لنا نوعية البناء المزمع انجازه. لذلك يمكننا الساؤل هل الرخص المنتفع بها هي لمسكن جديد أم هي رخص تجديد باعتبار أن مدة الرخصة لا تتجاوز ثلاثة سنوات ثم إنّ الاحصائيات المتعلقة بسنة 4092 تبقى تقريبية وذلك حسب تصريح مختلف أعوان مصلحة الشؤون الادارية والفنية والقائمين على منح رخص البناء اذ أكدوا لنا خلال محادثاتنا على تنامي ظاهرة البناء دون رخصة بعد ثورة 92 جانفي 4099 لا سيما في الأحياء الشعبية مثل حي "سيدي أحمد الشريشي" باعتبار ضعف الم ارقبة الذي يبرز من خلال محدودية الزيا ارت الميدانية مثل سنة 4094 إذ مرت دون القيام بأي مارقبة من قبل أعوان البلدية للبناءات وذلك حسب تصريح أحد الأعوان العاملين بمصلحة الشؤون الادارية والفنية ببلدية الكاف معللا ذلك بالأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد.

أفضت الزيادة السكانية والسكنية الى توسع مجالي هام لمدينة الكاف وهو ما سنعمل على د ارسته مستندين في ذلك الى الصور الجوية وأمثلة التهيئة. بالاضافة الى الم ارجع التي اهتمت بهذه المدينة لكن تجدر الاشارة الى أننا لن نطنب في ذلك باعتبار أن توسع مدينة الكاف قد تعرض اليها الأستاذ "الصديق الفازعي" ضمن كتابه "مدينة الكاف في التل العالي التونسي : تحضرها ومكانتها الاقليمية" والصادر سنة 4094.

شهدت مدينة الكاف توسعا مجاليا تباينت أهميته حسب الفت ارت الزمنية. وبناءا على ذلك يمكن تقسيم هذا التوسع الى أربعة مارحل رئيسية. ففيما تتمثل هذه المارحل؟ وماهي اتجاهات التوسع التي ميزت كل مرحلة خاصة وأن مدينة الكاف ذات موضع مرتفع. الأمر الذي من شأنه ان يحدد مسا ارت التوسع.

 مدينة الكاف : النشأة والتوسع الى حدود 9239

على عكس عدة مدن تونسية متوسطة وصغيرة كانت وليدة الاستعمار مثل جندوبة ،

سليانة، سيدي بوزيد فان مدينة الكاف تعود نشأتها تقريبا الى "عشرة قرون قبل الميلاد".)الصديق الفازعي ،4094(. ولقد كان لموضعها وموقعها دوار هاما في تطورها المجالي في الفت ارت التاريخية التي عرفتها البلاد التونسية. ذلك أنها نشات في موضع محمي اذ " احتلت ]…[ ظهر المحدب الصخري )الكاف( الذي تعلوه القصبة حاليا على ارتفاع يقارب 030 متار وهي أخفض نقطة في جبل الدير الذي يبلغ أقصى ارتفاعه 9012 متار والذي تركزت في جنوبه الغربي المدينة العتيقة.")المصدر السابق(. أما بالنسبة الى موقعها فانه يستمد أهميته من خلال مقارنته بخطوط النقل التي تعبر المدينة )خريطة عدد30(. مما جعل منها قديما "ممار لتجارة القوافل القادمة من الصحارء عبر مدن حيدرة والأربس وبلاد باجة في الشمال". )المصدر السابق(. هذا علاوة على أنها تمثل مدينة حدودية وهذا ما جعل من المُستعمر الفرنسي يتخذها مرك از للم ارقبة وتبعا لذلك جهزها بعدة ادا ارت من ذلك الم ارقبة المدنية، قصر البلدية، المستشفى المدني… معلنة بذلك عن بداية خروج المدينة عن أسوارها وبتحولات على مستوى مشهد المدينة المعهود ان ذاك من خلال تكون الحي الاروبي منذ 9290 جنوب غرب المدينة العتيقة )الخريطة عدد 32(.

بالاضافة الى "حي الزيتونة الذي برز في الناحية الغربية والذي بعثت فيه سلطة

الاستعمار أول مدرسة ثانوية في سنة 9222" )المصدر السابق(. اذا فأول توسع للمدينة كان باتجاه الجنوب الغربي)خريطة عدد32( حيث أخذت المدينة في الفت ارت اللاحقة تتوسع تدريجيا باتجاهات وأنساق مختلفة.

 تعدد اتجاهات توسع المدينة مع أهميته باتجاه الجنوب والجنوب الغربي بين 9239 و9202

خلال هذه الفترة تعددت اتجاهات توسع المدينة )خريطة عدد90( اذ برزت عدة أحياء منها المهيكلة

مثل حي "الجمهورية"، حي "حشاد" وحي "النهوض" بالجنوب الغربي للمدينة… أحياء أخرى غير مهيكلة من أهمها حي "سيدي أحمد الشريشي" بالجنوب الشرقي للمدينة العتيقة ،حي "الڤايد" بالشمال الغربي للمدينة العتيقة…هذا التعدد لاتجاهات توسع مدينة الكاف منذ الاستقلال الى حدود 9202 لا ينفي بروز جبهة واضحة المعالم للتوسع وهي التوسع نحو الجنوب وخاصة الجنوب الغربي يعني الامتداد المجالي باتجاه السهل.

 توسع هام للمدينة مع تأكد التوسع باتجاه السهل بين 9202 و9222

تعد هذه الفترة الأهم من حيث التوسع المجالي للمدينة )خريطة عدد90( حيث عرفت المدينة توسعا متعدد الاتجاهات. فبالاضافة الى تأكد التوسع باتجاه السهل لا سيما من الناحية الجنوبية الغربية منه، حيث نلاحظ ولأول مرة تجاوز السكن الطريق الوطنية عدد3- بروز جبهة جديدة للتوسع من الناحية الشمالية وخاصة الشرقية للمدينة العتيقة. فمن الناحية الشمالية الشرقية ظهرت عدة أحياء سكنية من أهمها حي سيدي منصور، حي الدير وذلك بالرغم من الضغوطات الطبيعية والمتمثلة في " أرض منحدرة وذات صخور طينية انزلاقية" )المصدر السابق( ويعود ذلك الى تدخل عدة أط ارف فاعلة من ذلك الشركة العقارية والصندوق الوطني للحيطة الاجتماعية. ما يُمكن ملاحظته أنه خلال هذه الفترة تم ملئ الف ارغات الناجمة عن التوسع "الأخطبوطي الذي عرفت به فترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.")المصدر السابق، بتصرف(.

 تواصل اتجاه التوسع نحو السهل رغم تباطئه بعد 9222 الى حدود 4092

على عكس المرحلة السابقة فان الامتداد المجالي لمدينة الكاف خلال هذه الفترة عُرف بتباطئ نسقه. ولئن تم التوسع في اتجاهات مختلفة الا انه يمكن التأكيد على أهمية الامتداد باتجاه السهل جنوب الطريق الوطنية عدد3 وخاصة بمحاذاة الطريق الجهوية عدد09 باتجاه الدهماني. وذلك بعد " أن قامت السلط العمومية بعدة انجاازت :مركب رياضي، منطقة صناعية، معهد ثانوي، مقر للحماية المدنية، مستودع بلدي… مما فتح المجال على

281

مصارعيه لنشأة منطقة صناعية جديدة على مساحة 90.3 هكتاار وحيا سكنيا مهيكلا

"حي 2 أفريل" اخر عفوي يدعى "طبة الهندي") المصدر السابق(. ما يمكن الـتأكيد عليه هو أن سهل الكاف يمثل حاليا وفي الفت ارت اللاحقة منطقة لامتداد المجال الحضري خاصة بعد تركيز المركب الجامعي بالتجمع القروي ببوليفة على بعد 9 كلم تقريبا من مركز المدينة.

اضافة الى الت وسع بجانب الطريق الوطنية 3 باتجاه مدينة تاجروين خاصة مع بداية الأشغال في المنطقة الصناعية الجديدة قرب واد الرمل على بعد مسافة 0 كلم تقريبا من مركز المدينة. )العمل الميداني، 4092(

اذا وانطلاقا مما سبق ومن الخريطة عدد 90 و99 بالاضافة الى ما جاء في مثال تهيئة الاقليم الشمال الغربي سنة 4000 يُمكن أن نخلص الى أن التوسع المجالي لمدينة الكاف تم في ثلاثة اتجاهات رئيسية:

شمال-غرب وجنوب -غرب مركز المدينة أي على طول الطريق الوطنية عدد90.

جنوب مركز المدينة باتجاه سهل بوليفة ويمثل أهم جبهة للتوسع.

– الشمال الشرقي والجنوب الشرقي لمركز المدينة

يُعرف التوسع المجالي لمدينة الكاف بتعدد اتجاهاته وبتباينه حسب الفت ارت الزمنية. ولئن مثل النزوح الريفي أهم عامل مفسر لذلك الا أنه ليس الوحيد. فالزيادة العددية لسكان المدينة لم ترتبط فقط بهذه الظاهرة وانما كذلك بعدة عوامل أخرى منها الزيادة الطبيعية للسكان. كما أن التوسع المجالي يظهر من خلال الزيادة في عدد المساكن التي لا تقترن بالضرورة بالزيادة السكانية وانما بتعدد الفاعلين الاجتماعيين مثل الأسر التي تعد فاعلا أساسيا وأوليا في الدينامية السكنية للمدينة. الى جانب الشركة القومية العقارية التونسية والوكالة العقارية للسكنى. تمثل هذه الأط ارف الاليات الاساسية للتوسع المجالي لمدينة الكاف.

ب. تأثير النزوح الريفي في توسع مدينة تاجروين

تعتبر مدينة تاجروين ثاني مدينة على مستوى ولاية الكاف من حيث الحجم. فما فتئ عدد السكان يرتفع الى أن بلغ سنة 4092 92232 بعد ان كان سنة 9239 4109 )رسم بياني عدد22( مسجلا بذلك نسبة زيادة سنوية تقدر بحوالي 91.90%. غير أن هذه الزيادة في العدد الجملي للسكان- باستثناء سنة 4002- تحجب عنا اختلافا بين الفت ارت من حيث نسبة النمو.

انطلاقا من جدول عدد30 يمكن التأكيد على أن الزيادة السكانية بمدينة تاجروين مرت بمرحلتين رئيسيتين:

 المرحلة الأولى تمتد من 9239 الى حدود9212: تميزت هذه الفترة بأهمية الزيادة السكانية. حيث سجلت أقصاها في الفترة الممتدة من 9203 الى 9212 اذ قدرت ب92.42%. وهي بذلك تحتل المرتبة الأولى مقارنة ببقية مدن الشمال الغربي تليها في ذلك مدينة الروحية ب90.12%، الكريب ب2.40%، جندوبة ب0.04% ثم برڤو ب9.42%.

 الفترة الثانية تمتد من 9212 الى 4092: عرفت نسبة النمو خلال هذه الفترة ت ارجعا واضحا خاصة في فترة 9222-4002 حيث سجلنا نسبة نمو سلبية. فبعد أن كان عدد السكان 91433 سنة 9222 ت ارجع الى 91913 سنة 4002. ويعود ذلك الى تباطئ نسق النزوح الريفي. بالاضافة الى توجه النازحين الى المدن الساحلية أكثر منه الى مدينة تاجروين. أفضت هذه الزيادة السكانية الى اتساع المجال الحضري. ولد ارسة التوسع المجالي لمدينة تاجروين اعتمدنا الصور الجوية. غير أن أول صورة جوية لمدينة تاجروين تعد حديثة اذ أنها تعود الى 9292 الأمر الذي لا يمكننا من التوقف عند ملامح المدينة في م ارحل تكونها. لذلك فاننا سنستند بالاضافة الى الصور الجوية الى المؤلفات التي اهتمت بالمدينة سواء أكانت الاكاديمية منها أو التقارير التي تعدها الادا ارت من ذلك "الأجندة 49 المحلية لمدينة تاجروين ،4002" رغم محدوديتها.

 مدينة تاجروين: النشأة وخصائص الموقع والموضع

تقع مدينة تاجروين بالشمال الغربي للبلاد التونسية وبالجنوب الغربي لولاية الكاف

)خريطة عدد99(. وهي مدينة حدودية اذ تبعد تقريبا بحوالي 20 كم على القطر الجازئري.

تتميز بأهمية موقعها الذي يبرز من خلال الطرقات التي تعبرها. فهي ترتبط من خلال الطريق الوطنية عدد90 التي تشقها باتجاه مدينة الكاف شمالا ومدينة القلعة الخصبة فالڤصرين جنوبا. أما من الجهة الغربية فترتبط بالقطر الج ازئري عبر الطريق الوطنية عدد 91 الذي يربطها من الجهة الشرقية بمدينة الدهماني. كما تتصل ببقية مدن الولاية عبر طرقات جهوية من ذلك الطريق الجهوية عدد02 التي تربطها بمدينة قلعة سنان.

يعود تاريخ نشأة مدينة تاجروين الى فترة الاستعمار، حيث نشأ تجمع سكني حول مورد مائي تمثل في "عين سيدي علي بن عمر". وعلى غ ارر بقية مدن مجال الد ارسة فقد احتلت مدينة تاجروين موضعا قريبا من جبل "فدام السماء" على ارتفاع 233 م والذي يحدها من الشرق الى جانب جبل "الكفا" الذي يحدها من الناحية الجنوبية الغربية )مشهد 2+ خريطة94(. هذا الموضع سيكون له تأثير على اتجاهات التوسع المجالي للمدينة. فماهي م ارحل توسع مدينة تاجروين؟ وفيما تتجلى تأثي ارت الموضع على توسعها المجالي؟

 مارحل التوسع المجالي

بالرغم من أهمية سوقها الأسبوعية )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني( فإن مدينة

تاجروين لم تعرف تحولا في عدد سكانها حيث ظلت " الى حدود بداية القرن العشرين لا تحتوي الا على قبة سيدي علي بن عمر وأربعة أو خمسة منازل، لكن مع تحولها الى

"مركز اداري مع 9202 بدأت بوادر التحول تبرز وذلك من خلال تركز العديد من المنازل". )Monchicourt.Ch.1913، بتصرف( لتصل الى حوالي "230 أسرة" في تلك الفترة )بلدية تاجروين، أجندة 49، سنة 4002(. هذا الارتفاع في عدد السكان أفضي الى تكون تجمع سكاني. وبما أن أول صورة جوية لمدينة تاجروين تعود الى 9292 فان ذلك مثل عائقا دون تحديد النواة الاولى للمدينة هذا من جهة. ومن جهة ثانية فان د ارستنا لخصائص التوسع المجالي ستكون انطلاقا من هذا التاريخ. وعموما يمكن أن نميز بين ثلاثة م ارحل للتوسع السكاني لمدينة تاجروين.

 مدينة تاجروين قبل 9292

نتبين انطلاقا من المشهد عدد2 والخريطة عدد 94 أن المباني امتدت على طول الطريق الوطنية عدد 90. كما أخد البناء يتوسع باتجاه الغرب مستفيدا من غياب الحواجز الطبيعية كتلك الموجودة من الجهة الشرقية والجنوبية الغربية.

 توسع مجالي هام بين 9292 و9221

تعد هذه المرحلة الأهم من حيث التوسع المجالي لمدينة تاجروين حيث عرفت المدينة امتدادا في جميع الاتجاهات. ولئن مثل الشارع الرئيسي الممتد على طول الطريق الوطنية عدد90 مجال تركز الهياكل العمومية من قبيل البلدية، المعتمدية، المعهد الثانوي… أين نشأت العديد من الأحياء المهيكلة من قبيل حي البسمة، حي طيب المهيري… فقد برزت العديد من الأحياء العفوية خاصة حي الساقية… على حساب الأارضي الفلاحية الواقعة من الجهة الغربية للمدينة. هذا التوسع سيتباطئ نسقه في الفت ارت اللاحقة.

 تباطئ نسق التوسع بين 9221 و4092

عرف التوسع المجالي لمدينة تاجروين خلال هذه الفترة فتوار واضحا مقارنة مع الفترة التي سبقتها. وقد تم التوسع في جميع الاتجاهات. وانطلاقا من الخريطة عدد 94 يبدو التوسع ذا أهمية في الجهة الغربية من المدينة مقارنة ببقية الاتجاهات الأخرى بالرغم من محاولات السلط المعنية تركيز التوسع على طول الطريق الوطنية عدد90. ويبرز ذلك من خلال تركيز مدرسة اعدادية بمحاذاة الطريق مباشرة وأخرى في سفح "جبل الكفا". بالاضافة الى تركز معمل الرخام من الناحية الشمالية للمدينة. وقد توطن على بعد كيلومتر تقريبا من المدينة المركب الترفيهي "لكابان" من الجهة الجنوبية بين مدينة تاجروين والمجلس القروي

"محطة المحاميد". وهو ما يؤكد أهمية الامتداد الخطي لمدينة تاجروين على طول الطريق الوطنية عدد90. ويُعد التوسع المجالي لمدينة تاجروين نتيجة لتفاعل مجموعة من الاليات من أهمها الارتفاع المت ازيد لعدد المساكن اذ تضطلع المدينة بعدة وظائف منها السكنية والتي تعتبر الأهم بالنسبة لمدن مجال الد ارسة. لذلك فان الدينامية السكنية تفسر في جانب كبير منها توسع المجال الحضري خاصة اذ كان البناء من الصنف الأفقي

وبالتوازي مع ارتفاع عدد السكان شهدت المساكن ارتفاعا هاما )رسم بياني عدد23( اذ مرّ عددها من 212 مسكنا سنة 9203 الى 3329 مسكنا سنة 4092 أي بنسبة زيادة سنوية قدرت ب94.90%. هذه الزيادة الهامة في عدد المساكن وفي نسبة النمو العامة تخفي تباينا كبي ار بين الفت ارت. ويتجلى ذلك من خلال معاينة نسب نمو المساكن لكل فترة )جدول عدد39(. نلاحظ انطلاقا من هذا الجدول أن نسبة نمو المساكن بلغت أقصاها في فترة 9203-9212 ثم أخذت في الت ارجع الى دون 9%. وهي بذلك تتوافق مع نسق نمو السكان. مثال ت ارجعت نسبة نمو السكان من 92.42% في الفترة المت اروحة بين 9203 الى 9212 الى 2.92% في الفترة التي تليها)9212-9222( كذلك الشأن بالنسبة لنسبة النمو في المرحلتين السابق ذكرهما حيث ت ارجعت من 92.30% الى 9.33%.

خاتمة الفصل الأول

تعد خصائص المجال والمجتمع قيد الد ارسة في جانب كبير منهما انعكاسا للعلاقات التي ربطت المنطقة المدروسة بمجالات جغ ارفية أخرى. ويظهر هذا التأثير في تحولات التركيبة القبلية للأرياف. وذلك نتيجة لاستق ارر الجاليات المغاربية بالت ارب التونسي خاصة الج ازئرية بالنسبة لمجال الد ارسة. الى جانب ما أفرزته حركات الانتجاع من تنويع في التركيبة القبلية لمجتمع الأرياف خاصة اذ سجلنا خلال العمل الميداني عدة ألقاب تنحدر من مناطق مختلفة من الت ارب التونسي مثل "فرشيشي" و"همامي"… أما تأثير النزوح الريفي على المجال فيظهر بالنسبة للأرياف في الت ارجع الكبير للسكان وضعف الكثافة السكانية. وهي خاصية تعرف بها أرياف مجال الد ارسة لا سيما منها الأرياف الجنوبية الغربية انما هي نتيجة للنزوح الريفي الذي ما انفك يتدعم الى أن بات نمو سكان الارياف سلبيا منذ السبعينيات من القرن العشرين. ويفسر ذلك بأزمة القطاع الفلاحي وغياب أنشطة اقتصادية أخرى قادرة على استيعاب طالبي الشغل. ولقد كان لت ارجع سكان الأرياف تأثير على اليات تنظيم المجال الريفي حيث عرفت الاليات القديمة والمتمثلة في "الدوار" ت ارجعا واضحا خاصة في الأرياف الغربية والجنوبية من مجال الد ارسة اذ أثبتت الاستمارة الميدانية أنه لم يعد بالامكان في هذه الأخيرة الحديث عن مصطلح "الدوار" وانما عن مصطلح" الب يت".

وفي المقابل برزت الم اركز المحلية الصغرى بماهي اليات جديدة لتنظيم المجال الريفي مما جعلها " سمة عتبة المرور من المجال الريفي إلى المجال الحضري." ).Belharth.T.1998(.

وفي هذا الإطار تعد الدولة المحرك الأساسي في دعم نمو الآليات الجديدة من خلال تجهيزها ببعض الخدمات الأساسية كالمدرسة الابتدائية، م اركز الصحة الأساسية… كما كان للنزوح الريفي تأثير على المجال الحضري وتعتبر مدينتي الكاف وتاجروين الأكثر تأث ار بهذه الظاهرة باعتبارهما الأكثر استقطابا للنازحين مما أدى توسع مجالي هام تم على عدة م ارحل.

هذا التشّكل الجديد للمجال والمجتمع الريفيين انما هو انعكاس لتفاعل عدة اليات. وتمثل العلاقات الاقتصادية، الاجتماعية والمجالية التي عقدها ويعقدها مجال الد ارسة مع مجالات جغ ارفية أخرى سيما منها الحضرية من أهم العوامل التي أفرزت مجالا ومجتمعا ريفيين بملامح مختلفة عن السابق.

291

المقدمة:

ان " كل فاعل في علم الجغارفيا هو بالضرورة فاعل مجالي" )Lévy.J.& Lussault.M.2003( وتتمثل أهم الأط ارف الفاعلة المجالية في "الأفارد والمجموعات المهيكلة وغير المهيكلة والمؤسسات والجماعات المحلية بالاضافة الى الدولة، التي تمارس السلطة على الت ارب " )Brunet.R.et al.1992(. وتشتغل مختلف هذه الأط ارف وفق است ارتيجيات قد تتوافق وقد تتعارض ولكنها تعمل في النهاية على تغيير ملامح المجال الجغ ارفي. وانطلاقا من العمل الميداني تبينا أهمية التحولات التي عرفها المشهد الريفي بوسط وجنوب ولاية الكاف. وهي تحولات تقف وارءها قوى فاعلة متباينة الاست ارتيجيات والأهداف. وهو ما سنسعى الى اب ارزه ضمن هذا الفصل باعتبار أن د ارسة المشهد من العناصر الرئيسية في علم الجغ ارفيا الى حد يذهب فيه البعض الى " اعتبار الجغارفيا دارسة للمشاهد").9Diry.J.P.199(. ويعد استحضار المقاربة التاريخية ضروري للالمام بمختلف

التحولات التي عرفها المشهد باعتباره" انتاج انساني ونتيجة لعمل مت واصل لعدة أجيال من الفلاحين")المصدر السابق( غير أن ذلك لا يعني أن الفلاح بصفة خاصة والساكن الريفي

بصفة عامة هما الطرفان الفاعلان الوحيدان في المشهد الريفي اذ " من المستحيل تخيل أرياف في العالم الثالث تعيش في عزلة" )المصدر السابق( بل هناك عدة أط ارف أخرى قد

تكون لها أهمية أكثر منهما في تغيير ملامح المشهد الريفي من خلال أخذ الق ارر وتطبيق المشاريع الكبرى. ومحاولة منا الالمام بمختلف التحولات والأط ارف الفاعلة فيها قسمنا هذا الفصل الى أربعة عناصر رئيسية. خصصنا الاول لد ارسة دور التهيئة المائية والشبكات في تحولات المشهد الريفي. أما العنصر الثاني فقد تناولنا من خلاله دور تنوع الأنشطة الفلاحية وظاهرة التعدد النشاطي في تحولات المشهد الريفي في حين خصصنا العنصر الثالث للتعرف على انعكاسات الاستثمار الريفي على المجال الحضري. أما العنصر ال اربع فقد سعينا من خلاله الى رصد تشابه خصائص البنى الاجتماعية بالمجالين الريفي والحضري والتوقف عند التحولات التي تشهدها.

I. دور التهيئة المائية والشبكات في تحولات المشهد الريفي

1. دور التهيئة المائية في تحولات المشهد الريفي مثال سد واد سّ راط

في اطار تحول عملية تهيئة الموارد المائية "من صفتها العفوية ومن سلمها المجالي المحلي الى مشروع حكومي ا رادي يشمل مجالات اقليمية كاملة تساهم في تصوره وانجازه واستغلاله أطارف متعددة ومتنوعة.")عبد الله الشريف،9223( يندرج انجاز سد واد س ارّط الذي أدخل انجازه تحولات جذرية على المشهد الريفي بالمنطقة التي احدث فيها )مشهد عدد 90(. وفي هذا الصدد سنعتمده كمثال لإب ارز التحولات التي من شأنها ان تحدثها المشاريع المائية الكبرى في المجالات التي تنجز بها خاصة اذا كانت أقرب في مفهومها الى الوسط الطبيعي منها الى المجال الريفي باعتبار محدودية تدخل الانسان فيها. وهو ما يجعل من " التهيئة الريفية شكلا من أشكال انتاج المجال" )المصدر السابق(.

فماهي اذا خصائص المشهد الريفي قبل وبعد انجاز سد واد س ارّط؟

انطلاقا من معرفتنا الميدانية للمجال قيد الد ارسة قبل وبعد الشروع في انجاز سد واد س ارّط يمكن القول بان المنطقة التي بعث بها المشروع شهدت تحولا واضح المعالم على مستوى المشهد. ذلك أن هذا الأخير لم يكن يتكون الا من بعض المساكن -لا يتجاوز عددها تقريبا عشرون مسكنا-. وتتو زع بشكل متباين بين الضفة اليمنى لواد س ارّط والتي تنتمي اداريا الى معتمدية قلعة سنان وتحتوي على أغلب المساكن الى جانب بئر يتزود منه السكان بالماء

الصالح للش ارب )مشهد عدد99( والضفة اليسرى والتي تنتمي اداريا الى معتمدية تاجروين وتعتبر خالية تماما من السكان باستثناء مسكن واحد وبعض المساكن الاخرى على بعد 4كم تقريبا. بالاضافة الى ما يقارب 3 هك من التين الشوكي. وتستغل بقية الأ ارضي الجبلية كم ارعي للأغنام خاصة بعد مكننة العمل الفلاحي اذ لم يعد من الممكن حرثها لعدم قدرة الالات للوصول اليها. لكن بعد الشروع في انجاز السد بدأت تبرز بوادر التحول للمشهد اذ تم

انشاء حي سكني تابع لوازرة الفلاحة وآخر لعمال الشركة المشرفة على انجاز المشروع )مشهد عدد 90( بالاضافة الى ذلك تم بناء خ ازن لتجميع المياه. في المقابل وقع التخلص من التين الشوكي ومجموعة الأشجار التي كانت تكون المشهد. وهو ما طبع المنطقة بملامح غير معهودة بالنسبة لسكان المنطقة. كما أصبح السد يمثل وجهة لاستقبال العديد من ال ازئرين من سكان المدن بهدف الترفيه. وتشكل التهيئة المائية فاعلا ضمن مجموعة من الفاعلين في تحولات المجال الريفي ذلك أن التحولات التي يشهدها هذا الأخير هي نتاج لتفاعل مجموعة من الفاعلين ومن بينها الدولة بماهي فاعل يتملك المجال باعتبارها تمثل السلطة. وُيعد ارتباط المساكن الريفية بالشبكات بمختلف أنواعها ) كهرباء، ماء، اتصال ومعلومات…( من أبرز أوجه التحولات التي عرفها المجال والمجتمع الريفيين تحت تأثير تدخل الدولة عبر مؤسساتها المكلفة بالاش ارف على نشر مثل هذه الشبكات التي تعد في احدى جوانبها من اليات تعصير الارياف وتحسين مستوى عيش السكان.

2. الشبكات احدى أوجه تحولات المجال الريفي بوسط وجنوب ولاية الكاف

تمثل شبكات )الماء، الكهرباء والغاز( من الشبكات الرئيسية التي تساعد على تحسين مستوى عيش السكان. وللتعرف على مدى انتشار هذه الشبكات بأرياف مجال الد ارسة ومدى اختلاف توزعها أو تجانسها المجالي، سنعتمد على ما ورد في تعداد المعهد الوطني للاحصاء من معطيات تمكننا من المقارنة بين مختلف الأرياف حسب التقسيم الاداري للمعتمديات وتتبع مدى تطورها عبر الزمن.

انتشار مجالي واسع لشبكة الكهرباء ومحد ودية انتشار شبكة الغاز الطبيعي

رغم التشتت السكاني الذي تعرف به أرياف مجال الد ارسة فان نسبة ارتباط المساكن بشبكة الكهرباء مرتفعة اذ قدرت سنة 4092 ب29.2%. وهي بذلك تتجاوز النسبة الوطنية والتي بلغت29% من نفس السنة. وتتوزع هذه النسبة بشكل متساو تقريبا بين أرياف مجال الد ارسة اذ تت اروح بين12.1%و22.3%. وهي بذلك تقارب حدّ التشبع اذ تتجاوز في جُل أرياف مجال الد ارسة النسبة الجملية لمجموع الأرياف باستثناء في ريف تاجروين والتي قدرت النسبة به ب12.1%. وقد شهدت هذه النسبة تحولات عميقة عبر الزمن حيث كانت سنة 9212 42.2% لتبلغ حسب تعداد 9222 30.39% . وقد سجلت نسبة نمو سنوية قدرت بحوالي 9% خلال الفترة الممتدة من9222-4002 ذلك انها بلغت حسب تعداد 4002 29.2% من النسبة الجملية للمساكن الريفية. وفي المقابل استقرت النسبة خلال الفترة الممتدة من 4002 الى 4092) المعهد الوطني للاحصاء4092(. ويعزى هذا الاستق ارر الى درجة التشبع تقريبا التي بلغته. وعلى العكس من شبكة الكهرباء فان شبكة الغاز الطبيعي محدودة جدا بكافة أرياف مجال الد ارسة اذ قدرت نسبة المساكن الريفية المرتبطة بالغاز الطبيعي سنة 4092 ب0.2%. وهي نسبة دون المجموع الوطني الذي قدر ب9% ولئن كانت هذه النسبة تتساوى أو تتقارب مع نسبة ارتباط المساكن الريفية بالغاز الطبيعي في ولايات الشمال الغربي من ذلك جندوبة )0.2%( باجة )0.2%( وسليانة )0.2%( فان النسبة تصبح غير قابلة للمقارنة مع أرياف الولايات الساحلية مثل المهدية وسوسة والتي بلغت نسبة ارتباط المساكن الريفية بالغاز الطبيعي لكل منهما 9.9% وخاصة بولايات اقليم تونس من ذلك منوبة التي قدرت النسبة بها ب4.4% وأريانة ب4.3%. هذه النسبة المحدودة لارتباط المساكن الريفية بالغاز الطبيعي بولاية الكاف تعرف تغاي ار مجاليا بين أرياف مجال الد ارسة اذ تت اروح بين 0 و9%. وفي واقع الأمر فاننا نلاحظ أن النسبة ترتفع في الأرياف القريبة من مدينة الكاف اذ بلغت في أرياف الكاف الشرقية المعدل الوطني أي9% و0.0% بالنسبة لأرياف الكاف الغربية. وتعتبر هذه النسب الأرفع على مستوى بقية الأرياف حيث نسجل نسبة 0% في الڤصور و0.9% في أرياف تاجروين. لكن تجدر الإشارة الى انه بالرغم من محدودية ارتباط المساكن الريفية بشبكة الغاز الا أننا لم نسجل أي تحول خلال الفترة الممتدة من 4002 الي 4092 )المعهد الوطني للاحصاء4092(. لئن بلغت نسبة ارتباط المساكن الريفية بشبكة الكهرباء سنة 4092 نسب مرتفعة في كامل أرياف مجال الد ارسة فان مدى ارتباط المساكن الريفية بشبكة الغاز الطبيعي تبقى دون المستوى الوطني كما سبق وأشرنا. الأمر الذي يجيز لنا التساؤل عن مدى ارتباط المساكن الريفية بشبكة الماء الصالح للش ارب خاصة وأن مجال الد ارسة يمتلك موارد مائية هامة.

محدودية ارتباط المساكن الريفية بشبكة الماء الصالح للشارب

يُعتبر التزود بالماء الصالح للش ارب من الضروريات الملحة للكائن البشري بصفة عامة.

ويخول امتلاك مجال الد ارسة لموارد مائية هامة لسكانه نظريا التمتع بشبكة هامة من الماء الصالح للش ارب. الا ان معاينة المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للاحصاء سنة4092 تعكس خلاف ذلك، حيث بينت محدودية ارتباط المساكن الريفية بشبكة الماء الصالح للش ارب التي قدرت ب42.0 % وهي بذلك دون المجموع الوطني الذي بلغ 29% في نفس السنة. بالاضافة الى أن مقارنتها مع بقية ولايات الشمال الغربي تبين أن أرياف ولاية الكاف تحتل المرتبة الأخيرة من حيث ارتباط المساكن بالماء الصالح للش ارب )الجدول عدد34(. كما أن نسبة 42.0% تخفي تباينا هاما بين أرياف مجال الد ارسة

حيث نسجل أعلى نسبة بأرياف الكاف الغربية 09% وأدناها بأرياف تاجروين التي قدرت النسبة بها4.2% )الرسم البياني عدد 29(.

بالرغم من أهمية التأثي ارت الناتجة عن الأط ارف الفاعلة السابق ذكرهم في المجال الريفي فان الفلاح بماهو "فرد فاعل ضمن اطار الأسرة" )Brunet.R.et al.1992( يُعد من أهم الفاعلين في تحولات المسكن الريفي باعتباره احدى عناصر المشهد. وتتجسد هذه الأهمية في الاست ارتيجيات التي اتبعها الفلاح بهدف مواجهة ما تمر به المستغلة العائلية من صعوبات )أنظر الباب الاول والثاني( والتي يمكن حصرها في: تنويع الأنشطة الفلاحية أولا والتي كان لها تأثير مباشر على البناء الموجه للحيوان ومن ثمة على المشهد الريفي باعتبار أن " السكن الريفي هو كل البناءات الموجودة في الريف" )المصدر السابق( وهو ما سعينا الى اب ارزه من خلال مجموعة من الأسئلة التي تضمنتها الاستمارة. أما الصنف الثاني من الاست ارتيجيات فيتمثل في التعدد النشاطي العائلي الذي انعكست عائداته على المسكن العائلي باعتباره" الخلية الاجتماعية – المجالية الأساسية" )Lamine.R.2001( للانسان. لذلك فهي تتأثر بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصاحبها.

II. دور تنوع الا نشطة الفلاحية والتعدد النشاطي في تحولات المشهد الريفي

1. تأثير تعدد الأنشطة الفلاحية في البناء الموجه للحيوان بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف

ساهم تعدد الأنشطة الفلاحية بمجال الد ارسة كتجارة الخرفان والعلف، وتربية الابقار الحلوب والاست ارتيجيات المتبعة من قبل الفلاحين بهدف تجاوز الأزمة التي تمر بها المنطقة من قبيل تخزين الحبوب في التحولات التي يشهدها المشهد الريفي. ويُعد البناء الموجه الى الحيوان أو المرتبط بشكل مباشر بالفلاحة مثل مخازن الحبوب والأعلاف من ملامح ذلك. فماهي اذا ملامح هذه التحولات وهل شهدتها كافة أرياف مجال الد ارسة بنفس النسق؟ للاجابة على هذه الأسئلة استندنا الى ما الت اليه نتائج الاستمارة الميدانية في جزءها المتعلق بالبناء الموجه الى الحيوان. بالاضافة الى الزيا ارت الميدانية التي مكنتنا من الوقوف عند العديد من الخصائص التي تعرفها أرياف دون أخرى في هذا الشأن.

انطلاقا من مواد البناء المستعملة صنفنا البناء الموجه الى الحيوان الى ثلاثة أصناف )مشهد عدد94(:

يتمثل الصنف الأول في البناء العصري وهو الذي يستعمل لبناءه الاسمنت، الاجر والأسلاك الاصطناعية. وهي مواد تنتج خارج المجال الريفي وغالبا خارج مجال الد ارسة.

وقد قدرت نسبة الذين صرحوا بان صنف الإسطبل المخصص لتربية الماشية هو عصري 32% من النسبة الجملية للمستجوبين. وبذلك فانه يحتل المرتبة الأولى مقارنة ببقية الأصناف الأخرى. أما الصنف الثاني فهو التقليدي ويستعمل في بنائه المواد التقليدية والمحلية كالحجر، الطوب والسياج الطبيعي من قبيل "السدر، الدفلة…" ويحتل المرتبة الثانية بنسبة 43% من النسبة الجملية للمستجوبين. أما بالنسبة للصنف الثالث فهو عبارة عن مزيج بين الصنفين الأول والثاني وقد بلغت نسبته 99% من النسبة الجملية للمستجوبين.غير أن مثل هذه الخصائص العامة للبناء الموجه الى الحيوان لا يجب ان يحجب عنا التباين المجالي بين أرياف مجال الد ارسة )جدول عدد32(. اذ نلاحظ أن هناك أرياف ينتشر فيها البناء العصري. وتتمثل في كل من أرياف الكاف، السرس، الدهماني ،تاجروين وقلعة سنان اذ غالبا ما تتجاوز النسبة الجملية لمستجوبين الذين صرحوا بامتلاكهم لاسطبلات عصرية بهذه الارياف 30% من النسبة الجملية للمستجوبين من كل ريف

وتصل اقصاها بأرياف الكاف بنسبة تتجاوز04% من النسبة الجملية للمستجوبين من هذه الارياف والبالغة 910 مستجوبا. وتفسر هذه النسب المرتفعة من الاسطبلات العصرية بهذه الارياف مقارنة بالاصناف الاخرى بأهمية تربية الابقار الحلوب الذي يتطلب هذا الصنف من البناء بالاضافة الى بروز ضيعات عصرية بالمنطقة الشرقية من مجال الد ارسة )مشهد عدد94: صورة4+3(. كما لعب بروز المسالك التجارية والمتمثلة في تجارة الخرفان والعلف

في تدعم هذا الصنف من البناءات. وهو ما يفسر أهميتها في كل من أرياف تاجروين وقلعة سنان. وفي المقابل يت ارجع البناء من الصنف العصري لصالح بقية الاصناف لكن بدرجات متباينة حيث تتوزع بصفة متساوية تقريبا بين مختلف أصناف البناء في كل من الڤصور والقلعة الخصبة )جدول عدد32( ليحتل البناء التقليدي المرتبة الاولى بنسبة تقارب94%من النسبة الجملية للمستجوبين من النسب أرياف الجريصة. ومرد ذلك أن المسالك التجارية بهذه

311

الارياف لم تعرف النمو الذي عرفته ببقية الارياف الاخرى. لئن أدى نمو الفلاحة السقوية والمسالك التجارية المرطبتة بها مثل العلف وتجارة الخرفان الى تحولات على مستوى البناء الموجه للحيوان فان ظاهرة التعدد النشاطي العائلي بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف قد أفضت الى تحولات متعددة الجوانب اذ شملت المسكن المخصص للانسان باعتباره "تعبير اجتماعي يعكس ثقافة ومستوى اجتماعي" ).Stambouli.F.1972( في الريف والمدينة الى جانب الانعكاسات الاقتصادية على المستغلة العائلية وكذلك الانشطة الاقتصادية الأخرى خاصة الخدمات والتجارة. لكن قبل ذلك حري بنا التساؤل عن خصائص ظاهرة التعدد النشاطي بوسط وجنوب ولاية الكاف ودورها في دعم المستغلة العائلية لننتهي عند د ارسة انعكاساتها على المشهد الريفي.

2. خصائص التعدد النشاطي ودوره في تحولات المشهد الريفي

تشمل ظاهرة التعدد النشاطي العائلي كامل أرياف البلاد التونسية اذ قدرت نسبة المستغلين ذوي الأنشطة المتعددة "22% خلال الستينيات" )الهادي الرياحي ،4094( من القرن الماضي.

وبالرغم من ت ارجعها الا أن النسبة ظلت مرتفعة حيث قدرت خلال التسعينيات ب"22%" )المصدر السابق(. وُيفسر ذلك بمحدودية ما توفره الفلاحة من فائض زارعي يؤمن الحاجيات العائلية من ناحية وتواصل العمل الفلاحي بالمستغلة من ناحية ثانية. يضاف الى ذلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية للمستغلات العائلية والمتمثلة أساسا في انفتاح المستغلة على السوق وما نتج عنه من "تدهور طرفي التبادل بين أسعار المواد الفلاحية عند البيع وارتفاع قيمة الحاجيات الفلاحية للمستغلة وغير الفلاحية للعائلة" )المصدر السابق(. لكن تجدر

الاشارة الى أن ظاهرة التعدد النشاطي "لا تمثل واقعا خاصا باطار اجتماعي واقتصادي وسياسي معين وانما توجد في مجتمعات مختلفة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلدان أوروبا الغربية والشرقية وبلدان العالم الثالث".)Brun.A.et al.1972 in Gouidri.M.1988(. وفي هذا السياق من الأهمية الاشارة الى اختلاف التعاريف المقدمة لمفهوم التعدد النشاطي وهو اختلاف يجد مرتك ازته في غياب التجانس بين المجالات والظروف الاقتصادية للمجتمعات التي يتولد عنها تداخل الأسباب المؤدية الى بروز هذه الظاهرة وتباينها بين المجالات الجغ ارفية وفي هذا الصدد "عرفت Benjamin,C,1996 التعدد النشاطي بعامل نسبية المداخيل من خلال مقارنة مردودية العمل العائلي على الضيعة وخارجها فاذا كان مدخول النشاط الخارجي يفوق المدخول المسجل داخل الضيعة. تعتبر العائلة متعددة النشاط والعكس لا يصح" )ورد في الهادي الرياحي،4094(. غير أن هذا التعريف لا ينطبق على أرياف البلدان النامية ومن ضمنها البلاد التونسية باعتبار ضعف سوق الشغل الذي يُعرف بهشاشة القطاعات الاقتصادية غير الفلاحية به مما يعني محدودية ان لم نقل غياب فرص الحصول على عمل خارج القطاع الفلاحي، -خاصة اذا تعلق الأمر بأرياف الأقاليم الداخلية للبلاد- اذا استثنينا التجارة والخدمات العمومية والتي لا تؤمن غالبا للمشتغلين دخلا يمكنهم من تكوين رساميل هامة خاصة وأنها تقسم بين تلبية حاجيات العائلة في مرحلة أولى – والتي عجزت المستغلة على تأمينها- ثم وفي مرحلة ثانية ضمان تواصل اشتغال المستغلة العائلية من خلال احداث توازن داخل منظ ومة – العائلة – المستغلة. أخذا بهذه الاعتبا ارت سنعتمد في د ارستنا لظاهرة تعدد النشاط العائلي "على مقياس نوعي يتمثل في ممارسة رئيس العائلة ومختلف الأفارد على نشاط أو أكثر خارج المستغلة سواء كان أساسيا أو ثانويا، عرضيا أو دائما حسب تمفصله مع اقتصاد المستغلة الفلاحية")الهادي الرياحي، 4094( أولا وعلى مقياس الدوافع التي أدت الى تعدد الأنشطة العائلية ثانيا.

أ. التباين المجالي لتعدد الأنشطة العائلية الريفية بوسط وجنوب ولاية الكاف

تميزت ظاهرة التعدد النشاطي العائلي داخل أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف بأهمية بالغة اذ صرح 290 من مجموع 001 مستجوبا أن لهم أحد أف ارد العائلة أو أكثر يمارس نشاطا خارج المستغلة وهو ما يمثل حوالي 99% من النسبة الجملية للمستجوبين مقابل "92.3% بأرياف مجاز الباب وقبلاط سنة 9220" )المصدر السابق(. وتشهد هذه الظاهرة تغاي ار مجاليا بين الأرياف الشرقية والغ ربية لوسط وجنوب ولاية الكاف.

تتميز ظاهرة التعدد النشاطي بحضور أوسع في الأرياف الغربية اذ شملت ق اربة 24% مستجوبا بهذه الأرياف. بينما قدرت النسبة بالأرياف الشرقية ب34.49% من النسبة الجملية لهذه الأرياف.)جدول عدد32( وترتبط أهمية التعدد النشاطي العائلي داخل الأرياف

الغربية لوسط وجنوب ولاية الكاف بعدة محددات مت اربطة فيم بينها. تتمثل في هيمنة زارعة الحبوب البعلية على نظام الانتاج. )أنظر الفصل الثاني من الباب الأول( وهو ما يعني تركز العمل الفلاحي في مدة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر تقريبا مما يجعل الفلاح في بطالة جزئية بقية الموسم الفلاحي خاصة وأن قطيع تربية الماشية غالبا ما يهتم به الأبناء والزوجة التي تضطلع بدور رئيسي في العمل الفلاحي. الأمر الذي يحفز الفلاح علىالبحث عن نشاط اضافي يُمكنه من تأمين دخل يساعده على مجابهة ارتفاع مصاريف منظومة المستغلة العائلية في ظل ضعف العائدات الفلاحية بسبب ارتباط الانتاج بالمعطيات الطبيعية لا سيما منها تتالي سنوات الجفاف والتذبذب الزمني للتساقطات )الفصل الثاني من الباب الأول( مما يجعل من العوامل الطبيعية من معيقات التكثيف الأنظمة الزارعية خاصة اذا تضافرت مع عدة عوامل أخرى مثل الهياكل العقارية التي تعرف بتفتتها وتشتتها وضعف ال أرسمال التقني والمالي للفلاح . اذا فان البحث عن نشاط اضافي خارج المستغلة تفرضه عدة عوامل مرتبطة بالضغوطات الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة قيد الد ارسة، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة هي تجسيد للأزمة الاقتصادية التي يعيشها سكان المنطقة. ومن هنا يبرز التعدد النشاطي لا بما هو است ارتيجية للتأقلم مع الضغوطات التي تفرضها أزمة القطاع الفلاحي وعجزه عن توفير مداخيل للعائلات الريفية تمكنها من تلبية حاجياتها التي ما انفكت تت ازيد بت ازيد دارجات اندماج الارياف في السوق الاقتصادية فقط وانما كذلك كمحدد رئيسي لتواصل النشاط الفلاحي في حد ذاته وكأساس لمواصلة البقاء في هذه المجالات في الوقت الذي أصبحت الهجرة نحو المدن سواء القريبة )مدن ولاية الكاف( و/أو البعيدة غير ممكنة تقريبا في ظل التشبع التي تعرفه ومحدودية فرص الحصول على عمل بها.

وتُفسر النسبة المحدودة من المستجوبين الذين صرحوا بممارستهم لنشاط اضافي خارج المستغلة بالأرياف الشرقية لوسط وجنوب ولاية الكاف بانتشار المناطق السقوية بهذه الأرياف. وهو ما يفرض الحضور المتواصل في المستغلة على عكس الأرياف الجنوبية الغربية التي يطغى عليها النشاط البعلي. بالاضافة الى قدرة المستغلة- السقوية على احداث فائض زارعي غالبا ما يتم استثماره في القطاع الفلاحي من خلال تدعيم قطيع الابقار الذي أصبح يشكل في هذه المناطق است ارتيجية لتنويع مداخيل المستغلة الفلاحية من خلال عائدات بيع الحليب بالرغم من أن هذا الأخير أصبح منذ نهاية سنة 4092 يواجه عدة مشاكل من ج ارء غلق مجمع الحليب بالزوارين.

فماهي اذا الأنشطة التي استقطبت اليد العاملة الريفية؟

ب. تنوع الأشكال القطاعية للتعدد النشاطي العائلي الريفي

نستنتج انطلاقا من الرسم البياني عدد20 تعدد الأنشطة التي استقطبت اليد العاملة الريفية.

لكن يمكن التأكيد على ثلاثة أنشطة مثلت الوجهة الرئيسية والمتمثلة في قطاع البناء الذي يستأثر بنسبة 20% من النسبة الجملية. ثم تجارة "التهريب" وخاصة تجارة البنزين الج ازئري والتي تعرف لدى أهالي المجال المدروس بتجارة "المازوط" بنسبة حوالي92%. ثم وبصفة أقل الوظيفة العمومية بنسبة 90.32%. وفي المقابل تبقى مساهمة بقية الأنشطة الأخرى ثانوية. وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى أننا نسجل تغاي ار مجاليا لمدى استقطاب هذه الانشطة لليد العاملة )رسم بياني عدد20(. فلئن مثل نشاط البناء أهم مستقطب لليد العاملة بالنسبة لمعتمديتي الكاف الغربية والشرقية بنسبة 34.29% من النسبة الجملية. تليه في ذلك الوظيفة العمومية بنسبة 43.09%. ومن الاهمية أن نشير في هذا الصدد أن أصحاب الوظائف العمومية انما هم أبناء الفلاحين يقطنون بالمدينة ويستثمرون في القطاع الفلاحي قروضا يحصلون عليها بضمان رواتبهم لا بضمان المستغلات. وغالبا ما يستثمر هؤلاء في تربية الخرفان وزارعة الاعلاف بالنسبة للمناطق البعلية. أما في المناطق السقوية فان الاستثمار يك ون في أنشطة متعددة: الخضر الصيفية، تربية الابقار… تنسحب هذه الملاحظة تقريبا على كل من الدهماني والسرس. لكن النشاط الذي يحتل المرتبة الثانية بالنسبة لهاتين المعتمديتين هي التجارة وليست الوظيفة العمومية. وفي المقابل تبرز تجارة التهريب النشاط الاهم بالنسبة للمعتمديات الجنوبية لمجال الد ارسة مع تفاوت طفيف في النسب. وفي هذا السياق تبقى معتمدية قلعة سنان الاولى من حيث انتشار هذا النشاط اذ قدرت نسبة الذين يمارسون هذا النشاط ب23% من النسبة الجملية للذين يعددون نشاطهم بهذه المعتمدية. ولقد شهد هذا النشاط انتشا ار واسعا بكامل مجال الد ارسة باستثناء معتمديتي الدهماني والسرس اذ لم نسجل في أي من كلاهما من ي ازول هذا النشاط ولعل ذلك يجد مبرره في بعدهما على المجال الحدودي ثم الى أهمية المناطق السقوية بهما.

تعتبر تجارة التهريب انعكاسا للازمة الاقتصادية التي تعيشها المجالات الحدودية بالبلاد التونسية بشكل عام ومجال الد ارسة بشكل خاص. وفي هذا الصدد"يعد مرور السلع والاشخاص بشكل غير مشروع من المناطق الحدودية نشاطا قديما قدم الحدود نفسها")حسن الهرماسي،4009(. وقد شهد تحولات عبر الزمن تحت تأثير العوامل السياسية والاقتصادية التي يمر بها كلا القطرين التونسي والج ازئري. ففي الفترة الاستعمارية كانت هذه المجالات منفذا للثوار الج ازئريين باتجاه البلاد التونسية للتموين. لذلك فقد مثلت هذه المناطق

"مجالات عبور أهلية بين البلدين كان الهدف من وارئها الحد من التفوق العسكري وتأثير

العدو")المصدر السابق( وفك العزلة عن الثورة الج ازئرية التي حاولت السلطات الاستعمارية فرضها. اثر الاستقلال ورغم تثبيت الحدود بين البلدين بشكل نهائي الا أن هذه التحركات لم تندثر بل اتخذت أشكالا جديدة. وتعتبر تجارة التهريب احدى أوجهها. وما فتئت هذه الاخيرة تتدعم بالأرياف الجنوبية المحاذية للقطر الج ازئري من مجال الد ارسة وذلك على ثلاثة مستويات. أولها من حيث عدد المنتمين اليها و ثانيها من حيث السلع والمواد المهربة وثالثها من حيث اتساع مجال توزيع السلع المهربة. وبالتالي انعكاساتها على المجتمع والمجال حتى تكونت شبكة من الفاعلين لها خص وصياتها وقوانينها. وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى أن الاوضاع السياسية والاقتصادية التي عرفها القطر الج ازئري منذ نهاية الثمانينيات قد تضافرت مع الأوضاع الاقتصادية للجهة لتأثر في نمو هذه الشبكة التي تحتل فيها تجارة البنزين الواجهة الرئيسية. وأخذا بالاعتبا ارت التالية والمتمثلة في الاهمية العددية لممارسي نشاط تجارة البنزين من جهة والى انعكاساته المجالية- الاجتماعية والاقتصادية. بالاضافة الى أن هذا النشاط أثرى علاقة الأرياف بالمدن من حيث الرحلات اليومية التي يقوم بها الممارس ون لهذا النشاط من الأرياف الحدودية باتجاه المدن خاصة مدينة تاجروين والكاف. وبما أن المدن تمثل منطقة توزيع للبنزين فاننا سنركز اهتمامنا على تجارة البنزين في البداية ثم وفي مرحلة ثانية على مختلف أنشطة التهريب الأخرى.

 تجارة البنزين: نشأتها، تطورها وانعكاساتها

تعود نشأة تجارة البنزين بمجال الد ارسة الى فترة السبعينيات وخاصة الثمانينات والتي تميزت بارتفاع عدد الشاحنات الج ازئرية القادمة الى معمل الاسمنت بأم الاكليل-التابع اداريا لمعتمدية تاجروين- لنقل الاسمنت الى القطر الج ازئري. لعبت هذه الشاحنات دوار رئيسيا في بروز هذه التجارة باعتبارها المزود الاول للتجار بمادة البنزين. وباعتبار "أهمية فارق الاسعار بين البنزين المحلي والمهرب اذ قدر في تلك الفترة بالضعف" )وليد محمدي ،9223-9229( فقد وجد هذا النشاط رواجا خاصة أن البنزين المهرب "يتلائم مع سياارت الاجرة]…[ والالات الفلاحية التي تستعمل كميات كبيرة من البنزين")المصدر السابق ،بتصرف( خاصة في مواسم ذروة العمل الفلاحي والتي تتسم بأهمية التنقلات بالنسبة للفلاحين. لكن مع ت ارجع أعداد الشاحنات الج ازئرية الناقلة للاسمنت خلال الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها الج ازئر فقد أصبحت مهمة تأمين مرور البنزين من القطر الج ازئري الى الت ارب التونسي تقوم بها العائلات القاطنة بالشريط الحدودي خاصة بمنطقة "الفالتة" التابعة اداريا الى معتمدية قلعة سنان. شكلت هذه العائلات الحلقة الرئيسية ضمن نشاط البنزين المهرب بصفة خاصة وضمن شبكة التهريب بشكل عام.

وقد استقطبت هذه التجارة في البداية العاطلين عن العمل من الأرياف التي تمثل خطا حدوديا. لكن مع تأكد أهمية الارباح التي يحققها هذا النشاط بدأت تبرز أط ارف جديدة من أصول حضرية )قلعة سنان، تاجروين، القلعة الخصبة، الجريصة، الكاف( ذات رساميل هامة تستثمر في هذا النشاط من خلال انشاء محل لبيع البنزين بالمدن لا سيما منها مدينة تاجروين وقلعة سنان أو ش ارء مجموعة من الد ارجات النارية والدخول في ش اركة مع عدة اط ارف: فيشارك الاول بتوفير وسيلة العمل والثاني بالعمل عليها مع اقتسام الربح. وقدكان ذلك ايذانا بدخول أط ارف جديدة ذات امكانيات مالية هامة صلب هذا النشاط وهو ما سيكون له تأثير واضح على هذه الشبكة. وقد ساعد على انتشار هذه التجارة ت ارجع م ارقبة السلطات المحلية لها بعد أن كانت تسعى في البداية الى القضاء عليها من خلال تشديد الخناق على ممارسيها على مستوى الطرقات الرئيسية. لذلك فقد مثلت الطرقات الفرعية- الطرقات غير المعبدة والجبلية- ملاذا لمتعاطي هذا النشاط خاصة وأنهم يعتمدون الد ارجات النارية كوسيلة لتهريب البنزين. لكن بعد ثورة 92 جانفي4099 أصبحت هذه التجارة علنية وأُدخلت وسائل عمل جديدة تمثلت في الشاحنات من نوع" ISUZU" )مشهد92( وتسلك هذه السيا ارت الطرق الرئيسية وفي مختلف الأوقات ولم تعد تقتصر على الليل.

وعموما يمكن تصنيف الفاعلين في تجارة تهريب البنزين الى ثلاثة أصناف :

الصنف الأول: يتمثل في الأسر القاطنة على الحدود التونسية الج ازئرية اذ تمثل هذه العائلات النواة الرئيسية التي تضطلع بخزن البضاعة بمج رد وصولها الى الت ارب التونسي.

أما عن كيفية وصول البضاعة فان الاتفاق يكون غالبا بين الطرفين مفاده أن يضطلع الطرف الج ازئري بإيصال السلع الى الحدود التونسية باعتماد الحيوانات أين تبدأ مهمة الطرف التونسي وعادة ما يكون مُتكونا من أبناء هذه العائلات. لذلك فان دور هذا الصنف يبقى الأهم والأخطر على الاطلاق خاصة في الظروف الامنية والسياسية غير المستقرة للبلدين أو لأحدهما.

الصنف الثاني: يضم هذا الصنف أصحاب الد ارجات النارية الذين يقومون بنقل البضاعة من الصنف الاول باتجاه الصنف الثالث. ويكون هذا الصنف أقل عرضة الى المخاطر من الصنف الاول لكنه يتحمل خسارة في حالة مصادرة السلطات الامنية للبضاعة.

الصنف الثالث: وهم الموزعون النهائيون للبضاعة وهم الاكثر امنا مقارنة بالأط ارف السابقة.

كان لاكتساب هذا النشاط صفة العلنية انعكاسات متعددة الجوانب منها المجالية اذ أصبح مشهد بيع البنزين على طول الطرق الرئيسية انطلاقا من قلعة سنان الى مدينة الكاف مروار بتاجروين. بالإضافة الى الطريق الرئيسية ال اربطة بين تاجروين – القلعة الخصبة والطريق الرئيسية تاجروين – الجريصة مشهدا يوميا ) مشهد عدد92(. كما اتسعت مجالات التوزيع لتصل الى المدن الساحلية والى الجنوب الشرقي التونسي بسبب أزمة الوقود التي شهدها خلال الثورة الليبية مما جعله منطقة توزيع هامة. وقد قدر أحد ممارسي هذا النشاط أن أرباح حمولة شاحنة من نوع" ISUZU" قدرت بحوالي000 دينا ار وتصل الى 130 دينا ار. غير أن اكتساب تجارة البنزين المهرب صفة العلنية كان له انعكاسات سلبية على أصحاب الد ارجات النارية ذلك أن دخول أصحاب الشاحنات هذا المجال قد قلص من فرصتهم لم ازولة هذا النشاط باعتبار أهمية الكمية التي تحملها الشاحنات والسرعة التي تؤمنها. ومن ثمة نستنتج أن نشاط تهريب البنزين بدأ ينزلق باتجاه أصحاب الرساميل الكبرى. وهوما يجعلنا نتساءل عن مستقبل الفئة الاولى-أصحاب الد ارجات- في ظل هذه الهيمنة؟ وهل سيجدون في بقية أنشطة تجارة التهريب مكانا أم أنهم سيقصون منه؟ وفي هذه الحالة نتساءل أيضا عن مصير هؤلاء خاصة أن تجارة البنزين تمثل بالنسبة للأغلبية منهم مورد رزق في ظل أزمة القطاع الفلاحي؟

سبق وأشرنا الى أن تجارة التهريب بمجال الد ارسة لا سيما منها بالمعتمديات الجنوبية تمثل شبكة يعد نشاط البنزين أهم فروعها. وباعتبار طابع السرية التي تعرف به هذه الشبكة فانه من الصعب على الباحث الولوج ضمنها لد ارستها بشكل جلي بطريقة يتمكن من تحقيق نتائج علمية دقيقة. ولتفادي النقص في المعلومات فاننا استندنا في د ارستنا هذه الى المعلومات التي تحصلنا عليها من قبل بعض الممارسين لهذا النشاط وهم بالأساس من

أقارب أو جي ارن اذ مكنتنا هذه الصلة من الوقوف عند الخصائص العامة لهذه التجارة ورغم أن ذلك قد يجعلنا نقع في الاستنتاجات العامة التي تغيب فيها الاحصائيات الدقيقة الا أنه من غير الممكن غض الطرف عن تجارة التهريب في بحثنا باعتبار أهميتها على مستوى الحياة اليومية للسكان بالمنطقة الحدودية. ثم أنها شهدت تطوار ونموا هاما كان

من نتائجه بروز سوق موازية بمدينة قلعة سنان تعرف بالسوق الج ازئرية. أصبحت تنعقد يوم الثلاثاء والأربعاء بعد أن كانت يوم الأربعاء بالتوازي مع السوق الأسبوعي. وهو ما يؤكد تنامي السلع المعروضة. فماهي خصائص بقية فروع تجارة التهريب بهذه المجالات؟

 بقية أنشطة تجارة التهريب:

في البداية اقتصرت التجارة المهربة على بيع البنزين. ولكن مع أهمية الارباح التي

تحققها فقد "اتسعت الانشطة التجارية وتنوعت البضائع المتبادلة بين أهل المنطقة وسائقي الشاحنات الجازئريين ]…[ لتشتمل على مواد غذائية ]…[ أدوات منزلية وأقمشة ]…[ وبضائع ثمينة مثل قطع الغيار ومواد التجميل والعطوارت وخاصة العجلات المطاطية للجارارت والشاحنات المتوسطة الحجم والكبيرة")المصدر السابق(. لكن ولئن استقطبت هذه الانشطة في بداية بروزها أصحاب الدخل المحدود من المنطقة الحدودية باعتبارها لا تتطلب أرس مال هام فان تجارة الجلود والاغنام الج زائرية استقطبت الفلاحين الكبار وأصحاب رؤوس أموال من مجال الد ارسة ومن خارجه خاصة من المناطق الساحلية والتي تمثل مجال توزيع بضاعة الجلود. هذا التطور الذي شهدته تجارة التهريب من حيث نوعية السلع المهربة ومن حيث الاط ارف المنتمية اليها أفرز تكون شبكة "محكمة التنظيم تعتمد قوانين صارمة في مجال تنظيم ومارقبة مجموع أدفاق البضائع ورؤوس الاموال المستثمرة في هذا النشاط")حسن الهرماسي،4009(. ومن ثمة فان الاط ارف المنتمية اليها تخضع الى ت ارتب معين كل حسب مساهمته في عملية التهريب. وهو ما مكننا من تصنيفها الى ثلاثة أصناف اذ لا يمكن للشبكة أن تكتمل في غياب أحد هذه العناصر:

الصنف الأول: يتمثل في الأعوان. يتكون هذا الصنف من الاط ارف التي تقوم بمغامرة نقل البضاعة عبر الحدود ومن عناصر استكشاف الطريق أمام ناقلي الشُحنات المهربة. اذ عادة ما يتم التخزين في المناطق البعيدة نسبيا )كتاج روين، الجريصة، القلعة الخصبة( عن الحدود لان المناطق المحاذية للحدود معرضة أكثر لحملات التفتيش التي تقوم بها السلطات الامنية. من خصائص هذه العناصر أنها لا تمتلك أرس مال يمكنها من المساهمة نقدا في العملية. ويتكون هؤلاء غالبا من سكان الارياف الحدودية أي من مجال الد ارسة والذين يعتمدون هذا النشاط كمورد رزق. وتعتبر هذه الفئة أضعف حلقة من حيث عائدات عمليات التهريب التي يشاركون فيها. لذلك فانهم يعتمدون على المغامرة بحياتهم مستندين في ذلك الى معرفتهم الميدانية للمجال. وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء من طرف الصنف الثاني.

الصنف الثاني: هم الاط ارف الذين يشرفون على صفقة التهريب مع الطرف الج ازئري. وهم أيضا الذين يؤمنون مناطق التخزين. يكون عبورهم الى القطر الج ازئري وعودتهم الى الت ارب التونسي بطريقة قانونية بحيث يتم الاتفاق على السعر والبضاعة )نوعها، حجمها، مواعيد تسليمها…(. يتحمل هؤلاء خسارة ضياع البضاعة في حالة مصادرتها من قبل القوات الامنية لاحد البلدين.

الصنف الثالث: يتكون هذا الصنف من مجموعتين: المجموعة الاولى وهم الذين يقومون بعملية نقل البضاعة من مناطق تخزينها الى الموزعين. ومن خصائص هؤلاء أنهم يمتلكون وسائل نقل البضاعة -شاحنات من نوع "202 باشي" أو ISUZU"-. يتحمل هؤلاء مخاطر نقل البضاعة مع تأمين الطريق. وفي حالة مصادرة البضاعة يتحملون هذه الخسارة. ولكن غالبا ما تقوم هذه المجموعة بربط علاقات مع قوات الامن بحيث يتم غض الطرف من قبل هؤلاء على نشاطاتهم وتسمى هذه العملية حسب أحد ممارسي هذا النشاط ب"ش ارء الطريق". وباعتبار أن هذه المرحلة مكلفة وتحد من عائدات أصاحبها فانهم يسعون الى تكوين أرس مال هام يخول لهم الدخول في ش اركة مع الصنف الثاني بهدف اقتسام الارباح والخسارة معا أو العمل على تكوين علاقات مع الطرف الج ازئري مما يمكنهم من التخلي على خدمات الصنف الثاني. وتصبح العلاقة بين الصنف الثالث والثاني علاقة منافسة.

لكن حسب تصريح أحد ممارسي هذه التجارة فان الانتقال من صنف الى صنف يتم في اطار من القواعد المعمول بها. وهي قواعد تخضع لمبدأ المصلحة والنفع. وبذلك يتشكل ضمن الصنف الثاني مجموعة ثانية.

الصنف ال اربع: يتمثل هذا الصنف في الموزعين النهائيين وهي الفئة البعيدة كل البعد عن المخاطر. وامكانية الخسارة في مشاركتهم في تجارة التهريب غير واردة باعتبار أن مهمتهم تقتصر على التوزيع النهائي. ويعتبر هذا الصنف أقوى حلقة ضمن حلقات تجارة التهريب من حيث العائدات المالية التي يحققها. ويتركز هذا الصنف في المدن الساحلية على غ ارر سوسة، المنستير وصفاقس.

يتضح من خلال ما سبق أن الساكن الريفي لا يمثل الا عون ضمن مختلف فروع تجارة التهريب بدءا بتجارة البنزين وصولا الى تجارة الجلود والاغنام والأقمشة… لكن هذا لا ينفي أهمية العائدات التي يحققها هؤلاء خاصة اذا ما استثمروها في نفس القطاع بش ارء وسائل نقل تمكنهم من الارتقاء ضمن شبكة التهريب من العون الى طرف فاعل فيها أواستثمارها في القطاع الفلاحي بش ارء الاغنام والأ ارضي. بالإضافة الى ذلك فان الانتعاشة التي ميزت تجارة التهريب بالمعتمديات الجنوبية لمجال الد ارسة مكن السكان من الاستفادة من الاسعار المنخفضة للمنتوجات المعروضة بالأسواق المحلية. ذلك أن نسبة هامة منها يتم توزيعها داخل الأسواق الاسبوعية للمجال المدروس. هكذا اذا نتبين أن الساكن الريفي أصبح يجد منافسة لا من قبل الفلاحين الكبار الذين تمكنوا بفضل الامكانيات المادية الهامة من السيطرة على مسالك شبكة تجارة التهريب فقط بل وكذلك من طرف الساكن الحضري. ولئن كان ذلك مرتبط في احدى جوانبه بأهمية المدن في توزيع السلع المهربة. بالإضافة الى أهمية ال أرس المال المستثمر في تجا رة التهريب من قبل الحضر والذي عادة ما لا يتوفر لدى الساكن الريفي فان انخ ارط أط ارف حضرية ضمن الصنف الأول سواء بالنسبة لتجارة البنزين أو بقية أنشطة التجارة المهربة يعكس ضعف البنية الاقتصادية لهذه المدن اذ هي غير قادرة على توفير مواطن شغل لمتساكنيها.

لقد مثلت تجارة التهريب لا سيما منها في صنفها تجارة البنزين أبرز است ارتيجية اعتمدها الفلاحون لتجاوز محدودية امكانياتهم المادية بسبب الأزمة التي يمر بها القطاع الفلاحي رغم الصعوبات التي يتعرضون اليها سواء من حيث المخاطر التي تعرف بها هذه التجارة أو/ومن حيث المنافسة التي أصبحوا يتعرضون اليها من قبل اط ارف مختلفة سعت بفضل أهمية أرس المال الذي تمتلكه الى السيطرة على مختلف عناصر شبكة التهريب ومن ثمة تحويل قدر هام من الم اربيح لصالحها. بالاضافة الى تجارة التهريب فقد اضطلعت بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل البناء والوظيفة العمومية بدور رئيسي في استقطاب اليد العاملة الريفية مما "يجعل من ظاهرة التعدد النشاطي جزءا من الواقع الريفي"

)Gouidri.M.1988(. وهي ظاهرة تستمد أهميتها "من خلال تأثيرها في مستقبل وسيرورة المستغلة الفلاحية وكأساس استارتيجي تعتمده العائلة لضمان تواصلها واستماررها شكلا من أشكال التأقلم مع المتغيارت من سياسات فلاحية وحالات طارئة )الهادي الرياحي ،4094(

الى جانب ما يتيحه التعدد النشاطي من عائدات تمكن أصاحابها من الاستثمار في القطاع الفلاحي.

ج. التعدد النشاطي والاستثمار الفلاحي

يُعد دعم المستغلة العائلية الهدف ال رئيسي الكامن وارء ممارسة الفلاحين لنشاط اضافي. وقد برهنت نتائج الاستمارة الميدانية أن 231 من مجموع الذين يمارسون نشاطا اضافيا يستثمرون هذه العائدات في اطار منظومة المستغلة العائلية الريفية أي ما نسبته 00% )جدول عدد33( وتختلف هذه النسبة

بين الأرياف الغربية أين بلغت النسبة 29% في حين قدرت ب92% في الأرياف الشرقية. وفي المقابل لم تبلغ النسبة التي توجه عائدات النشاط الاضافي لفائدة الأنشطة الاقتصادية الأخرى الا 42%. من هذا المنطلق وبالاستناد الى معطيات الجدول عدد33 يمكن تصنيف أصحاب الأنشطة الاضافية الذين يوجهون عائدات النشاط الاضافي لفائدة المستغلة العائلية الى صنفين: يتمثل الصنف الاول. في الذين يوجهون عائدات النشاط الاضافي من أجل دعم المستغلة. أما الصنف الثاني فيشمل الذي يوجهون عائدات النشاط الاضافي من أجل تحسين المسكن العائلي. وفي هذا الصدد فاننا نشير الى أننا سنركز في هذا العنصر على الصنف الأول. في حين نرجي الخوض في د ارسة الصنف الثاني للعنصر الموالي.

بلغت نسبة الذين يوجهون عائدات النشاط الاضافي لدعم المستغلة 92% من النسبة الجملية للذين يوجهون هذه العائدات داخل المستغلة العائلية الريفية )الجدول عدد39(. وهو ما يؤكد أن ظاهرة التعدد النشاطي هي تجسيد لأزمة يمر بها القطاع الفلاحي بوسط وجنوب ولاية الكاف. وانطلاقا من العمل الميداني يمكن أن نميز بين أصحاب النشاط الاضافي المؤقت – بقطع النظر عن الفترة الزمنية – ويمارس هؤلاء نشاطا اضافيا نتيجة لأزمة المستغلة وعدم قدرتها على الاستجابة الى حاجيات العائلة. أما الصنف الثاني فيمثله أصحاب النشاط الاضافي القار وهم أساسا موظفين. بالنسبة للصنف الأول فان الهدف الأساسي هو توفير حاجيات اف ارد العائلة في مرحلة أولى. ثم ان أمكن الاستثمار في القطاع الفلاحي بش ارء قطيع من الماشية وك ارء وش ارء الا ارضي الفلاحية. ينتشر هذا الصنف بكامل مجال الد ارسة وخاصة بالأرياف الجنوبية الغربية أين تهيمن الفلاحة البعلية الأمر الذي يبرر ارتفاع نسبة استثمار عائدات الأنشطة الاضافية داخل المستغلة العائلية . يستند هذا الصنف من التعدد النشاطي على الأهمية العددية لأف ارد العائلة حيث يضطلع الابناء والام بالقيام بالعمل الفلاحي في المقابل يمارس الأب نشاط خارج الضيعة. لكن هذه الوضعية تبقى مؤقتة فبمجرد حصول الابناء على شهادة البكالوريا تأخذ في الت ارجع اذ لم يعد بامكانهم المساهمة في العمل الفلاحي الا في العطلة الصيفية. وللتأقلم مع الوضع الجديد يجد الفلاح نفسه أمام خيارين يتمثل الاول في العودة الى مباشرة العمل الفلاحي في حالة تمكنه خلال السنوات الماضية من تكوين أرسمال في شكل قطيع هام من الماشية. بالاضافة الى أهمية رصيد عقاري )أرض( يمكنه من تعاطي النشاط الفلاحي دون غيره وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال لا الحصر تجربة الفلاح الموالي:

هو فلاح من أرياف معتمدية قلعة سنان مارس تجارة التهريب وكانت الانطلاقة بتجارة البنزين وس رعان ما تحول بفضل أحد أصدقائه الى تجارة الجلد وذلك خلال التسعينيات وبداية الألفية الثانية. أكد هذا الفلاح على أهمية العائدات التي تؤمنها تجارة الجلد خاصة بعد أن تمكن من ش ارء شاحنة من نوع "202 باشي" التي فتحت له المجال الى الارتقاء ضمن شبكة تهريب الجلود. سخر هذا الفلاح عائدات هذه التجارة في دعم الرصيد العقاري الذي بلغ ق اربة 20 هك وقطيع ماشية قدر ب930 أرس غنم و30 أرس ماعز. بالاضافة الى 2 رؤوس أبقار. بالاضافة الى الآلات الفلاحية من قبيل الج ارر. علما وأن هذا الفلاح تمكن من بناء مسكن من نوع فيلا. ويمتلك حاليا شاحنتين الأولى من نوع "202 باشي" والثانية من نوع "ISUZU".

ولكن من الأهمية الاشارة الى أن مثل هذه الأمثلة قليلة بأرياف مجال الد ارسة وأن أغلب المنتمين الى هذا الصنف يكونون مهددين بتآكل أرس المال اذا تتالت سنوات الجفاف حيث يصبح بيع قطيع الاغنام الاداة الوحيدة لتجاوز الازمة. أما الخيار الثاني فيتجسد في المحافظة على النشاط الاضافي مع التقليص في عدد القطيع والتخلي عن أارضي الك ارء واللجوء الى الش اركة كاست ارتيجية للتقليص من مصاريف المستغلة. أما في ما يتعلق بالصنف الثاني والذي يمتلك دخلا قا ار يمكنه لا فقط من مجابهة حاجيات المستغلة وانما الاستثمار في القطاع الفلاحي وتنمية أرس المال. فبالرغم مما يواجهه القطاع الفلاحي في وسط وجنوب ولاية الكاف من صعوبات الا أنه ما ازل يحفز العديد من الموظفين للاستثمار فيه )الرسم التوضيحي عدد 92(. ويُمثل هذا الرسم التفاعل بين المجال الحضري والريفي. كما يبرز توجيه الأدفاق المالية الريفية لفائدة المدن وان كان أرس المال في البداية مشتركا بين ريفي وحضري باعتبار أن هذا الرسم يجسد مثال لفلاح – موظف.

لئن مثلت ظاهرة التعدد النشاطي أداة ضامنة لتواصل "سيرورة المستغلة الفلاحية")الهادي الرياحي ،4094( فانها أسهمت كذلك في تحولات المشهد الريفي من خلال توجيه عائدات النشاط الاضافي الى تحسين المسكن الريفي مما جعلها تتحول الى"أساس است ارتيجي تعتمده العائلة لضمان استم اررها")المصدر السابق( وتحسين مستوى عيشها.

د. التعدد النشاطي وتحولات المسكن الريفي

يُعتبر المسكن " الخلية الاجتماعية-المجالية الأساسية"(.Lamine. R.2001( للانسان.

لذلك فانها تتأثر بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصاحبها باعتبارها " احدى العناصر المعبرة عن الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية فهي تعكس أشكال مختلفة حسب الصنف الاجتماعي والوظيفة الاقتصادية لساكنها" ).George. P. &Verger. F.2004(. لذلك فانه "وحدة مجالية تتوافق مع وحدة اجتماعية. يمثل المسكن في المجتمعات التقليدية مركز العائلة الممتدة. يتكون من مجموعة وحدات: منازل صلبة، أكواخ… تعكس هيكلة المسكن هذه، الهيكلة العائلية. ]…[ ويعني المسكن المنزل أو مجموعة منازل"

).Stambouli.F.1972(. أما المعهد الوطني للاحصاء والذي يمثل من أهم مصادرنا في التعرف على خصائص المسكن والتحولات التي شهدها فانه يقدم المسكن على أنه" يتكون من غرفة أو مجموعة غرف مستقلة. وتصلح لسكن أسرة أو عدة أسر لها مدخل أو عدة مداخل تفتح مباشرة على ممر عمومي أو مسلك أو على مدرج أو ساحة وتعتبر أيضا مساكن المحلات البسيطة مثل الخيام والأكواخ والأكياب والمعمارت والغرف الموجودة في وكالة والباركة وحتى المحلات غير المعدة أصليا للسكن.")المعهد الوطني للاحصاء 9212(.

وللتوصل الى التحولات التي شهدها المسكن الريفي بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف فاننا سنستند الى الد ارسات التي تعرضت الى هذا المبحث في مرحلة أولى باعتبارها تمكننا من الوقوف عند الخصائص القديمة للمسكن الريفي. ثم وفي مرحلة ثانية سنعتمد على الاستمارة الميدانية التي تضمنت مجموعة من الأسئلة تمحورت حول صنف المسكن والتغيي ارت التي شملته والعوامل المساهمة في هذه التحولات.

تميزت أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف قبل الفترة الاستعمارية بتجانس نسبي من

حيث نوعية المسكن فباستثناء الخيمة " التي كانت تستعمل من طرف الأهالي في فصل الربيع لتوجههم الى السهول من أجل رعي الماشية" )9291Makhlouf.E.( فان المسكن المبني بالحجارة والطوب هو المهيمن. لكن مع دخول أط ارف فاعلة جديدة في المجال الريفي خلال الفترة الاستعمارية بدا هذا التجانس يت ارجع ببروز أنواع جديدة من المساكن طبعت المشهد الريفي. ومن أبرزها ضيعات المعمرين التي انتشرت بالأرياف الشرقية من مجال الد ارسة على غ ارر سهل الزوارين، السرس وسهل الكاف-الزعف ارن. اذا ومن خلال تتبع خصائص المسكن وتحولاتها عبر الزمن يمكن القول بان التل العالي بصفة عامة ومجال الد ارسة بصفة خاصة عرف صنفين من المساكن: السكن الثابت )الدار، الڤربي( والسكن غير الثابت )الخيمة( غير ان التوزع الجغ ارفي لهذه الأنواع يختلف بين الأرياف التابعة لفريڤا )الأرياف الشرقية( والأرياف الخارجة عنها )الأرياف الغربية( )الجدول عدد30(. فلئن بلغ عدد المساكن

الثابتة 2400 مسكن بمنطقة فرڤا أي 30% من النسبة الجملية للمساكن ككل فان هذا الصنف من المساكن لا يمثل الا 49% من النسبة الجملية للمساكن بالمنطقة الخارجة عن فريڤا وحوالي 02% من المساكن هي في شكل خيام. ويفسر ذلك بالمقومات الطبيعة التي كانت وما ازلت تمتلكها منطقة فريڤا مقارنة بالمنطقة الخارجة عنها مما يشجع الأولى على الاستق ارر على عكس الثانية والتي يلجأ سكانها الى الترحال في فت ارت الجفاف لذلك يستعملون الخيام. غير أن هذه الخصائص عرفت عدة تحولات. فماهي اذا الخصائص الحديثة للمسكن الريفي؟

 خصائص المسكن الريفي و تحولاته من1175الى 2334

لرصد التحولات التي عرفها المسكن الريفي كان لابد من الاعتماد على ما يوفره المعهد الوطني للاحصاء من معطيات خلال مختلف التعدادات التي قام بها. غير أن هذا الأخير لا ينجز كل التعدادت بنفس الطريقة من ذلك انه لم يقدم خلال احصاء 9203 أصناف المسكن حسب المعتمديات وانما حسب الولاية. لذلك فاننا سندرس ضمن هذا العنصر خصائص المسكن الريفي وتحولاته على مستوى ولائي )جدول عدد31(. يتكون المسكن الريفي من أربعة أصناف من المساكن )الخيمة، الكوخ، فيلا، دار عربي/برج/حوش( عرفت مختلف هذه الأصناف تحولات تمحورت حول اما تدعمها أو ت ارجعها أو اندثارها.

يمكن التمييز بين صنفين من المساكن حسب تطورها عبر الزمن:

الصنف الأول من المساكن ويتمثل في الخيمة والكوخ. عرف هذان الصنفان ت ارجعا هاما. فلئن كانت خلال 9203 تمثل 22.0% من النسبة الجملية للمساكن بأرياف ولاية الكاف فانها ت ارجعت

الى 2.2% من النسبة الجملية للمساكن خلال احصاء 9212 مسجلة بذلك نسبة ت ارجع سنوية قُدر ب -0%. ولئن اندثر المسكن من صنف الخيمة باعتبار عدم حاجة السكان الى هذا الصنف من المساكن فان المسكن من صنف الكوخ وان كان في ت ارجع متواصل )جدول عدد31( فانه لم يندثر.

الصنف الثاني من المساكن وهي التي تعرف بنموها المتواصل خلال مختلف التعدادات. وتتمثل في المسكن من صنف فيلا وخاصة من صنف دار عربي. وقد بلغت نسبة هاذين الصنفين من المساكن 21.20% من النسبة الجملية للمساكن الريفية سنة4002. وتُعتبر المساكن من صنف فيلا هي التي شهدت نموا أكثر من صنف دار عربي خلال الفترة الممتدة من9222-4002 حيث بلغت نسبة نمو الصنف الأول 99.43%. أما الصنف الثاني فقد قدرت نسبة نموه ب0.04% وهو ما يفسر في جانب كبير منه بالتحولات التي شهدها المجتمع الريفي والتي تندرج في اطار أشمل والمتمثل في تعصير المجتمع. بالاضافة الى توجيه نسبة 29% من عائدات الأنشطة الاضافية الخاصة بمنظومة المستغلة العائلية الريفية لفائدة تحسين المسكن مثلما بينت ذلك نتائج الاستمارة الميدانية )الجدول عدد 39(.

 خصائص المسكن خلال الفترة الممتدة من2334 الى2313

نتبين انطلاقا من نتائج الاستمارة الميدانية أن هندسة المسكن الريفي، نوعيته وتجهي ازته شهدت تحولات عميقة )مشهد عدد93( بالتوازي مع التحولات التي شهدها المجتمع. ويندرج ذلك في اطار ما يعرف بحوضرة الأرياف التي تبرز من خلال تبني سكان الأرياف لطرق حياة وعادات استهلاكية حضرية. ويُعد انتشار النمط العصري للمساكن بأرياف مجال الد ارسة من ابرزها. ولتتبع مختلف هذه التحولات ضمنا الاستمارة الميدانية مجموعة من الأسئلة تمثلت في: ماهو نوع مسكنك؟ ماهي التغيي ارت التي شملت المسكن خلال الفترة الممتدة من4002الى4094؟ ومن المساهم في عملية التجديد؟

مكننا العمل الميداني من الوقوف عند خصائص المسكن الريفي الحالية اذ نلاحظ هيمنة المسكن من صنف دار عربي على كامل أرياف مجال الد ارسة )رسم بياني عدد 21( مقارنة ببقية الأصناف اذ بلغت نسبة الذين يقطنون بهذا الصنف من المساكن 20% من النسبة الجملية للمستجوبين والبالغ 001 مستجوبا. وفي المقابل بلغ عدد الذين يقطنون بالمساكن المزدوجة )بعض الشقق عصرية والبعض الاخر تقليدي( 442 مستجوبا أي ما

321

يقارب 24% من النسبة الجملية للمستجوبين. في حين لم تبلغ نسبة المسكن من صنف فيلا والذي يعتبر أهم تحول شهدته أرياف مجال الد ارسة على مستوى أصناف المساكن الا

49% من النسبة الجملية للمستجوبين.

اذا كانت هذه أصناف المساكن المنتشرة بأرياف مجال الد ارسة خلال القيام بالعمل الميداني أي سنة 4092 فماهي التحولات التي شهدتها؟ للاجابة على هذه الإشكالية الفرعية عمدنا الى استغلال الاجابات المقدمة من قبل المستجوبين عن السؤال التالي: ماهي التغيي ارت التي شملت المسكن خلال الفترة الممتدة من4002الى4094؟

صرح 211 من مجموع 001 مستجوبا أي حوالي33% من النسبة الجملية للمستجوبين بأنهم أدخلوا تغيي ارت على مساكنهم خلال الفترة الممتدة من 4002 الى 4094. وتتوزع هذه النسبة بين من قام بتغيير كلي للمنزل – أي أنه تخلى عن منزله السابق وبنى منزلا جديدا- ب910 مستجوبا أي 21% من النسبة الجملية للذين أدخلوا تغيي ارت على مساكنهم و34% من مَن أدخلوا تغيي ارت جزئية.

وتُفسر هذه التحولات في جانب كبير منها بتوجيه عائدات النشاط الاضافي لتحسين المسكن )جدول عدد39( حيث لعبت تجارة التهريب دوار رئيسيا في تأمين دخل اضافي للعائلات الريفية وقع استغلالها من أجل تحسين المسكن. وتعتبر عمادة الفالتة التابعة اداريا لمعتمدية قلعة سنان أهم مثال معبر عن الدور الدي لعبته تجارة التهريب في تحولات المسكن الريفي اذ صرح 93 من مجموع الذين يوجهون عائدات النشاط الاضافي داخل منظومة المستغلة العائلية أنهم يستغلون عائدات تجارة التهريب لتحسين المسكن العائلي وهو ما يمثل 12.22%. في المقابل مثل العمل بالخارج أهم عامل في تحولات المسكن الريفي بالتجمع الريفي "محطة المحاميد" التابع اداريا لمعتمدية تاجروين حيث انتشرت المساكن الريفية من نوع فيلا. ولتعميق التحليل أدرجنا سؤال ضمن الاستمارة تمحور حول نوعية المسكن السابق بالنسبة للذين قاموا بتجديد كلي لمساكنهم والبالغ عددهم 910 مستجوبا موزعين بشكل متباين بين أرياف مجال الد ارسة حيث تركز أغلبهم بالمنطقة الشرقية التي حظيت بنسبة تقدر ب03% من النسبة الجملية للذين جددوا مساكنهم ،مقابل20% بالنسبة للأرياف الغربية من مجال الد ارسة. وفي سياق استغلال نتائج العمل الميداني المتعلقة بهذا السؤال تبينا أن أرياف مجال الد ارسة انتشر بها قبل 4092 أربعة أصناف من المساكن تتمثل في المساكن التقليدية بنسبة 24% من النسبة الجملية للذين صرحوا بأنهم قاموا بتجديد كلي لمساكنهم، تليها المساكن المزدوجة- بعض الشقق عصرية والبعض الآخر تقليدي- بنسبة 44% فالمساكن من صنف دار عربي ب49% لتحتل المساكن من صنف كوخ المرتبة الأخيرة بنسبة93%)خريطة عدد92(.

لقد لعب التعدد النشاطي دوار باراز في التحولات التي عرفها المشهد الريفي. ويبرز ذلك من خلال تحولات المسكن الريفي من حيث هندسته حيث لاحظنا ت ارجع واندثار أصناف معينة من المساكن )الخيمة والكوخ( لصالح أصناف أخرى الدار العربي والفيلا )المشهد عدد92( وذلك بفضل توجيه عائدات النشاط الاضافي لتحسين المسكن العائلي.

يتضح انطلاقا مما سبق تعدد الأط ارف الفاعلة في تحولات المجال الريفي. ويندرج ذلك في اطار انفتاح هذا الأخير على اقتصاد السوق وما ارفق ذلك من فرض تحديات جديدة على المستغلة العائلية الريفية التي أصبحت تشهد اختلال في "طرفي التبادل بين أسعار المواد الفلاحية عند البيع وارتفاع قيمة الحاجيات الفلاحية للمستغلة وغير الفلاحية للعائلة")الهادي الرياحي ،4094( مما حتم على العائلة الريفية البحث عن أنشطة اضافية لتجاوز هذا الاختلال. وقد كان لظاهرة التعدد النشاطي انعكاسات على المجال الريفي اذ أكدت الاستمارة الميدانية على الدور البارز الذي لعبته هذه الظاهرة في دعم المستغلة العائلية.

بالاضافة الى أهميتها في تحسين المسكن العائلي باعتباره الخلية الاجتماعية الدالة على مستوى عيش الانسان. وفي سياق تحليل نتائج الاستمارة الميدانية تبينا تأثير هذا النشاط في أنشطة اقتصادية أخرى وفي المجال الحضري القريب من خلال استثمار عائدات النشاط الاضافي خارج المجال الريفي.

III. دور التعدد النشاطي والعائدات الفلاحية في تحولات المجال الحضري

1. التعدد النشاطي والاستثمار الحضري

بالاضافة الى الدور الذي لعبته ظاهرة التعدد النشاطي بماهي است ارتيجية لدعم المستغلة الفلاحية وتحسين ظروف عيش الساكن الريفي من خلال ما أحدثته من تغيي ارت في المسكن الريفي فانها أسهمت في تنمية ولو نسبيا في الأنشطة الحضرية. ويبرز ذلك من خلال استثمار عائدات النشاط الاضافي في الأنشطة التجارية والخدمية حيث بينت العينة الاحصائية أن نسبة 23% من الذين يوجهون المداخيل المستخلصة من النشاط الاضافي خارج الريف والبالغ عددهم 902 )جدول عدد32( يستثمرونها في التجارة وتتمثل أساس في تجارة المواد الغذائية، تجارة الملابس الجاهزة… في حين حظي النقل والأنشطة الخدمية الأخرى مثل المقاهي، وفتح محلات للحلاقة… باستقطاب 20 من مجموع الذين يوجهون

المداخيل المستخلصة من النشاط الاضافي خارج المجال الريفي وهو ما يمثل 41% )جدول عدد32(. في المقابل خصص 22 من الذين يوجهون مستخلصات الأنشطة الاضافية خارج القطاع الفلاحي هذه العائدات لاقتناء عقار في المدن سواء كان مسكن أو قطعة أ رض وهو ما يمثل 29% من النسبة الجملية موزعة بين ش ارء مسكن 1% واقتناء قطعة أرض ب42% )جدول عدد32(. وما يلفت الانتباه أن أغلب المستجوبين الذين عبروا عن توجيه العائدات المستخلصة من التعدد النشاطي لش ارء مسكن أو قطعة أرض أكدوا على أن هذا العقار يكون في المدن القريبة. ويفسر هذا التوجه نحو الاستثمار خارج القطاع الفلاحي بتذبذب مداخيل المستغلة وارتباط المردود بالمعطيات الطبيعية وسعي الفلاح الى ضمان دخل مضمون وهو ما يبرر النسبة المرتفعة للذين يستثمرون في التجارة. من هذا المنطلق يمكن التأكيد على أن ظاهرة تعدد الأنشطة العائلية أسهمت في اث ارء العلاقات بين الريف ومحيطه الاقتصادي " حيث أصبحت استارتيجية العائلة الريفية تتعدى حدود الريف لتجعل منه قطبا متكاملا ومتصارعا في الآن نفسه مع الأقطاب الحضرية المجاورة في اطار منظومة اقتصادية واجتماعية واحدة." )الهادي الرياحي ،4094( خاصة بعد أن تأكد لدينا في سياق تحليل نتائج الاستمارة الميدانية قدرة الأنشطة الحضرية لا سيما منها التجارة والنقل في استقطاب الفائض المالي الذي يحققه القطاع الفلاحي لاسيما منه السقوي.

4. استثمار العائدات الفلاحية في الأنشطة الحضرية

بلغ عدد الذين يحققون فائضا في القطاع الفلاحي 934 مستجوبا من مجموع 001 أي بنسبة 49.29% من النسبة الجملية للمستجوبين. وتتوزع هذه النسبة بصفة متباينة بين الأرياف الشرقية التي حظيت بالنسبة الاكبر للذين يحققون فائضا اذ قدرت ب12.49%.

في المقابل لم تبلغ النسبة الا حوالي 99% في الأرياف الغربية ويفسر هذا الاختلاف بأهمية الفلاحة السقوية بالأرياف الشرقية )أنظر الباب الأول( التي مكنت من "دمج النشاط الفلاحي في اقتصاد السوق" )الهادي الرياحي ،4094( بالاضافة الى قدرتها على الرفع من القيمة المضافة التي يحققها القطاع الفلاحي. وعلى العكس من ذلك فان الأرياف الغربية ظلت الفلاحة فيها بعلية مما جعلها مرتبطة بالتقلبات المناخية. وفي سياق تحليل نتائج الاستمارة الميدانية تبينا أن 993 من مجموع 934 يحققون فائضا زارعيا يستثمرونه في أنشطة تجارية وخدمية مثل النقل الريفي والنقل بين المدن…. وعلى غ ارر المداخيل المستخلصة من التعدد النشاطي والتي وجهت بالاساس الى التجارة فقد تم توجيه 93% من العائدات الفلاحية لهذا النشاط )03 من مجموع 993(. وفي واقع الأمر فان هذه الخاصية لا تمثل استثناءا تتميز به أرياف وسط وجنوب ولاية الكاف بل تم تسجيل هذه الظاهرة بمناطق أخرى من البلاد التونسية مثل مجاز الباب اذ مكنت "المداخيل المستخلصة من النشاط الزارعي]…[ من خلق أنشطة تجارية وخدمية داخل النواة الحضرية لمجاز الباب"

)المصدر السابق ،4094(.

ولم تقتصر التحولات التي أفضت اليها العلاقات الريفية الحضرية على المستوى الاقتصادي ومستوى المشهد لكلا المجالين الريفي والحضري وانما شملت البنى الاجتماعية.

IV. دور العلاقات الريفية الحضرية في تحولات البُنى الاجتماعية بكلا المجالين

نسعى من وارء د ارسة تحولات البنى الاجتماعية الريفية والحضرية التوصل الى نقاط التشابه والاختلاف بين المجتمعين حتى نتمكن من معرفة تأثير العلاقات القائمة بين الطرفين في خصائص هذه البنى. وفي هذا السياق نشير الى أننا اعتمدنا على الاستمارة الميداينة بصفة تكاد تكون كلية لغياب المعطيات المتعلقة بهذا الموضوع.

1. تحولات العلاقات الاجتماعية الريفية والحضرية

يشهد المجتمع ومن وارئه العلاقات الاجتماعية تحولات عميقة نتيجة لعدة عوامل يندرج البعض منها في اطار عام يتمثل في التحولات الاقتصادية للبلاد التونسية، أي الانتقال من اقتصاد معاشي الى اقتصاد السوق. بالاضافة الى محاولات تحديث المجتمع وما ارفقها من تدعيم لسلطة المدن على الارياف من خلال انتشار نمط الحياة الحضرية بالأرياف. كل ذلك كان له تأثير على العلاقات الاجتماعية لسكان وسط وجنوب ولاية الكاف. وللتعرف على هذه التحولات ضمنا الاستمارة الميدانية مجموعة من الأسئلة المتعلقة ببعض الممارسات الاجتماعية التي يُمارسها سكان الأرياف والمدن على حد السواء من قبيل "العولة" وهي عادة يكون للعلاقات الاجتماعية دوار رئيسيا في حدوثها الأمر الذي يبرر د ارستنا لها في هذا العنصر خاصة وأنها تستجيب لعنصر تحولات نمط عيش السكان.

تبرز معاينة الجدول عدد90 تواصل اعداد المؤونة أو ما يُعرف ب"العولة" بكامل المجال المدروس وهو ما يحيل على تجانس بين نمط عيش الساكن الحضري والريفي. والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا السياق أن الأسر الحضرية تعطي أهمية لمسألة اعداد المؤونة أكثر من نظيرتها الريفية وهو ماتبيناه من خلال اللقاءات المباشرة مع الأسر. فالى جانب المواد الغذائية التي تشملها هذه العادة )الكسكسي والمحمص( فان الاسرة الحضرية تعد مؤونة التوابل أيضا وهو ما لا نجده لدى المجتمع الريفي. هذا بالاضافة الى نسبة الاسر الحضرية التي لا تعد المؤونة بلغت 9% بينما ترتفع النسبة الى 23% في الأرياف )جدول 90( ويفسر ذلك لا بتوجه الساكن الريفي نحو التخلي عن عادة "التعويل" وانما بالامكانيات المادية المحدودة للريفيين مما يجبرهم التخلي الظرفي عن عادة "التعويل".

لئن ما ازلت ممارسة عادة "التعويل" متواصلة بأرياف ومدن وسط وجنوب ولاية فان هذا لا يعني أنها لم تشهد تحولا ذلك أن التحول كان على مستوى أشكال ممارستها. فلئن كانت قديما يقوم بها أف ارد العائلة الموسعة ونسوة "الدوار" بالنسبة للأرياف أو "الحي" بالنسبة للمدن فان الاستمارة الميدانية بينت ارتفاع عدد الذين يؤجرون يد عاملة من اجل القيام بهذه العملية )رسم بياني عدد 22( اذ قدر في الوسط الريفي ب400 من مجموع الذين يمارسون عادة التعويل محتلة المرتبة الثانية )الرسم البياني عدد22( في المقابل احتلت المرتبة الأولى بالنسبة للوسط الحضري بنسبة 14% من النسبة الجملية للمستجوبين بهذا الوسط ويفسر ذلك بانخ ارط الم أرة " الحضرية في سوق الشغل أكثر من الريفية باعتبار أن أهمية الدور الذي تضطلع به "الأم" بماهي عنصر فاعل في هذه العملية بالنسبة للوسط الريفي )رسم بياني عدد22(. في حين لم تتجاوز نسبة الذين يعتمدون على مساعدة الجي ارن والأقارب في القيام "بالتعويل" الا 99% في الوسط الريفي و3% بالنسبة للوسط الحضري.

اذا ومن خلال ما سبق نلاحظ ان العلاقات الاجتماعية بمجال الد ارسة عرفت تحولا واضحا فبعد أن كانت تقوم على أساس اربط دموي أصبحت تستند الى أساس مادي وهو ما برهن عليه ارتفاع عدد الذين يؤجرون اليد العاملة للقيام بعملية "التعويل". هذا التحول على

مستوى العلاقات الاجتماعية يعد نتيجة لما شهدته الأسرة والمجتمع من تحولات لاسيما منها الارتقاء المعرفي للم أرة وخروجها للعمل.

2. تحولات نمط عيش السكان الريفي والحضري

لئن تواصلت عادة "التعويل" بأرياف وسط وجنوب ولاية الكاف الا أن ذلك لا يعني عدم انتشار المواد المصنعة ذلك أن عادة "التعويل" لا تهم الا بعض المواد مثل "الكسكسي والمحمص". وفي المقابل تبقى مختلف المواد المستهلكة تجلب من المدينة أين تتركز محلات بيع المواد الغذائية خاصة منها المغا ازت مما كثف من تردد الريفيين على المدن )أنظر الفصل الثاني من الباب الثاني(. ولا تنحصر تحولات نمط عيش الساكن الريفي في المواد المستهلكة التي لم تعد العائلة تضطلع بد ور المنتج والمستهلك في إطار اقتصاد معاشي وانما تتجلى أكثر في التجهي ازت المنزلية. فماهي خصائص تجهي ازت المنزل الريفي؟ وما مدى اختلافها عن تجهي ازت المنزل الحضري؟

ان معاينة النتائج المتحصل عليها من العمل الميداني تؤكد على خاصية الازدواجية التي ميزت التجهي ازت المنزلية بكافة أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف ذلك أن مختلف العائلات تجمع بين التجهي ازت العصرية والتقليدية. وفي هذا السياق نشير الى أن هذه الازدواجية في الوسط الريفي تخفي ت ارجعا في الأهمية العددية للتجهي ازت التقليدية لصالح التجهي ازت العصرية خاصة منها بالنسبة للعائلة النواة. وقد أكدت الاستمارة الميدانية أهمية الانتشار المجالي لبعض التجهي ازت العصرية دون أخرى. وتتمثل التجهي ازت التي عرفت انتشا ار واسعا بمجال الد ارسة في التلفاز بالالوان بنسبة 21% من النسبة الجملية للمستجوبين الريفيين، المدفئة العصرية ب22%، الهوائي بنسبة حوالي 19%، الة غسل الثياب بنسبة 14% من النسبة الجملية للمستجوبين. وفي المقابل لم تحظ التجهي ازت العصرية الاخرى بنفس درجة الانتشار بأرياف مجال الد ارسة. وتتمثل في كل من الحاسوب الذي قدرت نسبة المالكين له من النسبة الجملية للمستجوبين بحولي 31%، فرن عصري بنسبة 23%، وسخان مائي الذي لم يبلغ عدد مالكيه الا 30 من مجموع المستجوبين وهو ما يمثل 0% من النسبة الجملية للمستجوبين.

يمثل انتشار مثل هذه التجهي ازت الحديثة بأرياف مجال الد ارسة شكلا من أشكال حوضرة

الأرياف باعتبار أن هذه الأخيرة "يمكن أن تتجسد من خلال تبني الريفيون للسيارة، للهاتف ،لالة غسل الثياب…" ).Brunet.R.1993(. وهي تجهي ازت من شأن البعض منها أن يؤثر

في الممارسات الثقافية-الفكرية للريفيين. وفي المقابل فان هيمنة التجهي ازت العصرية على الاثاث المنزلي للأسر الحضرية لا تنفي وجود التجهي ازت التقليدية وقد قدرت نسبة الأسر التي تعرف تجهي ازتها بهذه الخاصية بحوالي 23% من النسبة الجملية للمستجوبين الحضريين )الاستمارة الميدانية ،4092(.

هذا التقارب في نمط عيش الساكن الحضري والريفي مرده الى حداثة الظاهرة الحضرية. فباستثناء مدينة الكاف، فان بقية المدن اما وليدة الاستعمار مثل تاجروين أو بعد الاستقلال نتيجة لق ارر سياسي. هذا بالاضافة الى أن نسبة هامة من السكان الحضر من أصول ريفية باعتبار أهمية النزوح الريفي الذي تم عبر فت ارت زمنية مختلفة. ومن ثمة فان الاند ارج في

الحياة الحضرية وما يعنيه ذلك من اكتساب سلوك حضري والتخلي تدريجيا عن نمط عيش الحياة الريفية يتطلب حي از زمنيا.

3. تحولات الممارسات الثقافية – الفكرية الريفية

ان التحولات التي شهدها المجال الريفي انما هي انعكاس للتحولات التي عرفها المجتمع.

ولئن شهد مجتمع مجال الد ارسة تحولات هامة على مستوى البني الاجتماعية نتيجة لعدة ع وامل سبق وتعرضنا اليها فان الارتقاء المعرفي لسكان الارياف كان له دور رئيسي في هذه الدينامية ذلك أن التعليم يعني في احدى جوانبه " مدخلات ثقافية وممارسات جديدة مجلوبة من طرف المتمدرسين الى أريافهم الاصلية" )شكري سباعي ،4002( ومن هذا

المنطلق تبرز المدينة بماهي مركز لنشر القيم الجديدة و"تغيير البنى الاجتماعية والثقافية بشكل يساهم في تغيير الترسيمة الاجتماعية-الثقافية للمجال" )الهرماسي ،9221-9222( باعتبارها أي المدينة مرك از لمختلف الخدمات التعليمية والتثقيفية هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية فانها نتيجة طبيعة لانتشار وسائل الاتصال الحديثة خاصة منها التلفاز الذي لعب دوار كبي ار في نشر أفكار التحديث بالارياف. من هذا المنطلق نتساءل عن التحولات التي عرفتها الممارسات الثقافية-الفكرية؟

لرصد خصائص الممارسات الثقافية-الفكرية لسكان الأرياف اعتمدنا الاستمارة الميدانية كأداة بحث من خلال تضمينها لسؤال يتعلق بتواصل الاحتفال ب"الزردة"من عدمه. وقد وقع اختيارنا على "الزردة" كنموذج للممارسات الثقافية لأنها ظاهرة اجتماعية مجالية لها جذور تاريخية قديمة وذات أبعاد دينية اجتماعية وثقافية. لذلك فان التخلي عنها أو ت ارجعها يُعد تحولا عميقا في المحتوى الثقافي والفكري للمجتمع.

لقد تأكد لدينا من خلال الاستمارة الميدانية أن "الزردة" كانت تمثل ظاهرة اجتماعية-

مجالية، باعتبار أن النسبة الجملية للذين كانوا يحتفلون بها بلغت900%. الا أنها ت ارجعت الى حوالي29% من النسبة الجملية للمستجوبين الريفيين)جدول عدد99(. غير ان هذه النسبة تخفي تغاي ار مجاليا بين أرياف مجال الد ارسة حيث سجلنا وجود أرياف ترتفع فيها نسبة الذين ما ازلوا يحتفلون ب"الزردة" أكثر من 30% من النسبة الجملية للمستجوبين بها.

وفي المقابل تنخفض في أرياف أخرى الى دون ذلك. وانطلاقا من هذا المعطى قسمنا أرياف مجال الد ارسة الى مجموعتين. تظم المجموعة الأولى كل من أرياف قلعة سنان ،القلعة الخصبة والسرس. تعرف هذه الأرياف بارتفاع عدد الذين يعطون مكانة "للاولياء" في حياتهم. وهو ما يعكس ارتفاع نسبة الاحتفال ب"الزردة" الى أكثر من30% وتصل الى 99% في البعض منها. أما المجموعة الثانية والتي تظم أغلبية أرياف مجال الد ارسة

)الجدول عدد99( فقد عرفت ت ارجعا واضحا لهذه الظاهرة اذ تت اروح نسبة الذين يحتفلون ب"الزردة" بين20% و24.3%. هذا التباين المجالي على مستوى الممارسات الثقافية- الفكرية يستمد مبرارته من المستوى التعليمي للأباء وخاصة من وجود أحد الأبناء أو أكثر متحصلا على شهادة علمية جامعية حيث بينت نتائج الاستمارة الميدانية أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع المستوى التعليمي للابناء والتخلي عن الاحتفال ب"الزردة". فكلما كان هناك فرد أو أكثر من العائلة متحصلا على شهادة علمية جامعية الا وت ارجع نسبة الاحتفال ب"الزردة") الرسم البياني عدد20(.

خاتمة الفصل

يبرز من خلال هذا الفصل تعدد الأط ارف الفاعلة في تحولات المجال والمجتمع بوسط وجنوب ولاية الكاف. ففي المجال الريفي لاحظنا تنوع الفاعلين الاجتماعيين مثل مشاريع التهيئة المائية التي تسهم في تحول جذري للمشهد الريفي. ويعد الفلاح من أهم الفاعلين. ويظهر ذلك من خلال انعكاسات تعدد الانشطة الفلاحية وما أفرزته من تحولات على مستوى البناءات الموجهة الى الحيوان. بالاضافة الى است ارتيجيات التأقلم التي اتبعها من أجل ضمان سيرورة المستغلة العائلية ومجابهة اختلال التوازن بين طرفي التبادل المتمثل في محدودية العائدات المالية التي تؤمنها المستغلة مقابل ارتفاع أسعار حاجياتها التي ينضاف اليها ت ازيد الطلبات العائلية للمواد المصنعة. وتعتبر ظاهرة التعدد النشاطي أهم است ارتيجية اتبعها الفلاح للتأقلم مع أزمة المستغلة العائلية. ولقد كان لهذه الظاهرة تأثي ارت مجالية واجتماعية تجاوزت المجال الريفي. فبالاضافة الى ما وفرته من عائدات مالية هامة مكنت الفلاح من دعم المستغلة في فت ارت الأزمة وأسهمت في عدة حالات من تكوين رصيد عقاري و قطيع هام من الماشية فانها أدت الى تحولات في مستوى المشهد الريفي من خلال ما عرفه المسكن الريفي من تحولات نتيجة توجيه نسبة هامة من ممارسي النشاط الاضافي عائدات هذا الأخير لتحسين المسكن. فسجلنا بروز المساكن من صنف فيلا تحت تأثير هذه الظاهرة. الى جانب ما أفرزته من أدفاق مالية من المجال الحضري باتجاه المجال الريفي تجسدها أصحاب النشاط الاضافي القار مثل الموظفون. أما في ما يخص تأثير هذه الظاهرة في المجال الحضري فاننا لاحظنا أن نسبة هامة من ممارسي النشاط الاضافي خيروا توجيه عائداتهم الى أنشطة اقتصادية غير فلاحية. وتعتبر التجارة أهم مستقطب لهذه العائدات مما فتح المجال لبروز أدفاق مالية خارجة من المجال الريفي لفائدة المدن خاصة وأن أهم نشاط اضافي يتمثل في تجارة التهريب. بالاضافة الى الفائض الزارعي في الاستثمار الحضري اذ بينت الاستمارة الميدانية أن نسبة هامة من الذين يحققون فائضا زارعيا يستثمرونه في التجارة والنقل وخدمات أخرى…هذا التفاعل بين المجالين الريفي والحضري الذي تجسده الأدفاق المالية في الاتجاهين الى جانب العلاقات البشرية والاقتصادية الاخرى )أنظر الباب الأول والثاني( أفرزت بنى اجتماعية ريفية وحضرية متشابهة.

خاتمة الباب الثالث

يتضح من خلال هذا الباب الدور الرئيسي للعلاقات الريفية الحضرية في تشكل المجالين على حد السواء. ويبرز ذلك من خلال ما أفرزته التحركات السكانية من تحولات في التركيبة القبلية لمجتمع الأرياف. أما على المستوى المجالي فان ضعف الكثافة الريفية لا سيما منها الأرياف الجنوبية الغربية لوسط وجنوب ولاية الكاف انما هي نتيجة للنزوح الريفي الذي ما انفك يتدعم الى أن بات نمو سكان الارياف سلبيا منذ السبعينيات من القرن العشرين. ويفسر ذلك بأزمة القطاع الفلاحي وغياب أنشطة اقتصادية أخرى قادرة على استيعاب طالبي الشغل. ولقد كان لت ارجع سكان الأرياف تأثير في آليات تنظيم المجال الريفي حيث عرفت الاليات القديمة والمتمثلة في "الدوار" ت ارجعا واضحا خاصة في الأرياف الغربية والجنوبية من مجال الد ارسة اذ أثبتت الاستمارة الميدانية أنه لم يعد بالامكان في هذه الأخيرة الحديث عن مصطلح "الدوار" وانما عن مصطلح" الب يت". في المقابل برزت الم اركز المحلية الصغرى بماهي اليات جديدة لتنظيم المجال الريفي مما جعلها " سمة عتبة المرور من المجال الريفي إلى المجال الحضري.").Belharth.T.1998 ( وفي هذا الإطار تعد الدولة المحرك الأساسي في دعم نمو الآليات الجديدة من خلال تجهيزها ببعض الخدمات الأساسية كالمدرسة الابتدائية، م اركز الصحة الأساسية… وفي المقابل ارتفع عدد سكان المدن. ويعزى ذلك في جانب كبير منه الى ظاهرة النزوح الريفي التي أدت الى الامتداد الحضري على حساب الأ ارضي الزارعية المتاخمة للمدن. وفي هذا السياق تعتبر مدينة الكاف الأكثر تعبي ار عن هذه الظاهرة. وفي واقع الأمر فان تشكل المجال سواء كان الريفي أو الحضري يخضع الى تدخل عدة أط ارف فاعلة. بالنسبة للمجال الريفي فان التحولات التي شهدها المشهد لا تقتصر على تدخل الدولة من خلال نشر الشبكات والاش ارف على مشاريع التهيئة المائية… وانما يعزى الى تدخل عدة أط ارف أخرى. ويُعد الفلاح من أهمها. ويبرز ذلك خاصة من خلال الاست ارتيجيات المتبعة لتجاوز الأزمة التي يمر بها القطاع الفلاحي والمتمثلة في التعدد النشاطي. وتجسد هذه الظاهرة التفاعل بين المجالين الريفي والحضري اذ مثلت المدن مصد ار للأدفاق المالية الداعمة للقطاع الفلاحي من خلال القروض التي يستثمرها الفلاح الموظف في بعث المشاريع الفلاحية من قبيل تجارة الخرفان. كما مثلت مرك از لتوزيع المواد المهربة. غير أن العائدات المتأتية من التعدد النشاطي والأنشطة الفلاحية في أغلبها يعاد استثمارها في أنشطة اقتصادية غير فلاحية مثل التجارة والخدمات كبعث مقاهي ومحلات للحلاقة وش ارء عقار في المدن. ويُعتبر التشابه في نمط عيش الساكن الريفي والحضري من أهم نتائج التفاعل بين المجالين.

يجسد التشّكل الجديد للمجال والمجتمع بوسط وجنوب ولاية الكاف انعكاس لتفاعل عدة اليات. وتمثل العلاقات الاقتصادية، الاجتماعية والمجالية التي عقدها ويعقدها مجال الد ارسة مع مجالات جغ ارفية أخرى لا سيما منها الحضرية من أهم العوامل التي أفرزت مجالا ومجتمعا بملامح مختلفة عن السابق.

الخ ات م ـة الع ام ـة

تعتبر العلاقات التي ربطت الشمال الغربي بمجالات جغ ارفية أخرى قديمة تواصلت الى الفترة ال ارهنة برغم التحولات التي شهدها. ذلك أن الشمال الغربي مثل منطقة جذب للمهاجرين المغاربة )الليبيين والج ازئريين والمغاربة( بالاضافة الى حركات الانتجاع من وسط البلاد التونسية وجنوبها. ويفسر ذلك بالمقومات الطبيعية التي ميزته عن غيره من الاقاليم مثل وفرة المياه والأ ارضي الخصبة وذلك في اطار اقتصاد معاشي. شهدت هذه الوضعية تحولا منذ ثلاثينيات القرن العشرين اذ أصبح الشمال الغربي ولأول مرة طاردا لسكانه. ويرجع ذلك الى أزمة الأرياف بسبب مكننة العمل الفلاحي الاستعماري وسعي هذا الأخير الى الحصول أكثر ما يمكن على أارضي زارعية. بالاضافة الى ت ارجع حركات الانتجاع نتيجة السياسة الاستعمارية ال ارمية الى تثبيت القبائل. هذا التحول العميق في تاريخ الشمال الغربي من مستقطب الى منفر للسكان أفرز بروز أدفاق هجرية اتجهت في البداية الى تونس العاصمة ثم وفي مرحلة ثانية باتجاه الشريط الساحلي الذي أصبح يُمثل منطقة استقبال جديدة لمهاجري الشمال الغربي بسبب ما حظي به من استثما ارت اقتصادية من قبل الدولة تدعمت بأخرى خاصة. وهي أدفاق انطلقت بالأساس من الأرياف في شكل نزوح ريفي بسبب هشاشة القطاع الفلاحي الذي يُعد الركيزة الاقتصادية للمنطقة قيد الد ارسة. وتتجسد هذه الهشاشة في عدة مظاهر من أهمها ارتباط مختلف الأنشطة الفلاحية بالمعطيات المناخية خاصة التساقطات التي تعرف بقلتها وتذبذبها لا سيما في الأرياف الجنوبية الغربية لولاية الكاف. بالاضافة الى خصائص الأنظمة الفلاحية التي تعرف بمحدودية التحولات التي تعرفها من ذلك هيمنة الحبوب على الزارعات الكبرى، والأغنام على نشاط تربية الماشية. وتعد خصائص الهياكل العقارية التي عرفت بتفتتها وتشتتها من أهم ملامح هشاشة القطاع الفلاحي بوسط وجنوب ولاية الكاف. وبالرغم مما يكتسبه المجال قيد الد ارسة من موارد مائية هامة الا أن المناطق السقوية ولئن عرفت توسعا مجاليا هاما خاصة في الارياف الشرقية الا انها تبقى محدودة خاصة وأنها لم تسهم في احداث تحول على مستوى الانتاج والمردود. تضافرت مختلف هذه العوامل مع ما تعاني منه بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى من هشاشة لتجعل من وسط وجنوب ولاية الكاف منطقة غير قادرة على شد سكانها. وبالرغم من هذه الأزمة المتعددة الجوانب الا أن ذلك لا ينفي وجود علاقات اقتصادية بين المدن وأريافها. وهي علاقات أساسها المسالك الفلاحية والأنشطة الخدمية.

أدى تعدد الأنشطة الفلاحية بوسط وجنوب ولاية الكاف الى تنوع المسالك الفلاحية التي أسهمت في خلق علاقات مختلفة بين الأرياف والمدن القريبة والبعيدة من خلال شبكات التوزيع التي فتحت المجال لتدخل أط ارف فاعلة حضرية سعت الى الاستفادة من ضعف حلقة الفلاح خاصة في الفت ارت التي تتعدد فيها مصاريف المستغلة العائلية. وفي هذا الاطار تعتبر كل مدينة الكاف وتاجروين أهم المدن التي بسطت نفوذها على أريافها وارياف المدن الأخرى وذلك بفضل التدخل المكثف لتجار هاتين المدينتين ضمن مسلك البيع المكان. بالاضافة الى المكانة المتميزة لأسواقهما الأسبوعية ضمن عمليات الترويج.

في المقابل احتلت مدن الوسط الشرقي والغربي مكانة هامة ضمن عمليات الترويج.

لئن أفضى تعدد المسالك الفلاحية الى اث ارء العلاقات الريفية الحضرية بالاضافة الى تواصل علاقة أرياف مجال الد ارسة بالمجالات الجغ ارفية البعيدة مثل علاقته باقليمي الوسط الغربي والشرقي فان التدخل الكثيف للأط ارف الحضرية ضمن هذه المسالك يخفي ضعف حلقة الفاعلين الريفيين وهو ما يجسد احدى أوجه سيطرة المدينة على الريف. وهي سيطرة تدعمت من خلال امتلاك المدن لعدة آليات مكنتها من بسط نفوذها على أريافها وان كان ذلك يتم بتباين حسب تباين درجة تجهيز المدن. وتعد الأسواق الأسبوعية أهم آلية تجسد هيمنة المدن على أريافها. بالاضافة الى أهمية الأنشطة التجارية والخدمية في تمكين المدن من بسط نفوذها وفي هذا السياق تعد مدينتي الكاف وتاجروين الأكثر استقطابا لسكان الأرياف حيث تهيمن مدينة الكاف على الأرياف الشرقية في حين تبسط مدينة تاجروين نفوذها على الأرياف الجنوبية الغربية. ويفسر ذلك بأهمية التجهي ازت التي تمتلكها هاتان المدينتان مقارنة ببقية المدن المحلية التي تع رف بمحدودية التجهي ازت لا سيما منها التجارة النادرة وشبه النادرة، غير أن هذه الأهمية لا تعني قدرتهما المطلقة على الاستجابة لمختلف حاجيات سكانها وسكان الأرياف المجاورة بل يلجأ العديد من السكان الى المدن الساحلية لغياب العديد من الخدمات لا سيما منها الصحية.

انعكس تعدد العلاقات التي عقدتها أرياف ومدن وسط وجنوب ولاية الكاف على المجال والمجتمع. فعلى المستوى الاجتماعي كان لحركات الانتجاع والهج ارت المغاربية باتجاه مجال الد ارسة دوار في تغيير خصائص التركيبة القبلية لمجتمع الأرياف، كما أدى النزوح الريفي الى ت ارجع الكثافة السكانية مما انعكس على آليات تنظيم المجال من قبيل "الدوار" الذي انتفى في عدة أرياف خاصة الجنوبية الغربية. أما المجال الحضري فقد أدى النزوح الريفي أدى الى امتداد المجال الحضري.

لئن أدت أزمة المستغلة العائلية الى نزوح ريفي أفضى الى ت ارجع الكثافة السكانية بالوسط الريفي وامتداد مجالي للمدن، فانه أدى بالذين خيروا البقاء في هذه الأرياف الى اتباع مجموعة من الاست ارتيجيات من أجل المحافظة على التوازن بين المستغلة الفلاحية والعائلة الريفية. وُيعد التعدد النشاطي أهم است ارتيجية اتبعها الفلاح باعتبار انعكاساتها التي تجاوزت المستغلة الفلاحية والعائلة الريفية لتشمل المجالين الريفي والحضري من خلال توظيف العائدات التي يوفرها التعدد النشاطي.

فعلى المستوى المجالي أدى توظيف عائدات التعدد النشاطي في تحسين المسكن العائلي الى احداث تحولات في المشهد الريفي باعتبار أنه يعد احدى العناصر الرئيسية ضف الى ذلك أن توظيف هذه العائدات أو جزء منها في الأنشطة اقتصادية غير الفلاحية أفضى الى اث ارء العلاقات الريفية الحضرية )التجارة، المقاهي، الحلاقة…( بالاضافة الى تنامي دور المدن في توفير مواطن شغل خاصة في قطاع البناء في المقابل تبقى مساهمة بقية الأشطة الاخرى محدودة باعتبار هشاشة البنية الاقتصادية للمدن. ويعد تنامي دور الفاعلين الحضريين في نشاط التهريب من أهم مظاهر التفاعل الحضري الريفي خاصة وان استثمار العائدات يتجه اما الى تنمية الأنشطة الفلاحية أو الحضرية. أما على المستوى الاجتماعي فقد أدت مختلف هذه العلاقات الى تحولات في مستوى نمط عيش الساكن الريفي والحضري. تمثلت في التقارب الشديد في نمط العيش بين الوسطين. كما أن التحولات التي عرفتها العلاقات الاجتماعية تتصل في جانب كبير منها بتنامي العلاقات الريفية الحضرية.

قائمة المراجع والمصادر:

I. المراجع المكتبية

1. المراجع المكتبية باللغة العربية

أبو القاسم )اب ارهيم أحمد(، 9224: المهاجرون الليبيون بالبلاد التونسية 9299-

9230، نشر وتوزيع مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله، تونس.

البدوي )عبد الجليل(، 9220:ظاهرة المكننة وتعصير الفلاحة التونسية، مقال ورد بكتاب العجز الغذائي في تونس الخض ارء من المسؤول؟ دار سارس للنشر تونس.

ب ارهمي )وفاء( 4094-4092: الفلاحة والمياه والديناميات الت اربية بسهل سيدي بوزيد، رسالة بحث لنيل شهادة الماجستير في الجغ ارفيا الريفية، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.

بن غربية )الحبيب(، 9224: التحولات الاقتصادية بالجزء الشرقي من حوض قرمبالية وأثرها على الحركية الاجتماعية ونمو ظاهرة التحضر: مثال مدينة سليمان. شهادة الكفاءة في البحث كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

بن غربية )الحبيب(، 4000: دينامية المجال الحمضي في تونس: بين رهانات التصدير وتحديات السوق الداخلية منشوارت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

بو طالب )محمد نجيب(، 4004: القبيلة التونسية بين التغيير والاستم ارر، الجنوب الشرقي من الاندماج القبلي الى الاندماج الوطني. كلية العلوم الانسانية والاجتماعية – تونس، سلسلة علم الاجتماع- المجلد

بوغانمي )حميدة(، 4009: الثابت والمتحول في علاقات الق اربة بالريف التونسي: قلعة سنان نموذجا، رسالة الد ارسات المعمقة في علم الاجتماع، كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية ،قسم علم الاجتماع.

التيمومي )الهادي(،4009:

الجديدي )محمد(، 9220: مسائل في الجغ ارفيا الحضرية. المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر.

جلالية )الحبيب(، 9222: تحولات المجالين الزارعي والحضري جنوب شرق الوطن القبلي من الحمامات إلى قربة، د ارسة جغ ارفية، أطروحة دكتواره في الجغ ارفيا، كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية تونس.

جلالية )الحبيب(، 4002: الديناميات المحلية جنوب شرقي الوطن القبلي، تونس كلية الآداب بمنوية.

جلالية )الحبيب(، 4001: است ارتيجية الارواء الزارعي وتنمية الفلاحة المروية بالبلاد العربية: الرهانات والمفارقات. الملتقى ال اربع للجغ ارفيين العرب )الجزء الثاني( الرباط المملكة المغربية.

جماعي )ستهم حافظ م ارجعة(، 9229: معجم المصطلحات الجغ ارفية، النشرة الثانية ،نشر كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

جان فرنسوا ت اروان )اش ارف( تعريب علي التومي وكارم داسي وعبد الكريم سالم ،

9220: المغرب العربي الانسان والمجال" دار الغرب الاسلامي بيروت.

حيدر )عدنان(- 1998 : تهيئة المجال: المعهد العالي للتربية والتكوين المستمر.

خطاط )معز(، 4000: التصرف في الموارد المائية والتنمية المحلية بأرياف القيروان:

مثال معتمدية السبيخة، شهادة الد ارسات المعمقة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس.

دلالة )الحبيب( )إش ارف(، 9223: مسائل في تهيئة الت ارب والبيئة في تونس، دار س ارس للنشر تونس.

الرياحي )الهادي(، 4094: الفلاحة العائلية والتعدد النشاطي داخل الأرياف التونسية:

مجاز الباب وقبلاط نموذجا د ارسة في الجغ ارفيا الاجتماعية، مركز النشر الجامعي  ال ازرعي )فوزي(، 4009: التوسع الحضري باحدى ضواحي تونس العاصمة: مثال أريانة الشمالية، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.

341

زطريني )حسين(، 4002: الأسواق الأسبوعية وتنظيم المجال بولاية تطاوين، شهادة الماجستير في الجغ ارفيا. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

سباعي )شكري(، 4002: التعصير والتحولات الت اربية في ريف حاجب العيون"، شهادة الد ارسات المعمقة.

سباعي )شكري(، 4099: التحركات السكانية والتحولات الاجتماعية الت اربية في جنوب ولاية القيروان." شهادة الدكتواره كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

ستهم )حافظ( ) إش ارف(، 9211: المنافسة بين المدينة والريف من أجل الأرض، السكان والمجال؟ المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر.

ستهم )حافظ( ) إش ارف(، 9220: العجز الغذائي في تونس الخض ارء من المسؤول؟ دار سارس للنشر تونس.

ستهم )حافظ(، 9222: شخصية الأقاليم الجغ ارفية التونسية، مركز النشر الجامعي ،تونس.

ستهم )حافظ(- 2004: الأرض والفلاح والسوق والمجتمع في المغرب العربي )تونس والج ازئر والمغرب الأقصى(، مركز النشر الجامعي.

ستهم )حافظ( 9219: الانسان والمكان "ورد بكتاب العم ارن والتنمية في تونس، المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر.

ستهم )حافظ(، 9210: الريف والتنمية، د ارسة في تهيئة المجال الريفي"، المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر، تونس.

السكفالي )فيصل(، 4002-4002 : المنظومات المائية ودينامية المجال الزارعي المحلي:مثال المنطقة السقوية تستور-السلوقية، شهادة الد ارسات المعمقة ،كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

شريحة )سالم(، 4000: التحولات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية في المجال الانتقالي بين صفاقس والساحل، شهادة الدكتواره كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

الشريف )عبد الله(، 9220: الملكية واستغلال الأرض في الزارعة، ورد بكتاب العجز الغذائي بتونس الخض ارء من المسؤول؟ دار س ارس للنشر والمعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر.

الشريف )عبد الله(، 9223: التهيئة المائية: الثوابت والتحولات، ورد في مسائل في تهيئة الت ارب، كلية الآداب بمنوبة.

الشريف )عبد الله(، 9223: الماء والفلاحة السقوية بالبلاد التونسية، تونس كلية الآداب بمنوية.

الشريف )محمد(، 9222: الري وتنظيم المجال الريفي: مثال شبكات تجميع الألبان بمجردة السفلى، شهادة الد ارسات المعمقة، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.

الطيّاشي )حسن(، 9222: السياسات الحضرية في الجمهورية التونسية، المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر، تونس.

علوي )سفيان(، 9222 : الفلاحة العائلية والتعدد النشاطي والدينامية الاجتماعية، شهادة الد ارسات المعمقة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

عُمري )ارضية(، 4090: الزارعة والدينامية الت اربية بولاية الكاف: مثال المنطقة السقوية العمومية بنبر، شهادة الماجستير، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

الفازعي )الصديق(، 9222 : الدينامية الحضرية والدور الإقليمي لمركز ولاية حديث بالشمال الغربي التونسي، أطروحة دكتواره في الجغ ارفيا ،كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية تونس.

الفازعي )الصديق( ،4009: دور الترقية الادارية في التحضر والتنمية الاقليمية بالشمال الغربي التونسي: مدينة سليانة نموذجا. مركز النشر الجامعي

الفازعي )الصديق(، 4094: مدينة الكاف في التل العالي التونسي : تحضرها ومكانتها الاقليمية، مركز النشر الجامعي،920 صفحة.

الفالحي )رحيم(، 4000: التحولات الحديثة للمجال الريفي حول الرقاب والمزونة، شهادة الماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس.

كرمي )فاتن(- 4094-4092: الذاكرة الجماعية للقبائل التونسية من خلال تقارير الاستخبا ارت الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر. عروش السنجق وأولاد عيار نموذجا. بحث لنيل شهادة الماجستير في التاريخ المعاصر.

الماجري )عبد الكريم(، 4090: هجرة الج ازئريين والط اربلسية والمغاربة الجواوونة الى تونس )9129-9220(. الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم.

محمدي )وليد(، 9229: أزمة الاقتصاد الزارعي بمعتمديه تاجروين، شهادة الد ارسات المعمقة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

محمد )أزهار( و)آخرون(، 4001: الضاحية بين هاجس التعمير والاقصاء واست ارتجيات التنمية المحلية والجهوية : حالة الدار البيضاء- المحمدية. الملتقى ال اربع للجغ ارفيين العرب )الجزء الأول( الرباط المملكة المغربية.

المختار )الأكحل( وفاتح )عبد العالي(، 4001: الأرياف المجاورة للمدن بالمغرب: مجالات متفردة وسريعة التحولات، حالة المجال الريفي بمدينة المحمدية. الملتقى ال اربع للجغ ارفيين العرب )الجزء الأول ( الرباط المملكة المغربية(.

المزوغي )نور الدين(، 4002: المجال المروي العمومي بالساحل ضيق الملكيات وتنوع أشكال استغلالها ورد ضمن مؤلف جماعي نشر كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة ،تونس.

المشي )بوجمعة(، 9229: استغلال المجال بجهة سيدي بوزيد أي تحول وأي انعكاس على التربة والموارد المائية" ورد ضمن كتاب: الوسط والت ارب بين المعرفة والممارسة ،نشر دار المعلمين العليا. تونس.

المشّي )بو جمعة(، 9223: نحو تحكّم أنجع واستغلال أفضل لمياه السدود : مثال سد سيدي سعد، ورد بكتاب الماء والفلاحة السوقية بالبلاد التونسية، منشوارت كلية الآداب منوبة.

المشي )بوجمعة(، 9221: التنمية الريفية والتناقضات البيئية بأرياف السباسب العليا:

مثال منطقة المكناسي ورد ضمن كتاب: التنمية والبيئة في المغرب العربي نشر كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، تونس.

معط الله )مياسة(، 4090: المتلوي مدينة منجمية. شهادة الماجستير في الجغ ارفيا ،كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.

الميعادي )العلوي فضيلة(، 4002: الأوضاع العقارية وتهيئة المجال بضاحيتي التضامن الكبرى وأريانة الشمالية نموذجا. مركز النشر الجامعي، تونس.

الميعادي )العلوي فضيلة(، 4009: السياسات السكنية والتهيوية بإقليم تونس: مثال أحياء السكن العفوي بالتضامن – دوار هيشر – المنيهلة. مركز النشر الجامعي تونس.

نعيجة )هشام(، 4009: المجموعة الحضرية المكنين – قصر هلال: الدينامية وتنظيم المجال. أطروحة لنيل شهادة الدكتواره في الجغ ارفيا. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

النويصر )خالد(، 9220: العجز الغذائي في تونس: العوامل وامكانيات التجاوز، ورد بكتاب العجز الغذائي بتونس الخض ارء من المسؤول؟ دار س ارس للنشر والمعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر.

الهرماسي )حسن(، 9222: دور المدن في تنظيم المجال بولاية القصرين، أطروحة لنيل شهادة الدكتواره في الجغ ارفيا. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

الهرماسي )حسن(-4009: المجالات الحدودية من خلال تجارة التهريب بمنطقة فريانة

)مقاربة اجتماعية- مجالية(. نشر كلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة.

الوسلاتي )عامر(- 9222: المشاهد الطبيعية في تونس، دار سارس للنشر، تونس.

الوسلاتي )عامر( – 9223: مسائل في تهيئة الت ارب والبيئة في تونس، دار س ارس للنشر، تونس.

الوسلاتي )عامر( وبورقو )المنجي(، 9229: تضاريس البلاد التونسية، مركز النشر الجامعي للتوثيق العلمي والتقني، تونس.

2. المراجع المكتبية باللغة الفرنسية

Abaab (A) et Elloumi (M.), 1996: «L’agriculture tunisienne, de l’ajustement au défi de la mondialisation» In politique agricoles et stratégies paysannes au Maghreb et en Méditerranée Occidentale. Publication de l’institut de recherches sur le Maghreb contemporain (IRMC). Tunis.

Abdhallah.H.2013: Impacts des communautes paysannes sur la foret et ses marges steppiques dans le secteur de soughas (Dorsale Tunisienne), Publication de la Faculté des Lettres, des Arts et des Humanités de la Manouba.

Attia (H), 1977 : Les hautes steppes tunisiennes. De la société pastorale à la société paysanne . Thèse d’Etat de géographie, Paris – Sorbonne.

Bacha (M. S) et Ghersi (G), 2004 : « Agriculture et alimentation en Méditerranée : Les défis de la mondialisation. » Ciheam – Iresa-Karthala.

Baccouche (A), 1998 : « Le système fourrager de l’agro-combinat Ghezala : étude technique et proposition d’amélioration. Mémoire de fin d’études du cycle de spécialisation ». Institut national agronomique de Tunisie.

Baduin (R), 1975 : « Les agriculteurs de subsistances et le développement économique ». A Pedone.

Baduin (R), 1971: « économie rurale », Armand Colin.

Bailly (A), et Beguin (H). 1992 : « Introduction a la Géographie humaine », Armand Colin.

Barel (Y), 1973 :«la reproduction sociale, système vivants invariance et changement». edition Anthropos.

Baud (P), Bourgeat (S) et, Bras (C) 2007 : « Dictionnaire de géographie », Hatier.

Bavoux ,(J.J), 2002 : « Géographie , objet , méthodes, et débats » Paris , A.Colin.

Beaujeu-Garnier-(J), 1997 : « géographie urbaine » Armand Colin, Masson,

Paris.

Ben Gazi (A). 2009 : «Le bassin versant de l'oued Tessa (Haut – Tell, Tunisie), Etude morphologique des héritages quaternaires. Publication de la faculté des Lettres, des Arts et des Humanités de la Manouba.

Bechrouie (A), 1980: «La vie rurale dans les oasis de Gabes», Publication université de Tunis.

Belharth (T),1998: «Le processus de développement locale en Tunisie septentrionale.» in «Quelques aspects du développement régionale et local en Tunisie» Coordination& Direction par Belhedi (A).

Belhedi (A),1980 : le chemin de fer et l'espace en Tunisie, transport et organisation de l’espace. Publication de l'Université de Tunis.

Belhedi. (A), 1992 : L’aménagement de l’espace en Tunisie : La reproduction ou l’alternative. Public. Fac. Sc. Hu et Soc. Tunis.

Belhedi (A), 1992: Société, espace et développement en Tunis. Public Fac sciences humaines et Soc. Tunis.

Belhedi. (A). 1995 : «L’aménagement du territoire entre le discours et le pratique» In Revue Tunisienne de Géographie N 27, pp 9-35

Belhedi (A), 1997: «les facteurs socio-économiques des migrations.», in Population et développement en Tunisie Colloque sur le manuscrit préliminaire Hammamet 7- 9 Novembre, Paris.

Belhedi (A), 4000: «les villes intermédiaires en Tunisie: Quelques elements de problematiques.», in villes intermediaries dans le Monde Arabe, pub du Laboratoire SEDRES- CNRS,Université Paris VII- Denis- Diderot,pp55-85.

Belhedi (A). 2013 : « Les défis de l’aménagement urbain» Séminaire de l’A.F.H Tunis, Avril 2013.

Belhedi (A), 1998: Repère pour l’analyse de l’espace. cahier du CERES ; Série Géographique, n°19, Tunis.

Ben Ahmed (H), 2007: Périurbanisation et espace rural autour de Sfax, Thèse de géographie humaine et économique, F.S H.S. T.

Ben Nasr (A), 1989: la petite ville et l’organisation de l’espace rural, Etude d’un cas Menzel chaker, F.S.H.S.Tunis.

Berry (J. L) 1971: Géographie des marchés et du commerce de detail. Armand Colin.

Bernier (X), 1997: les mutations des espaces ruraux dans les pays en vois de développement. P, économica.

Bertalanffy (V .L), 1993 : Théorie générale des systèmes. Paris, Dunod

Bethemont (J), 2001 : Géographie de la Méditerranée. Edition Armand Colin. Paris.

Bonnamour (J), 1973 : Géographie rurale, méthodes et perspectives. Edition Masson et Cie.

Bonnamour (J), 1993 : Géographie rurale, position et méthode. Edition, Masson.

Bouchelkha (M), 1996 : L’espace rural dans le Souss.» Publications Faculté des Lettres et Sciences Humaines Agadir. Ed. Sud Contacts.

Brunet (R), 1993: Les mots de la géographie, dictionnaire critique. Reclus de la documentation Française.

Chaari (N), 2000: Rapports d’échange et mutations des filières agro- alimentaires. L’Harmattan.

Chabbi (A), 1976: «Une réflexion sur le développement rural intégré.»

Chapuis (R), et autres, 1998: « introduction à l'analyse spatiale », Armand Colin, Paris.

Chapuis (R), 2001: «Systèmes et espaces agraires dans le monde.» Armand

Colin, Paris.  Charrier (J.B), 1988 : «Villes et campagnes» Masson, Paris.

Chaouch (K), 1975: Moknine et son souk (étude géographique) thèse de troisième cycle, C.E.R.E.S, Tunis.

Cherif (A), 1993 : Secteur organisé et développement agricole dans le Haut telle (Tunisie)» étude de géographie agricole. Pub. de la Fac. Des Lettre De la Mannouba.

Cherif (A) et Kassah (A) 1995 :«L’eau et l’agriculture irrigué en Tunisie.» Publication. De la Faculté Des Lettre De la Mannouba. Université de Tunis 1.

Cherif (M), 2010: Agriculture et dynamiques Territoriales dans les Marges Sud Sahéliennes, Thèse de Doctorat en Géographie Rurale.Faculté des sciences Humaines et sociales de Tunis.

Chevalier (J), 1994: Au centre des villes: dynamiques et recompositions. Paris, L’Harmattan.

Chevret (J. P), 2002 : Géographie Humaine questions et enjeux du monde contemporain.

Claval (P.) 1995 : Initiation à la géographie régionale. Fac Nathan Université.

Collectif, (sous la direction) de Bailly (A). 1998: Les concepts de la géographie humaine Paris, Milan, Barcelone.

Collectif, (coordonné) par Souiah (S. A), 2005 : Villes arabes en mouvement. Groupe de recherches sur Magreb et Moyen- orient (GREMAMO) Laboratoire SEDET- CNRS Université Paris VII-Denis Diderot, Edition : L’Harmattan.

Collectif, (dirction) par Bonnamour (J), 1996: Agricultures et campagnes dans le monde. Paris. Sedes.

Collectif, (coordonné) par Lamine (R), et autres, 2001 : Une géographie au temps du monde: postures intellectuelles pour une géographie Tunisienne. Edition Faculté de Lettres et Science Humaines de Sousse.

Collectif, (direction) par Henia (L) 2008: Atlas de L’eau en Tunisie. Université de Tunis Faculté des Sciences Humaines et Sociales.

Collectif, (direction) par Signoles (P), et autres (1999) : L’urbain dans le Monde arabe : politiques, instruments et acteurs. Edition : CNRS.

Collectif, (direction) par Ciattoni (A) et Veyret (Y), 2003 : les fondamentaux de la géographie. Armand colin.

Collectif, (direction) par François Madoré, 2006 : Le commentaire de paysages en géographie humaine. Armand colin/VUEF, Paris.

Collectif, (direction) par Frédéric Teulon, 1999 : Dictionnaire d'histoire, économie, finance, géographie. 3eme édition. Presses Universitaires de France.

Collectif, (direction) par Lévy (J) et Lussault (M), 2003 : Dictionnaire de la géographie et de l’espace des sociétés. Belin.

Collectif, (direction) par Haumont et Levy (J.P), 1998: La ville éclatée quartiers et peuplement. L'Harmattan.

Collectif, (direction) Mesure (S) et Savidan (P), 2006 : Le Dictionnaire des sciences Humaines. 1ére édition Quadrige.

Collectif, (direction) par Cabanne (C), 1992 : Lexique de géographie humaine et économique. 2éme édition Dalloz.

Collectif, (direction) par Revol (R), 2002 : Dictionnaire des sciences économiques et sociales. Hachette édition.

Collectif, (direction) par Blanc (P), 2002: Du Maghreb au Proche –Orient : Les défis de l’agriculture. L’Harmattan.

Collectif, (direction) par Guibert (M) et Yves (J), 2011 : Dynamiques des espaces ruraux dans le monde. Armand colin.

Collectif, (direction) par Signioles (P), El kadi (G) et Boumedine (R) : L’urbain dans le monde Arabe: politiques, instruments et acteurs. édition C.N.R.S.

Dardour (M.), 1999 :«Terre et rapports sociaux à la compagne : l’Etat, le technicien, le notable, le paysan. Cas d’une communauté paysanne du Gharb (Maroc), in, Dynamiques rurales dans le Maghreb profond. Revue de l’U.R.E.S.A.5045 du C.N.R.S « Mutations des territoires en Europe.» Publication de l’Université Paul Valéry.

Daoud (A), 1992:« Le piémont de djebel Kebar et son aménagement ; Communication au colloque ; Les régions de piémont au Maghreb : ressources et aménagement. Sefrou.» Avril.

Daoud (A), 1994 : « Les aménagements hydrauliques en milieu semi aride. Exemple de la plaine de Sidi Bouzid» In Crue et inondations. Actes des 23 journées de la société Hydrotechnique de France. Nîmes.

Dauphiné (A), 2003: Les théories de la complexité chez les géographes. Anthropos, Edition Economica.

Derruau (M), 1995 : Géographie humaine. Armand colin Paris.

Di Méo (G),1998 : Géographie sociale et territoires. Paris, Nathan.

Diry (J-P), 1999 : Les espaces ruraux dans le monde. Paris, SEDES.

Elmaoula Eliraki (A), 1999 : Petites villes et villes moyennes: Etats, Migrants et Elites locales .Cas de trois villes de la région Nord-Ouest Marocaine. Université de Paris I. Pantheon-Sorbonne Institut de géographie, Thèse.

Frémont (A) – 1984: Géographie sociale. Paris, Masson.

Funel (J) et Laucain (G), 1981 : Politiques d’aménagement hydro-agricole. PUF. Paris.

George (P) et Verger (F), 4002 : Dictionnaire de la géographie. 8eme édition mise à jour, Quadrige/PUF.

George (P) et Verger (F), 2009: Dictionnaire de la géographie. 10eme édition mise à jour, Quadrige/PUF.

Gilbank (G), 1974: Introduction à la géographie générale de l’agriculture.

Hamzaoui (O.N), 2004: Centres urbains secondaires dans le District de Tunis: organisation, fonctionnement et évolution. Université de Tunis .F.S.U.S. de Tunis.

Henia (L), 1980 : Les précipitations pluvieuses dans la Tunisie tellienne. Publications de l'université de Tunis.

Henia (L), 1993 : Climat et bilans de l'eau en Tunisie : essai de régionalisation climatique par les bilans hydriques. Publications de l'université de Tunis,

Kasseb (A), 1979 : L’évolution de la vie rurale dans les régions de la Madjerda et de Béja –Mateur. Publication de l’université de Tunis.

Kassab (A), 1980: Etudes rurales en Tunisie. publication de l’université de Tunis.

Kassab (A), 1981: les régions géographiques de la Tunisie. Publication de l’université de Tunis.

Kassab (A), 1991: Les oasis du Djérid. Etude de géographie agraire. Pub Faculté de Lettre De la Mannoub, Université de Tunis 1.

Lamarche (H), 1991: L’agriculture familiale: comparaison Internationale. L’Harmattan, Paris.

Lamine(R), 2001: Villes et citadins du Sahel Central l’ors du temps. F.L.S.H de Sousse.

Lamine(R), 2010: « Réseaux d’acteurs et configurations spatiales» in Territoire, développement. Edition Sahar, Ecole Normale Superieure,Tunis.

351

Lapierre (J.W), 1992: L’analyse de systèmes; L’application aux sciences sociales. Edition SYROS.

Lebeau (R), 4002 : Les grands types de structures agraires dans le monde. Paris ; Armand colin.7e édition.

Le berre (M), 1992: Territoires. Encyclopédie de Géographie. Paris, Economica.

Lemoigne (J.L), 1984 La Théorie du système général, théorie de la modélisation. Paris: PUF.

Lévy (J), 1994 : L’Espace légitime sur la dimension géographique de la fonction politique. Paris.

Lévy (G) et Lussaut (M), dir, 2003 : Dictionnaire de la géographie et l’espace des societies. Belin.

Maarouf (N), 1981 : La relation ville compagne dans la théorie et la pratique. Contribution à une sociologie rurale des pays dominés. 2ème édition. Office des publications Universitaires, Alger.

Maklouf (E), 1966 : Structures agraires et Modernisation de l’agriculture dans les plaines du Kef –Les unités coopératives de production. Strasbourg: Faculté des Lettres.

Marthelot (P), 1968 : « Problèmes De participation dans la société rurale du Maghreb. » N° 15 : décembre 1968. actes du colloque de géographie maghrébine (Tunis 5-7 octobre 1967).

Mario (P) et Richard (SH), 2005 : Economie urbaine et régionale deuxième édition, economica.

Marchal (J.Y), 1972 : « La place des études de terroir dans les recherches centrées sur le développement rural ». In : « Les petits espaces .ruraux, problèmes de méthode » ORSTOM, Et-ris.

Merenne–schoumaker (B), 1999: La localisation des productions agricoles.» Nathan, Paris.

Mhidi (N).1998: « le role des nouvelles communes des montagnes du Nord- Ouest de la Tunisie dans le développement local. Le cas de Nebber, Manzel salem et Bni Mtir» in quelques aspects du développement local et régional, cahiers du CERES, série géographique n° 20.

Merlin (P), 1997 : Géographie humaine. PUF, Paris.

Monchicourt (Ch), 1913: La région du Haut – Tell, en Tunisie (Le Kef, Teboursouk, Mactar, Thala) : essai de monographie, Thèse pour le Doctorat ès Lettres de l’université de Paris, Paris Librairie. Armand Colin.

Morel-Brochet (A), 2005-2006 : Ville et compagne à l’épreuve des modes d’habiter : Approche biologiques habitantes, l’Université Paris 1.

Ndiaye (M), 2007 : Systèmes de production et mutations des Paysages ruraux dans la basse vallée du Ferlo au Sénégal. Université U. F. R. D.E Géographie – Aménagement Bordeaux iii – Michel de Montaigne.

Nzisabira (J), 1995: Organitation de l’espace: le système dominant et son fonctionnement. Louvain-la-Neuve-Pari Acaddemia-Bruylant . L’Harmattan.

Paulet (J.P) 2010 : Manuelle de géographie urbaine. 3eme édition , Armand Colin.

Peillon (P), 1966: Le Kef et sa région : Structure du passé et évolution actuelle. Diplôme d’études supérieures de géographie, Lyon.

Poche (B) 1996 : L’Espace fragmenté: éléments pour une analyse sociologique de la territorialité. Paris, L’Harmattan.

Poncet (J), 1963 : paysages et problèmes ruraux en Tunisie. Pub.Univ.de Tunis

Pumain (D) et Saint-Julien (Th), 2005: L'analyse spatiale: Localisations dans l'espace. Armand Colin.

Pumain (D), et Saint-Julien (Th), 2001: Les interactions spatiales. Armand Colin.

Raymond (B) et François (B), 2004 : Dictionnaire critique de la sociologie. Edition France Quercy.

Sethom (H), 1992 : pouvoir urbain et paysannerie en Tunisie. Cérès Productions.

Sethom (H), 1997: Répartition spatiale et urbanisation in population et développement en Tunisie. Colloque sur le manuscrit préliminaire Hammamet 7 – 9 novembre 1997, Institut national d'études démographiques.

Signole (P), 1985: L’espace Tunisien : Capitale et Etat-Région. Tomes I et II, In Urbanisation du Monde Arabe, Fascicules n° 14 -15, URBAMA, Université de Tours.

Scheibling (J), 2006 : Qu'est-ce que la géographie?. Hachette supérieur.

Seguaund (M), Brund (J) et Driand (J.C), 2003: Dictionnaire de l’habitat et du logement. édition, Armand Colin.

Tlili (J), 2000 : Migration interne et développement au Kef. Université Tunis I Faculté des sciences Humaines et Sociales, Département de Démographie, Diplôme des Etudes Approfondis.

Vissac (B), et Hentgen (A),1980 : Eléments pour une problématique de recherche sur les systèmes agraires et le développement. INRA (S.A.D.), Paris.

Vanessa (R), 2004 : L’urbanisation au Maghreb: le langage de cartes. Publication de l’Université de Province.

Zarrad (T), 1994: Le développement agro-alimentaire de la Tunisie en question. Edition Cérès.

II. المجلات والدوريات 1. المجلات والدوريات باللغة العربية

بن غربية )الحبيب(- 9222: "مفارقات التنمية الزارعية داخل المجالات المحلية: د ارسة لنموذجين بالمنطقة السقوية العمومية لقرمبالية"، ورد في مجلة الجغ ارفيا والتنمية عدد 93-99، ص ص 90-13.

داود )عبد الكريم( -4009: "حصيلة تعبئة الموارد المائية وآفاقها في تونس"، مجلة الجغ ارفيا والتنمية عدد 24، ص ص0-22.

ال ازرعي )فوزي(- 9223: "التوسع الحضري بأريانة الشمالية والعوامل"، ورد بالمجلة الجغ ارفية التونسية عدد 40، ص ص 42-90.

ستهم )حافظ(، 9210: "الاستحواذ العقاري للسكان الحضر على الأ ارضي الزارعية في الجمهورية التونسية" ، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد 93 ص ص22- 02.

ستهم )حافظ(، 9222: "الهياكل الزارعية والتحوي ارت التي أدخلت عليها في البلاد التونسية ودورها في التنمية الزارعية بعد الاستقلال"، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد 49 ص ص900- 921.

ستهم )حافظ(، 9222: "السلطة الحضرية والفلاحون في تونس"، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد 49 ص ص920- 921.

الفازعي )الصديق(، 9222 : "النمو الحضري بمدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي التونسي"، المجلة التونسية للجغ ارفيا عدد 42- ص ص 13- 992.

الفازعي )الصديق(، 9222 : "تحولات الفلاحة السقوية في ولاية سليانة بالشمال الغربي التونسي"، المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية عدد 992 سنة9222 .

الفازعي )الصديق( ، 4002: "التل الأعلى التونسي بين التحول والهامشية". المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية، عدد 942، ص ص 29- 992.

الفازعي )الصديق( ، 4002: "دينامية المدن الصغيرة باقليم التل العالي التونسي: مثال سيدي برويس – الانتقال من مجرد محطة أرتال الى مركز حضري"، المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية عدد 941، ص ص 39- 14.

الفازعي )الصديق(، 4002: "دوارلبنى التحتية والتجهي ازت العمومية في التنمية الاقليمية، مثال اقليم الشمال الغربي"، مجلة الجغ ارفيا والتنمية" العدد 92 ص ص 43-

.29

لامين )رضا(، 9224: النمو الحضري والتهيئة المجالية لمساكن، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد 44 / 49 ص ص02-24.

لامين )رضا(، 9224: المسعدية من القرية إلى المدينة، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد

44 / 49 ص ص39 -04.

المهيري )علي(، باشطة )محمد الصالح(، 9223: من أجل تهيئة مستديمة للأ ارضي الفلاحية، المجلة الجغ ارفية التونسية عدد 43/40 ص ص0 ـ44.

الهنتاتي )عادل(- 9221: التنمية وشروط استدامتها، ورد بمجلة الجغ ارفيا والتنمية عدد

92، ص ص 22-20 .

2. المجلات والدوريات باللغة الفرنسية

Attia (H), 1964: « Modernisation Agricole et Structures Sociales, Exemple Des Oasis Du Djérid. » R. T. S. S .n° 2 : février 1965 actes du séminaire de sociologie rurale tenu au C. E. R. E. S. les 28, 29 et 30 avril 1964.

Attia (H), 1972 : « l’urbanisation de la Tunisie. » Revue Tunisienne de sciences sociales ,n°28/29, pp 9-32

Attia (H), 1968: « Problématique De La Modernisation De L'agriculture Dans Le Maghreb. » R. T. S. S n°15 décembre 1968 actes du colloque de géographie maghrébine Tunis 5-7 octobre 1967

Attia H, (1969) : la répartition géographique de la population tunisienne. R. T. S. S n°17+18

Attia (H), 1970: « Croissance et migrations des populations sahéliennes. » R. T.

S. S. n° 23 : décembre 1970.n° spécial : migrations internes en Tunisie

Barel (Y), 1977 : « L’idée de système dans les sciences sociales ». Esprit, no 1, p. 69-82.

Bennasr (A). 2003 : « L'étalement urbain de sfax ». in Revue Tunisienne de Géographie, n°36 p 49-87.

Belhedi (A), 1981: «Le programme du développement rural :les illussions et la réalité» R.T.G. n° 7, pp 9-45

Belhedi (A) 1995 :« Etude stratégique : migration interne et développement régional» note 5, Note de synthèse juillet.

Belhedi (A).1995:«les villes intermédiaires en Tunisie place et dynamisme.» Cahiers de la Méditerranée, n°5, juin 1, pp 81- .301

Belhedi (A), 2003 :«Acteurs locaux et exploitations agricoles dans le SoussMassa» In Dirasset. Revue de la Faculté des Lettres et Science Humaine d’Agadir. N° 11. pp 165-209.

Belhedi (A), 1980 : « La circulation routière et l’organisation de l’espace ; les zones d’influence et les niveaux de Trafic. » In Revue Tunisienne de Géographie N 5, pp 133-141.

Belhedi (A) 1981 : « Le programme de développement rural et les illusions de la réalité » In Revue Tunisienne de Géographie N 7, pp 9-45.

Belhedi (A), 1982 : « Du problème régional, contribution pour mesurer et réduire l’inégal développement : première approche et application à la Tunisie. » Revue Tunisienne de Géographie n°9 pp9-42

Belhedi (A), 1920: “Espace et société, développement, organisation et aménagement de l’espace en Tunisie depuis l’indépendance. » In Revue Tunisienne de Géographie n° 18, pp 9-55.

Belhedi (A), 1999 : « Les niveaux de développement en Tunisie: analyses comparatives des 3 méthodes classificatoires. » R. T. S. S. n° 119.

Bethemont (J.), 1990: «Sur la dynamique de l’irrigation dans les pays en voie de développement», In Revue de géographie de Lyon, vol. 65, n° 1. pp 5- 10.

Ben Salem (L), 1978: «Quelques hypothèses concernant l'étude des villages ou communautés rurales a partir de l'analyse d'un cas: el-haouaria.» R. T. S. S. n° Spécial 54/55 : 15ème Année 1978.

Brossier (J), 1987: «Système et système de production, note sur ces concepts.» In, cahiers des Sciences Humaines, n° 23, pp 377-390

Chaouch (K), 1993: « Impact du développement local sur la dynamique urbaine : Le Cas De La Petite Ville De Zahret Mediene (Amdoun Gouvernorat De Beja). » R.S.S n° 114 : 30 eme Année 1993.

Cherif (A), 1994 : « L’aménagement des ressources en eau en Tunisie du Nord, l’émergence d’un système hydraulique Régionale » In Revue Tunisienne de Géographie n° 27, pp 55-91.

Cherif (A). 1994 : « Politique de l’eau et aménagement des campagne » Cahiers de la Méditerranée, n°49, pp83-104.

Cherif (A) et Lachneb (A), 1995: «L’élevage laitier dans la Tunisie du Nord-Est: mutations structurelles et spatiales» in, Tunisie orientale, n° 5,1995,pp 67-88.

Cherif (A), 1980: « Aspects et problèmes de l’intensification des systèmes de production du secteur agricole coopératif des U. C. P. de Medjez Elbab.» Revue Tunisienne de Géographie. n° 6 p p 9- 40.

Cherif (A), Nouicer (K),1991: « Mutations récentes des filières agro-alimentaires en Tunisie» le cas de la tomate de conserve, in Géographie et développement n° 10, ,pp 75-110 .

Collectif, 1991 :«Pour une approche régionale du développement agricole : céréaliculture et dynamique des systèmes agraires en Tunisie.» Annales de L’ INRAT, Vol 64. Edition Arabesques – Tunisie.

Clarimont (S), Aldhuy (J) et Labussière (O), 2006, « Les recompositions territoriales face à la faible densité : comparaison des pays aquitains et des comarcas aragonaises.in Annales de géographie , n°247.pp27-48.

Brunet (R), 1979: «Systèmes et approche systémique en géographie», Bulletin de l'association française des géographes (465), pp. 399-.704

Dlala (H), 1978 : « L’aménagement du territoire en Tunisie. » In Revue Tunisienne de Géographie n° 1, pp 99-.111

Desede (M.H) et Moine (A), 2001 : « Systémique et bases de données territoriales, des concepts et des outils pour une gestion raisonnée des territoires. » Revue internationale de géomatique. » vol. 11, no 3-4, numéro spécial « SIG et aménagement, p. 333-358.

Elloumi (M), 1990 : « Fonctionnement des unités coopératives de production dans la région de Mateur. » In Revue Tunisienne de Géographie N 18, pp 84-149.

Fahem (A), 1968 : « Un exemple de relations ville – compagne: Sousse et le

Sahel Tunisien. » in R.T.S.S n° 12 p275 -294

Gdoura (M), 1992 : « Aménagement rural et urbanisation expérience des projets de villages ruraux intégrés. » R.S.S n° 110 : 29ème Année 1992. N° Spécial : ACTES DU colloque urbanisation et développement régional Tunis 28 oct. -2 nouv. 1991

Gammar (A), 1984 : « Défrichement et déprise rurale dans le Haut Tell Friguien. » Revue tunisienne de géographie, n°13, pp 53 – 76

Hayder (A), 1979 : « Note sur l’armature urbaine tunisienne et son évolution récente, une application de la loi rang-taille. » In Revue Tunisienne de Géographie n° 4, pp 113-130

Hassainya (J), 1991 : « Irrigation et développement agricole : L’expérience tunisienne. » Options Méditerranéennes. Série B. n° 2 pp 153 – 162.

Jerome (A- N), 2001: « étude géographique des filières de l’igname et de la banane plantain au marché de gros de Bouaké et leur incidence sur les bassins de production et de réception », Revue Tunisienne de géographie, 32, pp57-90.

Jerome (A- N), 2001: « Dynamique spatiales des marchés de ravitaillement en produits vivriers de la Bouaké ( CÔte d’Ivoire). » Revue Tunisienne de géographie, 32, pp91113.

Kasseb (A), 1979 : « Le phénomène de dispersion de la population rurale dans le tell septentrional et le haut tell-Tunisiens. » In Revue Tunisienne de Géographie n°3, pp 31-42.

Kasseb (A), 1979 : « L’évolution de la culture de la betterave à sucre ; dans la Tunisie Tellienne depuis 1972. » In Revue Tunisienne de Géographie n° 4, pp 101-111.

Kassab (A), 1983 : « L’agriculture Tunisienne. » Revue Tunisienne de Géographie. n° 10 11.

Kassab (A), 1967: « Production, Commercialisation de l'huile en Tunisie. » R.S.S n° 9 : MARS 1967.

Kassab (A), 1969: « L'élevage dans Les Pays de Moyenne Medjerda et du Bled Béja.» R.S.S n° 19 : décembre 1969.

Kassab (A), 1977: « L'emploi Rural dans les Régions De La Moyenne Medjerda.» R.S.S n° Spécial 50/51 : 14ème Année 1977.

Kassab (A), 1978 : « La grise des grandes cultures dans la Tunisie tellienne: causes naturelles et structurelles.», Revue tunisienne de géographie n°1.

Kassab (A), 1990 :« Les industries agro-alimentaires (I A A) en Tunisie », In Revue Tunisienne de Géographie et Développement N 10, pp 47-.37

Leresche (J. P), et Saez (G) 1997: «Identités territoriales et régimes politiques de la frontière.» Pôle Sud, no 7, p. 27-.74

Lévy (J), 1991 :«A-t-on encore (vraiment) besoin du territoire?» Espaces Temps no 51-52, p. 102-.241

Makhlouf (E), 1967 : « Nouveau Dualisme De L'agriculture Tunisienne. » R.T.S.S n°

9. MARS.

Makhlouf (E), 1969 : « l'évolution de la population de la Tunisie septentrionale depuis 1921 : milieu rural et structures de production. » R.T.S.S N° 17/18 : Janvier 1969

Maklouf (E), 1971: « Les Coopératives Agricoles en Tunisie: Structures et difficultés.» R.S.S n° 26 : septembre 1971.

Maklouf (E), 1972: « Les changements récents dans le contenu socioeconomique de l'exode rural. » R.T.S.S N° 28/29 : 1ère Et 2ème trimestre 1972.

Mamou (A ), Kassah (A) (2000) « Les nouveaux défis de la gestion de l’eau en Tunisie » In Revue d’Economie Méridionale, vol. 48, n° 191, pp 303-318.

Maurer(J), 1996 : « l’homme et les montagnes atlasiques au Maghreb .in Annales de Géographie .n° 587 pp 47- 72.

Mtimet (A), 1992 : « projets de développement agricole et intégration au milieu rural "cas du gouvernorat du kef. » R. T. S. S n° 110 : 29eme année 1992.n° spécial : actes du colloque urbanisation et développement régional Tunis 28 oct.

-2 nouv. 1991.

Prenant (M), 1968 : « Rapports Villes-Campagne Dans Le Maghreb: L'exemple De L'Algérie. » R.T.S.S n°12: 1968. Janvier

Sethom (H), 1965: « Les Mutations Des Campagnes Algériennes Depuis L'indépendance. » R.T.S.S n° 5. : JUIN 1965

Sethom (H), 1978: Les Propriétaires Fonciers Tunisois Dans La Presqu'île Du Cap-Bon Contribution A L'étude Des Rapports Villes-Campagnes Dans La Tunisie Du Nord-Est. R.T.S.S n° 52 – 14ème Année 1978.

361

Signole (P), 1978 : « L’armature urbaine Tunisienne Forces et Faiblesses et son rôle dans le développement National.» In Revue Tunisienne de Géographie n°1, pp 68-96.

Signole (P), 1972: « Migration intérieures et villes en Tunisie.in cahiers de Tunis n°79 -80. PP207 -240

Stambouli (F), (1972) : « Structures sociales et habitat. » In, Revue Tunisienne des Sciences Sociales, n° 28/29, pp 73-80.

Trabelsi (M), 1971: « la dynamique urbaine exemple de la ville de Maharès.» R.T.S.S n° 24. pp 120 /161

Trabelsi (M), 1976: « L’exode rural et son impact sur le développement des villes régionales » R.T.S.S n°44 1976.

Trabelsi (M),1992: « Les courants migratoires internes et la dynamique regionale. » R.T.S.S n° 110.

Trabelsi (M), 1978: « Rôle des souks dans la polarisation de l'espace régional. » R.T.S.S n°52 – 14ème Année 1978.

Trabelsi (M), 1979: « Développement rural et promotion du secteur agricole dans le kairouanais. » R.T.S.S n° Spécial 56/57 – 16ème Année 1979.

Trabelsi (M), 1987: « Les équipements infrastructurels et leur impact sur le développement rural. » R.T.S.S n° Spécial : 88/91 : 24ème Année 1987.2

Trabelsi (M), 1972: « Les relations inter-urbaines: rapports entre une petite ville et une métropole régionale. » R.T.S.S n° 30/31 : 3ème Et 4ème TRIMESTRE 1972

Trabelsi (M), 1990: « les exploitants agricoles en Tunisie disparités régionales de l'emploi non salarié. R.T.S.S n° 103 : 27ème Année 1990

II. المراجع الادارية

9. المراجع الادارية باللغة العربية

المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف، التقرير السنوي للأنشطة الاقتصادية،4092-4092

المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالكاف ،المي ازن الاقتصادي،4092-4092.

المعهد الوطني للاحصاء، التعداد العام التونسي للسكن والسكنى ،9299، 9203،

9212، 9222، 4002 و4092.

وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي ولاية الكاف في أرقام ،2112.

وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي ولاية باجة في أرقام، 2112

وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي ولاية سليانة في أرقام، 2112.

وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ديوان تنمية الشمال الغربي، ولاية جندوبة في أرقام2112.

الادرة العامة للتهيئة الترابية، أطلس ولاية الكاف ،2113.

أطلس ولاية الكاف 2113

2. الوثائق الادارية باللغة الفرنسية:

Bchir (M), 1995 : «Démographe: les flux migratoires, avec l’équipe de travail :

etude stratégique « migration intérieur et development regional » I.N.E.S.

chapitre 5.

Ministère de l’Environnement et du Développement durable direction Générale de l’environnement et de la Qualité de la vie, 2006 : « Programme d’Action Régional de Lutte contre la Désertification du gouvernorat du Kef, Rapport

final.

Ministère de l’Equipemment, de l’Habitat et de l’Amenagement du Territoire, Direction Génerale de l’Amenagement du Territoire, 2005: «Schema Directeur

d’Amenagement de la Region Economique du Nord-Ouest.»

Ministère de l’Agriculture, de l'environnement et des ressources hydrauliques ; Direction Générale de l'Aménagement et de la Conservation des Terres Agricoles (DG/ACTA):2003, Etude de planification des aménagements C.E.S.

dans le Gouvernorat du Kef.

Rapport annuel d'activités du C.R.D.A du KEF .1988

Rapport annuel d'activités du C.R.D.A du KEF .1992

Rapport annuel d'activités du C.R.D.A du KEF .2009 Les documents internet

Aromatario (C), 2004: « Le système et l'approche dite systémique. » www .Google. Article non numéroté.

Caillavet (F), et autres,2005 : « Introduction: Les mutations de la famille agricole. Économie rurale 289-290 (Septembre-décembre 2005) Pagination de

l’édition papier : p. 7-9.http://economie rurale.revues.org/86

Donnadieu (G) et autres, 2003: « L'approche systémique : de quoi s'agit –il ? » Synthèse des travaux du groupe AFSCET (Association Française des Sciences des systèmes cybernétiques, cognitifs et Techniques) ,11 pages www .codatu.org.

Elloumi (M), 2006 : « L’agricultures Tunisienne dans contexte de libéralisation. Région et développement. » n°23.De130 à160 pages .

www .Google.

Etienne (B). 2004 « Développement urbain et dynamiques des acteurs locaux: le cas de Kaolack au Sénégal ». https://tel.archives-ouvertes.fr

Grasland (C) et Potrykowska (A), 2002 « Mesures de la proximité spatiale : les migrations résidentielles à Varsovie », L’Espace géographique 2002/3 (tome 31), p. 208-226. http://www.cairn.info/revue-espace-geographique2002-3-page-208.htm.

Fournier (J-M), Raoulx (B),2003 : « La géographie sociale géographie des inégalités.» Créso- Université de Caen. 32 Pages. www .Google

Jill (L.F), et autres,2005 : « Les ménages agricoles aux États-Unis Participation au travail, prise de décision et influence du contrôle des actifs agricoles. » Économie rurale 289-290 (Septembre-décembre 2005) Pagination de l’édition papier : p. 44-62.http://economie rurale.revues.org/86

Etienne (B). 2004 « Développement urbain et dynamiques des acteurs locaux: le cas de Kaolack au Sénégal ». https://tel.archives-ouvertes.fr

Laurence (Th), 2001 « Un concept pour le décrire : l’espace rural rurbanisé », Ruralia [En ligne], 09 | 2001, mis en ligne le 19 janvier 2005, consulté le 15 mars 2012. URL : http://ruralia.revues.org/250

الفهارس:

فهرس المشاهد:

فهرس الرسوم التوضيحية:

فهرس الخرائط

فهرس الجداول:

فهرس الرسوم البيانية:

الملاحق:

I. الاستمارات الميدانية

استمارة عدد1 : الاستمارة الخاصة بمسالك إنتاج و توزيع الفلاحة البعلية و السقوية التاريخ ……/ ………/ 2113

I. معطات حول المستجوب

الاسم و اللقب……………………….

اسم منطقة السكن ) بالتحديد(…………………

هل تمارس أنت أو أحد أفراد العائلة نشاط إضافي نعم لا

إذا كانت الإجابة نعم ماهو هذا النشاط : العمل في الحضائر

بيع البنزين

حارس في مؤسسة عمومية

نشاط آخر أذكره ………………………………….

منذ متى ) السنة حسب التقريب ( بدأت تمارس نشاط اضافي ………….

3. ماهي المجالات التي تستثمر فيها عائدات النشاط الاضافي: استثمار في القطاع الفلاحي

تحسين المسكن العائلي

استثمار في التجارة

استثمار في النقل

شراء مسكن في المدينة )قريبة، أو بعيدة( أذكرها

شراء قطعة أرض في المدينة

II. خصائص الرحلات الانتجاعية

1. هل مثلت منطقتك – قديما- وجهة لرحلات الانتجاع ؟ نعم لا

اذا كانت الاجابة نعم: – حدد الأصول الجغرافية لأصحاب هذه الرحلات………………………..

هل مازالت هذه الظاهرة موجودة : نعم لا اذا كانت الاجابة : نعم فهل تتم بشكل كثيف عرضي III. الهياكل العقارية و طرق الاستغلال

هل تمارس الرّي

نعم لا

اذ كانت الإجابة بنعم فهل تمارس الري بشكل:

مستمر ) كامل فصول السنة (

371

موسمي

ان كانت الإجابة موسمي حدد الفصول التي تمارس فيها الرّي و لماذا؟

……………………………………………………………………………………………………….

-هل الأرض التي تستغلها

ملك

-بالنصف

بالربع

بالخمس

بالثلث

كراء

حالات أخرى أذكرها ……………………………………………………………………………

– هل أن المساحة المستغلة :قطعة 1 قطعتان 3قطع 4قطع

5 قطع فما فوق

IV. مسالك إنتاج و توزيع الزراعات الكبرى

1- حدد ان كانت الزراعات الكبرى :- سقوية

بعلية

سقوية و بعلية معا

ماذا تزرع في الأرض؟

*القمح *الشعير *القمح اللين ) الفارينة ( *القصيبة

– ماهي الأنواع التي كنت تزرعها و تخليت عنها ؟

* القمح * القمح اللين ) الفارينة (

*أنواع أخرى ماهي ؟………………………………………………..

– لماذا تخليت عنها؟

…………………………………………………………………………………………..

– هل تحول جزء من أرضك من أرض زراعية الى أرض رعوية ) لرعي الاغنام( ؟

نعم لا

– اذا كانت الإجابة نعم فلماذا؟ …………………………………………………………………

6- – هل تحتفظ بنسبة من المنتوج ؟

نعم لا

– إذا كانت الإجابة نعم فلماذا؟

*للعلف تحسبا لموسم جفاف

*لبيعها في فترة يقل فيها العرض و يرتفع فيها الطلب

٭تحسبا لأزمة مادية تمر بها العائلة

*بذور الموسم القادم )زريعة(

7- – كيف تتم عملية ترويج الحبوب ؟

* تحمل الى ديوان الحبوب أين يوجد ……………………………………….

*على عين المكان: الى الفلاحين الكبار

*على عين المكان: الى التجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن …………………………………………………………………..

-*على عين المكان: الى تجار من مدن خارجة عن ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن مع ترتيبها حسب المكانة في الترويج……………………………………………..

*على عين المكان: الى تجار من أرياف تابعة الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف مع ترتيبها حسب المكانة في الترويج ……………………………….

*على عين المكان: الى تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف …………………………………………………………………..

8- – كيف تتم عملية ترويج القصيبة؟

*على عين المكان: الى الفلاحين من نفس المعتمدية

*على عين المكان: الى تجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج

……………………………………………………………………………………………………………..

-*على عين المكان: الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………………….

على عين المكان: الى تجار من أرياف تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………………….

على عين المكان: إلى تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف – أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج ……………………………………………..

* في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

الكاف – تاجروين – قلعة سنان – الدهماني – القصور

السرس – الجريصة – القلعة الخصبة – ساقية سيدي يوسف

*أسواق أخرى أذكرها………………………………………..

*في الأسواق الأسبوعية االتي لا تنتمي الى ولاية الكاف :

أذكر أسماء هذه الأسواق: القصرين سوسة القيروان نابل

الكريب – تستور سيدي بوزيد

أسواق أخرى أذكرها ……………………………………………………………………………………

V. مسالك تجارة العلف

1 – هل تمارس تجارة العلف ) القصيبة و التبن ،فصة…(:

نعم لا

ان كانت الإجابة بنعم :

* من أين تشتري المنتوج؟

من الفلاحين في فترة الحصاد

من الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف ) رتبها حسب الأولوية في التزود(:

الكاف – تاجروين – قلعة سنان – الدهماني

الجريصة – القلعة الخصبة – السرس – القصور

من الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف :

القصرين سوسة القيروان نابل

الكريب – سيدي بوزيد – تستور – بوسالم

أسواق أخرى أذكرها ………………………………………………………………………

*أين يروجه:

* في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

-سوق الكاف – سوق تاجروين – سوق قلعة سنان – سوق الدهماني

السرس – الجريصة – سوق القلعة الخصبة – سوق القصور

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف :

أذكر أسماء هذه الأسواق:

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم

أسواق أخرى أذكرها ………………………………………………………………………

البيع على عين المكان الى تجار من مدن تابعة لولاية الكاف:

أذكر أسماء هذه المدن…………………………………………………………………………………………

البيع على عين المكان الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف:

أذكر أسماء هذه المدن…………………………………………………………………………………………

VI. مسالك إنتاج و توزيع تربية الماشية

1- ماهي أنواع الماشية التي تملكها ؟

– الأغنام – الماعز – البقر العربي

*البقر العصري ) حدد نوعها ( …………………………………….

هل الماشية التي تمتلكها في: – ملك

" شركة"

غير ملك

– ماهو النوع المهيمن للماشية ) الاكثر حضورا(؟ ……………………………………

* ماهي الأنواع التي تخلت عنها ؟

…………………………………………………………………………………………..

4- كيف يتم ترويج قطيع الخرفان و الضأن ؟

*على عين المكان الى تجار من من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………………….

………………………………………………………………………………………………….

*على عين المكان الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج…………………………………………………. *على عين المكان الى تجار من أرياف تابعة الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج…………………………………………………….

٭في الأسواق الأسبوعية التابعة الى ولاية الكاف:

سوق الكاف سوق تاجروين – سوق قلعة سنان – سوق القلعة الخصبة

سوق الجريصة – سوق السرس – سوق القصور

٭في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف:

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم

أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………….

…………………………………………………………………………………………………………………

5- هل تروج صوف الأغنام و شعر الماعز أم تستغله لصناعة الأقمشة التقليدية ) الكليم ،الزربية …(؟

أروجه – أستغله

6- كيف تتم عملية الترويج ؟

* على عين المكان الى تجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………………………….

*على عين المكان الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج…………………………………………………….

*على عين المكان الى تجار من تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف. بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………………………..

*في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

سوق الكاف سوق تاجروين – سوق قلعة سنان – سوق القلعة الخصبة

سوق الجريصة – سوق السرس – سوق القصور

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………….

VII. مسالك تجارة الخرفان

1- هل تمارس تجارة الخرفان ؟

*نعم *لا

اذا كانت الاجابة نعم حدد السنة حسب التقريب…………………..

إن كان الاجابة بنعم فمن أين تشتري القطيع:

حدد مكان التزود الأول:

*أحتفظ بجزء من الانتاج" العلوش الكسبي"

* من الفلاحين مباشرة

*من الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف :

الكاف – تاجروين – قلعة سنان – سوق القصور

السرس – الجريصة – القلعة الخصبة

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم

أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………….

4. ماهو نوع العلف الذي تستعمله :

الطبيعي *الزرع الأخضر * القرط و القصيبة * التبن

الاصطناعي: * العلف المركز *خلط "النخالة" بالشعير

*خلط الخبز المجفف بالشعير

من أين يقتني المواد الأولية )علف ،ادوية ، بذور …(؟

…………………………………………………………………………………………………………………………

كيف تروج الخرفان ؟

حدد مكان الترويج الأول بالنسبة اليك:

*على عين المكان الى تجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج…………………………………………….

٭على عين المكان الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف – أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج ………………………………………………

على عين المكان الى تجار من أرياف تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………………..

على عين المكان الى تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الارياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………..

*في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

الكاف – – قلعة سنان

السرس – القلعة الخصبة الجريصة

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف:

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم

أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………………………

VIII. مسالك إنتاج و توزيع الغلال

هل تملك أشجار مثمرة ؟ نعم

-إن كانت الاجابة بنعم فماهي:

الزيتون – التين – العنب

اللوز – المشمش – الخوخ

أنواع أخرى أذكرها ……………………………………………………………………

هل يغرس والدك التين الشوكي و الأشجار العلفية )مثل الاكاسيا و الكطف ( ؟

نعم لا

بالنسبة للتين الشوكي ان كانت الإجابة بنعم فماهي الغاية الرئيسية من غراسته؟

٭علف في فترة الجفاف

٭الانتفاع من ثماره

٭أسباب أخرى) من ذلك التجارة( …………………………………………

كيف تم تمويل غراسة الأشجار )العلفية و المثمرة ( و التين الشوكي ؟

تمويل ذاتي

*قرض من الدولة في اطار مساعدة الفلاحين

*طرق أخرى أذكرها………………………………………………………………………………. ………………………………………………………………………………………………………..

5. الأشجار المثمرة:هل هي للاستهلاك العائلي – للبيع

-إن كانت للبيع فكيف يتم ترويجها ؟

على عين المكان الى تجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………………

على عين المكان الى تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن……………………………………………………………………

*على عين المكان الى تجار من أرياف تنتمي الى ولاية الكاف

-أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج……………………………………..

*على عين المكان الى تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف

-أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………………………

*في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

الكاف – تاجروين – قلعة سنان

السرس – القلعة الخصبة الجريصة

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف:

القصرين – سيدي بوزيد سوسة القيروان – نابل

تستور الكريب بوسالم

أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………………………

6. هل حول والدك بعض من أرضه إلى أراض زراعية مروية بعد أن كانت رعوية ؟

نعم لا

IX. مسالك إنتاج و توزيع الخضر

1- ماهي أنواع الخضر التي تنتجها؟

الطماطم – الفلفل – البصل

البطاطا – الفلفل الأحمر )برّعبيد ( – خيار – الفول

الجلبانة – القرع الأحمر – القرع الأخضر – اللفت

أنواع أخرى أذكرها………………………………………………………..

2- أنواع الغلال : – البطيخ – الدلاع

أنواع أخرى أذكرها………………………………………………………………

لجني المحصول تعتمد على يد عاملة: *عائلية

*مؤجرة

*عائلية و مؤجرة

ان كانت مؤجرة فهل هي: يد عاملة من المدن

أذكر الأسماء المدن التي تؤجر منها…………………………………………..

* يد عاملة ريفية

*أذكر أسماء الأرياف التي تؤجر منها…………………………………………..

هل تؤجر :- نساء

رجال

5- كيف تروج منتوجك

*على عين المكان الى تجار الخضر من المدن التابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج ………………………………………………

*على عين المكان الى تجار الخضر من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج ……………………………………………………..

*على عين المكان الى تجار من أرياف تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………………………………

*على عين المكان الى تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف

أذكر أسماء هذه الأرياف………………………………………………………………………

*في الأسواق الأسبوعية التابعة لولاية الكاف

الكاف – تاجروين – قلعة سنان – الدهماني

السرس – القلعة الخصبة الجريصة

*في الأسواق الأسبوعية التي لا تنتمي الى ولاية الكاف:

القصرين – سيدي بوزيد – سوسة – القيروان – نابل

تستور – الكريب – بوسالم

أسواق أخرى أذكرها…………………………………………………………………………………………………

*في سوق الجملة بالكاف

*في سوق الجملة بتونس

*في سوق الجملة بصفاقس

*في سوق الجملة بسوسة

هل تقوم ببيع منتوجك قبل أن ينضج ) تخضر (

نعم لا

اذا كانت الاجابة بنعم حدد الأطراف التي "تخضر" لها :

تجار من مدن تابعة لولاية الكاف

أذكر أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في الترويج…………………………………………..

تجار من مدن لا تنتمي الى ولاية الكاف

حدد أسماء هذه المدن بالترتيب حسب الأولوية في

الترويج……………………………………………………………

تجار من أرياف تابعة الى ولاية الكاف

حدد أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………

تجار من أرياف لا تنتمي الى ولاية الكاف

حدد أسماء هذه الأرياف بالترتيب حسب الأولوية في الترويج………………………………………………

V. استثمارات العائدات الفلاحية

هل تحقق فائضا ماليا فلاحيا؟ نعم لا

اذا كانت الاجابة بنعم أحدد المجالات التي تستثمر فيها هذا الفائض:

القطاع الفلاحي ) تدعيم قطيع الماشية، شراء الأراضي….(

التجارة

النقل

شراء مسكن في المدينة

شراء قطعة أرض في المدينة

381

استمارة عدد2: استمارة خاصة بإنتاج و توزيع الحليب

التاريخ:………../…………../ 2113

معطيات عامة تخص المستجوب

الاسم و اللقب:……………………………..

مقر الاقامة ) بالتحديد( ………………………..

مسلك إنتاج و تسويق الحليب

كم عدد الأبقار الحلوب؟ ………………………………………………

هل تحصلت على قرض للشراء قطيع الأبقار:نعم لا

اذا كانت الاجابة نعم حدد الجهة التي أقرضتك………………………………………….

3- هل تتعاطى إنتاج الألبان كنشاط رئيسي؟

نعم لا

كيف تبيع الحليب: * على عين المكان لمجمعين متنقلين

* على عين المكان لمستهلك مباشرة ) منازل، مقاهي…(

*خارج الضيعة لمركز تجميع قار

ماهي وسيلة النقل المعتمدة :- شاحنة صغيرة

دواب

دراجة نارية

هل هي: *ملك مستأجرة

استمارة عدد 3: تشكل المجتمع الريفي

العلاقات الاجتماعية

1-الاسم و اللقب…………………………………….

2-أين تسكن ) أذكر اسم المنطقة التي تقطن فيها بالتحديد:اسم الدوار(

………………………………………………………………………………………………….

5 – اسم العائلة: ……………………………………

تغييرات البنى الاجتماعية

1. هل تمارس عائلتك عادة التعويل في بعض المواد )كسكسي، محمص ، توابل(

نعم لا

* إذا كان نعم من يقوم بهذه الأعمال:

الأم – الأم و الأخوات – بمساعدة الجيران

بمساعدة الأقارب – إيجار يد عاملة

هل تحتفل عائلتك ب"الزردة " ؟ نعم لا

-اذا كانت الاجابة لا هل كانت قديما تحتفل بها ؟ نعم لا

حدد المستوى التعليمي للأب : أميّ ابتدائي ثانوي عالي

– هل لك اخوة متحصلين على شهائد علمية جامعية؟ نعم لا

استمارة عدد4: الاستمارة الخاصة بتشكل المجال الريفي

I. معطيات حول المسكن 1 – نوعية المسكن سنة2113:

مسكن تقليدي "دار عربي"

مسكن بدائي )كوخ(

مسكن عصري

فيلا

مزج بين العصري و التقليدي : فيلا يحيط بها حوش عربي

بعض الشقق عصرية و البعض الآخر تقليدي ) مغطاة بالقش و/أو القصدير…(

حالة أخرى………………………………………………………………………………………..

2- التغيرات التي شملت المسكن بين 2114 -2112:

لا وجود لأي تغييرات

تجديد اذا كانت الإجابة تجديد فماهي نوعية المسكن السابق)قبل التغيير(……………………..

إصلاح: كلي جزئي

توسيع أفقي: إضافة غرف: عصرية تقليدية

– بناء مطبخ عصري

-انجاز مسكن آخر مجاور: عصري تقليدي انجازات أخرى…………………………………………………….

* توسيع عمودي: إضافة طابق أو أكثر

من المساهم في عملية التجديد: تمويل ذاتي

الاستفادة من برامج التنمية الريفية المندمجة

*هل لك إخوة متزوجين :نعم لا

اذا كانت الاجابة نعم أين يسكن :

في نفس المنزل ) في المنزل العائلي(

بناء منزل خاص قرب المنزل العائلي

*بناء طابق فوق المنزل العائلي بصفة مؤقتة ثم الانتقال الى المنزل الخاص عند الانتهاء من بناء المنزل الخاص

*بناء طابق فوق المنزل العائلي بصفة دائم II. مكونات المسكن الريفي:

1- تجهيزات المسكن:ضع علامة أمام التجهيزات التي تمتلكها العائلة

تجهيزات أخرى أذكرها………………………….

كم عدد أفراد العائلة ؟……………………………

III. معطيات حول البناء الموجه للحيوانات 1 – نوعية البناء:

إسطبل عصري مبني بالإسمنت و الآجر

إسطبل تقليدي مبني بالحجر و الطوب

زريبة مسيّجة بسياج طبيعي )السدر ، الدفلة …(

زريبة مسيّجة بسياج اصطناعي ) أسلاك شائكة (

– مكان بناء الإسطبل أو الزريبة

منفصلة عن المسكن العائلي

غير منفصلة

جزء منفصل و جزء غير منفصل

– التغييرات التي شملت البناء:

لا وجود لأي تغييرات

تجديد كيف كان في السابق )قبل التغيير(……………………………..

فصل البناء عن السكن العائلي: فصل كلي فصل جزئي

– ما هي أسباب هذه التغييرات

*تزايد عدد القطيع

*ممارسة تجارة الخرفان

*إدماج تربية الأبقار

*أسباب أخرى أذكرها………………………………………………………………..

IV.التحركات السكانية – المجالية

1- العلاقة مع المدينة ) آليات نفوذ المدينة(

ماهي أقرب المدن لمقر سكناكم :1 …………..2 …………….3 ………………..

……………….5……………4

لقضاء الشؤون التالية حدد المدن الرئيسية)الاولى( التي تقصدها أنت أو أحد أفراد العائلة ؟

هل لك أبناء يدرسون بالكلية: نعم لا

اذا كانت الاجابة نعم حدد المدينة التي يدرسون بها…………………………………………..

ماهي الأسواق التي تتردد عليها أنت أو أحد أفراد العائلة ) أذكرها حسب الأهمية(

2-العلاقات مع المدن البعيدة

حدد المدن البعيدة التي تتردد عليها أنت أو أحد أفراد العائلة

هل لديك أقارب أو جيران نزحوا الى المدينة منذ سنة 2111 ؟ نعم لا

-اذا كانت الإجابة بنعم حدد اسم المدينة التي نزحوا اليها ……………….

الاستمارة عدد 5: الخاصة بمراكز تجميع الحليب

I. وضعية المركز

بداية النشاط……………………………………………………………

الصبغة القانونية

مركز خاص تابع لمؤسسة تحويل تعاضدية خدمات فلاحية

هل تنتج الألبان: نعم لا

حجم القطيع الذي تملكه………………………………………………………………………

VI. تجميع الألبان

هل تقوم بتجميع الحليب بنفسك؟ نعم لا

ماهي وسائل النقل المعتمدة………………………………………………………………..

هل تتعامل مع المجمعين المتنقلين نعم لا

ماهو عددهم………………………………………………………………………………….

ماهو عدد المنتجين الذين يقومون بنقل الحليب الى مركز التجميع باعتماد وسائلهم الذاتية

ماهي الوسائل التي يعتمدونها ………………………………………………………..

ماهي طاقة التجميع اليومية………………………………………………………………

ماهو مجال تجميع المركز للحليب…………………………………………………………..

هل تتزود كامل أيام الاسبوع ؟ نعم لا

ماهو عدد المنتجين الذين تتعامل معهم؟………………………………………..

ماهي المشاكل التي تعترضك في التعامل ؟

مع المنتجين …………………………………………………………………………

مع المجمعين المتنقلين……………………………………………………………….

VII. ترويج الحليب

ماهي مؤسسات التحويل التي تتعامل معها؟…………………………………………………….

ماهي الكمية التي يقع ترويجها لكل مؤسسة تحويلية………………………………………………

هل تروج الحليب لأطراف أخرى: نعم لا

ماهي المشاكل التي تعترضك في تجميع الحليب؟………………………………………..

ملاحظات أخرى………………………………………………………………………

استمارة عدد 6: تشكل المجتمع الحضري

معطيات عامة حول المستجوب

الاسم

مقر السكن

تغييرات البنى الاجتماعية

ضع علامة أمام الإجابة الصحيحة ) علما و أن الإجابة قد تكون أكثر من احتمال(

هل تمارس عائلتك عادة التعويل في بعض المواد )كسكسي، محمص ، توابل( نعم لا

اذا كانت الاجابة لا فهل كانت عائلتك قديما تمارس عادة "التعويل"؟ نعم لا

إذا كان نعم من يقوم بهذه الأعمال:

الأم – الأم و الأخوات – بمساعدة الجيران

بمساعدة الأقارب – إيجار يد عاملة

استمارة عدد7: الاستمارة الخاصة بتشكل المجال الحضري I. معطيات حول المستجوب

1. الاسم

3. مقر السكن

2. مكونات المسكن الحضري:

تجهيزات المسكن:ضع علامة أمام التجهيزات التي تمتلكها العائلة

تجهيزات أخرى أذكرها………………………….

استمارة عدد 8 : خاصة بالهجرة الاسم………………………

اللقب:………………….

ماهو اسم الحي الذي تقطنه ؟…………………..

هل أن منزلكم: ملك أو كراء

هل أنت أصيل المدينة ؟ نعم لا

إذا كانت الإجابة لا أذكر المنطقة ) المدينة أو الريف( التي كنت تقطنها و سنة الانتقال الى المدينة الحالية ………………………………………………………..

ماهي أسباب الانتقال الى المدينة التي تسكنها حاليا؟

……………………………………………………………………………………………………………………

هل لديك أقارب أو جيران نزحوا الى مدن أخرى؟ نعم لا

-إذا كانت الإجابة بنعم حدد اسم المدينة التي نزحوا إليها……………….

………………………………………………………………………………………………….

II. ملاحق الأبواب

ملاحق الباب الأول

391

398

399

411

411

ملاحق الباب الثاني

المصدر السابق

2. ملاحق الباب الثالث

فهرس المحتويات

411

Similar Posts